الفصل الثاني والعشرون إلا عائلتي

ثم، فجأة، انهالت عليه إيملي بسلسلة من اللكمات الخفيفة على صدره، كانت تنظر إليه بعبوس، وهي تقول له:
أعطني وعداً، أرجوك هيركلين.

أما هو، فأجاب بابتسامة خفيفة وبصوت واثق:
حسنًا، أعدك أنني سأبذل قصارى جهدي حتى لا أموت.

أبعادها هيركلين قليلًا عن صدره، ثم نظر إلى عينيها الدامعتين، وكأنها تقول له لا تذهب، كما لو كانت بحاجة إلى أن تكون بين ذراعيه، لكنه يعلم أنها هكذا فقط، لأنها فقط ضعيفة في هذه اللحظة.

سيكون نذل إذا فكر في إستغلال لحظة ضعفها تلكَ، سيكون أحمق إذا ظن أنه لا يزال هناك بعض الأمل، لأنه لم يبق أي شيء، ما زال لم ينسَ ما حدث بينهم، وكيف كان رد فعلها عندما ألقت القبض عليه، وكيف كانت تشك فيه، لم يستطع نسيان ذلكَ أبدًا، تلك الندوب على جسدها لديه مثلها في قلبه.

طوال حياته، كان يسمع شيئًا واحدًا كانت أمه تقوله باستمرار له، الثقة هي مفتاح كل عَلاقة ناجحة، قال هيركلين لنفسه:
"أنا أختار أن أكون وحيدًا وبائسًا، بدلا من أن أكون واقعًا في الحب وأظل بائسًا."

سحب أصابعها من يديه، وقال لها:
أعتقد أنني يجب أن أذهب الآن.

صمت عدة ثوان قبل أن يكمل:
وإذا كنا سنعمل معًا من جديد، فأنا أرغب في إقامة عَلاقة مهنية بك.

قالت إيملي بصوت هامس:
وأنا لا أريد ذلك، أنا نادمة على فعلت.

لا يريد أن يشعر بالضعف تجاهها وقرر تجاهل مشاعره تلكَ

قال لها وهو يبتعد عنها:
آسف، أنا لا أنظر إلى الوراء أبدًا.

ثم انصرف مغادرًا.

ذهب هيركلين إلى الشرطة وأبلغ عن القائد، وسلم نسخة من دليل إدانته، وأنه متورط مع روبي في عديد من جرائم القتل، وبمجرد أن أدلى إفادته، اختفى عن الأنظار تمامًا، يختبئ في أحد الفنادق حتى تهدأ الأوضاع قليلًا، وكان يعلم مكانه ثلاثة أشخاص فقط جيري وإيملي وأمه.

في غرفة الفندق.

رفع هيركلين يديه عاليًا تعبيرًا عن الهزيمة، وهو يقول:
هل تقولِ لي أن أصدق هذا الكلام؟ ما قاله في التحقيق عبارة عن سيناريو من فيلم هابط.

هناك أشياء كثيرة حدثت، وأغربها جميعًا هي الأشياء التي اعترف بها القائد في أثناء الاستجواب.

قالت له إيملي بملل:
هذا ما أحاول قوله خلال الدقائق العشر الماضية، أولاً، نحن نعرف كيف كان روبي يختار ضحاياه، لديه موقع على الإنترنت للأطفال الصغار الذين يريدون كسب بعض الدولارات الإضافية.

يحتاج معظمهم إلى المال بشدة بسبب افتقارهم إلى الدعم العائلي، معظمهم من الأطفال الهاربين الذين لا يملكون عائلات، لذلك عندما يسيء إلى ضحاياه، لا يمكنهم الذهاب إلى أي مكان للحصول على الدعم.

سأل هيركلين:
ولكن آري لم تكن فقيرة وكان لديها عائلة.

قالت بعد لحظات من التفكير:
ربما كذبت آري بشأن والدتها، أو ربما كانت تخطط لكسب بعض المال للهروب.

قال هيركلين بعبوس:
لكن الأم قالت لي عندما تحدثت معها لأول مرة، بأنها هي من عرّفتها على تلكَ البوابة الإلكترونية، وشجعتها على العمل هناك.

ماذا كسبت الأم عندما وضعت ابنتها في يدي مغتصب؟ لقد كانت في الخامسة عشرة من عمرها.

قالت له إيملي:
كل ذلك من أجل المال، الأم سجلت كل الدردشات والصور لابتزاز روبي فور اختفاء ابنتها، وطالبت بتعويض قدره عشرة ملايين، وكوخ جميل مع فِنَاء خلفي ضخم.

ضحك بسخرية وهو يقول:
عشرة ملايين؟ عشرة ملايين فقط؟

وأخذ يتجول عبر الجناح وهو يضحك بطريقة هستيرية، وعندما صمت قالت له إيملي:
لقد قتل كثير من الناس من أجل مبالغ أقل من ذلكَ بكثير.

اتضح أن روبي كان يستدرج الفتيات من خلال تلكَ الوظيفة، لإخماد خيالاته المريضة، ولأكثر من خمس سنوات لم يوجه إليه أي اتهامات إطلاقًا من أي شخص؛ وذلكَ بسبب عملائه الذين يقومون بحمايته، هل لديكَ أي فكرة عن مقدار المال الذي حصل عليه هذا؟

حك هيركلين رقبته وهو يقول:

بصراحة، أنا سعيد لأنني لا أعرف، يا إلهي، أنا أحب أمي كثيرًا الآن، على الأقل لم تبعني بعشرة ملايين، لا أريد أن أعرف المزيد عن ذلك.

قالت له إيملي:
شخصية روبي حيرتني قليلًا، فهو أبعد عائلته تمامًا عن كل أعماله القذرة.

قال هيركلين بسخرية:
من المضحك أن يفعل روبي شيئًا يفعله كل الآباء، يبدو أن لا أحد من أبنائه لديه أدنى فكرة عن أعماله القذرة.

قالت إيملي:
لا أريد أقول إنني أقدر موقف روبي تجاه عائلته، فهو تصرف كأب مثالي، بعكس السيدة سميث، فهي تخلت عن ابنتها من أجل المال.

صاح بغضب:
إنها ليست أماً، بل وحشاً جشع، ستفعل أي شيء من أجل المال، لقد ابتزت روبي من أجل الصمت على قتل ابنتها، لقد حصلت على مصنع ومنزلًا، ما الذي تحتاجه أكثر من ذلك؟ مكوك إلى الفضاء لترى أقرانها من الوحوش الفضائية.

ضحكت إيملي، فنظر إليها بضيق:
أنا لا أمزح، كان لديها الكثير من الأموال وبالرغم من ذلكَ كانت تبتز روبي للحصول على المزيد.

قالت إيملي بهدوء:
لأنها فقدت أموالها في لعب القمار وهي الكابتن، لذلك كانا يبتزان روبي للحصول على المزيد من المال.

شعر هيركلين بالدهشة، هذه المعلومات لم تذكر في التحقيقات، فقال لها:
من أين لكِ بهذه المعلومات؟

ابتسمت وهي تقول له:
من مصادري الخاصة، احتياج الكابتن إلى المال ورفض روبي إعطائه المال، جعله يفكر في طريقة تجبره على دفع المال له.

وقام سرًا بتسجيل كل ما كانوا يفعلونه في بيت التعذيب،
وأعد كل شيء بطريقة تجعل روبي المشتبه الرئيسي، روبي الوحيد الذي كان وجهه ظاهراً في الفيديوهات كلها، أما باقية الرجال الآخرين كانوا يرتدون أقنعة تغطي وجوههم.

ثم أعطى روبي نسخة من هذه الفيديوهات للضغط عليه، وقام القائد بفتح القضية من جديد لإرهابه أكثر، ويدفع له كل الأموال التي يطلبه منه، ولكنه لم يعلم أن طمعه سيكون السبب في القبض عليهم، وفي نهايتهم.

صمتت إيملي وأخذت تفكر، ثم قالت:
أنا متيقِّنة من أن لديهم قائمة سرية فيها أسماء المشتركين جميعهم معهم في حفلات التعذيب.

رد عليها هيركلين:
وأنا ايضًا متأكد من ذلك.

فجأة هتفت إيملي:
والدك.

سألها هيركلين:
ماذا، والدي ماذا؟

عضت على شفتيها وهي تقول بتردد:
هناك عَلاقة صداقة تجمع بين والدك والقائد، فهل يعني ذلكَ أنه من الممكن أن يكون له صلة بروبي، وأعماله في بيت الدعارة؟

صاح هيركلين في وجهها:
مستحيل أن يكون أبي متورطاً في هذه الجرائم، وليس لأنه صديق القائد يكون هو أيضًا على عَلاقة بتلكَ الجرائم.

قالت له إيملي بخفوت:
أنا آسفة، ولكني كنت أفكر بصوت عال.

قال هيركلين بغضب:
وأنا لا أريدكِ أن تفكرِ بصوت عال، إلا عائلتي إيملي، عائلتي خط أحمر.

وسط الصمت المتوتر الذي سيطر على الغرفة، تجلى الخوف والقلق على وجه هيركلين بوضوح.

في داخله، كان يشعر بالخوف العميق، يخشى أن تكون الشكوك التي قالتها إيملي تجاه والده صحيحة، وأن يكون والده حقا متورطًا في تلك الجرائم المشبوهة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي