الفصل التاسع

بسم الله الرحمن الرحيم


وضع يامن يده على رأسه ويحاول جاهداً فتح عينيه
- ااه ياربى
كان كلاً من يونس وعمر فى حالة صدمة ممزوجة بسعادة ها هو الغائب قد عاد
كانت الرؤية مشوشة أمامه بعض الشئ ثم أصبحت واضحة بعد فترة نظر أمامه ووجد عمر ثم بالجانب الأيمن يمكث يونس يطالعه بشوق وينتظر ردة فعله ، ولكن يامن كان فى حالة ذعر هذا بالتأكيد حلم ليس حقيقة وكيف يكون حقيقة
وضع رأسه بين كفيه مما أثار قلق عمر ويونس فحاول عمر جاهداً أن يطمئنه
- إنت كويس إهدى بس يا بنى وأنا هروح أخليهم يحضرولك أكل
بينما يونس جلس بجانبه ورفع رأس شقيقه حتى يستطيع النظر إليه
كان يامن يشعر بالصدمة لم يقوى على الحديث ولكن يونس سعادته لا توصف
- أنا مبسوط إنك رجعتلنا كويس كنت قلقان عليك أوى حاسس بسعادة كبيرة ومتلغبط أووى شعور عمرى ما جربته إحساس إن يبقى ليك أخ بعد السنين دى كلها متعوضوش فلوس الدنيا دى كلها
نظر إليه يامن بعدم تصديق هذا هراء بالتأكيد كان ينظر إليه باستنكار
- أخ؟! إيه الكلام ده أنا فين إنتوا اللى جبتونى هنا وعاملين المسلسل ده أنا مليش غير أخ واحد إسمه يوسف عايز أمشى من هنا عايز أمشي
ثم نهض من على الفراش حاول يونس إيقافه بشتى الطرق ولكنه أبى إلا أن إستوقفه عمر
- إنت رايح فين لا يمكن تمشى وإنت تعبان كدا وبعدين إحنا لسه متكلمناش يا بنى ولا حتى حضنتك
نطقها بتأثر والدموع تجمعت فى مقلتيه إحتضنه بكل ما أوتى من قوة شعور أنكره يامن هو شعور الأمان الذى لم يشعره أبداً طوال حياته كان مصطفى الأب الفاضل الذى قام بتربيته وكأنه إبن له وليس إبن زوجته  ولكن لم يشعر بمثل هذا الشعور أبداً فى حياته إبتعد عنه ونظر أرضا لا يستطيع النظر إليه
- أنا لازم أمشى
حاول عمر جاهداً أن يتحكم فى مشاعره كيف يتركه بعد كل هذه السنين
- طيب مش هتسألنا إحنا مين وجيت هنا إزاى وكمان مش هتسأل عن سر الشبه اللى بينك وبين يونس
كانت نبضات قلبه تزداد بشدة حقيقة يجب أن تدفن كيف يكون أخاه لا يريد تلك الحقيقة التى ستقلب الموازين حقاً لا يريدها أراد لو أن الزمن توقف عندما كان فى المنزل يودع شقيقه الآن يظهر له شخصاً يشبهه ويقول أنه أخاه هذا حقاً فوق طاقته واحتماله 
فاق من تفكيره على صوت يونس الذى أحضر صينية الطعام له
- إهدى كدا وكل الأول ونتكلم واللى إنت عايزه إعمله 
حاول يامن تخمين الحقيقة قدر المستطاع فهذا ما توصل إليه عقله نظر إليهم وتحدث بما فكر به 
-  بابا وماما أكيد مجبوش سيرة عشان فيه لبس فى الموضوع ولازم يعرفوا هيفرحوا أوى أنا هاكل وتيجى معايا عشان يعرفوا بوجودك والتفسير الوحيد عندهم هما مش عند حد تانى
تبادل كلاً من عمر ويونس النظرات لو تحدثوا أكثر وأبلغوه الحقيقة كاملة ربما يفقد أعصابه فهو غير متقبل أن يكون يونس أخاه فهل يخبره بأنه والده ومصطفى ليس الأب الحقيقى سيجن إن علم بالأمر ربما والدته تخبره بطريقتها .
نظر عمر إلى يونس بالموافقة لسلامة يامن
- الساعة ستة دلوقتى هنفطر وتروح معايا المحكمة عشان عندى قضية وأروح معاك المكان اللى إنت عايزه إيه رأيك
أومأ يامن رأسه بالموافقة ثم نظر إلى الطعام ثم تحدث بحرج قائلا
- مش بعرف أكل لوحدى هافطر معاكم عشان مش بيبقى ليا نفس لوحدى كدا بس لو فيه مشكلة خلاص يعنى

كان عمر فى قمة سعادته
- مشكلة إيه إنت تؤمر أمر هخليهم يحضروا أحلى فطار حالاً خده يا يونس يرتاح فى أوضتك بدل الأوضة دى مش مقامه
- حاضر يا بابا ، تعالى يا يامن معايا هفرجك على الأوضة وأغير هدومى
ذهب معه يامن وكان يشعر أنه حلم لا أكثر قلبه يرجف مما يحدث معه.

______
فى منزل ضئيل الحجم بسيط تجلس فتاة فى أوائل العشرينات.
هى  قمحاوية البشرة بنية العينين شعرها غجرى وفوضاوى كصاحبته تماماً ، كانت تتطلع على الأوراق التى أمامها بتركيز ،وتندب حظها بعد إن علمت أن محامى الخصم مشهور بالفوز دائما يلجأ لجميع الحيل حتى وإن كان المتهم الذى يدافع عنه ليس مظلوم بل مطغى وظالم كانت الفكرة تقلقها تخشى الهزيمة ولكن ليس أمامها سوى الوقوف أمامه والتصدى له وتفادى جميع الحيل وتوقع أى شئ منه.
إنها قدر  ذات الفتاة التى هيئتها توحى بأنها بريئة ولكنها شرسة حد الموت وشخصيتها قوية تتحدث بما تريد حتى لو أنك ستقاطعها حيال هذا الحديث ، تعيش بمفردها بعد وفاة والديها إتجهت للعمل بالمحاماة بعد تخرجها مباشرة ليس لديها مكتب خاص بها تعمل لدى إحدى المحامين المشهورين بالبلدة براتب ليس ضئيل بل يكفى بالغرض وتعتمد على معاش والدها أيضاً.
كانت قدر تستعد للذهاب للمحكمة حتى لا تتأخر على الجلسة.

_______
فى غرفة يونس كان يامن يجلس بعدم راحة ينظر إلى يونس تارة وإلى نفسه فى المرآة تارة أخرى لا يصدق عيناه أبداً لاحظ هذا يونس وتحدث حتى يخفف من حدة الموقف
- الموضوع كان صعب عليا بردوا فى الأول بس هتتعود متجهدش عقلك كل حاجة هتعرفها فى وقتها
- مش مصدق كل ده أنا عقلى واقف عن التفكير مش مستوعب أى حاجة دلوقتى
تحدث يونس بجدية
- ده واضح جداً من تصرفاتك
ثم تحدث بتأثر جلى فى حديثه
- ده إنت حتى محضنتنيش كدا ومسلمتش عليا
شعر يامن بالحرج حقاً الصدمة أربكته ولكن الشبه لا يوحى أنها صدفة أبداً وهو يعلم ذلك.
ثم نهض من موضعه وقام بإحتضانه كان يونس مصدوم من فعلته أبهذه السرعة كان يظن أنه سيرفض ولكنه سرعان ما إحتضنه وتحدث بصدق
- الصدمة ربكتنى قدر موقفى أنا حالتى بس مش ولابد
إبتسم له يونس
- ولا يهمك مقدر يا سيدى بس متتعودش منى على التقدير ده يلا ننزل
- يلا
  على طاولة الإفطار كان الجميع مجتمع كعادتهم عائلة رحيم من جانب ، وعمر يترأس الطاولة وعائلته على الجانب الآخر ولكن المختلف أن كرسى يامن ليس فارغ كان عمر متأثر سعادته لا توصف أبداً
- أعرفك يا يامن
كان يشير بيده على كل شخص
- ده عمك رحيم ودى مراته إيناس وده ياسين إبنه ودى سارة بنته بردوا
تحدث يامن بمقاطعة لوالده
- مش إنتِ اللى كنتِ فى الكلية وطلعتينى من العربية وكنتِ عايزانى أضرب يوسف
إبتسمت سارة لأنه تذكرها
- أيوة أنا يا يامن إحنا مبسوطين بوجودك معانا واوعدك إنك كمان هتنبسط
تجاهل يامن حديثها عمداً مما أثار غضبها لاحظ هذا ياسين فضغط على يديها حتى لا تتحدث ثم تحدث هو قائلاً :
- إنت بتشتغل إيه يا يامن
نظر يامن إليه بإهتمام ثم تحدث بثقة :
- بشتغل فى شركة رحيم جروب مهندس ديكور
نظر إليه كلاً من رحيم وعمر بصدمة
ثم تحدث عمر بعدم تصديق
- يعنى إنت ملففنى عليك السنين دى كلها وفى الآخر تبقى شغال مهندس فى الشركة معانا !!
كان يامن لا يصدق أبداً
- حضرتك عمر وصفى بقى صح
- آه صح شوفت يابنى القدر سبحان اللى جمعنا من غير ميعاد
إبتسم يامن لحديثه ثم نهض من على الطاولة
- هستناك فى الجنينة لحد ما تخلص يا يونس
ثم نظر لجميع الجالسين
- كملوا فطاركم بالهنا بعد إذنكم.
كانت نادية تنظر إلى أثره بتركيز لاحظه عمر
- فيه إيه يا نادية منطقتيش من ساعت ما قعدنا يعنى
- بركز فى تصرفاته يا عمر بس
نظر إليها عمر ووجه حديثه لها وللجميع فى آنٍ واحد
- أياً كان إسلوبه وطبعه وتصرفاته هنبقى متقبلينها بصدر رحب ووجود يامن هنا أهم من أى حد ومش مستعد أخسره ياريت يبقى كلامى واضح للكل.
ثم قام من موضعه وتوجه إلى غرفة مكتبه مبتعداً عنهم
ربت يونس على كتف نادية ثم تحدث قائلاً :
- أنا همشى عشان متأخرش مع السلامة
تحدثت ملك بنبرة لاذعة بعد رحيل يونس ووالدها
- ده إحنا باين داخلين على أيام فل هنا ، والواد ده أصفر ومش سهل وبكرا كلكم تأكدوا على كلامى
ثم أكملت فطورها وكأنها لم تلعب بأفئدة الجميع و ........
يتبع
إلى اللقاء أحبتي فى البارت القادم
بقلمى/ شيرين محمد الطيب❤️
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي