3

كانت تنظر باستغراب أمامها وهي لا تعرف ماذا يجري من حولها.


من هذا الرجل ومع من تحدث؟ ومرة أخرى وجدت أن باب المكتب يفتح مجدداً وبقوة ويدخل منه رجل أقل ما يمكن أن تقول عنه أنه كتلة من الإثارة المتحركة.

هل كانت تظن أن الرجل الجالس أمامها في المكتب وسيم؟ حسناً لقد غيرت رأيها كلياً الآن، هذا الذي دخل الآن أكثر وسامة منه باآلاف المرات.

تباً إنه لعنة مُتحركة وأكثر عنفوان ورجولة من ذلك الأشقر الذي يجلس أمامها.

توقف للحضات ينظر إليها وهو يرفع أحد حاجبيه بزاوية مثالية.

اقترب منها وهو  يبتسم ابتسامة شيطانية سوداء
كان ينظر إليها بطريقة مختلفة عن الرجل الأول.

ابتلعت ريقها بصعوبة شديدة، هي لا تعرف ما الذي القى بها في هذا المكان اللعين وسط كل هؤلاء الناس.

ظل الرجُل الذي دخل قبل قليل ينظر إليها بهدوء، حيث أمال رأسه إلى الجانب ينظر إليها بطريقة جعلتها تشعر وأنه يجردها من ثيابها قطعة تلوى الأُخرى.

شعرت بالغضب يتصاعد في داخلها  وهي تراهم ينظرون إليها بتلك الطريقة المقززة.

"هل استطيع أن اعرف أين أنا... ولما أنا هنا؟"

كتفت يديها أمام صدرها وصرخت في وجوهِهم بدون أدنى اهتمام لمن يكونان.

لقد نسيت تماماً أمها قد تعرضت للاختطاف من طرفهم في وضح النهار وأمام الملأ ولا أحد منهم تدخل لمساعدتها خوفاً منهم.

وهي الآن أصبحت تتحدث معهم بهذه الطريقة كما لو أنها كانت تُحدث أحد أصدقائها في حرم الكلية.

ابتسامة جانبية مرحة ارتسمت على وجه ذلك الرجل الذي كان يجلس بهدوء على المكتب استقام بظهره على كرسيه ليحركه يميناً ويساراً وهو يحكُ ذقنه الملتحي قائلاً بتسلية:

"لم أكن اتوقع أنك بهذهِ القوة والجرأة يا فتاة "

قالها ذلك الرجل الذي كان يَجلس على المكتب وهو ينظر اليها بنظرات تقييم.

بينما ظلت هي تنظر إليهما وشرار الغضب يتطاير من عيونها الغابوية الخضراء.

قبل أن تُسلط عينيها على ذلك الرجل الذي دخل إلى المكتب متأخراً وتنظر إليه بعيون غاضبة.



ظل هو أيضاً ينظر إليها وهو مُستغرب منها، لقد كانت فتاة مختلفة تماماً عما كان يتخيله، طريقة لباسها ونظراتها كانت تقف أمامه وهي تنظر إليه بتحدي سافر.

هي الوحيدة التي جعلته يفقد عقله من الوَهلة الأولى لم يرى في حياته امرأة مثلها، الكون كُله كان يرتجف بمجرد الوقوف أمامه ولكن هذه اللعينة التي تقف أمامه لم تخف منه ولم تهتز بها شعرة واحدة.


لم يرى في عينيها تلك النظرة التي كان يتوق لآن يراها في عيني كل من يقابله.


تنفس بغضب لسبب لا يعرفه بينما ينظر إليها بعيون جامدة ومتوعدة بالشر ولكن لا فائدة، لم يرى منها نظرة خضوع واحدة.


لم يعتد أن يُقابل هذا النوع من النساء من قبل فكل من قابلهن من قبل كُنَ خاضعات له يفعلنَ ما يُريد بدون أن يَقُلن أي كلمة واحدة.

ولا واحدة من تلك النساء كن قادرات حتى على النظر في عينيه مباشرة مثلما تفعل هذه المرأة التي تقف الآن أمامه.

تباً لها لم يكن أي مخلوق كيفما كان مركزه في هذا الكون شجاعاً لينظر في عينيه بهذه الطريقة التي تنظر بها هذه العاهرة ومهما ظل ينظر إليها لم تبعد عينيها الغابوية الثائرة عن عينيه السوداء كسواد روحه.

لقد شعر بنفسه أنه على وشك أن يفقد صوابه وهي تتحداه بنظراتها تلك.

ثلاث ثوان..... ثلاث ثوان فقط هي كل ما احتاجه الأمر لينطلق إليها كالأسد وهو يمسكها بعنقها بين يديه خانقاً إياها بقوة، كان حرفياً على وشك أن يقتلها.

رفعت يدها وهي تُمسك بيديه التي تخنُقها ومع ذلك كانت لا تزال تنظر إليه بتلك العيون المتحدية.

اقترب بوجهه منها وهمس بقرب أُذنها وهو يقول  بنبره قاتلة:

"ماذا تظنين نفسك فاعلة هااااه؟ هل  تريدين أن تلعب معي يا قطة؟ أم أن والدك اللعين قد علمك أساليبه الخبيثة؟"

اشتعلت عيناها بغضب شديد ولم تشعر بنفسها إلا وهي تضع يدها على يده وتحاول ابعادهما عن رقبتها وتلك المحاولات الجاهدة في أن تأخذ أنفاسها وتفلت منه.

جعلته يشعر بنشوة غريبة لم يشعر بها طوال حياته، ابتسم ابتسامة رضا وهو يرى اخيراً طريقتها في المحاربة من أجل الحياة .




ابعد يديه عن رقبتها قبل أن يفتك بها لتنزل على ركبتيها في الأرضية الرخامية وهي تسعُل بقوة تحاول أن تدخل اكبر قدر من الهواء إلى رئتيها، الوغد اللعين كاد يقتلها.

ابتسم بنشوة ولكن مرة أخرى صدمته عندما رفعت رأسها ونظرت إليه بنفس تلك النظرة المتحدية.

"وغد لعين".

قالتها بغضب شديد وهي تنظر إليه بعيون محمرة جرى ما فعله بِها قبل قليل.

صر على اسنانه بغضب جحيمي وانحنى إلى جسدها الجالس أمامه على الأرض مقرباً وجهه منها.

جسده كان يرتعد من شدة غضبه وحراراته ارتفعت جراء انفعاله.

أخذ نفساً مرتعشاً بسبب غضبه بينما كل جسده يرتعش من الغضب الذي تملكه، أما هي فقد ابتلعت ريقها برعب شديد.

لقد كان الوغد اللعين آية في الجمال والوسامة والكمال، لم ترى في حياتها قط رجلاً في مثل وسامته لقد كان كاملاً بكل ما للكلمة من معنى.

رمشت عدة مرات وهي مصدومة من نفسها،هل هي بكامل قواها العقلية الآن؟! هل تفكر بكم هو وسيم في هذا الموقف! تباً لكِ ولافكارك المنحرفة يا هذه.

بينما في الجانب الآخر من ذلك المكتب جلس صديقه وهو ينظر إليهم باستمتاع شديد.

فهو لم يسبق له أن رأى صديقه المدعو بـ ادهم
قد وصل إلى هذه المرحلة من الغضب بعدة دقائق فقط من لقائه بشخص ما.

لطالما  كان دائماً هادئاً كأنه الليل في سكونه، لا تعرف متى سوف يضربك أو متى سوف تهب عاصفته وتفتك بك، كانت هذه هي المرة الأولى له منذ زمن طويل التي يراه بها بهذه الحال!

وتلك اللعينة التي تجلس عند قدميه لا تعرف أنها بدأت تُثير غضبه وتلعب بِعداد حياتها دون علمها!

ما صدمه اكثر هو جرأتها، لم تبدي ولو ادنى جهد من أجل أن تثير غضبه عليها، هو انفجر ببساطة بمجرد أن سمع صوتها، ابتسم بسخرية كبيرة وهو يتمتم لنفسه:

"يجب ان تدخل موسوعة جينيتس للأرقام القياسية لأنها وببساطة أثارت غضب الوحش الذي لم تثر ثائرته منذ زمن طويل".

اقترب منها ذلك المدعو ادهم اكثر وكانت انفاسه تلفح وجهها الملائكي الأبيض.

ابتسم ابتسامة شيطانية وهو يفترس ملامحها الفاتنة بعيونه الصقرية السوداء وهو يقول بصوت مرعب بينما يمد يده ويغرسها في شلال شعرها الاسود الطويل.

صرت أسنانها بألم كي لا تصرخ وحاولت أن تحافظ على ثباتها أمامه، مُذكرةً نفسها أن هنالك موت واحد في هذا العالم، وإن كان قد كُتب عليها الموت في هذا اليوم فهي تفضل أن تموت ورأسها مرفوع في السماء على أن تموت وهي مذلولة إلى هؤلاء الوحوش البشرية.

اغمضت عينيها وأشاحت بوجهها بعيداً عنه وهي تشعر بأنفاسه تَلفح وجهها بينما قال هو بصوت مرعب وةهو يتفحص وجهها الفاتن:

"هل تحاولين أن تلعبِ معي أيتها الصغيرة؟"

ابعدت رأسها للخلف بعدما استطاعت أن تفك نفسها من يده، حاولت أن تتراجع للخلف بضع خطوات وهي توفر لنفسها مجال الحماية منه.


نظرت إليه بتلك العيون المُتمردة وعلى الرُغم من ذلك الخوف الذي كانت تشعره في داخلها، ولكن لتلعنها السماء إن سمحت له بأن يرى خوفها.

لمعت الكراهية في عينيها الخضراء ليشعر هو بالنيران تشتعل في داخله؛ لا يعرف ما الذي حدث معه وهو يقف أمام هذه العاهرة الصغيرة ؟

لقد كاد أن يفقد عقله بالمعنى الحرفي وهو لم يقابلها إلا منذ ثلاث دقائق محسوبة.

إن اللعينة تجعله يجن، هو يريدها، هذه هي، الحقيقة أنهمنذ اللحظة الأولى التي وقعت عيناه عليها أصبح يريدها، لم تكن نوعه المفضل ولم تكن تملك من مقومات النساء ما يجعل الرجل يشتهيها؛ فهو له ذوق معين في النساء  ولكنه ولسبب لعين يجهله يريد هذه الفتاة اللعينة التي تقف أمامه وتنظر إليه بالتحدي.


لطالما كان دائماً يحصل على ما يريد، ولكنه هذه المرة يشعر أنه غير قادر على أن يقترب من هذه الفتاة يشعر أنها بعيدة عنه، و كلما كان يقترب منها كانت ترجع للخلف.

وهذا قد زاد جنونه، في هذه اللحظة وفي هذه الدقيقة كل ما يريده الآن هو مضاجعة هذه اللعينة حتى نهاية العالم.

يُتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي