الفصل السادس الرهان

في بعض الأحيان عندما يغمض هيركلين عينيه، عندما يكون منزعجًا أو خائفًا أو وحيدًا، يرى غرفة مظلمة، لا يحدث هذا كل يوم، ولكن يحدث في كل مرة يشعر فيها باليأس أو الانزعاج أو الهزيمة.

تحدث هيركلين مع نفسه بصوت خافت:
لماذا أرى دائمًا في الأحلام غرفة مظلمة، حيث أزحف إلى الزاوية، ألتصق بالحائط، خائف ووحيد.

صمت عدة ثوان قبل أن يكمل قائلًا:
أخبرتني أمي أن كوابيسي تلكَ، نتيجة صدمة تعرضت لها عندما تركت وحدي في قبو أحد الفنادق، ما زلت أتساءل لماذا أرى هذا الحلم فقط، لا يوجد تفسير.

منذ سنوات خضعت لعلاج نفسي، ودائمًا منتظمًا في تناول العلاج، وهذا هو السبب الوحيد الذي جعلني أتقدم في العمل، لقد كره أبي ضعفي هذا.

أخرج صوتًا متألماً عندما تذكر كلام والده له، الرجال يجب أن يكونوا أقوياء، الأشياء التافهة مثل الأحلام يجب ألا تؤثر عليهم.

عبست ملامح هيركلين وهو يقول:
وكان هذا سبب الشجار الدائم بيننا، دائمًا يجعلني غير مرتاح وبائس بسبب تعليقاته.

وهو أيضًا لم يردني أبدًا أن أذهب إلى الجيش أو أن أصبح شرطيًا، لقد أرادني دائمًا أن أكون بجانبه، أفعل ما يقوله.

كلام أبي كان السبب الوحيد الذي يجعلني أحاول أن أكون قوياً.

أخذ نفس عميق ونهض من على الفراش، ثم قال بنبرة بصوت واثق:
أنا قوي، سأحاول نسيان كل شيء سيئ تعليقات أبي، هذه الوظيفة، رهابي، الكابوس، أنسى كل شيء أو على الأقل أحاول دفع كل شيء إلى داخل عقلي.

اليوم سوف يأتي كل من جيري وستيلا على الغداء، فقرر تحضير وجبة غداء مميزة لهم.

بينما كان يخرج الكسرولة من الفرن، سمع رنين الجرس، فكاد يكسر الكسرولة ويحولها إلى أشلاء وأصابت نفسه بالحروق، ولكن تم تجنب كل ذلك بفضل ردود أفعاله المذهلة التي لم يكن يعلم أنه يمتلكها.

ركض إلى الباب، وقال لنفسه وهو ينظر إلى الساعة:
"لقد جاءا مبكرًا بعض الشيء، قبل ساعة من الموعد المحدد."

عندما فتح الباب، تفاجئ بإميلي أمامه.

دخلت مباشرة، وقالت له وهي تدعو نفسها للدخول:
تفضلي إيملي، على الرحبة والسعة.

نظر إليها بصدمة فهي قامت بدعوة نفسها، ودلفت مباشرة إلى شقته، فقال لها:
لم أرَ شخصًا متطفلًا على حياة الآخرين مثلك.

ابتسمت وهي تقول له:
وأنا أحب طبعي هذا.

لم تنتظر رده وتحركت إلى الداخل، لم تأتي إيملي إلى شَقَّة هيركلين من قبل.

سألها هيركلين:
ما سبب هذه الزيارة السعيدة؟

أجابته مع تنهيدة وهي تنظر إلى وجهه:
كنت أعلم أنكَ سوف تنسى.

-نسيت ماذا؟

-الرهان، سنخرج أنا وأنتَ للبحث في تلكَ القضية، قضية الفتاة آري وصديقها نيك، تحدثنا عن ذلك الليلة الماضية، هيركلين، هل نسيت كلامنا ليلة الأمس؟


فقال لها:
اعلم، أنا لم أنسَ إميلي، لكن لدي خطط لعطلة نهاية الأسبوع، أخي سوف يزورني هو وخطيبته ولقد قمت بدعوته على الغداء، واعتقدت أنكِ تريدين اليوم عطلة.

همست إيملي:
أخوك وخطيبته.

ثم أخذت تدور حول المنزل، ثم انتهى بها الأمر عند جدار قام هيركلين بتزيينه بصور العائلة.

نظرت إلى الصورة، بالكاد لمستها بأصابعها، وقالت:
هذا أخوك؟

وأشارت إلى الصورة التي فيها هيركلين وأمه وأبوه وجيري.

أومأ برأسه ثم قال:
أنا وأمي وأبي.

قالت إيملي:
أنت أكثر وسامة هنا.

هز رأسه وقال:
نعم، هذه الصورة قبل أن أتخلى عن حياتي الطبيعية كشاب.

قالت له بتلقائية:
على الأقل لديك جسد أجمل الآن.

كلامها هذا جعل هيركلين يدرك بعد فوات الأوان، أنه دون قميص، شعرت بالخجل عندما قالت جملتها تلكَ.

فقالت له فورًا للتشويش على جملتها السابقة:
من الجميل أن يكون لديك عائلة لمشاركة وجبات الطعام معهم.

ثم تنقلت عينيها عبر الصور كلها التي احتفظ بها على الحائط.

ودون أن تنطق بأي كلمة، خرجت إيملي من الغرفة، وذهبت إلى المطبخ، نظر إليها هيركلين بصدمة فهي تتحرك في المكان وكأنه منزلها.

ذهب وراءها مباشرة، رآها تفتح باب الثلاجة.

قالت وهي تنظر إلى الوعاء الذي أعده هيركلين توًا:
كيف حصلت عليها؟

سألها بحيرة:
حصلت على ماذا؟

قالت له:
تلك الندبة على خصرك.

أخرج نفسًا عميقًا ثم قال:
الندبة؟ أوه! لقد مر وقت طويل منذ أن لاحظت الندبة على خصري، لقد كانت جزءًا مني بقدر ما أستطيع أن أتذكره، حسنًا، إنها ليست ندبة بالمعنى الحرفي للكلمة، إنها وحمة.

قالت بعبوس:
وحمة بحجم قبضة اليد؟ من الصعب تصديق ذلك.

-حسنًا، هذا ما قيل لي وأنا صغير.

تمعنت النظر في وجهه للحظات، ودون أن تتحدث عادت إلى غرفة المعيشة، تتحرك في كل مكان دون توقف ودون كلام.

قال لها عندما شعر بأنها متوترة:
هل هناك شيء يزعجك؟ هناك شيء تحاولين إخفاءه، إيملي، لماذا أنتِ هنا؟ أنا فضولي.

نظرت إليه وهي تسمع كلامه، رأى هيركلين ترددها في الرد، ثم قالت له:
أنا أدين لكَ بعشاء، ولا أحب أن أكون مدينة بأي شيء لأي شخص.

صمت للحظات قبل أن يقول لها:
أنتِ تتصرفين بشكل غريب اليوم، ولن أجبرك على قول شيء لا تريدي قوله.

وقبل أن تتمكن من الرد عليه، رن جرس الباب.

قال وهو يمشي لفتح الباب:
أكيد الطارق جيري وستيلا.

فتح الباب لهم، وكان جيري وستيلا، يحملون باقة من الزهور.

ابتسم لهم هيركلين وهو يقول:
في الوقت المحدد تمامًا كما اتفقنا، في الساعة السابعة تمامًا.

ردت عليه ستيلا:
أنا وجيري نقدس الالتزام بالمواعيد وبشدة.

كانت ستيلا ترتدي فستانًا، وجيري بدلة ذات لون أزرق، فقال لهم هيركلين:
لماذا هذا الزي الرسمي؟ إنه مجرد غداء عائلي، أنا لست رسميًا مثل أمي وأبي الذين يستضيفون أفراد العائلة على وجبة الإفطار بالملابس الرسمية.

ابتسمت ستيلا وهي تقول:
الزي الرسمي أصبح عادة لدينا في أي مناسبة.

قاطعهم جيري قائلًا بابتسامة:
هل ستدعوننا إلى الدخول أم سنظل على الباب؟

قال لهم هيركلين وهو يعانقهم:
بالطبع، تفضلا إلى الداخل، لقد أعددت لكما الوجبة التي تحبونها.

قالت إميلي وهي تحاول التسلل عبر الباب المفتوح:
يجب أن أذهب، هيركلين.

ولكن هيركلين أوقف تحركها، وهو يقول لها:
دعونا نأكل أولًا، أراهن أنكِ لم تتناولِ أي شيء طيلة النهار.

ابتسمت ابتسامة غريبة، وقالت:
لكنه عشاء عائلي، ولا أريد أن أكون متطفلة عليكم.

لم يعلم هيركلين لماذا شعر بعدم الارتياح، هناك شيء ما يحدث معها، فقال لها:
هذه ليست بمشكلة، سوف أعرفكم ببعض، جيري، ستيلا، هذه شريكتي إميلي.

جيري، أخي، وستيلا خطيبته وصديقتي العزيزة منذ أيام الثانوية.

أضافت ستيلا:
أفضل صديق سابقة، هو لم يعد لديه الوقت ليكون لديه أصدقاء، إميلي.

رأى هيركلين الدهشة على وجه إيملي، عندما عرفت أنه كان صديقًا لستيلا، ربما اعتبرته الخاسر الأكبر، لم تكن تعلم أبدًا أنه في الماضي كان بإمكانه الحصول على أي فتاة جميلة في محيطه.

جلس الجميع على طاولة الطعام، وبقدر ما يحب هيركلين تناول الطعام مع العديد من الأشخاص حوله، أدرك الآن أنه يحب الطهي أيضًا.

هذا ما شعر به عندما رأى ردود أفعالهم وهم يتذوقون الطعام، شعر ببهجة غامرة عندما رأى وجوههم الراضية.

كانت ستيلا تتذوق الطعام الذي أعدّه هيركلين لها، وقد بدت سعيدة جدًا به.
قالت ستيلا:
الطعام أكثر من رائع هيركلين، لم أكن أعلم بأنكَ ماهر في الطبخ.

ثم نظرت إلى خطيبها جيري وقالت:
تعلم من أخيك، فأنت لم تفعلها لي أبدًا وتعد لي العشاء من يديك، بالرغم من أنكَ تحترف مهنة الطبخ ولديك مطعم.

قال جيري بضيق:
ليت الطعام كان سيئ فأنت بطعامك الرائع هذا ستجعلها تنقلب عليَّ، وسوف تصر أن أعد لها وجبات الطعام، وأنا أحب أن أفصل نفسي قليلًا عن مهنتي في المنزل، لذلك كنت أتوقع منها أن تكون المسؤولة عند تحضير الطعام.

نظرت ستيلا له وقالت بنبرة حادة:
الزواج يعني المشاركة في كل شيء، أعلم حبيبي، أنا أيضًا لا أحب الوقوف في المطبخ بمفردي.

شعر جيري بالضيق، لم يكن يتوقع أن يكون هذا الموضوع حساسًا إلى هذا الحد، أعتقد أن ستيلا ستفهم موقفه.

رفع هيركلين يديه وقال:
أشعر أن المحادثة ستأخذ مجرى آخر، أنا لدي حل لهذه المشكلة، قوموا بتوظيف خادمة، وبهذا حلت المشكلة.

تنفس جيري الصعداء، وقال:
هذا هو الحل المثالي، لن تضطر ستيلا إلى الوقوف في المطبخ، وأنا أيضًا.

قرر هيركلين أن يغير الحِوَار، فقال لهم:
هل استقريتم على المكان الذي سيتم فيه الزفاف؟

أجابت ستيلا:
ما زلت في حيرة من أمري.

قال هيركلين:
أعتقد أن حفل الزفاف في الهواء الطلق سيكون رائعًا، سيكون الجو رائعًا في الصيف، وسيكون هناك الكثير من الضوء الطبيعي.

ابتسمت ستيلا ثم قالت:
هذا صحيح، لكنني أيضًا أحب فكرة حفل زفاف في قاعة مغلقة، ستكون أكثر فخامة.

قال هيركلين:
هذا صحيح أيضًا، لكنني أعتقد أن حفل الزفاف في الهواء الطلق سيكون أكثر رومانسية.

صمتت ستيلا للحظة ثم قالت:
ربما كنت محقًا، سأفكر في الأمر.

نظر جيري إلى ستيلا وقال لها بتردد:
لقد فكرت في المكان المناسب الذي سنحتفل فيه بزفافنا.

سألته ستيلا:
أين هذا المكان؟

صمت للحظات قبل أن يقول:
في مطعمنا الجديد.

التزمت الصمت عدة ثوان، ثم قالت بنبرة حاولت جعلها هادئة:
ولماذا لم تخبرني من قبل بفكرتكَ تلك؟

قال لها جيري:
الفكرة طرأت على عقلي الآن.

ضمت شفتيها، ثم قالت:
لا أحب القرارات السريعة.

سألها جيري:
إذًا ما رأيك أن يكون زفافنا في المطعم؟ نحصل فقط على رخصة زواجنا، ونستضيف عددًا صغيرًا من أفراد العائلة، وحفل استقبال لاحق للأصدقاء والأقارب في نيويورك.

قالت وهي تفكر:
سوف تصاب أمي بالغضب؛ إذا قلت لها الزفاف سيكون في المطعم، إنها تحب حفلات الزفاف بشدة وأن تدعو أكبر عدد من الأقارب والأصدقاء.

رغمًا عنه صاح جيري:
لا، لن تتدخل أمك في حفل زفافنا، نحن اتفقنا على ذلكَ، هل نسيتِ ما فعلته في عيد ميلاد أبي الخمسين؟ أنا أدعو من وقتها ألا يمر حفل زفافنا مثل عيد ميلاد أبي الكارثي.

كتمت ضحكة وهي تقول:
لا لم أنسَ انهيار الكعكة ذات الأنثى عشر دور التي أحضرتها أمي، كان منظر والدك وقتها مضحكًا للغاية وهو مغطى بالكريمة والشكولاتة، بالطبع لا أريد حدوث ذلك في زفافي، لذلكَ أعطيت أمي بعض المهام البسيطة.

ألقى هيركلين نظرة سريعة على إيملي، عادة ما يكون من الصعب عليها أن تصمت، وهي الآن صامتة تمامًا كالتمثال، فقال لنفسه:
"هل هي محرجة؟"

اتفقا كلًا من جيري وستيلا في نهاية الأمر، على إقامة حفل الزفاف في المطعم.

وعندما انتهوا من تناول وجبة الغداء، قاموا بتنظيف الطاولة، ثم مرة آخرى حاولت إميلي أن تتسلل وتخرج من المنزل، دون أن يراها أحد.

أوقف هيركلين تحركها، وهو يقول:
لماذا تحاولين التسلل هكذا؟ وماذا تخفين؟

ردت عليه بحدة:
ما دخلك أنتَ أيها الوقح، دعني وشأني.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي