الفصل الثامن والعشرون سكاي مان

نظرت إميلي إلى هيركلين، وقالت بنبرة مصدومة:
ماذا يعني ذلكَ بحق الجحيم؟

قال لها على الفور:
ارتدي ملابسكِ بسرعة، علينا أن نجد بأنفسنا ما نريد.

قالت إيملي:
ولكنه قال تعالى بمفردك.

-وأنا لن أطيع كلام قاتل وهيا بنا، الآن.

بعد نصف ساعة لاحقًا.

كان هيركلين وإيملي متوقفين، أمام المبنى الوحيد المهجور في هذا الشارع.

قال لها هيركلين:
هل تعتقدين أن هذا هو المكان المناسب؟

ردت عليه:
هذا ما قالته الرسالة.

دخلا كلاهما إلى المبنى، صعدا الدرج الذي كان يهتز مع كل خطوة.

تحدث هيركلين إلى إيملي:
المكان يبدو مهجورًا للغاية، أعتقد أنه لم يدخل شخص هذا المبنى منذ مدة طويلة جدًا.

وفي أقل من دقيقتين، كانا كلاهما فوق السطح، نظرت إيملي حولها باهتمام شديد، ثم قالت:
لا أعتقد أنه يوجد أحد هنا.

تنفس بعمق وهو يقول:
لنبحث في المكان جيدًا، هيا بنا، أنتِ من هنا وأنا من هنا.

بحثوا في كل زاوية يمكن لأي شخص أن يختبئ فيها، وفي النهاية لم يجدوا أي شيء.

قالت إيملي بغضب:
لا أحد هنا، لقد ضحك علينا.

أضاف هيركلين:
نعم، لقد تعرضنا للخداع بالتأكيد.

زفرت إيملي بقوة وقالت:
سوف أبحث من جديد، لعلي أجد أي شيء.

تركته إيملي وذهبت إلى الجهة المعاكسة، ظل هيركلين واقفًا في مكانه، ينظر إلى مدخل السطح، على أمل رؤية أي شخص.

وهي تخطو تجاه هيركلين، هتفت بنبرة عالية:
أنظر، ماذا وجدت؟

التفت إلى نداء إيملي، فرآها تحمل صندوقاً فوق كلتا يديها، سألها هيركلين:
ما هذا؟

فتحت إيملي الصندوق، وعندما رأت ما بالداخل تجمدت في مكانها، ويبدو على وجهها ملامح الصدمة، وكانت يداها ترتجف وهي تحمل الصندوق.

سألها هيركلين مرة أخرى:
ما هذا، إيملي؟

بالرغم من سؤاله، لم ترد عليه، وفي خطوتين أصبح قربها، وأخذ الصندوق من يديها.

وعندما رأى ما بداخله، صاح بصدمة:
ماذا؟ اللعنة.

وكاد يرمي الصندوق من يديها، ولكنه تمسك به في اللحظة الأخيرة، وأخذ يقول:
ماذا بحق الجحيم الذي رأيته توًا؟

بعد مرور خمس دقائق، كانا كلاهما في الأسفل بجوار السيارة، يضعان صندوق الأدلة في الجزء الخلفي من السيارة، ثم توجهوا إلى قسم التحقيق.

كان كلاهما صامتين أثناء قيادة السيارة، إيملي كانت مصدومة للغاية ولا تنطق بأي كلمة.

ما حدث فوق السطح، واللحظة التي أزالت فيها إيملي الغطاء عن ذلك الصندوق، كان مشهدًا لا ينسى أبدًا، لقد تجمد الدم في عروقها عندما رأت ما بالداخل.

همس هيركلين وكأنه يحدث نفسه:
القاتل ليس مجرد رجل مختل عقليًا، أو شخص غريب الأطوار يتجول في قتل الناس من أجل إشباع متعته، لكنه هادئ ويحسب نتيجة كل خطوة يقوم بها.

هو يخطط لكل جريمة قتل بدقة تامة، القتل بالنسبة له ليس جريمة، أو شيئًا مخيفًا، إنه فن بالنسبة له، يحب أن يقوم به بدقة مطلقة.

والدليل على ذلك الصور التي رأيتها في الصندوق، والتي تم التقاطها للضحايا المحتجزين، إنهم مقيدون ومكممين ومعصوبو الأعين، ومن الواضح أنهم تعرضوا لتعذيب بشع للغاية.

ما رأيته أسوأ من الأفلام التي شاهدتها، إنه أسوأ لأنه حقيقي، إنهم أناس حقيقيون، لديهم عائلات حقيقية، إحداهن كانت من عائلتي.

صرخت إيملي في وجهه:
كفى كلام، لا أتحمل سماع أي شيء يخص هذا المجنون.

صرخ بانفعال هو الآخر:
لا أستطيع نسيان صور الضحايا، ولا سيما تلك الفتاة التي كانت تبكي وقد تناثرت الدماء على جسدها المشوه، تتعرض لكل هذا العذاب وهي لا تزل على قيد الحياة.

هو شخص مريض يمارس خيالاته السادية عليهم، أنهم حقيقيون، هؤلاء الأشخاص موجودون وهم يسيرون بحرية بيننا والألم هو متعة بالنسبة لهم.

قالت بنبرة منفعلة:
أفق هيركلين، العالم ليس بريئاً كما تظن، هناك الكثير من نوعية ذلكَ القاتل، يعيشون بيننا كأشخاص طبيعية، ولكن وراء الأبواب المغلقة هم عبارة عن وحوش.

حرك يديه في الهواء بقوة، وهو يقول:
أنا أكره ذلك، أكره معرفتي بوجود هؤلاء الأشخاص، أكره نظام العدالة لدينا، لأن هذا النوع من الأشخاص عندما يتم القبض عليه، فلن يشعر بالألم عندما ينفذ فيه حكم الإعدام، الموت سيكون راحة له.

قالت إيملي:
هذا هو القانون والقضاء لا نستطيع تغييره.

زفر بقوة، ثم قال بنبرة غاضبة:
نظام فاشل ويجب تغييره، وأن يكون العقاب من جنس العمل، وأن يعذب مثلهم، وأن يتألم حتى الموت.

التزمت إيملي الصمت ولم تتكلم معه، حتى وصلا كلاهما إلى القسم، وفي داخل مكتب لينكولن.

قال لينكولن لهم:
ما الغرض من كل ذلك؟ ولماذا طلب منكَ الذهاب إلى ذلك المبنى لمقابلته، وهو في الأساس لم يكن ليقابلكَ؟

ردت عليه إيملي:
لا يوجد شيء يمكن أن نتوقعه من قاتل بدم بارد.

بعد لحظات من الصمت والتفكير، قال لينكولن:
الغرض من تلكً المقابلة لم تكن لرؤيتك، ولكن ليعطيكَ تلكَ الصور، أكيد يريد شيئًا من وراء كل هذا، لكن لماذا؟

اتجه الكابتن نحو المكتب ورفع الهاتف وقال:
أريد فريق تفتيش كامل فى حارة خمسة، شارع رويترز.

وعندما انتهى من المكالمة، تحدث إلى إيملي وهيركلين:
اذهبوا إلى الطبيب سولفان، لكي يحلل تلكَ الصور والصندوق.

ثم خرج لينكولن إلى الخارج بخطى سريعة، تارك كلاهما خلفه، قال هيركلين بمجرد مغادرته:
أشك بشدة في أنهم سيجدون أي شيء هناك.

وفي مختبر الطبيب الشرعي.

سألت إيملي:
ما الجديد، أيها الطبيب؟ لقد مرت عدة ساعات، ومن المؤكد أنكَ حصلت على شيء ما.

رد عليها سولفان:
للأسف لم أحصل على شيء، لا يوجد أي بصمات على الصندوق وأيضًا الصور، ولا توجد طريقة لمعرفة المكان الذي يخفي فيه جميع ضحاياه، فالصور مظلمة للغاية.

قال هيركلين بتشجيع:
استمر في المحاولة، ربما تجد شيئًا.

بينما يمسح سولفان صورة أخرى على جهاز كشف بصمات الأصابع قال:
لا يوجد سوى عدد قليل من الأشياء التي يمكن للعلم القيام بها في مثل تلك الحالات، ويبدو أنه يعرف شيئًا عن علم الحمض النووي وبصمات الأصابع، يبدو الأمر كما لو أنه يعرف ما يقدمه لنا لإبقائنا مشغولين.

أضاف هيركلين:
إنه يظهر بين الحين والآخر ليحيرنا بالألغاز، إنها مجرد لعبة غبية، ونحن لا نأخذ زمام المبادرة، فريق من البالغين المتخصصين يفشل، كم هذا محزن؟

قالت إيملي:
سأذهب للتحقق من كاميرات المراقبة في جميع أنحاء المنطقة.

زفر هيركلين بقوة، ثم قال:
لن تجدي شيئًا، أنا طلبت من قسم الأمن في المبنى الذي أسكن فيه، أن يسلم لي جميع الفيديوهات المسجلة، وما الذي حصلت عليه؟ لا شيء في نهاية المطاف.

رأيت فقط مجرد رجل يرتدي سترة سوداء، وسروالًا أسود وقبعة سوداء، وقناعًا، هذا الشخص وضع صندوق على باب منزلي وانطلق بعيدًا.

حاولت تتبعه عن طريق كل الكاميرات الموجودة في المنطقة، وكان آخر ظهور له وهو يختفي في ذلكَ الزقاق، ولم تلتقطه أي كاميرا وهو يخرج منه أبدًا، يبدو أنه يعرف جيدًا كيف يختبئ من عيون تلكَ الكاميرات.

تأففت إيملي وهي تقول:
ماذا سنفعل؟ في كل مكان نحاول الوصول إليه، ينتهي الأمر بطريق مسدود.

قال هيركلين:
لا بد أن تكون هناك بعض الأخطاء التي يرتكبها، لا يمكن أن يكون مثاليًا.

كل ما قرأته أو شاهدته عن القتلة هو أنه بعد أن تجاوزوا حد الخوف من القبض عليهم، بدأت النرجسية بداخلهم في الظهور، وعندما وصلوا إلى تلكَ المرحلة بدأوا في ترك سلسلة من الأخطاء خلفهم، ربما هو لم يصل إلى تلكَ النقطة بعد.

ردت عليه إيملي:
أكيد سيرتكب أي خطأ، كل ما علينا فعله هو أن نستمر في البحث عنه، هيا معي لنذهب إلى شارع رويترز، ونقوم بتفريغ كاميرات المراقبة هناك.

رويترز شارع مزدحم نموذجي، خاصة في النهار، وبعد مرور تسع ساعات تقريبًا في البحث وتفريغ جميع الكاميرات المحيطة بالمنطقة، لم يجدوا شيئًا.

وفي داخل قسم التحقيق.

قال هيركلين وهو يشعر بالتعب:
لا نعرف حتى الآن كيف اختفى، تمامًا كما فعل من قبل، كل هذا عبارة عن مضيعة للوقت في مواصلة البحث عن أشياء غير موجودة، من الأفضل الحصول على قسط من الراحة، أريد أن أتوقف للحظة، قبل أن أصاب بالجنون، سأذهب للمنزل لكي أنال قسطاً من النوم.

وفجأة رن هاتف هيركلين، قال له سولفان:
لقد وجدنا شيئاً فوق السطح،

سأله هيركلين:
وجدوا ماذا؟

-وجدنا حلقاً أنثوياً فوق سطح المبنى، إنه شخص جديد ظهر في القضية.

وضع هيركلين الهاتف على مكبر الصوت، حتى تتمكن إيميلي من سماع ما يقوله سولفان.

قال هيركلين:
ماذا تقصد بكلامك هذا؟

رد عليه سولفان:
أقصد أن القاتل لديه شريك؟

-هل أنتَ متأكد؟

-لا يمكننا التأكد من دليل واحد، ولكنها نظرية، نظرية قابلة للتطبيق، لا بد من وجود طريقة ما للحصول على كل هؤلاء الضحايا، معظم هؤلاء النساء لم يتم الإبلاغ عنهن في عداد المفقودين.

بدا أنهن جميعًا ذهبن مع القاتل بمحض إرادتهم، وهذا يعني شيئًا واحدًا فقط، أن هناك شريكًا يساعد القاتل في الوصول إلى ضحاياه، لقد حدث ذلك من قبل، مثل القاتل سكاي مان، كانت المرأة هي حلقة الوصل بين الضحايا والقاتل.

زفر هيركلين بقوة، ثم قال :
كل هذا مجرد احتمالات وليس شيئاً مؤكداً، أريدكَ أيها الطبيب إذا توصلت إلى أي معلومة أخرى أن تتصل بي على الفور.

رد عليه سولفان:
بالطبع.

أغلق هيركلين الهاتف ثم أعاده إلى مكانه ونظر إلى إيملي، التي قالت على الفور:
شريك في الجريمة.

رد هيركلين:
نعم، هذا ما يقوله خبير الطب الشرعي لدينا.

عضت على شفتها السفلى، وهي تقول:
لذا، كل ما لدينا حتى الآن هو أن القاتل لديه شريكة، امرأة.

قال لها هيركلين:
نعم، هذا كل ما لدينا حاليًا من معلومات.

تنهدت وهي تقول:
حسنًا، سوف نعمل على تلكَ النقطة.

وفجأة، دخل الكابتن، وهو يضع ملفات سميكة على الطاولة بين فوضى الأشرطة، بينما كان آخر شريط يُعرض على الشاشة.

قال لينكولن:
أريد منكم البحث في تلك الملفات.

سألت إيملي على الفور، قبل أن يتمكن هيركلين من ذلك:
ماذا يوجد بداخلها؟

رد عليها لينكولن:
نظريتنا الأولى تقول إن هذا القاتل هو مقلد لجرائم القتل التي وقعت في لايت سيتي، كانت هناك العديد من النظريات وقتئذ، حول وجود شريك ولكن الشرطة لم تتمكن من إثبات ذلك إطلاقا؛ بسبب الافتقار إلى تقنية تحليل الحمض النووي وقتها.

هذا الملف يحتوي على كل ما لدينا عن القاتل وطريقة عمله، ربما يمكننا الحصول على فكرة عن نفسية المقلد، أريد منكم دراسة الملف جيدًا.

وبمجرد مغادرة لينكولن الغرفة، فتح هيركلين الصفحة الأولى، ولم تكن سوى صورة كاملة للقاتل الأشقر سيئ السمعة في التسعينيات، الرجل الذي كان يخشاه الكثيرون في هذا الوقت، كان شابًا ضخمًا طويل القامة، ذو لحية داكنة وعينين زرقاوين، ويرتدي سترة تصل إلى الرقبة.

أخذ هيركلين عدة أنفاس متتالية، ثم قال:
أستطيع أن أرى كيف كان يستخدم مظهره في صيد الضحايا.

ثم قرأ المكتوب في الصفحة الثانية، بدأ في جرائم القتل وذبح أرواح الأبرياء عندما بلغ الثانية والثلاثين عامًا، لم يكن لديه طريقة معينة للتخلص من تلكَ الجثث، فعل ما يسمى بالسلوك العفوي في القتل.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي