السادس عشرون

وفي خيمة القيادة اجتمع الملك والقائد اكرسيوس ومينيلوس وبقية القادة، ووضع الملك أمامهم هذه الخطة المحنكة
_ أسوار أيس ليست سهلة، فهي قوية جدًا. لقد عمل الملك مينوس على حمايتهم بعناية، لذلك اعتقد أننا سنجد خطة بديلة.

سأله أكريسيوس بعناية
- ما الأمر يا سيدي؟
أجاب أيولوس بجدية
_ هناك نفق تمر من خلاله الأميرة باسيفاي والسيد بيلوتس، وقد اكتشفت أن هذا النفق الطويل يؤدي إلى منزل السيد العجوز.
سأله مينيلوس في حيرة
_كيف عرفت كل ذلك؟

ابتسم أيولوس وقال
_هل تعتقد أن قائدك يغرق في الحب وينسى سبب وجودنا هنا؟
أجاب مينيلوس ضاحكا
- نعم كنت اعتقد ذلك
- حسنًا، لقد تابعت الثلاثة آخر مرة واكتشفت كل ذلك

أجاب أكريسيوس
- هذا جيد حقا. يمكننا مهاجمة الحراس وفتح البوابة للسماح لبقية الجنود بالدخول
قال ايولوس
-نعم، هذا ما أريدك أن تفعله
قال مينيلوس عن طيب خاطر
_أنا مستعد لهذه المهمة يا مولاي
فنظر الملك إلى أكريسيوس ثم قال
_ لا، أكريسيوس سيقوم بهذه المهمة
أجاب مينيلوس بسخط
_ لماذا ؟

أجاب أيولوس بحزم
_ لا نريد أي استهتار في هذه الخطة. يجب أن تمر بسلاسة
_ هل أنا غير قادر على تنفيذ الأمر بسلاسة؟
أجاب أيولوس محاولا تهدئته
- ما أقصده هو أنك تنفعل سريعا، ونحن نريد أن يمر الأمر بهدوء

لوى مينيلوس شفتيه وقال وهو يصافح أكريسيوس
_ حظا موفقا يا صديقي
أجاب أكريسيوس
_لا أعتقد أنك منزعجة من ذلك
أجاب مينيلوس بابتسامة
- طبعا المهم أن تنجح الخطة وأن نقتحم أيس



دخلت آنا وآثي خيمة أكريسيوس، وقد ظهرت عليهما علامات الشماتة بوضوح. تحدثت آثي بسخرية قائلة:
_سيدتي الأميرة أورسولا، أرى أنك وحيدة بدون خادماتك.
فتستمر آنا بنفس السخرية قائلة
_ انظري يا آثي، إنها في أسوأ حالاتها. أين الملابس والزينة؟

ضحكتا عليها ، ثم أضافت آثي
_سيدتي، انظري، الزينة وضعت عليها بطريقة مختلفة. ضحكت آنا ثم قالت
_لا، سأطلب من زوجي الملك أن يعفو عنك.
فأجابت آثي ضاحكة
_سيدتي، عليك أن تجعليها إحدى الخادمات المقربات لديك حتى تجد منزلاً

كانت أورسولا تنظر إليهم بينما كان الشرر يتطاير من عينيها تحدثت بفخر:
_أنا هنا زوجة القائد الأعلى لجيوش الملك أيولوس القائد أكريسيوس.
نظرت آنا وآثي إلى بعضهما البعض ثم انفجرتا بالضحك، فأكملت أورسولا
_زوجك الملك لا يستطيع أن يخطو خطوة واحدة دون زوجي القائد المتمرس أكريسيوس.

زفرت آنا وقالت دون اهتمام
_أكريسيوس أو أي شخص آخر، انت لم تعودي كما كنت من قبل، ومع ذلك لا تزالين تتحدثين بنفس الغطرسة.

فأجابت أورسولا قائلة:
_لن أحني ظهري أمامك أبدًا، حتى لو كنت مثلها.

ضحكت آنا وقالت
_هل تحاولين الآن بث الخوف في داخلي لأنك تعرفين من أنا؟
ضحكت أورسولا أيضًا وقالت
_اذا اكتشف الملك هذا..."
فقاطعتها آنا وقالت بكل ثقة
_الطريق ممهد أمامك. اذهبي وأخبره أنني لست الأميرة وأن والدك قد تخلص من الأميرة. ثم سنرى من سيقتل قبل الآخرى.
تنهدت أورسولا بغضب ثم قالت
_لطالما تمنيت موتها، لكنها أبت أن تتركني وشأني، حتى بعد أن تخلص والدي منها، ظهرتي أمامي وكأنك هي

ضحكت آنا بسخرية
_ هل تعرفين ما هي مشكلتك انت والدك؟ الكراهية، العيش مع الكراهية لا يولد إلا العذاب.
تحدثت آثي بسخرية
_سيدتي إنها لا تفهم ما تقولين، فالكراهية والغيرة هما ما نشأت عليهما، فتراهما أمراً طبيعياً.

اقتربت آنا من أذن أورسولا وقالت بصوت هامس بازدراء
_أبنة كاهن متواضع لا تحلم بأن تصبح ملكة. من الجيد أن يكون لديك قائد، لأن هذا المصير هو الأعظم بالنسبة لك.

كانت النبرة التي تحدثت بها آنا مشابهة جدًا للنغمة التي عرفت بها جيدًا أنها باسيفاي. نعم، كانت باسيفاي. لماذا يخبرها والدها أنه تخلص منها، لتواصل آنا بغرور قائلة بينما هي على وشك الرحيل 
_حسنًا، يا زوجة قائدنا العظيم، عليك أن تهتمي بصحتك، وإذا كنت تريدين شيئًا ما تستطيعين اخباري، لا تترددي في أن تقول لي.
نظرت إلى آثي وقالت.
_ هيا يا آثي، لندع السيدة أورسولا ترتاح لبعض الوقت.

غادرت آنا وآثي وهما يشعران بنشوة الانتصار على تلك المرأة المتغطرسة، لكن أورسولا انفجرت من الغضب ولم يكن أمامها خيار سوى تحطيم جميع الأدوات الموجودة في الخيمة بعنف.

دخل أكريسيوس وهو يستمع إلى أصوات الاصطدام العنيف، وأخذها بين ذراعيه، ومنعها من كسر باقي الأشياء. انفجرت أورسولا في البكاء بحرية قائلة
_لقد كذب علي والدي قائلاً إنها ليست باسيفاي. تلك النظرات، تلك القوة والنبرة، كم أكرهها. طوال حياتي شعرت بالضعف أمامها. الجميع ينظر إليها على أنها الأميرة المباركة، وأنا ابنة مغتصب العرش

مسد ظهرها بحنان وهو يحتضنها، لتستمر في البكاء، وهي تلعن باسيفاي بكل حقد وكراهية. عرف أكريسيوس أن ترويض شرسته لن يكون بالأمر السهل، إذ اعتادت على الكراهية، والغرور  ولا تعرف عن الحياة سوى الحصول على ما هو لباسيفاي
_ حسنًا أيتها الأميرة، عليك أن تنسى الماضي. ليس هناك مجال للكراهية الآن. أنت لست أقل مكانة من أي سيدة عظيمة. أنت زوجتي ولن أسمح أن يحدث لك أي شيء يزعجك.

ابتعدت أورسولا عن حضنه ولم تنطق بكلمة واحدة. جلست مرة أخرى على حافة سريرها، وركع أكريسيوس أمامها قائلا بمواساة
_عزيزتي أورسولا، باسيفاي هي زوجة الملك ايولوس، وهو صديقي، قبل أن يكون ملكي وقائدي، لذلك عليك أن تنسي الماضي والعيش مع حاضرك. أعدك أنك ستعيشين معي كملكة ولن تحتاج إلى هذا اللقب معي.

زفرت بانزعاج وهي تتجنب النظر إليه وكأنها تشكك في كلامه، لكنه هذه المرة لم يغضب منها. وبعد أن رأى الانكسار الذي ظهر عليها، شعر أكريسيوس بالشفقة عليها. وفي النهاية، لم يكن الخطأ سوى خطأ ذلك الأب اللعين


وقف يصرخ فيهم يائسا، لماذا لا يستمع إليه أحد، أنه هو الملك
- أيها القادة الجبناء، إن ابنتي أسيرة ذلك الطاغية. ويجب على الجيش أن ينقذها. إنها أميرتكم

رد أحد القادة ببرود
_الأميرة أورسولا كانت متهورة في قرارها بالرحيل والذهاب إلى الملك أيولوس ، لذلك لن نكون بهذه الدرجة من التهور

ضرب الطاولة بكل قوته وقال بغضب
_اللعنة عليك، كيف لا تريد إنقاذ ابنتي؟
وقال آخر بهدوء مثل الأول
_ سيدي الملك كنوت، الجيش في أضعف مراحله. أنتم لم تهتموا ببناء الجيش وتعزيز مرتكزاته حتى يصبح قادراً على المواجهة.

وقال آخر مؤيدا كلام القائد
_ وبالفعل كان الملك مينوس مهتماً بالجيوش. أصبحت جميع الممالك تخاف من مملكة أيس، ولكن......
قاطعه وهو يصرخ بغضب
- الجميع هنا لا يراني ملكاً، فكيف سأهتم بتعزيز جيش لا يريد ملكه؟

وتحدث القائد الأعلى برصانة قائلاً:
- سيدي، لقد أبرمت الأميرة باسيفاي بالفعل عقدًا مع الملك ايولوس، لذلك ليست هناك حاجة للحرب

سأل بحدة، وقلبه ينفطر لابنته
_ماذا عن الأميرة أورسولا؟
تحدث القائد الأعلى قائلاً
_لا أعتقد أن الأميرة باسيفاي ستقبل أن تتعرض الأميرة للأذى فهي مثل أختها الصغرى
_تبا لك ولأميرتك، لن تنقذ بنتي لأنها تكرهها
أجاب أحد القادة متسائلا
_لماذا تكرهها الأميرة باسيفاي؟ الأميرة تحب الجميع
لا يعرف كيف يخبرهم أن تلك الفتاة ليست أميرتهم وأن الأميرة باسيفاي تم التضحية بها وأصبحت محظية ملك العوالم السفلية، ولكن إذا فعل ذلك، فربما يتخلصون منه في دقيقة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي