الفصل الرابع إنذار بالطرد

وقف هيركلين أمام مكتب القائد، وأخذ يتذكر حديث الطبيب النفسي له، وأنه له دوراً في علاج هذا الرهاب والخوف الذي يصيبه، وأنه يجب عليه بالتركيز على الأشياء الإيجابية، والاعتماد على تمارين التنفس.

شتم هيركلين بصوت منخفض:
اللعنة، كل هذا من المفترض أن يساعدني، ولكن للأسف لا زالت كما أنا، ولم يتغير شيء.

طرق هيركلين على باب القائد، وقال وهو ما زال في الخارج:
هل يمكنني الدخول؟

شعر هيركلين بقشعريرة في جميع أنحاء جسده، فهو قد مر بهذا الموقف الأسبوع الماضي، والأسبوع الذي قبله، هو منذ عمله في هذا القسم، ولا يمر أسبوع دون مشاكل.

قال القائد من الداخل وبصوت غاضب:
أدخل.

قال هيركلين لنفسه:
"يبدو من نبرة صوته أنه ليس في مزاج جيد."

فتح الباب ودلف إلى الداخل، نظر إلي القائد بتمعن، ثم حدث نفسه قائلًا:
"فعلًا مزاجه معكر، يا له من حظ عثر، لا بد أنه تعرض للتوبيخ من قبل كبار المسؤولين، وسوف يصب غضبه عليَّ."

قال القائد بنبرة غاضبة:
اجلس.

جلس وهو يشعر بالتردد، ثم رأى القائد يتحرك تجاهه، ثم وقف بجانبه، استطاع هيركلين سماع صوت تنفس القائد الغاضب من حوله.

ترك القائد الكرسي دون النطق بأي كلمة، وعاد إلى مكانه مرة أخرة، وقال له:
لدي قائمة من الأشياء أريد قولها لك.

ثم قام بتدليك صدغه وهو يمشي ذهابًا وإيابًا من الباب إلى الكرسي، ثم تحرك إلى الجانب الآخر من مكتبه، وأمسك بملف من هناك وألقى به إلى هركلين.

ثم تحدث إليه:
لقد قبضتم على قاتل الطفلة.

أومأ هركلين برأسه مؤكدًا، وهو يقول :
لقد حللنا القضية في يومين، وساعد على ذلك هروب ميشيل وذهابها إلى المنزل واستخدامها نفس السلاح المستخدم في الجريمة.

ثم حدث نفسه قائلًا:
"ولكن لماذا يتكلم بهذه الطريقة، وكل هذا الغضب الذي يبدو على وجهه، أشعر أنه يشعر بخيبة أمل، لأننا فعلنا ذلك وأننا قبضنا على القاتل."

تنفس القائد بعمق، وهو يقول:
لقد قمتم أخيرًا بحل أول قضية لكم بنجاح، وبالرغم من أنني يجب أكون سعيد بتلكَ الأخبار لم يحدث ذلك، وأشعر بالإحباط بسببكَ، فهناك دائمًا شيء تفسده، ولا تفعل شيء كامل.

ثم أمسك ملف آخر وفتحه، وقال له:
درجة اختبارك في وظيفة مفتش كانت قريبة من الكمال، اعتقدت أنكَ عبقري، ولكن للأسف ليس كل عبقري مؤهل لهذا العمل، وأنتَ بالتأكيد لست كذلك، لذا عد إلى تعلم قوانين الجاذبية ونيوتن، هذه الوظيفة ليست لأمثالك.

قال هيركلين:
من فضلك كابتن، أعطني فرصة ثانية حتى أثبت جدارتي في هذه الوظيفة.

تنهد القائد بصوت عالٍ عندما سمع كلام هيركلين، ثم قال له:
لقد سمعت منكَ هذا الكلام عدّة مرات بالفعل، وفي كل مهمة تكون مسؤولاً عنها، يحدث شيء سيئ.

صمت لعدة ثوان قبل أن يكمل قائلًا:
هذه هي المرة الخامسة التي تتعرض فيها للإصابة، والمرة الثالثة التي تضع شريكك في موقف شديد الْخَطَر، ربما لا تعلم، ولكنكَ تحطم الأرقام القياسية في هذا القسم منذ أن تم إنشاؤه.

لقد طعنت في إحدى المرات، وأخذت رهينة، وتم سرقتك، ما الذي تخطط للقيام به أكثر من ذلك؟ لدينا سمعة هنا في القسم، لقد نفذت كل فرصكَ لدي، ومن الأفضل أن تترك القسم، أرجع إلى أهلكَ وافعل ما يريده والدك، لقد سامحتك مرة واثنين وثلاثة ولكن ليس إلى مدى الدهر.


قاطعه هيركلين:
لكن، كابتن، على الأقل دعني أشرح، كانت الأمور تحت السيطرة تمامًا، لقد هاجمتنا ميشيل على نحو مفاجئ للغاية، لقد كان مجرد خطأ، وكان كل شيء على ما يرام قبل ذلك.

تنهد القائد وهو يقول:
انظر أيها المحقق، نحن نعمل في مكان حيث الخطأ الواحد فيه لن يخصم منه بضعة دولارات من راتبك، أو جائزة موظف العام، ولكنه يكلف حياة شريكك، أو الشخص الذي من المفترض أن نحميه، الأرواح التي تعهدنا بحمايتها يجب ألا تكون في خطر لمجرد أننا ارتكبنا خطأ.

قال له هيركلين:
أنا أتفهمك قائدي، وأنا لا أقدم أي أعذار بل وعد، لن أعرض حياتي أو حياة زميلي للخطر، أرجوك، ولتكن هذه فرصتي الأخيرة.

تحدث إليه القائد بنبرة حادة:
استمع لي جيدًا، ابحث عن علاج لرهابك هذا، أفعل كل ما بوسعك، أثبت لي أنكَ تستحق هذه الوظيفة في خلال أسبوع، وهذا آخر كلام لي، وإذا لم تشفى وتتخلص من مرضك هذا بعد أسبوع، أنت وإيميلي سوف تستقيلان من هذه الدائرة، فهي أيضًا فعلت بعض الأخطاء.

رد عليه برعب:
أسبوع، سبعة أيام للقيام بما كنت أحاول القيام به منذ سنوات، يبدو ذلك قاسيًا للغاية، هذا غير عادل لي ولإميلي، هذه المدة قليلة جدًا أيها القائد.

قال بغضب:
الفرص كلها التي أعطيتها لكَ كانت بسبب والدك؛ لأن والدك شخصية محترمة، ومن أعز الأصدقاء لدي، إذا لم أرَ أي نتائج بعد أسبوع، فلن أضيع المزيد من الوقت عليكَ، فالقسم هنا يحتاج إلى الشخص الماهر والشجاع، أسبوع واحد فقط، أثبت فيها جدارتك كمحقق وأنكَ لست جباناً.

ولكن قبل كل ذلك، اترك شارتك وبندقيتك هنا على المكتب، سوف تأخذهم في حالة واحدة، عندما تكون مستعدًا حقًا لحملهم، أعلم أنه قرار قاس وغير عادل.

أعترض هيركلين:
أسبوع هذا، شرط تعجيزي.

-انصرف هيركلين.

وقبل أن يغادر، هتف القائد مناديًا:
تعال هنا.

ثم ألقى إليه أحد الملفات وقال:
اقرأ هذا الملف، وتذكر لديكَ أسبوع واحد فقط، لكي تتخلص من رهابك وتثبت جدارتك.

وضع هيركلين الملف في حقيبته، ثم غادر.

في الخارج، شعر هيركلين أنه قد تم تجريده من ملابسه، شرطي بلا هوية، قال لنفسه:
"أنا لا أستطيع العودة أبدًا إلى المنزل، ولا أستطيع العثور على أي عمل آخر، ولا أستطيع العمل مع والدي، أنا أحب وظيفتي تلكَ وبشدة."

أخرجته إميلي من شروده:
ماذا قال لكَ؟

قال بغضب:
لقد أوقفني عن العمل لمدة أسبوع.

هتفت بنبرة غير مصدقة:
أسبوع؟

تنهد وهو يقول لها:
واحتمال أن يكون أكثر من ذلك، وأن يتم طردي، أنا بحاجة إلى إصلاح هذا الرهاب إيميلي، أنا لا أعرف لماذا أخاف من الدم، لا أستطيع أن أخسر هذه الوظيفة بسبب هذا الضعف، أنا لا أستطيع العودة إلى الوراء.

ربتت إيملي على كتف هيركلين، ثم قالت:
أنا أعرف شعورك هذا.

أراد البكاء وحاول تهدئة نفسه، وقال لها:
ماذا أفعل؟ ما يطلبه القائد مستحيل تحقيقه.

قالت له بنبرة رقيقة:
سوف أساعدك حتى نكتشف حل لمشكلتك تلكَ، وتظل في وظيفتك، سأكون معكَ دومًا.

قال لها بنبرة حزينة:
ألم تكن أنتِ من أمرني بالاستقالة؟

ردت بهدوء:
كنت أفعل هذا لتحفيزك، وأن تبذل قصارى جهدك في العمل، وأن تثبت للجميع أنكَ تستحق وظيفتك كمفتش.

تنفس بعمق وهو يقول:
أتمنى فعلًا فتح مكتبي الخاص للتحقيقات، لكني أحب عملي في الشرطة، في القسم المفضل لدي، سأراك بعد أسبوع من الآن، سلام.

ثم تحرك لمغادرة المكتب.

فقالت له إيملي:
انتظر، سوف أذهب معكَ، سوف تعالج وتشفى من رهاب الدم والمستشفيات، تذكر كلامي هذا جيدًا.

عبست ملامحه وهو يرد عليها:
إيميلي، أنا لست في مزاج جيد لتطفلك هذا، أنا لا أريد أي صحبة.

-لا تكن سخيفًا، أراهن أنكَ تريد بعض القيل والقال حول قضايا القتل في القسم، لقد اكتشفت بعض التفاصيل المثيرة في تلك القضية، ستستمتع كثيرًا بصحبتي، وكل مشكلة ولها حل هيركلين، وسوف تشفى من مرضك هذا.

شرد وهو يقول لها:
أنا شخص غريب حقًا، رائحة الدم ترعبني ولكن في الوقت ذاته أعشق وظيفة المفتش، أشعر أن قضايا القتل تفتح لي عالمًا جديدًا، مثير للاهتمام، واكتشاف الخيوط كلها التي تجعلنا نصل إلى القاتل، ففي النهاية، ليس كل شيء مكتوب له الكمال، سأرحل الآن.

-هل أنتَ ذاهب إلى المنزل؟

-لا، أنا أحتاج إلى بعض الكافيين، سأذهب إلى مقهى أوستن، أحتاج إلى كمية هائلة من الكافيين للتركيز والتفكير في مشكلتي تلكَ.

قالت له إيملي:
سأذهب معك.

نظر إليها بضيق:
ولكني أريد الجلوس بمفردي، أحتاج إلى هذا.

ابتسمت له وقالت برقة:
أنتَ تحتاج إلى رفقتي.

وفي داخل المقهى.

عندما ظل هيركلين صامتًا عن الكلام، تحدثت إيملي في أكثر موضوع يحبه، وهي الغاز القتل، تحدثت إليه:
من الواضح أن جرائم القتل ليست شيئًا جديدًا هذه المدينة.

سألها هيركلين:
لماذا تقولين ذلك؟

ردت عليه إيملي:
لقد بحثت في السنوات الماضية، عن الجرائم التي حدثت في تلك المنطقة، منذ مدة طويلة حدثت جرائم كثيرة في هذا الشارع، الفتيات يموتون، يختفون، وفي النهاية تم تقيد هذه البلاغات ضد مجهول.

ثم صمتت عدة ثوان قبل أن تكمل قائلة:
لكن هذه المرة كان الوضع مختلف.

سألا هيركلين بفضول:
لماذا الآن؟

-ماكنزي.

-من ماكنزي هذا؟

-هذا الشخص يملك صفحة على اليوتيوب، وهو الذي نشر هذا الفيديو، الذي انتشر على نطاق واسع بين الناس، وعلى الرغم من أن جرائم القتل ليست جديدة على هذه المنطقة، إلا أن الجريمة الأخيرة كانت مختلفة، فهناك بالتأكيد بعض الأشياء الجديدة التي جعلتها مميزة، مثل هذا الوشم.

وأظهرت له الصورة التي كانت لديها على هاتفها.

سألها هيركلين:
الوشم؟ كيفَ حصلتِ على تلك الصورة؟

وقبل أن يكمل كلامه ويسأل سؤالاً آخر، بدأ هاتفه في الرنين.

ومض الهاتف على اسم جيري، فقال فورًا:
المعذرة، إميلي، سأرد على الهاتف.

ثم خرج من المقهى وتحدث:
مرحبًا جيري، ماذا؟ أنتَ أمام باب منزلي.

رد عليه الطرف الآخر:
أنا أنتظرك، لا تتأخر في المجيء، أريد التحدث معكَ في أمر مهم.

عندما أنهى مكالمته، دخل مباشرة، رآها تحتسي فنجان القهوة الخاص بها، قال لها فورًا:
أخي هنا في منزلي، يجب أن أذهب.

قالت له بابتسامة رقيقة:
حسنًا، أستريح لبعض الوقت، ثم اتصلي بي، وسوف ندرس تلكَ القضية معًا.

حدث هيركلين نفسه:
"أعتقد أنها ستكرهني إذا عرفت أنها ستطرد من العمل بسببي، وأن هذه القضية تم نزعها منهم، وسوف ترسل إلى أشخاص آخرون."

ثم قال لها:
سأفعل، شكرًا على القهوة.

أنهى هيركلين قهوته المثلجة بسرعة قبل أن يغادر، ثم ركب سيارته، المنزل كان قريب من عمله، لذا لم يستغرق الأمر منه سوى عشر دقائق كامل.

أوقف سيارته في منطقة وقوف السيارات الخاصة بالسكن، خرج واستقل المصعد إلى الطابق الخامس.

وعندما فتح الباب، كان يتوقع رؤية جيري فقط، لكن فجأة ظهرت ستيلا أمامه، التي أسرعت إليه وقامت بعناقه.

شعر بالصدمة في البداية، ثم قال لها:
ستيلا، كم أصبحت فتاة رائعة الجمال، المرة الأخيرة التي رأيتك فيها، كنا نتسكع معًا في المدرسة الثانوية.

ضحكت ستيلا وهي تقول:
دائمًا ما تحب المبالغة، وأنا آخر مرة رأيتك كانت منذ شهر فقط، وليس سنوات كما تقول.

فتح هيركلين الباب بسرعة، وسمح لهم بالدخول:
ما سبب هذه الزيارة المفاجأة؟

ردت عليه ستيلا:
كنا في طريقنا إلى الفندق، ثم قررت أنا وجيري أن نلتقيك أولاً.

سأل هيركلين:
مشروبات؟

رد جيري عليه
نعم، أنا وستيلا قررنا إقامة حفل زفافنا هنا.

تحدث هيركلين مع نفسه:
"لقد نسيت أمر هذه الخطبة تمامًا، أنا حتى لم اتصل بها ولا حتى جيري لتهنئتهم."

ثم قال لهم:
تهانينا، جيري، إذن ستتزوجين أخيرًا، ستيلا.

قالت وهي تضحك:
أعتقد أنه لا يوجد مخرج من هذا الزواج.

ثم وضعت يديها أمام وجهه، لتريه الخاتم الذي ترتديه في إصبعها.

قال هيركلين بابتسامة مرحة:
علينا إذًا أن نحتفل.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي