11

عندما انتصف الليل، تقدمت تلك المرأة السمينة مديرة الملهى، لتصعد الدرج وتذهب بضبط الى غرف فتيات،من اجل ان تتفقد تجهيزاتهم.

بسبب تلك الفتاة الجديدة، فقدت واحدة من اهم عاهرات الملهى، وبسببها يمكن لبعض الزبناء ان يقوموا بتقديم شكوى او انتقاد عملها.


انهت جولتها المسائية بين غرف الفتيات، لتقف اخيرا امام باب موصد ،إستغربت لوهلة الاولى ولكن زال استغرابها عندما اخبرتها احد مرافقاتها ان هذه الغرفة الخاصة بالفتاة التي ارسلها الزعيم هذا الصباح.


تقدمت نحو الغرفة لتفتح الباب وتدخل بلا استأذن :

" الم تجهزي بعد لقد ارسلت لك ملابس العمل منذ اكثر من ساعتين لما لم ترتديها بعد "

نظرت لها روح بطرف عينيها بلا مبالات وكأنها لا تتحدث اليها.

استشاطت تلك السمينة من الغضب لتقول لها:

" لقد اخبرني زعيم انك جئت الى هنا من اجل ان تشتري نفسك منه, لذالك قفي وارتدي ملابسك قبل ان البسها لك رغما عنك؟".


اكملت تلك السمينة اللعينة كلامها، وهي تقف بجانب روح التي كانت تستلقي على السرير وهي تضع يدها على عينيها.

ابعدت يدها بلا مبالاة ونظرت اليها نظرة باردة بلا حياة.
عقدت تلك السمينة حواجبها الرفيعة باستغراب وشك، تلك النظرات التي كانت تطالعها بها لم تكن غريبة عليها

ذلك اللون العجيب والخليط الفريد بين الأخضر والبني الفريد الذي يسيطر على بؤبؤ عينيها الواسعة، وتلك النظرة الباردة القاتلة، هي واثقه انها قد راتها في مكان ما ولكنها لا تستطيع ان تتذكر اين بضبط؟.

لسبب تجهله شعرت بتوتر منها، ابتلع ريقها بخوف لتحاول ان تخرج صوتها قوي واثق وصارم :

"اذا كنت تريدين ان تخرجي من هذا المكان، عليك ان تجمع المال المطلوب في أقرب وقت ، على الرغم من انني واثقه انك لن تستطيع فعل ذلك على الإطلاق ".

كانت روح في هذه اللحظة تنضر اليها بطريقة جحيميه.

اشعلت النيران في قلبها كانت تود بكل طاقتها ان تنهض من مكانها وتمسك رقبتها لتخنقها او تبرحها ضربا، اذا فعلت ذلك فهي تعلم انها سوف توقع نفسها في مشاكل اكبر مما هي فيه.

لذلك فعلت ما وجدته جيدا في موقف كهذا،هو تجاهلتها تماما وكأنها غير موجودة، ولكن بتصرفها هذا جعلت الغضب يتصاعد داخل تلك السمينة التي شعرت بالإهانة وانها على وشك ان ينفجر عرق داخل رأسها وتفقد صوابها.

ولكن قبل ان تتحرك ناحيتها او تقوم باي ردة فهل كان هنالك فتاة تدخل بسرعة من باب الغرفة وتقف خلفها وهي تقول :

" سيدة ماريا، لا داعي للغضب ولا تقومي باي شيء يغضب منك السيد انا سوف اتحدث معها واقنعها ارجوك "
تحدثت فتاة جميلة صاحبة القامة الممشوقة الطويلة.

كانت ترتدي ملابس فاضحة مثلها مثل باقي فتيات هذا الملهى، بينما كان شعرها البني كان مفرود على طول ظهرها.

نظرت اليها روح بلا مبالاة قبل ان تعود وتعمض عينيها وهي تضع يدها على رأسها.


توترت تلك الفتاة للحظة، بينما نظرت لها تلك المدعوة ماريا، بنظرات احتقارية وهي تحمل الثياب التي كانت على سرير وترميها في وجه تلك الفتاة وهي تقول بتهديد قبل ان تتوجه الى الاسفل:

" من الافضل لك ان تقنعيها يا يسرى لأنك لا تريدين ان ترى ماذا سوف يحدث بها، فكما تعلمين ماذا نفعل بالعنيدات أمثالها فقد حدث معك ذالك من قبل "

ابتسمت تلك المدعوة بماريا بشماتة، بينما ضلت تلك الفتاة تنظر اليها بنظرات غاضبة وحاقدة وهي لا تستطيع ان تفعل اي شيء.

كم تمنت في هذه اللحظة ان تقتلها او تدفعها على تلك السلام حتى تسقط فاقدة للوعي او ميتة حتى، فبسببها هي هنا ولكنها تعلم انها لا تستطيع ان تفعل ذلك.

تنهدت باسى على حالهم التي وصلوا اليها بسبب اناس لا يهمهم اي شيء.


نظرت الى الضحية الجديدة بشقفة، لقد كانت مثلها تماما عنيدة وقاسية، ولكن ما فعلوه بها جعل عزيمتها تندثر وتموت مع الوقت.


لقد كانت تراقبها منذ ان دخلت الى هذا المكان ،بل الى هذا المستنقع القذر الذي اجبرها القدر على ان تدخله عي ايضا.


لقد كانت مقاومتها ونظراتها مثلها عندما جاءت الى هذا المكان للمرة الاولى، ولكنها ماتت مع الوقت واصبحت مجرد جثه قد انهكها القدر.

اقتربت تلك الجميلة صاحبة الشعر البني لتجلس على طرف سرير روح وتقول :

" لقد سمعت الحراس يقولون انك قد عقدت صفقة مع الزعيم الاكبر، حقيقة اود ان احييك على شجاعتك، ولكن عليك ان تعلمي امرا مهما... في هذا المكان انت لن تتمكني ابدا من النجاة بهذا العناد، لقد كنت مثلك في البداية ولكن.."

اغلقت فمها وظلت تنظر امامها الى انعكاس صورتها في المرأة بهدوء ،كما لو انها قد شردت بذاكرتها في ماضي السحيق.


نفضت رأسها بقوة وكأنها لا تريد ان تتذكر ما حدث معها.

نظرت اليها روح بنظره جانبية وهي تحس بالاضطراب مشاعرها قبل ان تعود وتنظر امامها هي الاخرى بصمت دام لثواني قبل ان تقول بثقة :

"لا تقارني نفسك بي مرة اخرى يا انسة لأنني لن اصمت على الظلم الذي تعرضت له".

ضلت تلك الفتاة تنظر اليها مدة طويلة وعلمت انها لن تتراجع ابدا عن قرارها الا اذا تعرضت الى عقوبة مشينة كالتي كانت تتعرض لها في سابق، ربما عندها سوف تستسلم كما فعلت هي.

لذلك كل ما فعلته هو نهوض بهدوء وقد انحنت، وضعت تلك الملابس الفاضحة على السرير المخملي الأحمر وغادرت الغرفة وهي تتجه الى الخارج من اجل زبنائها وهي تقول:

" لن اوقفك ابدا ولن اقتل عزيمتك، ولكنني انصحك ان تجهزي نفسك لأنك اذا لم تفعلي ذالك ولم تنزلي الاسفل من اجل ان ترقصي لهم في هذه الليلة بالطريقة التي يريدونها، فكوني على يقين انك سوف تخسرين ما تحاولين ان تحميه وبطريقة مؤلمة لا يمكنك تخيلها ".

جلست روح على سرير وهي تنظر اليها بصدمة، بينما استدارت تلك الفتاة ورسمت ابتسامة هادئة، لقد استطاعت روح وبسهولة ان تقرا الالم والانكسار الخزي الذي كان مرسوما على ملامحها كما لو انها قد عاشت ما تحاول ان تجنبها اياه.

شدت روح على ملأت السرير بغضب شديد، غادرت تلك الفتاة واغلقت الباب خلفها ثواني فقط لتنهض روح وتفتح الباب وهي تتحرك هاربة الى الخارج.

لقد قدومها الى هذا المكان مجرد خطة من اجل ان تحاول ان تجد لنفسها مهربا من هنا.

لو انها بقيت في ذلك المكان او في تلك القلعة مع ذالك الوحش، لما كانت لتتمكن ابدا من الهروب.

فالقلعة محصنة للغاية، ولكن وصولها الى هذا المكان قد سهل الامور كثيرة عليها، لذلك لابد لها ان تجد مخرجا من هنا وفورا،بدأت تركض بين ردهات وممرات ذالك الطابق العلوي.

لقد كان ضخم ومجهز بغرف كثيرة كانت تشعر بالغثيان وتقزز بسبب الاصوات التي تخرج من تلك الغرف المقفلة، لم يأخذ منها الامر اي مجهود لتفهم ماذا يحدث خلف تلك الابواب.

ركضت وركضت الى ان وجدت شرفة ضخمة تطل على حديقة كانت الانوار مضائه فيها في كل جانب.

فتحت باب تلك الشرفة ونزلت على الدرج بهدوء وحذر وهي تنضر هنا وهناك وتختبئ اذا سمعت اي صوت كان الامر اصعب مما تتخيل.

لقد كان المكان مؤمن بحراسة مشددة بشكل مبالغ فيه، وكأنه سجن وليس ملهى الليلي ووكر لدعارة.

ضربت الحائط الذي كان امامها بغضب شديد وهي تتحرك من اجل البحث عن مخرج اخر،ولكنها توقفت عندما وجدت نفسها في ممر معتم ومظلم بعيدا عن ذالك المكان.

نظرت حولها بضياع لتعلم انها قد ضاعت وسط هذه الحديقة الضخمة ،لو كانت تعلم ان هذا ما سوف يحدث معها، لكانت قد انتبهت ولكن على ما يبدو انها قد شردت في افكارها ولم تنتبه ابدا انها قد غيرت مسارها.

بقيت تمشي وهي تحاول ان تجد مخرجا بسرعة، ولكنها توقفت فجأة وعادت لتختبئ عندما وجدت رجلا يضع يده خلف ضهره ويخرج مسدسا وهو يوجهه الى فتاة كانت تركع امامه وهي تتوسله ان يتركها.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي