الفصل الرابع والعشرون القائد الجديد

جاء شخص من خلف هيركلين ونقر على كتفيه، وقال له بابتسامة:
مرحبًا هيركلين.

وقام شخص آخر بإلقاء التحية عليه:
مرحبًا.

وبسرعة التف حوله جميع زملائه، تراجع هيركلين خطوة إلى الوراء، وأخذ قلبه ينبض بسرعة، سألها الجميع عن أحواله، وهل هو بخير؟

لم يكن مستعدًا لهذا الاهتمام بعد، لكنه في الوقت نفسه لم يستطع تجاهل زملائه.

قال لهم بابتسامة:
مرحبًا للجميع، لقد اشتقت إليكم.

نادته إيملي:
هيركلين، القائد لينكولن يريد مقابلتك.

قال لها هيركلين:
سأذهب إليه، الآن.

هو يمشي خلفها، همس قائلًا:
أنتِ منقذي.

وضعت يديها على كتفه، وابتسمت له وهي تهمس بالقرب من أذنه بصوت مغرِ وناعم:
اشكرني لاحقاً.

قال هيركلين لنفسه:
"هل من المفترض أن أشعر بهذا الشعور الغريب الآن؟ أنا أحاول قطع كل مشاعر عميقة تربطني بها، لماذا تفعل هذا بي الآن؟ لماذا هذه اللمسات المداعبة والهمسات المغرية؟"

أخذ عدة أنفاس عميقة، لإقناع نفسه أنه لا يهتم بها، وأنها أصبحت من الماضي، ومن المستحيل أن تعود العَلاقة بينهم مثل السابق.

مشى هيركلين خلف إيملي إلى غرفة لينكولن، وبعد أن دقت إيملي على الباب، دلف كلاهما إلى الداخل.

استدار لينكولن ليواجه هيركلين، وقال له:
مرحبًا، هيركلين.

أول شيء لاحظه هيركلين، هو أن القائد الجديد، وسيم جدًا وطويل القامة وذو عضلات رائعة.

شعر هيركلين بالصدمة، فقال لنفسه:
"هذا الشخص الوسيم لا يمكن أن يكون قائدًا للشرطة حقًا،لا أعتقد أنه أكبر مني بكثير، ربما في الأربعين تقريبًا."

وفي صمت آخذ هيركلين، ينظر إلى المكان حوله، الغرفة أصبحت مختلفة وتغيرت تمامًا، المكتب أصبح أكثر نظافة، وكل غرض فيها مرتب بدقة، هذا القلم هناك قيم للغاية ومصنوع حسب الطلب.

لا يمكن لأحد أن يستخدم هذا القلم إلا وكان شخص فاحش السراء، فهو يبدو وكأنها جوهرة مفقودة لملك قديم، ربما كان ثمنه ثلاثة آلاف دولار، أقل بكثير من ثمن البدلة التي كان يرتديها.

عندما ظل هيركلين واقفاً مكانه، قال له لينكولن:
تفضل بالجلوس، لقد اعتقدت أنكَ لن تأتي اليوم، فأنتَ تأخرت في المجيء.

قال له هيركلين بنبرة معتذرة:
آسف.

قال له لينكولن بسرعة:
أيها الغبي، لقد قلت آسف هكذا بكل سهولة.

نظر إليه هيركلين بصدمة وهو يقول:
ماذا؟

بلع لينكولن ريقه، وهو يقول:
دعكَ مما قلت، نحن الآن لدينا الكثير من العمل لنقوم به، لا أعتقد أن قائدكم السابق فعل الكثير بشأن هذه القضية، لذا، سأطلب منكم ترك كل شيء تقومان به جانبًا، نحن نحتاج إلى كل دقيقة من وقتنا في هذه القضية، أريد أربع وعشرين ساعة من العمل المتواصل، أيها المحققون.

عندما ألتزم هيركلين الصمت، قال له لينكولن:
هل أنتَ معنا أيها المحقق؟

رد في الحال:
نعم، كابتن.

تنفس بعمق وهو يقول:
حسنًا، أريدكَ أن تلقي نظرة على هذا.

مشى لينكولن إلى ناحية الجدار الأيمن للغرفة، لم يلاحظ هيركلين هذه اللوحة البيضاء من قبل.

قال لينكولن:
أريدكَ أن تتعرف على هذه الوجوه.

وأشار إلى الصور المعلقة على اللوحة، ثم أكمل قائلًا:
ماتت أربع فتيات، كلهن صغيرات في السن، أقل من الثلاثين عامًا، كلهن شقراوات وكلهن أطول من 165 سم وأقل من 120 رطلاً.

ولسوء الحظ، هذا هو الشيء الوحيد الذي يربط الضحايا، بخلاف شيء واحد.

ثم أشار إلى هيركلين، وبعد عدة ثوان من الصمت القاتل، قال:
أنتَ أيها المحقق هيركلين، الشيء الوحيد المشترك بين الضحايا الأربعة، نحن نعلم أن القاتل يهتم بكَ، ولكننا لا نعرف السبب.

تنهد لينكولن بقوة وهو يقترب منهم، ثم قال:
وهذا ما سنكتشفه.

سأل هيركلين على الفور:
كيف؟

نظر إليه القائد بتمعن، وهو يقول:
أريد أن تعد قائمة بكل شخص تعاملت معه، بداية من ساعي البريد إلى الرجل الذي يبيع البقالة الخاصة بك، قائمة بأسماء الجميع، ومعرفة خلفية كل منهم بداية من تاريخ ميلادهم، وحتى يومنا هذا.

القاتل هو بالتأكيد شخص تشعر بالارتياح معه، وعلى عَلاقة بكَ، ويستطيع بسهولة الحصول على حمضك النووي ووضعه على ضحاياه.

أكملت إيملي قائلة:
القاتل يعرف هيركلين جيدًا، لذلك علينا معرفة كل شخص يتعامل معه.

أومأ لينكولن برأسه، ثم قال:
بالضبط.

سأل هيركلين:
ما المطلوب مني الآن؟

قال له القائد:
إذهب إلى المنزل وقم بإعداد قائمة، فكر بعقل صافِ، في كل شخص قابلته، أو ستقابله، أحتاج إلى اسم كل شخص تكلمت معه.

تدخلت إيملي:
أنا سوف أساعده على إعداد تلك القائمة.

ابتسم لينكولن وهو يقول:
عظيم، أريد قائمة الأسماء تلكَ في أسرع وقت، هيا، فليغادر كلاكما إلى العمل وتنفيذ المطلوب منكم.

وعندما أصبحوا خارج المكتب، قالت إيملي بخفوت:
القائد الجديد سيكون لديه الكثير من المعجبين هنا.

أومأ هيركلين رأسه بالموافقة، دون النطق بأي كلمة.

أكملت إيملي قائلة:
هل تعلم أنه يمتلك نصف الأعمال التجارية التي تديرها المدينة؟

رد عليها بنبرة مندهشة:
إذا كان غنيًا إلى هذه الدرجة، لماذا يعمل في الشرطة؟

-لقد انتقلت إليه إدارة شركات والده، لكنه رفض، وبدلاً من ذلك التحق بأكاديمية الشرطة لجذب انتباه زوجته الحالية.

عندما سمع إنه متزوج، قال بصدومة:
عندما رأيت لينكولن، كان الانطباع الأول لدى إنه زير نساء، وليس كزوج

-سمعت أن زوجته تعمل في مهنة الطب، وأنها جميلة جدًا.

أومأ هيركلين برأسه وقال:
هل يحب زوجته إلى هذه الدرجة، لكي يتخلى عن أعمال العائلة؟

-لقد سمعت أنه يعشقها، هو لديه كل مواصفات الرجل المثالي، هو ثري للغاية وذكي ووسيم، وقد سمعت أيضًا أنه ذهب إلى أكسفورد.

تنهدت إيملي وهي تكمل قائلة:
كم هو عظيم أن يكون الرجل مثاليًا؟

شعر هيركلين بالغيرة، لينكولن عبارة عن نسخة أكبر من جيري في السن، كل شخص مذكر في حياته أفضل منه بكثير، وهذا يجعله يشعر بعدم الأمان.

قال هيركلين لنفسه:
"أنا أكره هذا الشعور كثيرا."

وفي موقف السيارات، ألقت إيملي مفاتيحها إلى هيركلين، وقالت له:
ستقود أنتَ السيارة.

-لكنني لا أستطيع ترك سيارتي هنا.

-وأنا أيضًا.

ثم أكملت بنبرة متوسلة:
أرجوك، فلنذهب بسيارتي أنا.

حرك يديه في الهواء باستسلام، وهو يقول لها:
حسنًا، سنذهب بسيارتك هذه المرة فقط.

في داخل منزل هيركلين، وبعد مرور عدة ساعات.

قال هيركلين بنبرة متعبة:
أعتقد أنني أعددت قائمة على درجة عالية من الدقة، وضعت فيها أسماء الأشخاص الذين قابلتهم الشهور الماضية، بما في ذلك الزملاء الذين كانوا يتجنبونني في العمل.

هناك حوالي سبعة وخمسين شخصًا كنت على إتصال بهم، ومنهم تسعة وعشرون اجتازوا فئة من قال لي كلمة واحدة، خمسة منهم كانوا في شقتي مرة واحدة على الأقل، بما فيهم أنتِ، إيملي، واثنان من عمال النظافة في منزلي.

وهناك أيضًا رجل توصيل الطعام، سمحت له بالدخول لأنه كان بحاجة إلى إستخدام الحمام، والخامس كان جارتي، إيلا، كانت بحاجة إلى بعض المساعدة، رفعت بعض الأشياء لها، ثم عرضت عليّ رغيف خبز محلي الصنع مقابل عملي.

أعتقد أن هذه كانت مقايضة عادلة، وكانت المعجنات جيدة جدًا، وكانت هي أول شخص أتعرف عليه، عندما انتقلت إلى هنا.

سألته إيملي:
هل تشك فيها؟

هز رأسه بالنفي وهو يقول:
لا، هي لا تبدو امرأة شريرة، قالت لي في إحدى المرات إنها مصممة أزياء، نحن نتقابل في كثير من الأحيان، لكنها لم تدخل منزلي سوى مرة واحدة، وهذا حدث منذ عدة شهور.

أخذت إيملي القائمة من يده وطوتها، ثم وضعتها في بنطالها، وقالت له:
عظيم.

نهض هيركلين، ثم قال لها:
إذًا، هيا بنا الآن لمقابلة كل واحد منهم، ونرى ما إذا كنا يمكننا التحدث معهم.

-بالطبع سيرغبون في التحدث معكَ، أنت الآن من المشاهير، ومن لن يرغب في التحدث معك؟

بالقرب من سيارتها، قالت له:
قود أنتَ السيارة، فأنا لا رغبة لدي في القيادة اليوم.

اعترض هيركلين:
لا أحب طريقتك هذه في التعامل، أنتِ تعلمين جيدًا أنني لست من هواة القيادة لفترة طويلة.

قالت إيملي بلا مبالاة:
هل نسيت وعدكَ لي؟ هذا الوعد الذي لم تنفذه حتى هذه اللحظة، أنا الآن أطالبك بتنفيذه.

لوح يديه في الهواء وهو يقول باستسلام:
حسنًا، سأقود أنا السيارة، سيدتي.

وهما في الطريق، سألته إيملي:
هل أنتَ سعيد بعودتك إلى العمل، وأنكَ أصبحت محققاً في قضية القاتل المتسلسل؟

صمت عدة ثوان قبل أن يقول:
لا، ولكني أفعل ذلكَ من أجل ستيلا، وأنت تعملين جيدًا، لماذا تم اختياري لكي أكون من ضمن أفراد الفريق؟

قالت له إيملي:
لأنك جعلت الرأي العام يكون في صفك، وأجبرت قسم التحقيق على تعيينكَ من جديد.

رد عليها بنبرة ساخرة:
كنت أحسبكِ ذكية إيملي، أنا عدت إلى عملي بسبب البلبلة التي حدثت في الشارع، ولكن هذا لم يكن سبب اختيارهم لي لأكون في القضية.

أنا تم اختياري لأن هناك شائعات بأن القاتل يمكن أن يكون إحدى معارفي.

قالت له إيملي:
حسنًا، لا يهم السبب في عودتك، ما يهم أنكَ عدت إلى عملك وإلى قضية القاتل المتسلسل.

ثم صمت كلاهما عن الكلام عدة دقائق، ولكن إيملي قطعت هذا الهدوء بينهم وهي تسأل:
كيف حال أخيك؟

لاحظ هيركلين أنها تحاول التحدث معه في أي موضوع، وهذا على عكس طبيعتها التي لا تحب كثرة الكلام.

رد عليها بصوت يشوبه بعض الحزن:
إنه يلومني، نادرًا ما تشاجرنا أنا وجيري، هذه هي المرة الأولى التي أشعر فيها بهذا البعد في علاقتنا، أنا أشعر بخيبة الأمل، هو من وقت موت ستيلا وأصبح يعاملني ببرود، ولولا رغبته في القبض على قاتل ستيلا لم يكن ليتحدث معي أبدًا.

أنا متأكد من شيء واحد، إنه عندما يتحقق له ما يريد، لن يتحدث معي أبدًا، أعتقد أن البقاء وحيد في الحياة لن يكون خيارًا بالنسبة لي، بل هو الشيء الوحيد المتبقي.

قالت له إيملي بخفوت:
هو ليس من حقه لومكَ على مقتل ستيلا.

رد عليه بنبرة حزينة:
لأكون صادقًا، لا يهمني حقًا إذا لامني جيري، لو كنت مكانه لفعلت مثله، أنا حزين فقط لأن ستيلا انتهى بها الأمر لتصبح ضحية، عندما كنا أطفالًا، كنا لا ننفصل أبدًا قبل أن تبدأ بمواعدة جيري، وعندما أرتبطت بجيري أنا الذي اخترت البعد.

-لماذا؟ هل أحببتها؟

-لن أقول إنني لم أعجب بها، لقد كانت أجمل فتاة في المدرسة، وكانت معي خلال أصعب فترات حياتي، أنا أريد العدالة التي تستحقها، لأنها كانت أفضل شخص في حياتي.

لقد وثقت بي ودعمتني، وعندما اكتشفت أن جيري يحبها، تراجعت، لم أكن أريد أي مشاكل، لم يكن الأمر صعبًا عليَّ، لأنهما انتقلا إلى العيش معًا في ولاية مختلفة، أنا وهي كنا عظيمين كأصدقاء، أعلم أننا لم نكن لنصبح أحباء أبدًا.

-ولم لا؟

-لأن عندما تحب شخصاً، دائمًا ما ينتهي الأمر على نحو سيئ، انظرِ كيف انتهى الأمر بالنسبة لجيري؟ حب شخص ثم تفقده شيئاً مؤلماً للغاية، لذا من الأفضل أن تبتعد عن الحب.

التزمت إيملي الصمت وأخذت تفكر، هل خوفه من الحب، السبب في إصراره على جعل علاقته بها مهنية؟

قال هيركلين لنفسه:
"لا أعرف لماذا أخبرها بكل شيء عني، عندما لا تقول أي شيء عنها."

في تلك اللحظة، بدأ هاتفه يرن بصوت عالٍ، وكاد يقفز في مقعده.

قالت إيملي وهي تقرأ الاسم الظاهر على الشاشة:
إنه القائد الجديد.

رد هيركلين على المكالمة ووضعها على مكبر الصوت:
نعم، أيها القائد.

-يا رفاق، عليكم العودة إلى القسم بسرعة، لدينا شيء مهم، هنا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي