الفصل السابع دليل جديد

قبض على ذراعها حتى إن أصابعه تركت أثرًا على بشرتها، يدفعها أمامه داخل الشقة، فتعرقلت، فهوى جسدها يفترش الأرض، فصدر عنها أنين مكتوم وهي ترفع يدها الأخرى تمسد ذراعها.

وقد أغرقت عيناها بالدموع وهي تصيح فيه بانكسار:
لما تعاملني كخادمة، حتى الخدم لهم حقوق، لعنة الله عليكَ، أنا أكرهك.

ثم رفعت راحتي يدها، تخفي وجها وهي تجهش ببكاء يقطع نياط القلوب.

فرقَ قلبه لها، وأخذ يوبخ حاله، ثم ركع أمامها على ركبتيه جاذبًا رأسها يضمه إلى صدره، مربتًا على ظهرها بحنو يتمتم بهمس:
آسف حب....

بتر هيركلين عبارته منتبهًا على حاله وداخله يتخبط، هل أحبها فعلًا؟

عندما أحست بردة فعله تلك، تناست ما صدر منه وللعجب استشعرت الأمان بين ذراعيه وخمدت نيران حقدها منه، وأصبحت الناقمة عليه أبرد من الثلج.

فستقام بجسده يرفعها معه عن الأرض ممسكًا بيدها يقودها معه إلى الداخل.

وفي داخل غرفة المعيشة، أخرج جيري عدة صور من حقيبته، كانت الصور لتصاميم مطاعم مختلفة، وكان كل منها أكثر فخامة وحداثة من الآخر.

قال جيري:
أيهم أفضل هذه الصورة أم هذه الصورة؟

بدا على جيري أنه في حيرة من أمره في اختيار أحدهم.

ثم سأل جيري إيملي:
هل لديكِ أي اقتراحات؟

وجدت إيملي نفسها مرغمة على الحديث، فقالت:
أعتقد أن الناس يريدون أن يشعروا بالفخامة عندما يذهبون إلى المطعم، وفي الوقت نفسه يشعرون بالراحة والترحيب.

وأيصًا أن يكون مطعمكَ متاحًا لجميع الفئات وليس قاصرًا على فئة معينة من الناس.

قال لها:
تقصدين مطعماً عائليًا

ابتسمت إيملي وهي ترد عليه:
تقريبًا، أقصد أن تكون الطوابق الأولى لكبار السن، والطابق التالي خاص بالأطفال، ربما يكون على شكل كلمات متقاطعة وبه الكثير من الألعاب، والطوابق التالية للشباب للاستمتاع بموسيقى البوب والرقص.

كان هيركلين مفتوناً بها وهي تتكلم، وكاد أن يبتسم وهو ينظر إليها، وقال لنفسه:
"كم هذا الوضع غريبًا، اجتماع أربعة أشخاص ذي ميول مختلفة، خريج جامعة ستانفورد، طاهية مشهورة، ومحقق شرطة، وأفضل فكرة بخصوص اختيار المطعم أتت من إيملي، أكثر شخص فوضوي فيهم."

أكملت إيملي بنبرة متحمسة:
وأيضًا يمكن أن تكون أسطح المنازل مخصصة لحفلات العشاء الخاصة، وأن تكون هناك قاعة للولائم، والحفلات والاجتماعات.

قال هيركلين وهو يرى ابتسامتها تزين شفتيها وهي تتكلم:
لم أكن أعلم أن لديكِ اهتمامات في مجال الأعمال.

ردت عليه بتلقائية وهي تبتسم:
كانت والدتي "فوستر" بالتبني تمتلك مطعمًا، لذا، فأنا أعرف شيئًا عن عمل المطاعم.

قطعت كلامها وصمتت عدة ثوان قبل أن تكمل قائلة:
هل يمكنني الذهاب الآن؟ ليس من اللائق المكوث أكثر من ذلك مع عائلتكَ، يجب عليكَ قضاء بعض الوقت معهم، أراكَ غدًا في المكتب.

ثم وقفت واتجهت إلى غرفة المعيشة، لكي تأخذ حقيبتها، تردد اسم فوستر في عقل هيركلين، ثم قال لنفسه:
"كان يجب أن أسألها، من فوستر هذه؟ كيف انتهى بها الأمر في دار للأيتام؟ لماذا جعلتها ذكرى والدتها بالتبني تبتسم؟ سوف أسألها كل هذه الأسئلة في وقت لاحق."

قالت له ستيلا:
هيا، اركض خلف الفتاة.

نظر هيركلين إلى كلاهما، ثم قال:
ولكن أنتم ضيفي، ولا يصح أن أترككم هنا.

قالت له ستيلا بابتسامة:
وأنا لا أمانع وأيضًا جيري، سوف نغادر بعد قليل وسنغلق باب الشقة خلفنا.

نهض هيركلين من مكانه فورًا، وفي الخارج صاح باسمها، وهو يراها تمشي وتغلق باب المصعد خلفها:
إيملي، انتظري.

كان بعيداً جدًا عن اللحاق بها، قال وهو يرى المصعد يهبط إلى الأسفل:
لماذا تحاول الهروب مني؟ هي من أتت إلى منزلي أولًا، والآن تهرب دون سبب.

استقل المصعد الثاني بسرعة، على أمل أن يلحقها قبل ركوب السيارة.

خرج هيركلين من المصعد، رآها أمامه واقفة أمام سيارتها ولم تغادر، فقال له بدهشة:
هل نسيتِ شيئًا؟

وأومأت برأسها، ثم سألته:
هل لديكَ العنوان؟

قال لها بحيرة:
لا أعتقد أنني أفهم المقصود من كلامك هذا، عنوان ماذا؟

تحدثت بنبرة مرتبكة:
عنوان أم الفتاة المقتولة.

أومأ برأسه، ثم قال:
نعم تذكرت، انتظريني هنا، دعيني أحضر سترتي وسنغادر.

-لكن جيري، وستيلا.

-لقد قمت بحل مشكلتهم وأعتقد أنه يمكننا الذهاب.

ثم صعد بسرعة إلى شقته، وقام بتغيير ملابسه إلى ملابس أفضل بينما كانت إيملي تنتظره في السيارة.

قال لنفسه:
"أشعر أنها مختلفة كثيرًا اليوم، ماذا تخفين عني إيملي؟ ما سركِ؟ أنت تبدين غريبة اليوم، ومضطربة للغاية."

تأملها للحظات قبل أن يدلف إلى السيارة، أنها جميلة للغاية، لديها تلكَ الابتسامة التي تنير وجهها، تنفس بعمق وقال بخفوت:
تصرف بطبيعية، إنها فقط زميلتك في العمل، فقط لا غير.

قال هيركلين قبل أن تبدأ السيارة في التحرك:
إيملي.

نظرت إليه بتمعن، قبل أن تقول:
نعم، ماذا تريد؟

نظر إليها بتمعن، وهو يقول:
لماذا لم تخبريني من قبل، أنكِ كنتِ تعيشين مع عائلة متبناه؟

نظرت إيميلي إلى هيركلين، ثم قالت:
لم أشعر بالحاجة إلى قول ذلك.

قال هيركلين:
لكنني أريد أن أعرف كل شيء عنكِ.

أخذت إيملي نفسًا عميقًا، وهي تقول:
حسنًا، أنا تبنيت عندما كنت صغيرة في السن.

قال لها هيركلين:
أنا متفاجئ من كلامك هذا، أنتِ لديكِ العديد من الأسرار تخفيها عني.

تركت عجلة القيادة واستدارت لتنظر إليه وكأنه قال شيئًا خاطئًا، وكأنها ندمت على قول هذه الكلمات له.

فقالت له بنبرة باردة:
أنتَ لا تعرف كل شيء عني، هيركلين، لا يمكنكَ أن تتوقع مني أن أخبرك بكل شيء عن حياتي لمجرد أننا نعمل معًا.

أخبرته نبرة صوتها، إنها لا تثق بأي شخص، حتى هو، فقال لها:
هل نسيتِ الرهان الذي بيننا؟

رأى في عينيها بعض الحيرة، مما جعله يكمل قائلًا:
إذا فزت بالرهان، فسوف أسألك عن كل شيء في حياتك، ولن تتمكنِ من الهروب.

ابتسامة له إميلي تلك الابتسامة الكلاسيكية:
هذا سيحدث فقط عندما تفوز، وليس قبل ذلكَ، فلا تحاول سؤالي عن أي شيء.

ابتسم هو الآخر، لقد عادت إيملي التي يعرفها، قال لها بهدوء:
لذا، دعينا ننتهي من هذه القضية، أنا متشوق لمعرفة كل أسرارك.

في وقت لاحق، في منزل السيدة سميث.

الحياة صعبة فعلًا، خاصةً عندما تكون مسؤولًا عن رعاية طفل، لكن فقدان طفلك بطريقة همجية هو أمر لا يمكن تصوره، أنه ألم لا يطاق لا ينتهي أبدًا.

وعندما نقرأ شيئًا فظيعًا في الأخبار، كل ما نفكر فيه هو أن هذا لا يمكن أن يحدث لنا، مستحيل أن يحدث لأشخاص مثلنا.

كانت الدموع تسيل على وجهها بلا انقطاع، عندما تذكرت الماضي، ابنتها الوحيدة، التي كانت روحها وكل شيء لها، ماتت وأصبحت مجرد غبار.

ووضع هيركلين يده على كتف السيدة سميث، وقال:
أنا آسف للغاية لما حدث، لا أستطيع أن أتخيل ما تشعرين به.

نظرت إليه السيدة سميث، وقالت ببكاء شديد:
أنا أم مهملة، لم أستطع حماية ابنتي، أنا المسؤولة عن موتها.

علم هيركلين أن السيدة سميث تشعر بالذنب الشديد لموت طفلتها، فقال لها:
أعلم كما هو مؤلم أن تفقد جزءًا من نفسك، والتفكير في الخطأ الذي ارتكبته، ولكن ابنتك الآن في مكان أفضل، ولا تريد أن تراكِ حزينة.

هزت السيدة سميث رأسها، وقالت ببكاء:
أنا أريد أن تعود ابنتي.

قال هيركلين:
لكن هذا مستحيل، يجب أن تحاولي أن تمضي قدمًا في حياتك.

ردت عليه بصوت متألم:
بالرغم من مرور سنتين على تلكَ الحادثة، لا أستطيع المضي قدمًا، لا أستطع النسيان.

كانت إميلي تجلس بجوارها، وأخذت تمرر المناديل إلى السيدة سميث لمسح دموعها.

التقطت السيدة سميث، إطار صورة موضوع على الطاولة التي كانت بالقرب منهم.

قالت وهي تتشنج من البكاء:
اعتقدت أنني كنت أعرف كل شيء عن ابنتي، اعتقدت أنني جعلتها قوية.

صمتت السيدة سميث وهي تتذكر الماضي وكأنه حدث بالأمس، ثم قالت بصوت متألم:
ابنتي ماتت بطريقة بشعة، أنا لم أتمكن حتى من رؤيتها للمرة الأخيرة، لم أقول لها وداعي الأخير، لم أستطع رؤيتها قبل أن تدفن.

نظر هيركلين إلى إميلي، ثم قال بنبرة حادة رغمًا عنه:
لم يسمحوا لكِ برؤية ابنتك؟

قالت بصوت متقطع من شدة البكاء:
لا، لم يسمحوا لي برؤيتها، قالوا لي لن تحمل رؤيتها هكذا.

قالت إيملي:
سيدة سميث، هل تعتقدين حقًا أن نيك…؟

رفعت السيدة سميث عينيها لتنظر إليها، فأكملت إيملي قائلة،
هو من قتل ابنتك؟

قالت بحزن:
ابنتي، لم يكن لديها أحد سوى نيك.

-نيك كان يواعد ابنتك وكنت على علم بذلك، حتى أنكِ قلتِ في تحقيق الشرطة أنهم لا ينفصلان، لا بد أنكِ تعرفين الشاب جيدًا.

صمتت عدة ثوان وهي تفكر في سؤال إميلي، ثم قالت:
لا أعرف لماذا فعل ذلك، لقد كانوا من أفضل الأصدقاء منذ عدة سنوات، لم أعتقد أبدًا أنه يستطيع فعل شيء شنيع كهذا.

أنا كنت أعتقد أنها كانت آمنة معه، قالت الشرطة إنه اختطف ابنتي وعذبها، وكان حمضه يوجد عليها، أخذها إلى ذلك المستودع وعندما أصرت على المغادرة قتلها وقتل نفسه.

قال هيركلين:
سيدة سميث، هناك شهود جدد في القضية، ونتيجة لذلكَ تم فتح قضية ابنتك مرة أخرى.

السيدة سميث بنبرة حائرة:
شاهد جديد؟

أومأ هيركلين برأسه، ثم قال:
نعم، زوجان بريطانيان، كانا في نفس التوقيت مع ابنتك، يوم الحادثة، وقاما بتسليم الشرطة بعض الصور المهمة، وهذه الصور هي السبب في عودة هذه القضية إلى الظهور.

سألت السيدة سميث بحيرة:
وما علاقة تلك الصور بفتح القضية من جديد؟

قال لها:
في تلك الصورة، لم تكن مع نيك.

ثم جعلها تشاهد الصورة الموجودة في هاتفه، ثم أكمل قائلًا:
هي تبدو في حالة سكر، وكانت في الواقع مع شخص آخر لم يتم ذكره من قبل، لقد غادرت مع هذا الرجل الغامض، الدليل الوحيد على هذا الرجل هو أن لديه وشم جمجمة حول معصمه.

قالت السيدة سميث بنبرة عدوانية وهي تمسح خدها من الدموع:
هل تقول إن نيك لم يفعل شيئًا؟ أنه لم يفعل ذلك بابنتي.

قال لها هيركلين:
سيدة سميث، نعلم أنه من الصعب عليكِ الإستماع إلى كل هذا الآن ولكن هناك شيئًا نريدك أن تخبرينا به، دون التفكير في ما قاله رجال الشرطة عن نيك، هل تعتقدين حقًا أن نيك قتل ابنتك؟

نظرت إليهم السيدة سميث بأعين حمراء، وكأنهم يتحدثون لغة من كوكب أخرى.

قالت بصوت منخفض:
لا.لا أعتقد أنه كان بإمكانه فعل ذلك.

علم هيركلين أنها تقول ما تؤمن به حقًا، وهو إيملي يصدقون كلامها.

ثم أكملت بالنبرة نفسها:
كان من الصعب بالنسبة لي أن أصدق ذلك حقًا، نيك كان شابًا رائعًا، ومضحكًا، ويعتني بابنتي عندما لم أستطع ذلك، أعلم أنه لا ينبغي أن أقول هذا، مع أنني أعلم أنه هو المتهم بقتل ابنتي، لا أصدق أنه بإمكانه فعل شيء فظيع كهذا.

بكت أكثر وهي تقول:
هل يمكنكَ معرفة من قاتل ابنتي؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي