الفصل التاسع عشر بداية حل اللغز

عاد هيركلين مع عائلته، وفي داخل غرفته، قرر أن يقول لهم كل شيء بغض النظر عن مدى صعوبة هذا الآمر.

حدث هيركلين نفسه:
"سأخبرهم كم عانت والرعب الذي واجهته في أوقاتها الأخيرة، وأنه تم قطع أطرافها وهي لا تزل على قيد الحياة، وكيف تم العثور على جثتها هامدة في خندق في كيس بلاستيكي، وأنه تم العثور شعرة من رأسه بجوار جثتها."

نهض هيركلين من على الفراش، وتحرك حول الغرفة حتى وقف أمام المرآة، وأخذ يتحدث بحزن إلى إنعكاس صورته:

اعلم أن هذا سوف يحطمهم، عندما يعلمون أنني مشتبه في هذه القضية، لكنني أفضل أن أكون صادقًا الآن عوضًا عن محاولة اختلاق أكاذيب، وأيضًا لأن الحقيقة أحتمال أن تظهر للعلن في أقرب وقت.

بالنسبة لأمي، كانت ستيلا الابنة التي لم تنجبها، أستطيع أن أقول إن أمي أحبتها بقدر ما أحبتنا، بل وأكثر من ذلكَ، كانت لديها عَلاقة مختلفة ب ستيلا، ربما لأنها تستطيع التحدث معها عن أشياء لن يفهمها الرجال أبدًا.

كانت ستيلا تقول دائمًا أن أمي جعلتها تقع في حب فن الطبخ، وأعتقد أن هذا كان رابطهما، لم تكن صديقة ابنها أو خطيبة ابنها، ولا حتى جارتها، كان لديهم أقوى الروابط.

وبالنسبة لأبي، كانت خليفته، استثمر في أعمالها، وأرسلها إلى مدرسة الطهي التي أرادت الالتحاق بها، منذ أن تركها والداها وحيدة في العالم، أصبحت جزءًا من عائلتنا، من جارتنا، إلى صديقتي، إلى خطيبة جيري، أفضل صديقة لأمي، الطفل الثالث لأبي، لقد كانت معنا منذ أن كانت طفلة.

والآن ذهبت، كيف يمكن للمرء أن يعيش مع هذه الحقيقة، وأنا أعلم كيف ماتت؟ أنا فقط أريد تحقيق العدالة.

فتح الباب فجأة ودلفت أمه إلى الداخل، التي قالت في الحال:
من فضلكً افعل شيئًا بشأن جيري، إنه لا يتوقف عن البكاء، وإذا بقي هنا، فسوف يموت من شدة الحزن، أعده إلى نيويورك، فليذهب كلاكما إلى الخارج، وعندما نصفي جميع أعمالنا وأنا ووالدك، سنلحق بكم في أسرع وقت.

قال لها هيركلين بحزن:
أنا سأبقى هنا، سأفعل كل ما بوسعي لتحقيق العدالة لها.

قالت ببكاء:
جيري سيموت من الحزن هكذا، إذا كنتَ لا ترد المغادرة، فلتحاول إقناع جيري بالسفر بعيدًا، أنا أعتمد عليكَ في ذلكَ.

أومأ برأسه وقال:
أشك أنه سيتقبل مني أي نصيحة.

دخل جيري إلى الغرفة، وصاح قائلًا:
لن أذهب إلى أي مكان.

كانت تلكَ جملته الأولى بعد عدة ساعات من الصمت والبكاء، عندما انهار أمام جسد ستيلا.

تنفس بعنف وهو يكمل قائلًا:
لن أذهب إلى أي مكان حتى أعرف من قتلها، ولماذا كان عليها أن تموت من أجل أن يلبي وحش ما احتياجاته؟

عيون جيري كانت حمراء؛ بسبب بكائه المتواصل.

قال جيري بغضب:
أنتَ السبب في موتها.

هز هيركلين رأسه، ثم قال بانفعال:
لا.

أخذ جيري يتنفس بقوة وهو يقول:
لماذا الإصرار على أنكَ لا عَلاقة لكَ بالأمر، الأدلة كلها تشير إليك، لقد قتلت ستيلا على شيء فعلته، أنتَ؟

لقد فعل ذلك للانتقام منكَ، لذا، لن أذهب إلى أي مكان، حتى تقبض على هذا القاتل، لا يهمني ما ستفعله الشرطة، أنا فقط اهتم بهذا الرجل، عليكَ أن تجده، وإلى أن تفعل ذلكً، لن أذهب إلى أي مكان، ولا أنتَ كذلك.

قال له هيركلين بانفعال:
أنا كنت سأفعل ذلكَ دون أن تطلب مني، ستيلا كانت بمنزلة شقيقة لي، نعم، أنا لم أعد شرطيًا، ولم يعد لدي أي وسيلة للحصول على أي معلومات بعد الآن، لكني سأفعل المستحيل من أجل أن يتم القبض على القاتل.

قال له جيري:
سوف نقوم بتوظيف أشخاص متخصصين في مثل هذه الجرائم لمساعدتك، أنا لا أهتم بالمال.

تنهد هيركلين وهو يقول:
حسناً، سوف أبدأ من الآن.

تركه هيركلين ودخل إلى غرفته، وحدث نفسه:
أعلم أنه هنا في مكان ما.

سحب درج مكتبه، وبحث ضمن الملفات عن البطاقة التي وضعها بداخلهم، وعندما وجدها قال:
أخيرًا.

ثم اتصل بالرقم الموجود عليها:
مرحبًا، سيد بارك.

قال له الطرف الآخر:
نعم، سيد هيركلين.

قال هيركلين:
هل يمكننا أن نلتقي الآن؟

رد عليه بارك؟
نعم.

ثم أعطاه هيركلين العنوان الذي سيلتقيان فيه، وعندما وصل إلى مكان اللقاء، تحدث مع هذا الشخص، وقال له ماذا يفعل؟ وأنه يجب عليه استغلال وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جيد في حالته تلكَ.

بعد عدة ساعات لاحقًا.

قال هيركلين وهو يحدث نفسه:
لقد رميت حجرًا في النهر الهادئ، وأنتظر أن تسبب تموجاتها ما يكفي من البلبلة؛ لكي تضطر الشرطة إلى إعادتي إلى وظيفتي.

فتح هيركلين هاتفه على القنوات الإخبارية المحلية، ووجد هناك أخباره تتصدر عناوين الأخبار الرئيسية.

حدث هيركلين نفسه وهو يشاهد الأخبار:
أعتقد الآن أنني أكثر شعبية مما قد يريده القاتل، أكثر شعبية بسبب طردي من وظيفتي ظلمًا، يعتقدون أنني أُجبرت على الاستقالة، وأن القاتل يحاول التلاعب بالشرطة.

كان هناك العديد من العناوين الرئيسية في كل المقالات الإخبارية المحلية والوطنية وحتى الدولية، لم يصدق هيركلين أنه فعل ذلكَ، الشرطة بذلت قصارى جهدهم لإبقاء هذه الأخبار طي الكتمان، ولكن هذا لم يحدث بسببه.

أخذ هيركلين يقرأ العناوين من على الهاتف.

"وفاة الشيف ستيلا، حزنت البلدة من أجلها، قام خطيبها بمشاركة بعض اللحظات المحببة على مواقع التواصل الاجتماعي."

لقد طلب هيركلين من جيري أن ينشر تلكَ الصور.

قرأ هيركلين العناوين التالية، بصوت خافت:
"من هو العدو الآن؟ القاتل أم الشرطة؟"

"الاستقالة القسرية للمحقق هيركلين، ألعاب قاتلة مع الشرطة."

"هزيمة العدالة."

"من سيحمي المحققين؟"

بحث هيركلين على تويتر وإنستغرام، كان الهاشتاج الخاص بيه ينتشر بسرعة كبيرة.

وجد شيء جديداً في الأخبار، وأنه أطلق على القاتل اسم "القاتل الأشقر".

قام هيركلين بتسريب رَقْم هاتفه، بالتزامن مع الأخبار التي سربها على مواقع التواصل، ومنذ ذلكَ الوقت ولم يتوقف هاتفه عن الرنين، هو لم يرد على أي مكالمة، هو فقط ينتظر.

يعلم جيدًا أن المراسلين جميعهم يريدون إجراء مقابلات حصرية معه، لقد وصلوا إلى مرحلة حيث يريدون فقط المزيد والمزيد من القيل والقال ضد الشرطة.

تنفس هيركلين بعمق ثم قال بضيق:
أنا لا أستطيع أن أكون في منزلي الآن، فالصحفيون في كل مكان.

رن هاتفه من جديد ولكن عندما رأى رَقْم إيملي رد عليها:
نعم، إيملي.

قالت له بصوت غاضب:
هيركلين؟ هل فعلت ذلك؟

رد عليها بنبرة هادئة:
نعم، أنا من فعلت ذلك، لقد فعلت ما هو ضروري، هذه الأخبار كانت ستظهر للعلن في وقت ما، وأنا أسرعت من ظهورها، ولو كنتم يا رفاق تلاحقون الجاني بدلًا من اعتقالي، لم تكن ستيلا قد ماتت، سأدع الجمهور يعرف الحقيقة.

ضحكت إيملي بصوت عال:
لا تعتقد أن القيام بذلكَ سيجعلكَ تقبض على القاتل، أو سيعيد لكَ وظيفتك.

قال لها بنبرة ساخرة:
أنتِ لا تعرفي، ما يمكن أن تفعله وسائل الإعلام والجمهور من ضغط على الحكومة، صوت الإعلام والشعب عندما يجتمعوا يكونوا قوة.

قالت بغضب:
لن تعود هكذا إلى وظيفتكَ، أبدًا، كيف استطعت فعل هذا، القسم لم يجبركَ على الاستقالة، أنتَ من قدمتها بنفسك.

ضحك وهو يقول:
لا أحد يعلم بذلكَ، وأنا الآن سأفعل أي شيء لكي أعود إلى وظيفتي والقبض على القاتل، وإذا كنتِ لن تساعدي، فيجب عليكِ الابتعاد عني، أنا أفعل ذلكَ من أجل ستيلا.

سمع هيركلين تنهداتها، مما جعله يقول لها:
مهما حدث، سأستعيد وظيفتي، وسأعثر على القاتل.

-لو كنت مكانك، فلن أثير الرأي العام، وأجعل الأمور أسوأ، هناك الكثير من الطرق الأخرى.

-إذا لم تردِ المساعدة، فلا يجب عليكِ أن تتدخلي.

-أقول لكَ هذا لأنني أريد المساعدة.

-إذن ساعديني.

تنهدت وهي تقول له:
ابحث عن كينا كروفورد، يمكنها مساعدتك، هذا كل ما أستطيع مساعدتكَ به، إلى اللقاء.

همس هيركلين:
كينا كروفورد؟ زوجة روبي كروفورد، كيف لم أفكر بها، كيف لم أذهب حتى الآن لرؤية روبي في المشفى.

في المستشفى.

نظر هيركلين إلى جسد روبي الغائب عن الوعي، جسده محطم بالكامل، لقد حصل على ما يستحقه.

جذب هيركلين مقعد ووضعه بالقرب من فراش روبي، ثم جلس عليه وتحدث إلى روبي:
أنتَ تستحق ما حدث لكَ؟ وكل من ساعدكَ في تلكَ الجرائم يجب أن ينال المصير نفسه أيضًا.

صمت عدة ثوان قبل أن يقول:
أفتح عينيك، أعترف بذنوبك، قل من شركائك، أنا أحتاج إلى طرف الخيط، ربما هناك شيء أفتقده، سوف أشاهد تلكَ الفيديوهات من جديد، واحتمال أن أجد هذا المكان الذي تم فيه كل تلكَ الجرائم، ومن المؤكد أن يكون هذا بداية حل اللغز.

بعد مرور ساعة.

كان هيركلين يشاهد مقطعاً تلو الآخر، يشاهد تلك التفاصيل البشعة والقاسية، مرت الساعات وهو لا يزال يشاهد، تحول صبره إلى غضب.

شعر هيركلين أنه سيفقد الوعي، في أي وقت، لقد شاهد معظم المقاطع التي يظهر فيها روبي والرجال الآخرون في تلكَ الغرفة مع العديد من الفتيات، كانوا وحوشًا لا ترحم.

قال هيركلين لنفسه:
من الأفضل أن أقابل كينا.

ثم قام بالاتصال بها، ردت عليه كينا:
نعم، هيركلين.

-أريد مقابلتك، الآن.

-لا أستطيع أنا خارج المدينة، لم يتم وضعي في برنامج حماية الشهود حتى هذه اللحظة، لذلك اضطررت إلى المغادرة، منذ أن تم نشر أخبار زوجي والناس يضايقونني، ويصفوني بالخائنة، كان من الصعب عليَّ البقاء على قيد الحياة في هذه المدينة، لذا سافرت إلى مدينة آخرى، سأحاول مقابلتك في أقرب وقت، إلى اللقاء.

وضع هيركلين هاتفه على الطاولة، وقام بإعداد فنجان من قهوة الإسبريسو المزدوجة، ثم جلس وشغل مقطع فيديو آخر.

وضع وسادة على فمه يكتم صراخه وهو يشاهد.

في الفيديو، جعلوا آري ترتدي فستانًا أسود مطبوعًا بالزهور بالكاد يغطي فخذها.

كانت في الخامسة عشرة من عمرها فقط، لكن الفستان لم يكن يرتديه أي طفل في الخامسة عشرة من عمره، كان بالكاد فستانًا، كان عبارة عن خيوط مربوطة بقطعة من الملابس.

كانت يداها مقيدة بالسلاسل فوق رأسها، جسدها لا حول له ولا قوة، ويبدو أنها معلقة بالسلاسل فقط، فمها ملطخ بالدماء، والدم يسيل على ساقيها وذراعيها وكل جزء مكشوف من هذا الفستان.

ثم أتى، ذلكَ الوحش وقام بتمزيق بملابسها، ليس لديها القدرة على الصراخ الآن، كل ما يمكنها فعله هو أن تتحمل التعذيب، لأن الصراخ يعني التعرض للضرب من ذلك الوحش.

لذا فهي بقيت هادئة، عيناها مغلقتان وكأنها تصلي لتكون شخصًا آخر، وكأنها تصلي من أجل الموت، لكن الموت لا يأتي لمن يريده.

يدخل رجل آخر في الصورة بعد أن انتهى روبي من فظائعه مع آري، كان الرجل يرتدي قناعًا يغطي وجهه بالكامل، ويرتدي قفازات جلدية، أقترب منها بخطوات واثقة وبدأت رحلة التعذيب الوحشية، وعند لحظة معينة لم تستطع آري الصمود، خرجت منها صرخ عالية تمزق الأذان.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي