22

" أياك أن تخبريني أنك تفكرين فيما أفكر به"


قالتها ماريا بقلق كانت لا تزال تستند بقوة فوق كتف روح والتي بدورها كانت لا تزال واقفة تنظر الى جسد ادهم، الذي كان يستلقيا على الارض كما لو أنه كان جثة هامدة ودماء تحيطه من كل جانب.

كانت ماريا تعلم بماذا تفكر به روح في هذه اللحظة ولكنها لم تكن لتسمح لها أن تساعد عدوها ،كانت تعلم لو أن ادهم إستطاع أن ينجو سوف يحول حياتها إلى جحيم حرفيا.


ابعدت ماريا نفسها من فوق كتف روح وهي تكابد ذلك الألم الذي كاد أن يفتك بجسدها، قبل أن تمشي وهي تعرج لتقف أمام جسد ادهم المسجى على الارض، وتضع نفسها حاجزا بينه وبين روح لتمنعها من الاقتراب منه أو مساعدته.

تكلمت ماريا بغضب وهي تقول بقوة :


" أياك يا روح أياك ثم ايااك أن تفكري في إنقاذه، تذكري كل لحظة ألم نعيشها الان بسببه تذكري ما الذي جعلنا نقوم به حتى يحصل هو على المال "

كان ادهم يستطيع أن يسمع كل حرف تقوله ولكنه لم يكن قادرا على أن يحرك جسده أو يفتح عينيه.
لقد كان السم يفتك به بشدة وقد استطاع أن ينتشر في جميع انحاء جسده، وبالتالي لم يكن يستطيع أن يحرك أي شيء.

إبتسم بوهن على الرغم من الحالة التي هو بها، وهو يرحب بالجحيم الانه كان واثق انها من المستحيل أن تنقذه.
لقد كان يستطيع أن يرى الكره في عينيها كلما كانت عيناهما تتقابلان.
الشيء الوحيد الذي ندم عليه هو أنه لم يحصل عليها من قبل ،تبا حتى وهو في هذه الحال على وشك ان يموت كان يتخيل طعم شفتيها وملمس جسدها، وهذا لوحده كان كافيا أن يشعل به الرغبة في الحياة ولكنه يعلم أنه من المستحيل أن يحصل على هذه الامنية، كيف يمكن للشيطان الذي كان يسلب حياة الناس أن يمنحه الله الحياة في هذه اللحظات؟ إنها حقا سخرية.

أن بالألم شديد وهو مغمض العينين، لقد انتهى وأستسلم للموت اخيرا،ولكنه احس بصدمة شديدة عندما وجد روح تمسك به وتحاول بكل قوتها أن تسحب جسده بعيدا عن النيران.

على الرغم من أنه لم يكن قادرا حتى على أن يفتح عينيه ولكنه كان ينظر إليها بضعف شديد:

" مجنونة انت مجنونة،أتركيه يموت أنت تعلمين أن هذا الشخص إذا نجا من الموت سوف تكون نهايتنا جميعا ،هو شيطان متجسد في صفة إنسان ادإتركيه هناك وخلصي العالم منه ".

قالتها ماريا بغضب وهي تحاول أن تسحب روح بعيدا عنه، لقد كان يتمنى في هذه اللحظة لو انه كان يملك مسدسه اللعين فقط ،يقسم أنه كان سوف يستعمل كل ذرة قوة يمتلكها في هذه اللحظة من أجل أن يطلق نار على تلك اللعينة السمينة ويخلص العالم منها.

كانت ماريا لا تزال تحاول أن تبعد روح عنه، عندما سحبت هذه الاخيرة بقوة لدرجة أنها وقعت على الأرض بقوة وجرحت ركبتها.

نهضت مرة اخرى وأبعدت يد ماريا بعنف وهي تنظر إليها بغضب لتقول:

" اصمتي، إذا كنت لا تريدين أن تساعديني في إنقاذه فقط توقفي عن إعاقتي بهذه الطريقة، أنا اعلم انه مجرد شيطان لعين، اعلم جيدا أنه قد دمر حياتي وأبعدني عن اهلي وانه السبب في كل ما اعيشه الان ،ولكنني لا استطيع أن اتركه إنه انسان بلحم ودم وأنا مستحيل أن أترك انسانا يموت أمامي حتى لو عنى ذالك موتي على يديه في المستقبل "

فتحت ماريا عينيها بدهشة لثواني لتصرخ بكل غضب في وجهها ،لا تريدها أن تكرر نفس الألم الذي كانت تعيشه في الماضي، لقد كانت نفس قصة تتكرر امامها مجددا، الماضي يعود ليتجسد أمامها بصورة روح وادهم.

لقد كانت تمر الصور مرة أخرى أمام عينيها،
كانت تعلم أنه بعد هذا الموقف الذي تفعله سوف تكون في خطر شديد.
واذا كانت تعتقد أنها قد رأت الجحيم من قبل في ذلك الملهى، فأن الجحيم الحقيقية سوف تكون بجانب ذلك الرجل الذي تحاول إنقاذه:

" ذلك الشخص ليس إنسانا، إنه مجرد شيطان وحش اللعين يستمتع بسلب الناس حياتهم اتركيه سوف تندمين إذا أنقذته"

لم تهتم روح بما تقول وكان كل هدفها هو أن تسحبه خارج ذلك المكان.

ظلت ماريا تنظر اليها بصدمة، وقد علمت أن رأس من أمامها الآن اقسى من الحجر، ولن تستمع الى كلمة واحدة مما تقول.

شتمتها تحت انفاسها بغضب شديد قبل أن تتجه نحوها وتنحني وتمسك ادهم من اليد الاخرى وهي تحاول ان تساعدها.
نظرت إليها روح بصدمة فهي لم تكن تتوقع منها هذا بعد كل ما قالته.
كذلك ادهم كان يحاول بالاستماتة أن يفتح عينيه.

حل الصمت طويلا بينهم روح كانت تتجه به ناحية الباب، لا تدري لماذا ولكنها لم تكن تحب تلك النظرات المرسومة على وجه ماريا، خاصة وأنها كانت تنضر إليها كما تفعل والدتها تماما.


حاولت أن تخفف من حده الموقف وهي تقول بمرح كانت قد فقدته منذ أن قدمت إلى هذا المكان :"

" بالمناسبة عندما تذهبين لتخفيف وزنك في الجيم لا تنسي اخذه معك، انه ثقيل جدا"

نظرت اليها ماريا ببرود شديد لتعلم أن مزحتها لم تكن في الوقت المناسب وقررت أن تصمت في الوقت الحالي.
نظرت نحو الارض ثم بطرف عينيها ناحية ادهم الذي كان بين الوعي واللاوعي لتقول بعد تنهد طويل وهي تجد نفسها تخرج من الباب اخيرا :


" لا داعي لقلق سوف نتركه بعيدا في مكان آمن ونرحل بسلام"

انهت كلامها وهي تبتسم ابتسامة هادئة بينما نظرت إليها ماريا بلا مبالاة ومنحتها ابتسامة متهكمة كان لديها معنى واحد في هذه اللحظة وهو أنك غبية جدا.

نظرت روح أمامها لتتوسع عينيها بصدمة شديدة، عندما وجدت أن المكان خالي تماما لقد كانت تتوقع أنه سوف يكون مملوءا بسيارات الاسعاف وسيارات الشرطة، بالإضافة الى سيارات الاطفاء ولكن المصيبة أنه كان مملوءا برجال من اصحاب البدلات السوداء فقط.

الذين كانوا يركضون في كل المكان كما لو أنهم جنود مدربون باحترافية.
توقفت بخوف عندما أدارت عينيها في المكان إستطاعت من بعيد أن ترى ذلك الرجل الذي كانت قد قابلته في المكتب أول يوم.

أجل جبل هذا هو إسمه ولكنه هذه المرة لم يكن كما كان عندما قابلته من قبل، تقسم إنها قد رأت الظلام يتجسد في عينيه.
لقد كان يتحرك في المكان بجنون وهو يحاول أن يدخل الى الملهى ولكن الرجال كانوا يحاولون أن يوقفوه وهو يصرخ بجنون توقف في مكانه متجمدا عندما وجد أن روح كانت تقف بعيدا تنظر إليه بصدمة.
ركض إليها مبعدا كلا منهما عن ادهم وهو يتفقد نبضه قبل أن ينظر إلى رجاله بطريقة تقسم أنها قد رأت التوعد والموت والظلام فيها:

" لقد اصيب اتصل بطبيب اللعنة وحالا"

لم يكن يحتاج أن يعيد كلامه أكثر من مرة لأن الجميع ركض من أجل ان يلبي طلبه.


بينما اسرع جبل نظر ناحية صديقي بالألم وامسكه لكي يأخذه باتجاه السياره، توقف في مكانه برعب شديد، ولقد كانت المرة الاولى التي يشعر فيها بمثل هذا الخوف من صديقه ليسمع يقول بصوت متملك مهوس رغم حالته:

" احضرها "

كلمه واحدة هي كل ما إستطاع أن ينطق به ولكن الطريقة التي كان ينظر بها باتجاه جبل يقسم أنه لم يراها في عينيه الا عندما ماتت والدته.
نظر ناحيه روح التي كانت تجلس على الارض وهي تنظر حولها بصدمة شديدة.
كان من الواضح أنها لم تكن تتوقع هذه النهاية وحقيقة الامر أنه لم يتوقع هذا أيضا.

لقد كانت آخر شخص يستطيع أن يتخيل أنه من الممكن أن يقدم يد المساعده الى ادهم، في الحقيقة لا يتخيل أحدا من الممكن أن يساعده.

نظر اليه وهو يحاول أن يهدئه ويقول بينما يحاول أن يساعده:

" ساحضرها من اجلك "

قالها جبل وهو يحاول ان يهدئه لكي لا يتحدث كثيرا ،فالاصابة التي كانت تملأ جسده في كل مكان من المستحيل أن يتحملها إنسان عادي، ولو كان شخص آخر مكانه يقسم أنه كان ليكون ميتا الأن.

نظر اليه ادهم بغضب شديد وهو يصك أسنانه بينما لم يبقى لديه قوة من أجل أن يقول حرفا واحدا، ولكنه مع ذلك ضغط على نفسه وهو ينظر اليه بتوعد لعيد كلامه بأمر:

" قلت لك أحضرها"

لم يحتاج أن يعيد أمره أكثر من هذا لأن جبل نظر إلى رجاله بنظرات كانوا يفهموها واشار لهم بعينيه الزرقاء تجاه روح، التي كانت لحد الآن لا تزال تنظر إلى الارض لقد أظلم الكون بعينيها بثانية واحدة وتدمر كل شيء من حولها.

شهقت وضعه يدها على قلبها وكان أحدا ما انتزعه من بين اضلاعها للتو، الرعب الخوف هو كل ما تغلغل بكل ذرة فيها وأرجف كل عظمة في جسدها خاصة وهي ترى أصحاب البنيات العملاقة يتجهون نحوها.
عينيها المرتعبتان أسقطت دموعها بلحظة واحدة انتهى كل شيء.

لقد كانت تتوقع أنها سوف تخرجه ثم سوف تهرب بعيدا عن هذا الجحيم، كل أمل كل سعادة كل إبتسامة احترقت، كما كان ذلك الملهى الذي يحترق خلفها.
لم تكن قادرة على التنفس مهما حاولت الهواء الذي كان موجودا حولها رفض الدخول الى رئتيها، في هذه اللحظة جزء منها كان رافضا أن يصدق هذا الواقع، خطوة واحدة تبا ،خطوة واحدة فقط هي التي كانت تمنعها من الذهاب بعيدا عن هذا المكان.

حلم نعم إنه حلم فقط وسوف تستيقظ ولكن سرعان ما تأكدت من خطائها ،ما إن تقابلت عينيها بعينيه عندما رفع رأسه ونضر نحوها.

شهقت بنفس منقطع وهي تضم جسدها برعب شديد،تلك العينين ذلك الظلام ذلك التوعد والكراهية والانتقام.

بدأت دموعها بالتساقط وهي تراه ينظر اليها كما لو أنه يعدها أنها لن تبتعد عنه أبدا، لم يكن عقلها قادرا على أن يتقبل شيئا آخر، لذلك كان أفضل خيار لها الآن هو أن تهرب الى عالم أفضل، وهو أن تسمح لنفسها الا أن تغرق في الظلام.
كانت هذه هي الطريقة الوحيدة لأن تبتعد عنه،ضل ينظر اليها وكأنه يريد أن يتاكد أنها سوف تفقد وعيها لأنها بمجرد أن ذهبت الى عالمها ،تداعا ايضا وذهب هو الاخر بعيدا وسمح لجسده أخيرا أن ينال الراحة التي كان يطالبه بها عندما تأكد عقله أنه بمجرد أن يستيقظ سوف يجدها أمامه.

أما بالنسبة لماريا فقد وقفت بعيدا تدخن سيجارتها بلا مبالاة ،وهي تنظر الى جسد روح الذي كان فاقدا لوعيه امامها ،قبل ان ترسم ابتسامه سخيفة على وجهها وهي تتحرك ناحيتها بعدما حملها رجل من رجال جبل ناحية السيارات توقفت ماريا في مكانها وهي تسمع :"

" لقد كنت تنتظرين أن تهربي من هذا الجحيم سنوات طويلة ما الذي جرى لك الان؟"


قالها احد الرجال الذين كانوا يعرفونها ويعرفون قصتها، نظرت ماريا بحزن ناحية روح وعلى الرغم من أنها كانت تعلم أنها من المستحيل أن تفعل شيئا لأجل انقاذها من ذلك الوحش، ولكنها ارادت أن تبقى إلى جوارها ربما لأنها كانت تشعر معها بمشاعر لم تجربها من قبل.

ربما لأنها تذكرها بشخص كان يمنحها الأمل في الحياة قبل سنوات طويلة والى الان لا زالت تذكرت ابياتها الشعرية التي كتبتها لحبيبها القاسي.

لك كتبت يا شيطاني

قدري أن أحيا في كدر والهم بحور شطآني
أعماقي تغلي بحميم وتصب الشوق بفنجاني
وأشف الشوق بألسنة ويجف الشوق بنيراني
في أوردتي نار تسعى وتأكل أحشائي
تطالبني بي وصلي ولقاء شيطاني

ابتسمت بوهن عند هذه الذكرى لتقول بصوت هادء وحزين :

" لا باس إنها مجرد طفلة غير قادرة على حماية نفسها ،لابد ان يكون شخص ما الى جوارها "

قالت كلامها لذلك الحارس الذي كان ينظر اليها بعدم فهم، بينما إبتسمت هي بغموض.

يتبع .....
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي