7

ابتسم بطريقة مريضة وأخيرا استطاع أن يتخلص من تلك الهالة التي كانت تحيط بها، بالإضافة إلى تلك الثقة التي كانت مرتسمة على ملامح وجهها، استطاع أخيرا أن يتنفس بهدوء وهي تعود لتكون ذلك الطائر الضعيف أمام ذلك الذئب البشري:


"سوف أرسلك إلى أحد الملاهي الليلية الخاصة بنا"
قالها باستمتاع شديد وهو يتلاعب بمفاتيحه مثل ما يتلاعب بمشاعرها وأفكارها
بينما نظرت هي إلى يديها التي ترتجف لتقبض عليهم بغضب شديد.

بحق خالق الكون لا تعلم ما الذي ألقى بها في هذه الورطة، لقد كانت مجرد فتاة شابة صغيرة لا تريد شيئا سوى الحياة بهدوء مع عائلتها الصغيرة والتي أصبحت تفتقدهم بشدة في هذه اللحظة.

"ببساطه أنت تخبرني أنني الآن أصبحت أسيرة لديكم، أليس كذلك أيها الأشقر؟ ولا يوجد شيء في هذا العالم يستطيع أن يحررني من قبضتكم".

قالت روح وهي تحاول أن تحافظ على هدوئها كي لا تفقد أعصابها أمام هذا الوغد الذي كان يمنحها ابتسامة هادئة.


"أجل هذه هي الحقيقة المرة التي لا يستطيع أحد إنكارها"
قال جبل وهو يهز كتفيه بلا مبالاة مشعلاً لنفسه سيجارة مستمتعاً بهذا العرض الذي يحدث أمامه.


بينما ضلت هي تنظر أمامها مدة طويلة قبل أن تتنفس بهدوء وهي تنظر إلى عينيه:
"خلاصة القول أنتم من المافيا أليس كذلك؟"

ابتسم جبل وهز رأسه بنعم لتشد هي على يدها بغضب شديد، تقسم لو أنها لو كانت تمتلك القوة لكانت قد اقتلعت رأسه من مكانه وظلت تضربه بجنون، ولكنها تعلم أنها لا فرصة لها أمام هذا الوحش، وليس أمامها أي خيار سوى الحيلة من أجل التخلص من هذه المصيبة التي وقعت على رأسها.

"حسناً، أريد أن أعقد معك صفقة".

قالت بجرأة وثقة بالنفس جعلت جبل وكل رجاله اللذين كانوا يقفون خلفه ينظرون إليها بصدمة شديدة.

ألم يقل من قبل أن هذه الفتاة شيء آخر! والحديث معها ممتع حقاً، إنها عملة نادرة، فهي تتحول من القطة الهادئة إلى تلك اللبؤة الشرسة التي تستطيع جرحكَ في أي لحظة، بالإضافة إلى هذا.. من الممكن أن تكون تلك الفتاة الضعيفة التي تطلب منك الحماية وتدفعك لتفعل ذلك وتحميها بكل ذرة لعينة موجودة بداخلك.

إلا أن الطريقة التي كانت تتحدث بها والجدية التي كانت ترتسم على وجهها كانت تجعله يريد أن ينفجر في الضحك، ربما عليه التفكير في الأمر مرة أخرى والاحتفاظ بهذا الكنز القيم في قصره.

" حسنا أيتها الصغيرة، ما نوع الصفقة التي تريدين أن تعقديها معي؟"

قال جبل وهو ينظر إليها باستمتاع شديد، بينما حاولت هي أن تحافظ على غضبها وهي تنظر إليه ببرود ولا مبالاة مطلقة.

" بما أنكم من المافيا، لا شك في أنكم تتاجرون في البشر، ولا شك في أنني الآن مجرد سلعة تريد أن تبيعها اليس كذالك؟"

هز جبل رأسه بالتأييد بينما أكملت هي :

"اذا يا سيد، أريد أن اشتري نفسي منك"

انهت كلامها بملامح جدية وهي تنظر إلى عينيه اللتان كانتا تنظران إليها بصمت.

بقي هكذا جامداً قبل أن تتسع ابتسامته رويداً رويداً لينفجر في الضحك غير مصدقًا لما يسمعه، لأول مرة في حياته يضحك بهذه الطريقة.

"هل وجدت لعبة جيدة إلى هذه الدرجة يا جبل؟ عليك الإنتباه منها"

توسعت عيناها برعب شديد وهي تشعر بتلك الرجفة، التي عادت حتى تحتل عظامها ما إن سمعت صوته مرة أخرى، لقد كانت تدعي بكل ذرة لعينه بها، ألا يجمعها الرب مرة أخرى بذلك اللعين؟


لا تعرف لماذا في كل لحظة تقابله بها تشعر أنها على وشك الموت، لم يكن الرجل شخصا عاديا بحق خالق الجحيم، لقد كان شخصا مختلا عاشقا للدماء واستطاعت أن تقرأ هذا الأمر بوضوح في عينيه، اللتان كانت في كل مرة تقعان عليها يلتهمها فيها بطريقه مجنونة، كما لو أنه كان يجردها من ثيابها.

حاولت أن تظل ثابتة أمامه، وألا تنهار كما أنها حاولت تجنب النظر إليه أو الكلام معه، كل ما تريده البقاء بعيدة عن هذا الوحش البشري.

بينما كان هو ينظر إليها من الخلف ملتهما جسدها، لقد كان مغادراً من مكان ولم يكن يهتم بأي لعنة، ولكن بمجرد أن علم أنها هنا برفقة جبل لوحدهما
شعر بشيء غريب بداخله أجبره على القدوم إلى هنا ومراقبتهم.


حسنًا، حقيقة أنه لا يهمه الأمر هو واقع محض، خاصة عندما علم أن لا يد لها أو لوالدها فيما حدث لشاحنته، وأنها ابنة رجل عادي، لا تعرف شيئًا، وأن ذلك الوغد قد خدعهم من أجل حماية نفسه وعائلته.


لذلك كان من المحتمل أن لا يفكر بها مرة أخرى، وأن يتركها ويغادر المكان من أجل البحث عن الفريسة الحقيقية، ولكنه لم يكن يريد ذلك، كل ما كان يريده هو الذهاب إليها عندما شعر أنها على وشك أن تغادر المكان وألا يراها للمرة الأخيرة.


شيء غريب بداخله حدثه أن يأتي إلى هنا ويبحث عنها، ولكنه وجد نفسه غاضبا عندما لم يجدها في المخزن، وعندما سأل الحارس الذي كان يقف عند الباب
أخبره أن جبل قد استدعاها إليه، حينها شعر بالغضب يتصاعد، خاصة وهو يعرف طبيعة وشخصية صديقة؛ لذلك دون أن يشعر وجد نفسه يقف هنا وهو يكاد أن يلتهمها من الخلف.


أما هي فلم تكلف نفسها عناء النظر إليه أو الالتفات له، بحق الكون لقد كان الرجل اللعين على وشك أن يقتلها في المرة الماضية، وقد كانت فتاة بريئة من كل التهم اللعينة التي رموها عليها، فما بالك إن كانت مذنبة حقا؟

" لقد جئتَ في وقتك يا ادهم، تعالَ إلى هنا حتى تستمع إلى هذه الصفقة، وتكون شاهداً عليها"


قال جبل بمرحه المعتاد وهو يشير إلى صديقه أن يقترب منهم بابتسامة واسعة واستمتاع شديد، ولكن كل هذا اختفى عندما التقت عيناهما معا.

لقد كان ادهم ينظر إليه بغضب وحقد، إنها المرة الأولى في التاريخ التي نظر فيها إليه بهذه الطريقة المميزة؛ فلقد كانا كالأخوين طيلة حياتهما، ولم تكن هنالك نظرة واحدة مملوءة بهذه الكراهية التي يراها الآن في عينيه، ألم يقل أن هذه الفتاة على وشك أن تغير الكثير في عالمهم؟ ... لقد كان محقاً في هذا الشأن.

"حسنا انت تعلم أ الأنسة روح بريئة من كل التهم التي وجهناها إليها، ولم تكن الفتاة التي من المفترض أن نحضرها إلى هنا"

" روح "

هذا هو اسمها إذاً، همم اسم جميل حقاً يلائم ذلك الوجه وتلك العينين اللتان تأسران الناظر اليها.

اغمض عينيه وهو يردد هذا الاسم في داخله وعلى الرغم من الجمود واللامبالاة التي كانت واضحة على معالم وجهه، إلا أن هذا الاسم كان قد حفر عميقاً في روحه السوداء، وترك هنالك مكانه بدون أن يعرف أي شخص موجود في هذه الغرفة، حتى هو نفسه لم يعلم أ هذا الاسم سوف يكون سبب سعادته وتعاسته وكل شيء سوف يقابله في حياته من الآن فصاعداً.


أكمل جبل كلامه ولقد كان واضحاً أنه لم ينتبه إلى ذلك التذبذب الذي أصبح صديقه يعيشه:

"لذلك قررت أن اعقد معها صفقه، لقد أرادت ان تشتري نفسها، سوف أبيعها نفسها ما رايك؟"

نظر إليه بسخرية شديدة بينما كان جبل يتلاعب بحاجبيه بتسلية، أما بالنسبة لروح فلقد كانت تشد يدها بغضب شديد.

كانت تعلم أنهما يسخران منها، ولكنها لم تكن قادرة على فعل أي شيء أو ايقافهم عند حدهم، لقد كانت في موقف ضعيف جداً، لذلك كان لابد لها أن تأخذ الصمت حتى تستطيع التخلص من هؤلاء الوحوش

"حسناً سوف نبيعها نفسها مقابل مليون دولار"
قالها ادهم وهو ينظر إليها ببرود شديد.

بينما رفعت هي نظرها إليه اخيراً، لتنظر إليه بصدمة شديدة، فهي حتى لو عملت طوال حياتها من المستحيل أن تجمع هذا المبلغ، بحق خالق الكون حتى أثرى الأشخاص اللذين تعرفهم في هذا العالم لم يكونوا يملكون هذا المبلغ، كيف يمكن لها أن تملكه هي؟

بينما كان جبل ينظر إلى ما يجري أمامه باستمتاع شديد، وعلى الرغم من ذلك الخوف والترقب الذي كان يملأ قلبه تجاه الفتاة ولكنه علم أنها سوف تكون تجربة جديدة يستمتعون بها حقاً.

واخيراً تقابلت عيناهما وهي تنظر إليه بحقد وغضب
بينما كان هو ينظر إليها بلا مبالاة، وهو يتمتم داخله بهدوء:


" إذا أرادت حريتها عليها أن تعرف قيمتها".



يُتبع..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي