الفصل السابع عشر سأغادر ولن أعود

بعد أن تم إطلاق سراح هيركلين من قسم الشرطة، لم يذهب إلى شقته ولكنه قضى ليلته في الفندق، وهناك اتصل بمحاميه، وطلب منه الحصول على إذن له بالسفر إلى خارج البلاد.

وفي اليوم التالي، قاد هيركلين سيارته إلى المكتب، هو لا يزال لديه الكثير من الأشياء الغير منتهية هناك.

وفي قسم التحقيق، كتب هيركلين استقالته وذهب إلى مكتب القائد، طرق على الباب، ثم دلف الداخل.

رفع القائد رأسه من على الملف ونظر إلى هيركلين، ثم قال له:
ألم تبلغكَ إيملي، أنني أعطيتكَ اليوم إجازة.

تحرك هيركلين نحو المكتب، ووضع استقالته أمام القائد، وقال له:
أنا لم أحضر اليوم للعمل ولكن لتقديم استقالتي.

لم يقل القائد أي شيء له للحظات، ثم أمسك الورقة ووضع أمضته عليها، وقال:
وأنا قبلت استقالتكَ، هل هناك شيء آخر؟

هز هيركلين رأسه وهو يقول:
لا، لقد سعدت بالعمل معكَ.

ثم غادر المكتب في الحال وهو يشعر بحزن شديد، من المؤلم معرفة أنه لم يعد ينتمي إلى أي مكان، ولا أحد يهتم به حقًا.

للمرة الأخيرة وقبل أن يغادر إلى الأبد، قرر أن يقول وداعًا لإيميلي، هو أراد إغلاق هذه الصفحة للأبد، ستظل عالقة في رأسه مدى الدهر، إذا لم يراها للمرة الأخيرة.

نظر هيركلين إلى باب مكتبها المغلق، وقال لنفسه:
"لا بد أنها هنا تشاهد بعض المستندات على الحاسوب، أو تفرز كومة من الملفات المتربة، أو تبتسم كالحمقاء، لا بد أنها تفعل واحدة من تلكَ."

فتح هيركلين الباب، ثم قال في الحال عندما وجد المكتب خاليًا:
إنها ليست هنا، ومكتبها نظيف أيضًا، هذه ليست من عادتها، أو إنها لم تأتي إلى المكتب حتى الآن، لا بد أنها مستاءة مني، لن أهتم بها بعد الآن، فهي تستحق ذلكَ.

عاد هيركلين إلى سيارته مرة أخرى، وقام السيارة إلى المنزل.

وفي داخل المنزل، كان كل شيء في حالة من الفوضى، تم تدمير العديد من الصور والعديد من القطع الفنية، كانت الوسائد كلها على الأرض، والأدراج كلها مفتوحة ومفرغة.

حدث هيركلين نفسه، وهو يتجه إلى غرفته:
أنا فقط بحاجة إلى حاسوبي وملابسي، وسأغادر هذه المدينة البشعة، قد أبدأ العمل كنادل، أو ميكانيكي.

أو ربما أستطيع العمل في مطعم جيري أو يمكنني فقط الانتقال إلى شاطئ البحر وبدء عمل تجاري لصيد الأسماك، سأفعل أي شيء ولكنني لن أكون شرطيًا أبدًا.

توقف هيركلين فجأة عند باب غرفة النوم، نظر بصدمة إلى هذا الشخص، وقال لنفسه:
"إيميلي هنا تبحث في كل أدراجي، أعتقد أنها لا تزل بحاجة إلى التأكد من أنني بريء، لا تزل بحاجة إلى دليل، غير مقتنعة بأنني بريء.

شعرت إيملي بخطوات خلفها، التفتت لترى هيركلين يراقبها، ألجمت الصدمة لسانها، فقال لها هيركلين بنبرة ساخرة:
لن تجدي أي شيء.

هيركلين وعد نفسه ألا يتأذى، إنها لا تزل تنظر إليه وكأنه هو من يؤذيها بكلماته، بينما الأمر على العكس تمامًا.

اتخذ خطوة إلى الأمام وهو يكمل قائلًا:
هل قلت شيئًا خاطئًا؟ أعلم أنكِ لا تثق بي، لذا، استمري في البحث ولا تبالي بوجودي، أنا فقط بحاجة إلى بعض الأشياء، سوف آخذها وسأكون في الخارج إلى الأبد.

كان هيركلين يحاول كبح مشاعر الغضب لديه، حتى لا يفقد السيطرة على نفسه وينفعل عليها، هو لن يسمح لها برؤية ضعفه، لذا وقف مثل لوح خشبي صلب.

وفي صمت أخذ هيركلين بعض القمصان، وجهاز الحاسوب المحمول الخاص به، وأجهزة الشحن، وبعض إطارات الصور ووضعها في حقيبته، وأغلقها وعلقها على كتفه.

وضعت إميلي يدها على ظهره، وقالت له:
هيركلين، لو سمحت.

ارتجف من هذه اللمسة البسيطة، علم وقتها أن جسده لا يزال يهتم بطريقة أو بأخرى بها، توقف عند عتبة الباب، وقال بنبرة باردة:
نعم، ماذا تريدين؟

قالت بنبرة خافتة:
هل ستغادر حقا؟

نظر إلى كل مكان إلا إليها وهو يقول لها:
نعم، سأغادر، ولن أعود من مرة آخرى.

ثم غادر إلى غرفة المعيشة.

هتفت إميلي وهي تمشي خلفه:
هيركلين، هل تتذكر أول مرة التقينا فيها؟

قال هيركلين لنفسه:
"لا أريد أن أتذكر أفضل يوم في حياتي."

سارت أمامه ووضعت يديها على الباب الأمامي، ولم تسمح له بالخروج، وقالت له وهي تحدق بعمق في عينيه:
كنت أبكي كثيراً وأنت كنت تريحني، لم تسألني عن سبب بكائي، ولم تسألني عن أي شيء لا أرغب في مشاركته.

قال لها هيركلين بحدة:
لا أريد سماع أي كلمة منكِ، لقد اتخذت قراراً ولن أعدل عنه، أنا فقدت الثقة بكِ.

تنهدت بعمق ثم قالت له:
أعلم أنني آذيتك، لكن ألا تجد مكانًا في قلبك الكبير لتسامحني؟ لم أفعل ذلكَ لأنني لا أثق بك، أنه مجرد..

ثم قطعت ما كانت تقوله من كلام.

أخذ هيركلين نفساً عميقاً وهو يقول:
من الواضح أنكِ لا تثقِ بي، وأنا لا ألومك، عندما لا يستطيع والدي أن يثق بي، كيف أتوقع أن يثق بي شخص لا أعرفه حتى؟

ثم حاول تخطي إيملي، حتى يتمكن من الوصول إلى مقبض الباب ولكن قبل أن يحدث ذلك، أمسكت بيده.

قالت له إيملي بنبرة كئيبة:
كنت مستاءة في ذلك اليوم، وما فعلته كان رغمًا عني.

نظر هيركلين إلى وجهها وفكها المشدود، وعيونها التي كانت تلمع بالدموع، فشعر بألم داخل قلبه.

ارتعشت شفتاها وهي تكمل قائلة:
لقد اغتصب امرأة كنت أعرفها.

-مهما قلتِ من أعذار، لن أسامحكِ، لا شيء يمكنكِ قوله سيجعلني أغير رأيي.

قالت إيملي ببكاء:
أنا آسفة بسبب شكِ بكَ، أنتَ لست القاتل، لم ترتكب أي خطأ، أنا المخطئة، بسبب ما مررت به في حياتي جعلني من الصعب أن أثق بأي شخص، والآن انتهى بي الأمر بإفساد كل شيء.

لم يعاملني أحد باحترام إطلاقًا، واهتم بي كما فعلت أنتَ، حتى أنكَ أخذت طعنة سكين من أجلي، أنا لا أستطيع التعبير عن مشاعري، لذلكَ أريدكَ أن تعرف، أنا أقدر كل ما فعلته من أجلي، لا أعرف ما الذي أصابني، لقد كنت خائفة من التعرض للأذى.

تمسك هيركلين بحقيبته بقوة أكبر، ثم أمسك بمقبض الباب، وقال لها:
لا تبكي، لا ينبغي أن تبكي، بالرغم مما حدث وانعدام الثقة بيننا، إلا أنني لا أحب رؤية دموعك.

مسحت دموعها وهي تقول:
هل ما زلت مصمماً على المغادرة؟

رد عليها هيركلين:
لقد قطعت وعدًا لأمي، وهي شخص لا أستطيع أن أؤذيه أبدًا، إنها شخص يثق بي دائمًا، دون أي مطالب.

قالت له إيملي بأمل:
يمكنكَ التحدث مع أمك، هي ستقدر موقفكَ إذا أردت المكوث.

تنفس هيركلين قبل أن يرد عليها:
وأنا لا أريد ذلك.

ثم قال لنفسه:
"حتى لو لم أعطِ أمي وعدًا، كنت سأغادر أيضًا. بسببكِ أنتِ أنا لم يعد بإمكاني النظر إلى نفس الشيء الذي تنظرين إليه، لم يعد بإمكاني أن أتنفس الهواء نفسه الذي تتنفسينه، الزجاج المكسور لا يمكن إصلاحه مرة أخرى."

رفعت رأسه بكلتا يديها، أجبرته على النظر إليها وهي تقول:
وهل يمكنكَ أن تؤذي شخصًا يهتم بكَ كثيرًا؟ أستطيع أن أرى ذلك يا هيركلين، أرى ذلك في عينيكَ، أنتَ لا تستطيع أذية من تحب.

أعلم أن قبلتك بالأمس تعني الكثير لكَ، فهي أيضًا تعني الكثير لي، لقد رأيت ذلكَ في عينيك، ورأيتها في أفعالك، أنتَ معجب بي، هيركلين، وأنا كذلك، ولن أسمح لكَ بالرحيل.

ضحك باستهزاء وهو يقول لها:
لقد أحببتك، هذا صحيح، لكن عدم الثقة بيننا حطمت هذه العَلاقة، ولا يمكن إصلاح ذلكَ أبدًا.

ثم فتح الباب وخرج، وهو ما زال يشعر بأنها تتبعه.

قالت له بتوسل:
حتى الله يغفر للمذنب، لماذا لا تستطيع أن تسامحني؟

نظر إليها للمرة الأخيرة قبل أن يمشي إلى المصعد، وقال:
لأنني أخشى أن أتأذى.

ظلت إيملي واقفة في مكانها تنظر إلى مغادرة هيركلين، والدموع تتساقط من عينيها.

في الأسفل، كان جيري ينتظر هيركلين، الذي قال له بمجرد رؤيته:
كل شيء سيكون على ما يرام.

تنهد هيركلين:
أتمنى ذلك.

قال له جيري:
لقد قابلت المحامي وقال لا داعِ للقلق، القضية ستكون في صالحنا.

رفع هيركلين عينيه ونظر إلى حيث توجد شقته، ثم قال لنفسه:
"إنها النهاية."

ثم دلف إلى السيارة، واتخذ جيري المقعد الأمامي وقاد السيارة حتى المطار، عندما وصل هناك، وجد والديه في انتظاره.

عانقته أمه وقالت له:
كل شيء سيكون على ما يرام، حبيبي.

قال هيركلين لنفسه:
"كيف يمكن أن يكون كل شيء على ما يرام، لقد تغيير كل شيء، أمي."

قالت له أمه عندما لم يرد عليها:
ما بكَ، هيركلين، هل أنتَ بخير؟

أومأ هيركلين برأسه، ثم قال:
أنا بخير أمي.

رن هاتف جيري ورد على المتصل، وبعد عدة ثوان، هتف بانفعال:
لحظة من الصمت.

سألته أمه بنبرة منزعجة:
جيري ما الأمر؟ ومع من تتكلم؟

سقط الهاتف من يد جيري وأخذ يبكي بعنف:
لكن لماذا؟ هي لم تؤذي أي شخص في حياتها أبدًا.

سألته أمه:
ماذا حدث، جيري؟

جيري ببكاء شديد:
أمي، ستيلا.

انقبض قلبها وهي تقول له:
ماذا حدث لها؟

جيري بصوت هستيري:
ماتت.

قال الجميع في صوت واحد:
ماذا؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي