الحادي والعشرون

بدأت آنا تشعر النعاس. لم تستطع النوم بالأمس، وهي الآن تنتظر هذا الرجل العجوز لكي يبدأ في رواية بقية القصة كما وعدها. قال الرجل العجوز
_أين توقفنا؟
أجابت على عجل
_عندما قتل الملك الوحش تايفوس
- نعم بعد ذلك

عاد بذكرياته عند ذلك الزمن الذي ما زال يتذكر أحداثه ، وكأنه لا يزال يعيش ذلك الماضي بكل ما فيه
دخل مينوس على الملك سيزيف بنظرة خائفة وقال له:
_يا سيدي لقد رأيت كابوسا

فطلب منه الملك أن يهدأ ويجلس ويحكي له ذلك الكابوس. جلس مينوس وهو يتصبب عرقا وقال:
_ جاءتني الإلهة جايا تلعنني على قتل ابنها تايفوس، وتهددني بأنها ستصنع من نسلي وحشًا يصبح ملكًا على وحوش الأرض بعد تايفوس.

حاول الملك سيزيف تهدئته قائلاً:
_سنقدم التضحيات حتى ترضي الآلهة. لا تخف يا ولي العهد
في ذلك اليوم، ظل مينوس قلقًا غارقا في أفكاره، ولا يعرف ما يجب فعله. وكانت الأميرة هيوميون أيضًا تحاول أن تجعله ينسى الكابوس، لكنها لم تستطع، فقالت له
_حسناً لن ننجب طفلاً من ذريتنا. ماذا عن أن نأخذ طفلاً ونجعله ابنًا لنا؟

فرح مينوس بهذا القرار، وبدأت الأميرة بتناول بعض الأعشاب لتمنع الحمل عنها
وبقيت على هذه الحالة لسنوات. حزن الملك لرؤية ابنته التي كانت تشتاق إلى أن تنجب طفلاً واحدا ولكنها مجبرة على أن تساند زوجها .

"عرض الملك سيزيف أن يضحي بنفسه للآلهة بشرط أن تلد ابنته طفل مبارك، وان تزيل عنها تلك اللعنة قبلت الآلهة تضحية الملك سيزيف، وحزنت الملكة هيوميون على رحيله حتى اعتزلت الجميع. اعتلى مينوس عرش أيس، لكن حزن زوجته لم يشعره بالسعادة، فبدأ يحضر لها الهدايا من جميع الممالك حتى يسعدها ويخرجها من تلك الحالة

ذهب مينوس إلى رئيس الكهنة وأخبره أنه يريد أن ينجب طفلاً. ربما هذا الطفل سيجعل ملكته الحزينة سعيدة. وأخبره الكاهن أن الآلهة قبلت تضحية الملك سيزيف، فلا خوف عليهما من إنجاب الأطفال.

وأخبر ملكته بذلك، فبدأت تشعر أن الطفل القادم سيحمل روح أبيها الملك سيزيف. ولم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى حملت الملكة، وكان الملك سعيد بهذا الخبر. وطلب من الجميع الاستعداد والذهاب إلى جزيرة المعبد لتقديم التضحيات والاحتفال بقرب وصول وريث العرش.

ولما وصل الجميع كان كبير الكهنة استقبلهم وألقى التحية عليهم. وبجانبه كان الكاهن الشاب كنوت الذي جاء من أقصى الجنوب منذ وقت ليس ببعيد. عندما وقعت عيناها على الملكة هيوميون، أصبح مهووسًا بها.

لقد لاحظت هذا الأمر، لكنني لم أهتم به. من كان ذلك الكاهن أمام الملك العظيم مينوس، لكنه كان يخفي شيئًا من الخبث والخداع لم يخطر ببال أحد.

اقترح ذلك الكاهن الشاب كنوت على الملك مينوس أن يذبح قربانًا للآلهة، والذي سيكون ذبيحة عظيمة، ويكون هو من يصطادها بنفسه، لتنزل البركات على طفله القادم. رحب مينوس بهذا الاقتراح وانطلق للبحث عن هذا العرض الخاص.

كان هناك قطيع من الثيران يرعى في الحقل. كانت الثيران في جزيرة المعبد شرسة ويصعب الإمساك بها. تقدم مينوس إلى الأمام ورأى ثورًا أبيض ضخمًا وجميلًا جدًا. كان يرعى وحده، ولا يختلط بهذا القطيع.

اقترب منه الكاهن كنوت بحصانه وقال مشجعًا:
_أعتقد أنه أنسب قربان قد يُرضي الآلهة,يبدو ثور نادر سيدي
تقبل مينوس كلامه وتقدم نحو ذلك الثور الذي هاج بعيدًا عنه، لكن الملك استمر في مطاردته وهو يرميه بالسهام حتى سقط ذلك الثور على الأرض.

فأمر مينوس جنوده أن يحملوه إلى المعبد ليقدموه إلى الآلهة لتبارك طفله، واتجه الجميع نحو المعبد. صرخ رئيس الكهنة عندما رأى ذلك الثور وركض مسرعًا نحو الملك قائلاً بكل شدة
_هل أنت مجنون؟ لقد ضحى الملك سيزيف بحياته من أجل حمايتكما من لعنة الآلهة غايا. الآن ماذا فعلت؟

تفاجأ مينوس من رد فعل رئيس الكهنة وسأله في دهشة:
_ماذا فعلت؟ أردت أن أقدم الأفضل كقربان
فصاح به الكاهن وقال
_ هذا الثور يسمى الثور توريس، وهو ثور الإله بوسيدون. إنه يستمتع دائمًا برؤية جماله، وقد تلقت جزيرة المعبد تلك البركات عندما أحضره إلى هنا. "

صُدم مينوس عندما سمع هذا الخبر. ولم يمض وقت طويل حتى هاج البحر وسمع صوت عظيم هز الجزيرة بأكملها قائلا: "اللعنة على الملك مينوس، سوف يأتي له طفل نصفه إنسان ونصفه الآخر يشبه ثوري العزيز، ويصبح ملك الوحوش بدلاً من تايفوس».

واختفى ذلك الصوت. بكت الملكة ولم تصدق ما حدث. وبدأت تتمنى ألا تلد ما في بطنها، لكن رئيس الكهنة قال لها:
_سأصلي إلى الآلهة أن تجعل هذا الطفل الذي تحملينه مباركا.
فدخل وظل في المعبد يقدم الصلوات والقرابين، خرج عندما اقتربت الشمس من أن تغيب قائلاً:
_أنا لم استطع منع حدوث هذه اللعنة، ولكن الآلهة ستمنحك أميرة مباركة أيضًا، وهي الوحيدة التي يمكنها هزيمة أخيها، ملك الوحوش، بالسيف الإلهي.

شعر الملك بالحزن لأن وريث عرشه سيكون ملك الوحوش وأنه سيلعن الى الأبد . لقد أخطأ في حق ولده دون أن يشعر، فأخذ يلوم نفسه على ارتكاب ذلك الذنب.


نظر السيد بيلوتس إلى آنا التي كانت تستمتع بسماع القصة. لكنها كانت تكافح من أجل النوم، فأخبرها بحنان
_عزيزتي آنا، اذهبي إلى النوم، غداً سأكمل لك بقية الأحداث
تنهدت آنا بتذمر وقالت
_أريد أن أعرف ماذا حدث بعد ذلك
ابتسم الرجل العجوز وقال
_سأخبرك غدًا، والآن عليك أن تنام
_حسنا أمرك أيها الوزير
أيقظت آثي، التي كانت تنام على الطاولة، ودخلت لتنام معها في الغرفة


رفض عقلها قبول هذه المنافسة، حيث أصبح الملك مهتمًا بامرأة أخرى ولم يأخذ مشاعرها على الإطلاق
رفضت تلك الفكرة أن تتركها. حاولت النوم، لكن دون جدوى. ولم يتوقف عقلها عن التفكير فيما حدث أمامها. تمتمت في سخط.
_كايا، يجب أن أتخلص منها، وإلا سأفقد إيغيوس إلى الأبد
وضعت رأسها على وسادتها، تتذكر تلك الابتسامة التي لم تعرف معناها، لكنها عرفت الآن أن تلك الابتسامة كانت إعلان كايا الصريح لانتصارها الساحق عليها.

ابتسمت هيميرا بخبث وقالت لنفسها
_ربما أصبح الملك الآن يهتم بك ولكن أعدك أياما قليلة وسأعيده لي وستعودين أنت إلى جناح المحظيات


احتضنها بين ذراعيه وهي تستمتع بذلك الدفء الذي أصبحت تحبه، ثم قالت متعجبة
_مولاي الملك هل سيأتي يوم لا أجد نفسي فيه بين ذراعيك؟
قبل جبهتها وقال بحنان
_لا يا عزيزتي، سأكون معك دائما
ابتسمت وهي تحاول تصديق كلامه ثم قالت
_ماذا عن الملكة هيميرا؟
_ما خطب الملكة هيميرا؟
_لا شيء
ابتسم الملك أيغيوس وقال
_هل تغارين من الملكة هيميرا؟
سألته أيضا
_ألا يجب أن أغار منها؟
أجاب بهدوء
_لا لا بالتأكيد هي الملكة هيميرا. كيف تغار منها؟
- هل هذا يعني أنك ما زلت تحبها؟
ابتعد عنها ثم واصل التحديق في ملامحها الغاضبة وقال بنفس الهدوء
_من الأفضل لي ولك ألا نتحدث عن هيميرا
سألته باقتضاب
_لماذا
_لأنني لا أريد أن أتحدث عن ذلك
_حسنا كما تريد يا سيدي

استسلم كايا لصمت وعادت تنعم بأحضانه التي لا تعلم كمْ تبقى لها من الوقت حتى تنحرم منها إلى الأبد، وتطرد من جنة حبها للملك إلى قاع الكراهية المقيت
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي