10

في مكان اخر بعيد كل البعد عن هذه الفوضى وبضبط عند والد روح الذي الى الان لا يزال يبحث عنها ليل نهار
شكر الحارس الذي كان يقف عند الباب قبل ان يدخل الى الفيلا الخاصة بسيد جمال من اجل ان يساله ان كان قد وجد شيئا من الممكن ان يساعده من اجل ان يجد طفلته روح الضائعة.


على الرغم من ان الجميع كان يتحدث في ان من الممكن ان ابنته قد هربت مع شخص ما، ولكنه كان يرفض ان يصدق هذا الامر لأنه يعرف ابنته حق معرفة، فهي مستحيل ان تفكر في تدمير مستقبلها او ان تجلب العار لوالدها بهذه الطريقة المشينة.


بالإضافة الى هذا فلقد كانت روح فتاة ملتزمة دينيا واخلاقيا، ولم تكن تتحدث مع الفتيان ويستحيل ان يكون لها علاقه بهم.

ضل سيد حسن يتمشى في ردهة الفيلا الخاصة بسيده ليقول بتعب :

" عفوا يا ابنتي اين هو السيد جمال؟"

سأل احدى الخادمات التي كانت تحمل صينية فيها ابريقا من الشاي وهي تتقدم نحو المطبخ.


نظرت اليه الفتاة بحزن وشفقة لقد كان الجميع يعرف هذا الرجل الطيب الحنون ويعرفون ابنته روح المملوءة بالحيوية والنشاط.

" انه في المكتب يا سيد حسن سوف اذهب اليه من اجل إبلاغه بحضورك "

قالتها الخادمة وهي تضع صينية على احد طاولات في ردهة وتستدير ذاهبة الى المكتب حتى تخبر السيد بقدومه ،ولكنه اوقفها بحسن نيه قائلا بود شديد :


" لا داعي لهذا الامر يا ابنتي سوف اذهب اليه بنفسي لا داعي لي ان تتعبي نفسك "

اكمل كلامه ثم ترك الفتاة تنظر الى ضهره بحزن فقد بدا اكبر من سنه يسير وهو محطم ومكسور الفؤاد.

لم تكن هذه المرة الاولى التي يأتي فيها لزيارة سيده ،لقد كان دائما ما يأتي للفيلا من اجل ان يصلح السيارات العتيقة والثمينة الخاصة بالسيد جمال.


كما ان ابنته روح كانت صديقة مقربة لنرجس ابنة السيد، والاكثر اهمية من ذلك كله ان سيد جمال عندما وجد ان روح ابنة الميكانيكي ذكية ومجتهدة في دراستها تكلف بها وبدراستها،ولم يفرق بينها وبين ابنته في اي شيء وكان دائما يعامل الاثنتين كما لو انهما ابنتيه معا.

توقف حسن عند باب المكتب ورفع يده ليطرقه ولكنه وجد الباب مفتوحا قليلا وقبل ان يدفعه ليدخل.

استرق النضر الى داخل المكتب ليجد ابنت سيد جمال تبكي بانهيار امام والدها وهي تقول برعب :

"انت لا تفهم يا ابي انا خائفة جدا، في المرة الماضية، نجوت على حساب روح اما الان فانا واثقه من انهم سوف يعودون عندما يعرفون الحقيقة ما حدث لقد هاجموا سيارتي ليلة امس لولا الحرس لكنت مية الان ".


قالتها وكل جسدها يرتعش من الخوف شعرت بالوهن في قدميها لتجلس على الأريكة التي كانت خلفها.
وتضع راسها بين يديها وهي ترتجف بخوف كبير.


بينما والدها كان ينظر امامه بغضب شديد، وهو لا يعرف كيف يخلص نفسه وابنته من هذه المصيبة التي وضعت على راسه فجأة.


كانت زوجته منار تجلس الى جوار ابنته وهي تحضنها وتربت على ضهرها وتقول بالانفعال في وجه زوجها :

" فلتتوقف عن عنادك هذا واعد الشحنة الى اصحابها يا جمال ".

ضرب الرجل الطاولة التي كانت امامه بغضب شديد، وهو ينظر الى زوجته بغير تصديق ليقول :

" تتصرفين وكأنك لا تعرفين ماذا يستطيع ان يفعل ذلك اللعين يا منار ؟ حتى لو اعدت له الشحنة فهو لن يتركني وشأني ".

تنهد بأسا شديد وهو يجلس على كرسي الطاولة الذي كانت امامه ليقول بذكاء :

" لقد كنت اعلم انهم يلاحقون ابنتي نرجس لذلك اضطررت الى ان اتقرب من روح ابنة الميكانيكي، واجعلهم يصدقون انها ابنتي لقد كنت اظن انني اذا فعلت ذلك سوف ابعد الشبهات عن نرجس ولن يعرف احد بوجودها، حتى عندما اختطفت روح ظننت ان الامور سوف تقف هناك ولم يخطر في بالي ابدا ان ذلك الوحش سوف يتمكن من معرفه الحقيقة في ظرف وجيز ويقلب طاولة علي ".

وقفت سيدة منار لتذرف المكتب ذهابا وايابا وهي تقول بتوتر:

" ماذا سوف نفعل الان؟ وماذا عن والد تلك الفتاة انه يأتي يوميا الى الفيلا من اجل سؤال عنها، ماذا سنفعل بكل هذه المشاكل والمصيبة السوداء التي وقعت على رؤوسنا الم تجد اي شخص تسرق منه شحنة مخدرات الا ادهم الدموي يا جمال ..انا لا يهمني اي لعنة اريد حلا لهذه المشكلة وفورا".

ظل الرجل ينظر امامه بتفكير مدة طويلة قبل ان يتنهد وهو يقول :

" لا وقت للعتاب الان يا منار لنقم اولا بتأمين مكان جيد لي نرجس وبعدها سوف اجد حلا لكل هذه الفوضى "

انهى كلامه وهو ينضر اليهما بثقة كبيرة وقد كان غافلا تماما عن ذلك الرجل الذي كان يقف خلف الباب يستمع بأذنيه الى ما يقول هذا الوسخ، وفي داخله لم يكن يصدق على الاطلاق، ان هذا هو سيد جمال الذي كان يساعده ويمده بكل شيء.


لقد كان يتوقع انه سوف يبحث معه عن ابنته، كان يعتقد ان العالم طيب وبريء مثله لم يخطر في باله ابدا انه من الممكن ان يفعل شيئا كهذا به لقد ضحى بروح في سبيل حماية ابنته نرجس.


الان فهم لماذا كان دائما ما يصر على ان تظهر روح مع ابنته عندما يكونون معا في الشارع او الأماكن العامة.

لقد كان يفعل ذلك من اجل ان يبعد الخطر المحدق عن ابنته من اجل ان يحميها، وبالمقابل كانت ابنته روح هي الضحية ، طفلته وحيدته الصغيرة التي لا تعرف شيئا عن هذا العالم الاسود.


كانت ضحية لرجل جشع لا يهمه شيئا سوى حماية نفسه وعائلته، اما هو وابتنه كانا مجرد بيادق يحركها كيفما يشاء كانا بالنسبة له مجرد فقيرين لا يستحق العيش في هذه الحياة.


لذلك قرر ان يأخذ حقه بيده سوف يدمره وينسف حياته المثالية وحياة ابنته ويرميه للشارع.


لقد استطاع ان يفهم من خلال هذا الحديث ان سيده لم يكن بتلك صورة اللمعة التي كان يسوقها لنفسه، فهو مجرد وحش عديم الانسانية يتاجر بالمخدرات.


هو من جعل ابنته تبتعد عنه ولقد علم ايضا ان له علاقه بعالم لا يفترض ان يدخله او يعلم به رجل مثله.

ولكن بحق خالق الجحيم انه اب ضعيف بلا سند...
اب مكلوم ويحتاج ان يعيد طفلته الى احضانه.


لطالما كان الوضع دائما هكذا دائما ما يضحي الفقراء بنفسهم من اجل ان يعيش الاغنياء في سعادة النعيم.

شعر بالغضب يتصاعد بداخله ولم يفكر للحظة في العواقب ما سيفعل.


كل ما كان يفكر به في هذه اللحظة هو انقاذ طفلته التي لا يعلم اين يمكن ان تكون في هذه اللحظة.


لذلك وبدون حسبان لأي شيء دفع الباب بقوة حتى ارتطم بالحائط خلفه، ودخل الى الرجل الذي كان يجلس هناك بشموخ ليقف بعد ان راه بصدمة هو وعائلته وهم ينظرون اليه بغير تصديق.


اقترب منه جمال وهو يرفع اصبعه في وجهه بتهديد ويقول بغضب :

" لماذا فعلت بها ذالك يا جمال ؟ ما الذي فعلته لك حتى تضحي بأبنتي روح من اجل سلامة ابنتك؟"


هل ضحيت بي وبأبنتي لأنني مجرد رجل عجوز بسيط بلا سند؟ انا اريد طفلتي لماذا حرمتني منها ؟ اخبرني اين هي ابنتي؟ اريد ابنتي اعد لابنتي الان يا جمال ".


قالها حسن الاب المسكين وهو يقترب منه غير مهتم باي شيء امامه.

مد كلتا يديه ليمسك رقبته بقوة يحركه بعنف شديد،بينما كان الاخر ينظر اليه بصدمة لم يكن يستطيع ان يستوعب الامر وعندما استوعب اخيرا الامر.

دفع حسن وابعده عنه كما لو انه حشرة من الممكن ان تؤذيه ،وهو يقول له بأنكار بينما قد بدا العرق يتصبب من ججبينه


" ابنتك هل انت مجنون يا هذا؟ اذهب وابحث عنها في مكان اخر بعيدا عن هنا...الله وحده يعلم اين ذهبت ابنتك تلك لقد كانت رخيصة تحب المال، اضنها وجدت رجلا ما وذهبت معه... اذهب وابحث عنها ربما تجدها قد وضعت لك حفيدا لذلك هربت خوفا منك "

انها كلامه باشمئزاز وهو يبعد يده عنه بتقزز.

بينما نظر اليه حسن بغير تصديق لا يصدق ان ذلك الرجل الملاك الرجل المثالي الذي كان يساعده دائما.
قد تحول واصبح شيطانا بهذه الطريقة، اقترب منه مرة اخرى وهو يجثو على ركبتيه ويقول بتوسل عندما ادرك انه لن يستطيع ان يعيد ابنته بالقوة:

" ارجوك يا سيد جمال اخبرني اين هي ابنتي ارجوك انا اعرف انها قد خطفت بسببك، ارجوك أعدها لي انا اتوسل اليك "

قالها الرجل المسكين وهو يقبل قدميه، قبل ان ينهض ويذهب الى نرجس ابنت جمال وزوجته، وهو ينحني امامهم ويقبل اقدامهم قائلا بتوسل بينما الدموع كانت تملا وجهه والوقور ولحيته البيضاء :


" اتوسل اليك يا سيدتي انت امرأة وتعرفين معنى قلب الام، ارجوك زوجتي على وشك ان تموت من شدة حزنها هي تريد رؤية طفلتها وحضنها اتوسل اليك اطلبي من زوجك ان يعيد لي طفلتي".

نظرت اليه منار بقرف وتقزز شديد وهي تضم نرجس التي كانت تبكي بقوه شديدة ،و على الرغم من انها كانت تعلم ان والدها قد فعل ذلك من اجل حمايتها هي وزوجته الجديدة، ولكن رؤيتها لذلك الرجل الطيب يتوسل بتلك الطريقة امامهم جعل قلبها يكاد يتمزق من الحزن وتأنيب الضمير، ولكنها لم تكن قادرة على التخلي سلامتها وعن والديها في هذا الظرف من اجل رجل غريب عنها.


نضر نحوها جمال ودموع تنهار بقوة من عيونه الخضراء الشبيهة بعيون ابنته:

" ارجوك يا ابنتي نرجس اتوسل اليك ارحميني ورحمي اما مكلومة تبكي ابنتها ليل نهار،اخبريني ارجوك اين هي روح ؟"

قالها بتوسل وهو يكاد يقبل يديها حرفيا.

نفضت يدها وتراجعت للخلف وهي تقوي نفسها وتقول باستنكار شديد :

" روح من هي روح انا لا اعرف فتاة بهذا الاسم،وايضا كيف يعقل لي ان اعرف ابنت ميكانيكي مثلك وانا ابنة العز والجاه".

قالت اخر كلامها بتكبر وهي ترفع احد حاجبيها وتعيد خصلات شعرها البني القصير الى الخلف بغرور.
بينما وقف هو وتراجع الى الخلف بصدمة غير مصدق ما تسمعه اذناه الان.


لا يستوعب ما حدث لتو تلك الفتاة الثرية التي كانت تدعي لطف والطيبة طوال الوقت، ماهي الى شيطان بروح سوداء مثلها مثل والدها الخسيس.



يتبع ......
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي