الفصل الخامس عشر مكالمة غامضة

قطع قبلتهم صوت رنين الهاتف، أخرج هيركلين هاتفه، وقام بتفعيل وضع مكبر الصوت:
نعم.

رد عليه الطرف الآخر:
يجب أن تهرب عندما لا تزل لديكَ الفرصة، وأنا أعلم أن هذا ما تفعله دائمًا عندما تصبح الأمور شاقة عليكَ.

سأله هيركلين بحدة:
من أنتَ؟ وكيف عرفت رقمي؟

ضحك الطرف الآخر ضحكة مستفزة وهو يقول:
لو لم أكن أعرف أنكَ جبان، لكنت أخبرتكَ الحقيقة التي لا يمكنك اكتشافها بمفردك، وأريد أن أقول لكَ أيضًا أن نهايتكَ قد اقتربت.

هتف هيركلين:
من أنتَ؟ هل هذه مزحة؟

وقبل أن يكمل هيركلين كلامه، تم إنهاء المكالمة، قام هيركلين بالإتصال بالرقم مرة أخرى، فوجده خارج نطاق الخدمة.

هناك العديد من برامج الحاسوب التي يمكن أن تنتج العديد من أرقام الهواتف الوهمية التي تريدها، وحاليًا يستخدم المراهقون هذه الأرقام الوهمية لتسلية أنفسهم هذه الأيام.

لذلك علم هيركلين أنه لا توجد طريقة لمعرفة المتصل، وهو لا يريد إضاعة وقته على شيء لا يستحق في هذه اللحظة، كل ما يهمه الآن هو إيملي وأن تكون علاقتهم أكثر حميمية.

سألت إميلي:
من كان هذا بحق الجحيم؟

نظر هيركلين إلى شفتيها الملطخة بأحمر الشفاه، فشعر بالإثارة وهو يقول لها:
لا أعلم.

تلك المكالمة أخافتها بشدة، قالت له إميلي بنبرة منفعلة:
أبلغ عنه، أبلغ عنه الآن، أبحث عن مالك هذا الرقم.

أعاد هيركلين الهاتف في جيبه وهو يقول لها:
أنسى ذلك، هذه المكالمة مجرد مزحة من مراهق يتسلى.

نظرة أخرى منه على وجهها وعلم وقتها بمدى الفجوة التي أصبحت بينهم، وأن لحظاتهم الحميمية هربت دون عودة.

قال هيركلين لنفسه:
"هل يجب عليَّ تقبيلها مرة أخرى."

قرر هيركلين تنفيذ ما يفكر فيه، وتحويل الفكرة إلى واقع ملموس، لكنها وضعت يدها فوق صدره، لكي تجعله يتوقف.

نظر إلى عينيها، ورأى بداخلهم أنها لا ترد التوقف.

وبالرغم من رغبة إيملي في إكمال مع حدث منذ دقائق، إلا أنها قالت له:
أعتقد أنه يجب عليكَ العودة إلى المنزل، يجب أن تقضي وقتًا مع عائلتك.

ثم اتخذت عدة خطوات إلى الوراء، شعر هيركلين أنه ارتكب خطأً كبيراً، لكنه لا يعرف ما هو.

بدت خيبة الأمل على ملامح وجه وهو يقول لها:
هل تريدين حقًا الذهاب؟

رأى إجابتها على جسدها ويديها، لم يحدث له هذا من قبل، أن تقوم فتاة برفضه، لكن هذا يحدث الآن، لذلك أعتقد أنه بدأ يفقد مهارته مع الجنس اللطيف، لقد مرت ثلاث سنوات منذ أن قبل فتاة.

أومأت إميلي برأسها ودون النطق بأي كلمة غادرت، بقدر ما أرادها، فإنه احترم رغبتها ولم يرد أن يفعل أي شيء لتغيير رأيها.

وعندما ذهب إلى شقته، وجد أباه وأمه يمكثون في شقته، هيركلين كان مقتنعاً بأن أمه هي من جعلت أباه يبقى الليلة هنا، فهو يفضل البقاء في الفندق مثل جيري عندما يضطر إلى المبيت في خارج منزله.

وعندما جلس مع والديه بعض الوقت استأذنهم لكي ينام،
ذهب إلى غرفته في صمت، وقرر الإستيقاظ مبكرًا بما فيه الكفاية غدًا، لقضاء بعض الوقت مع أمه.

ذهب إلى الفراش وحلم بإميلي، إميلي منذ الوقت الذي تقابلوا فيه لا يعرف عنها شيئًا، لقد تم نقلهم هما الاثنين في اليوم نفسه في القسم، وبدأوا في العمل معًا منذ اليوم الأول.

ابتسم هيركلين وهو يتذكر لقاءهم الأول، وقال بابتسامة وهو يحدث نفسه:
لقاؤنا الأول لم يكن في القسم، بل في المطار، كانت رفيقتي في رحلتي من نيويورك، جلسنا بجوار بعضنا البعض لعدة ساعات دون أن النطق بأي كلمة.

وعاد هيركلين بأفكاره إلى الماضي، وفي داخل الطائرة.

في الدقائق القليلة الأولى أعتقد هيركلين أن الفتاة الجالسة بجواره من النوع الهادئ، ولكن عندما سأله أحد أعضاء الطاقم عما إذا كانت على ما يرام، انفعلت في الرد دون سبب، من المحتمل أنها كانت خائفة.

وعندما رفعت رأسها لترد على المضيف، رأى عينيها، كانت رائعة الجمال ولكنه رأى أيضًا دموعاً وحزناً يسكن في تلك العيون، وأراد أن يعرف أي نوع من الأشخاص، الذي يجعل فتاة جميلة مثلها تبكي.

وعندما انصرف المضيف، قال لها هيركلين:
مرحبًا.

نظرت إليه باهتمام، وخيمت بينهم سحابة سميكة من الصمت، بطريقة أو بأخرى عندما رأى وجهها مرة أخرى، غادرته الشجاعة كلها التي كانت لديه، وشعر بأن قلبه يدق بعنف.

أراد أن يسأله لماذا كانت تبكي؟ أراد أن يعرف من أين أتت؟ وعندما لم ترد على ترحيبه لها، التزم الصمت، وقام بتشغيل قائمة من الأغاني لكي يستمع إليها، وبعد الإستماع إلى قائمة التشغيل بأكملها، وجد هيركلين أن هذه الفتاة نامت وأخذت كتفه كوسادة لها.

أراد هيركلين أن يسألها عن رقمها عندما تستيقظ، ولكنه تساءل عما إذا كانت مستاءة بسبب رجل، وإذا كان السبب رجلاً فيجب ألا يسألها، أو أن يسألها ويخاطر، وتمنى في قرارة نفسه أن يلتقيا من جديد، وهذا قد تم والتقاها في اليوم التالي.

فتح هيركلين عينيه على تلك الأصوات الصاخبة، وصوت أمه الذي يناديه باسمه، شعر بوجود شيء سيئ قد حدث، وقال بخفوت:
هل مات روبي؟

وكان هذا أول رد فعل له، عندما سمع تلكَ الأصوات، نظر إلى الساعة المعلقة إلى الحائط، وجد الوقت ما بعد الثانية عشرة، فقال لنفسه:
"لم أنم طويلاً."

خرج من السرير وفتح الباب، رأى أباه وأمه وإميلي يقفون على باب الشَّقَّة.

كان لدى إميلي نفس العيون الحمراء التي رآها في هذا الحلم، لا يعرف ما إذا كان ذلك من البكاء أم ماذا؟

لم يجرؤ هيركلين على السؤال، عندما رأى اثنين من المحققين يقفون معها.

وفي النهاية سأل، دون أن يخص أحد من الثلاثة:
ما الذي يجري؟

كان هيركلين مشغولاً جدًا برؤية تعبيرات وجه إميلي، هل كان الخوف أو خيبة الأمل.

كرر سؤاله مرة أخرى؛ عندما لم يرد أحد عليه:
ماذا يحدث هنا؟

قالت إيملي وهي تشق طريقها إلى هيركلين:
ضع يديك خلف رأسك، أنت قيد الإعتقال بتهمة قتل نيكول.

ثم وضعت يديه في الطوق الحديدي، وفي الوقت نفسه قالت إيملي:
لديك الحق في التزام الصمت، أي شيء تقوله يمكن أن يستخدم ضدكً في المحكمة، لديكَ الحق في محام، إذا كنت لا تستطع تحمل محام، فسيتم توفيره لك.

وقبل أن يعرف هيركلين ما الذي كان يجري، تم دفعه داخل سيارة الشرطة.

وهو لا يزال يحاول استيعاب ما حدث، سأل هيركلين إيملي:
ماذا حدث؟

التزمت إيملي الصمت، فصرخ فيها:
تحدثي، لماذا لا تتكلمي؟ أنا بريء ولست قاتل، إيملي.

وبالرغم من صراخه، لم تحاول إيملي الالتفات إليه، ولمعت دموع الحزن داخل عينيها.

لاحقًا، في سجن القسم.

المكان كان مظلماً للغاية، كل ما يراه، هو يديه الممسكة بقضبان السجن المظلمة، كانت مشاعره مضطربة للغاية، ويشعر بالغضب الشديد.

قال بغضب:
كيف استطاعوا أن يشكوا في؟ كيف اعتقدوا أنني قادر على إيذاء شخص ما حقًا، هم بشكهم هذا لا يعرفونني إطلاقًا، يعتقدون أنني أستطيع قتل شخص بدم البارد، ويعتقدون أنني أستطيع البقاء على قيد الحياة ورائحة الدم على يدي، أنا أفقد الوعي بمجرد رؤيتي للدماء.

هل أعتقد أبي وأمي وإيملي، أنني كنت أصطنع المرض؟

ضرب هيركلين بكلتا يديه على القضبان، وهو يقول بغضب:
لا أصدق ما يحدث لي.

حاول هيركلبن إغلاق عينيه والتنفس بهدوء، ولكنه لم يستطع وشعر بدموعه تتسرب من سجن عينيه.

بعد مدة قصيرة، جلس هيركلين على ذلك المقعد الخشبي الموجود في الزاوية، يحاول تذكر أي شيء يمكن أن ينزع هذا الألم من داخل قلبه، ولكن عندما حاول البحث عن أي ذاكرة سعيدة، اختفت جميعًا.

وفجأة نهض من مكانه، وقال بنبرة حاسمة:
لقد انتهيت من محاولة إثبات نفسي، لقد انتهيت من معرفة من هو فعلًا في فريقي، ربما من المفترض أن أكون لاعبًا منفردًا، وإثبات إنني بريء.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي