15

كان ادهم يجلس في غرفة احد فنادقه الفخمة، وامامه اثنان من افضل رجاله الموثوقين.

كانوا جميعا يتحدثون في موضوع يتعلق بتجارة الأسلحة والمخدرات، خلال الاسابيع الماضية لم يكن مركزا على عمله على الاطلاق ولقد حدثت كثير من المشاكل التي ادت الى مجموعة من الخسائر.


فلقد اعتبر الاوغاد الذين يعملون تحت امرته ان غيابه فرصة مناسبة من اجل ان يختلسوا بعض الاموال لأجلهم ولكنهم نسوا انهم يتعاملون مع الوحش.


كان يدخن سيجارته ببرود شديد، وهو ينظر اليهم بتعالي، كانت لديه رغبة واحدة فقط وهي اخراج مسدسه واطلاق النار على هؤلاء اللعناء، ولكنه لم يكن يستطيع ان يفعل ذلك لأنه كان يحتاجهم من اجل ان يصل الى الراس الكبير.



على الرغم من انه كان يعرف من هو،ولكنه لم يكن يستطيع ان يشن عليه حرب عصابات بدون دليل، فهذا سوف يجعل جميع كاريتالات المافيا في العالم ينقلبون عليه.


حقيقه الامر ان كان هنالك شخص يجب ان يقتله فهو تلك الغبية التي كانت تشغله مؤخرا وتجعل حياته جحيما.

لقد كان جسده اللعين يحترق بالرغبة ما ان تمر على باله،كان يتخيلها هو يريدها بين احضانه ،لم يكن لديه الوقت لمثل هذه الامور بحق خالق الكون.


جميع نساء الكون كنا يزحفن تحت قدميه من جميع الاجناس والاعراق ومن جميع الطبقات، اي امرأة كان يريدها تصبح له.


ولكن تلك اللعينة كانت مختلفة كان يفقد سيطرته معها، وهو الذي لم يفقد ابدا في كل حياته اعصابه ،الا انه مؤخرا قد وجد نفسه دائما غاضبا ،في كل مرة كان يتقابلان معا، يوشك على ان يخرج سلاحه ويطلق النار عليها او حتى ان يخنقها بيديه الى ان تفقد حياتها.
في كل مرة يقابلها يضربها بشدة كما لو انه يريد قتلها.


خاصة عندما علم انها اصبحت مؤخرا واحدة من افضل النساء في الملهى، كثرعليها الطلب ولم تعد تقدم خدماتها داخل الملهى فقط.


بل انها اصبحت المرأة الاولى المطلوبة من طرف الرجال في جميع انحاء المدينة، وحقيقه الامر انها استطاعت ان تنفذ وعدها اليه وجمعت الى حد الان خمسة الاف دولار في ضرف اشهر قليلة.


اللعين لقد كان يعلم انها سوف تحرر نفسها لأنها لم تكن فتاة عادية ،تلك النظرات التي كانت تعطيها اليه وتلك الثقة التي تمتلكها بنفسها بالإضافة الى ذلك الدهاء والجمال الفاتن الاخاذ الذي كانت تتميز بها عن الجميع عرف انها لن تكون سهلة.



اغمض عينيه وهو يتذكر عينيها الغامضتان وشعرها الليلي طويل المتساقط على اكتافها ليصل الى خصرها، وشفتها اللتان كانت تبتسمان بإغراء.



في كل مرة كان يراها بهذه الطريقة يضل يحدق بها دون حرف، على الرغم من ان ملامحه كانت تكاد ان تكون جامدة امامها طوال الوقت ولكن داخله كان جحيما يحترق.



لم يعد يتقبل فكرة ان رجال اخرون يستبحون جسدها وستمتعون بها، وهو الذي كان بإمكانه ان يأخذها منذ المرة الاولى، لقد فقدت عذريتها على يد احد زبنائها وما يزيد جنونه وغضبه انه هو من منحها اليهم.



منذ ان قابلها في المرة الاولى لم تبعد عينيها عن خاصته، ظلت تنظر اليه بتلك الطريقة الماكرة، على الرغم من انه كان ينظر اليها بغضب مجنون، لم تظهر خوفها ابدا ظلت هادئة ولا مبالية الاي مخلوق اخر معها.
كان أقوى الرحال ليرتعد لمنظره المخيف، ولكن ظلت تحدق به دون حرف مدة طويلة.


ظلت تنظر لعينيه فقط في تلك اللحظة فقط علم انها خطيرة ومثيرة للمشاكل.

وها هو مرة اخرى يخرج عن تركيزه وينسى كل شيء بمجرد ان يتذكرها ،تنهد محاولا ان يهدئ نفسه وهو يقسم انه سوف يقتلها.


نظر الى الرجلين اللذان كان يجلسان امامه، لقد كان يعلم منذ البداية انهما خائنين ولكن كما قلت من قبل فان هدفه من هذه المهزلة التي يقيمها الان هو ان يصل الى من يسبب اليه كل هذه المشاكل.




ضل ينظر اليهم ببرود ولا مبالاة قبل ان يرفع سلاحه ويطلق على راسهما، ثم يخرج من الغرفة متجها نحو الملهى.
لقد اصبح هذا روتينه منذ الاسابيع الماضية، فهو اصبح لا يعود الى بيته ولا الى قصره الا نادرة.

اصبح ينجز كل مهماته وبعدها يركض كالكلب اللعين متجهه ناحية الملهى من اجل ان يراقبها من بعيد، ولا احد ممن يكون حوله يستطيع ان يشعر بذلك الجحيم الذي يشتعل بداخله بمجرد ان يراها قد تزينت وجهزت نفسها لتكون ملك لشخص ما في كل ليلة.

في مكان اخر

كان والد روح يقف امام الفيلا الخاصة بجمال مرة اخرى ،كانت الامطار شديدة هذه المرة جميع الخدم في تلك الفيلا كانوا ينظرون اليه بشفقة شديدة
اما بالنسبة لجمال فقد كان يقف امام شرفته وهو ينظر اليه بغضب شديد، لم يكن يعلم ان هذا الرجل العجوز عنيد الى هذه الالدرجة.

مر اكثر من شهر لماذا يفعل كل هذا من اجل ابنته بحق خالق الكون، كم رجلا في هذا العالم فقد ابنته؟ لماذا هو متمسك بها الى هذه الدرجة؟

لكن هذا الوغد متحجر القلب قد نسي شيئا واحدا ،انه هو ايضا اب ويخاف على ابنته و يريد استعادتها الى احضانه ،كما فعله وضحى بشخص اخر من اجلها، يريد ان ابنته بخير لا يهمه ابنت ذلك العجوز الفقير كما يدعوه .
نسي انه هو ايضا والد يخاف على ابنته ويريد ان يستعيدها مهما كلف الامر.
الرغم من انه ليس لديه اي قوة او مال الا انه يفعل كل ما في وسعه من اجل ان يستعيد طفلته.

تنهد جمال بياس وهو يلمح شخصا ما من بعيد يصوره بخفية، عقد حاجبيه وهو يركز نضره عليه. اقترب منه والد روح وعلى ما يبدو انه يعرفه وقد حكى له قصته.


توسعت عيناه وهو يتذكر ذلك الرجل انه احد اشهر الصحافيين في المدينة واسمه عمر، لقد جاء اليه من قبل اجل ان يعمل سبقا صحفيا، ولكنه رفض الكلام معه لم يتخيل ابدا انه سوف يوافق ويتقابل مع ذلك العجوز المسمى حسن.

" هذه هي كل الحكاية يا سيدي"

قالها حسن والد روح وهو ينحني على الارض ويبكي بقوة شديدة.
بينما ضل ذلك الصحفي ينظر اليه بحزن شديد، لقد كان يعرف منذ البداية ان كل ما وصل اليه جمال الازهر من ثروه ونفود خلال السنوات القليلة الماضية ،كان تجارة سيئة مستحيل ان يكسب كل تلك ثروة من شركته التي لا تكاد تساوي بضعه ملايين.


لقد كان دائما يبحث خلفه وقد استطاع ان يعلم انه لديه علاقة مع احدى المافيات الكبرى في العالم ،ولكنه لم يتمكن ابدا ان يجمع أي معلومات عنهم ،هو واثق ان هذه القضية هي من سوف تساعده على ان يبحث اكثر وربما يصل الى غايته.


لقد جاء في البداية الى هنا من اجل ان يجري سبقا صحفيا عاديا ويحاول فيه ان يصل الى معلومة عن سبب تضخم ثروات جمال خلال ثلاث سنوات الماضية، ولكنه وصل الى خيط هو واثق انه سوف يوصله الى الحل وقبل ان ينهي كلامه مع والد روح وجد بعض من رجال جمال يحطون عليهم وهم ينظرون اليهم بغضب شديد.

" هل ازعجناكم بشيء يا سادة ؟"


قالها عمر بسخرية وهو يرفع احد حاجبيه وينظر الى الرجال الذين كانوا امامهم.

" اعتقد انك جئت الى هنا من اجل ان تقابل السيد جمال البس كذالك "

رفع عمر كتفيه بلا مبالاة وهو يرسم ابتسامة خبيثة على وجهه فهو يعشق المغامرات حقا، لقد كان شابا في مقتبل العمر مع شعر اسود وعيون خضراء مملوءة بالإصرار والثبات، ولقد كان باستطاعتك ان تعلم بمجرد النظر اليه انه يستحيل ان يستسلم الا عندما يصل الى غايته.

" اجل لقد جئت من اجل ان اقابله ولكنني وجدت قصة افضل من قصة نجاحه لذلك انا لا اريد ان اقابله الان "

شد الحارس على يده بغضب شديد بينما ضل عمر ينظر اليه بلا مبالاة.

لقد كان واحدا من امهر الصحفيين في مجال عمله، ولم يكن ذلك الشخص اللعوب الذي باستطاعته اي شخص ان يتلاعب به او يغريه بالمال والسلطة.
لقد كان رجلا نزيها وعلى الرغم من انه كان فقيرا ولكنه كان يعمل من اجل الصالح العام، منحه الحارس ابتسامة لا مبالية ليقول بخبث :

" السيد جمال سوف يمنحك ضعف ما سوف تجنيه من هذه القصة البليدة"

في هذه اللحظة شعر عمر بالغضب يتصاعد في اوردته عندما سمع الرجل يدعوا قصة الرجل بالبليدة.
لقد فقد الرجل قبل اسابيع قليلة ابنته وهو على وشك ان يفقد حياته وذلك واضح من خلال مظهره المزري ،الذي يأكد له انه لم يتناول طعاما منذ ايام طويلة.


مرة اخرى وجد قصة اخرى تشبه قصة اخته، لذلك بدون تفكير وجد نفسه يسحب الرجل من ياقة قميصه وهو ينهال عليه بالضرب.


لقد كان يتصرف كالمجنون تماما وهو يضربه بدون حسبان وكل ما كان يراه امامه هو صورة اخته التي كانت غارقة في بحر دمها.

اجتمع مجموعة من الحراس وحاولوا ان ينقذوا صديقهم ولكن تلك النظرة الجامدة التي منحهم اياها عمر جعلت الجميع يتراجع للخلف، بينما اتجه الى والد روح الذي كان ينظر الى ما يجري بعيون دامعة ؟
انها المرة الاولى في حياته التي يدافع فيها شخص ما عنه واستطاع في هذه اللحظة ان يعرف معنى ان تكون وحيدا في هذا العالم ليس لديك سند تستطيع ان تتكئ عليه في اللحظة المناسبة.

" تعالى ايها العم"

قالها عمر بابتسامة حنونة وهو يمد يده ويساعد حسن على الوقوف، اخذا اياه من هناك بينما نظر المسكين الى الخلف قبل ان ينظر الى عمر وهو يقول بانكسار:

"ولكن ابنتي.."

" لا عليك ايها العم الطيب، اقسم لك انه منذ هذه اللحظة لن يكون لدي اي عمل سوى البحث عن صغيرتك سوف اعيدها الى احضانك اقسم لك "

انهى عمر كلامه بعزم وتأكيد، بينما شعر العجوز المسكين بالراحة عندما نظر الى عينيه.

هز راسه بنعم ولا يعلم لماذا في هذه اللحظة، قرر ان يصدق هذا الرجل الغريب عنه ولكنه كان خيط الامل الوحيد الذي يمكن ان يسمح له ان يستمر به في هذه الحياة البائسة.





بعد مدة داخل اولئك الرجال الى فيلا الخاصة بجمال نضر اليهم بغل كان أحدهم يقف امامه غارق في دمائه، شد على يده بغضب شديد وابنته خلفه ترتجف في مكانها وتقول بخوف:

" ماذا سوف نفعل الان؟ انت تعلم ان ذلك الرجل من المستحيل ان يصمت؟"

كانت تقصد من كلامها ذالك الصحفي عمر الذي كان من الواضح انه لن يمرر هذه القضية مرور الكرام.
ضل جمال ينظر امامه بصمت لدقائق قبل ان يلتفت وينظر الى مساعده الذي كان يقف خلفه ويقول بأمر:

" اقتله"

توسعت عيون نرجس بصدمة شديدة والتفتت الى والدها الذي نظر اليها ببرود ومن دون ان يتحدث كان يعلم ما الذي يجول في ذهنها؟

" انها الطريقة الوحيدة التي سوف تجنبنا المشاكل"

قالها جمال وهو ينظر الى ابنته التي تراجعت للخلف وهي تهز راسها بنفي، لا تصدق العالم الذي يعيش فيه والدها.



يتبع......
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي