الفصل العاشر

ى دار القضاء العالى كانت القاعة مزدحمة تعم بالفوضى فهذه القضية كانت تشغل بال الجميع.
الجريمة البشعة المجهول سبب حدوثها؛ حيث كان شجار بين إثنين من إحدى طبقات المجتمع الراقية إذن الجريمة لا علاقة لها بالسرقة أو ما شابه.
والحدث الذى أصدم الجميع أن القاتل لم يتفوه بكلمة واحدة فى التحقيق بل صامت منذ أن حدثت الواقعة يبكى فقط.
يقول البعض أن القتيل والقاتل كانوا أصدقاء مقربين بل أشقاء ، ويقول البعض الآخر أنهم أعداء .
لاسيما أن حديث البشر لا يجدى نفعاً فالجميع يتحدث دون أن يعلم شئ فقط تخمين لا أكثر.
كانت الفوضى تزداد إلى أن أمسك القاضى بالمطرقة الخاصة به حتى يصمت الجميع وتحدث قائلاً :
- محكمة
صمت الجميع حيال هذه الكلمة فهى بمثابة تهديد مغلف بطريقة منمقة ثم إتجهت الأنظار إلى الفتاة التى إقتحمت القاعة ترتدى ثوب المحاماة إنها قدر.
وجهَّت قدر نظرها إلى محامى الخصم وهو يونس بلا شك هيئته لا تنتمى مطلقاً إلى حديث الجميع عنه بل ملامحه تدل على البساطة والإنسانية .
ثم إلتفتت معتذرة إلى سيادة القاضى عن تأخيرها ، إرتدت النظارات الخاصة بها لتبدأ فى المرافعة.
وقفت قدر فى المنبر أمام القاضى لتبدأ القضية تحدثت قائلة :
- سيدى القاضى حضرات السادة المستشارين إنه .. إنه
كانت قدر تبحث عن أوراق القضية والمرافعة ولكن صدمت بعد إن رأت أنها جلبت أوراق أخرى غير أوراق القضية كادت تبكى من الصدمة ثم تحدثت قائلة :
- بطلب من حضرتك تأجيل الجلسة
نظر القاضى إليها كلياً بإستغراب ثم قال :
- محامى الدفاع عنده إعتراض
تحدث يونس بثقة كعادته
- لا يا فندم
- تؤجل القضية إلى يوم (.......)
رفعت الجلسة
خرج الجميع من القاعة بينما قدر كانت تحاول اللحاق به
- إستنى يا أستاذ لو سمحت
إستدار إليها يونس
- خير فيه حاجة
تحدثت قدر بإندفاع
- عالفكرة أنا عارفاك كويس وألاعيبك أنا أعرف أتصدى ليها فاهمنى
قهقه يونس بشدة على تلك الساذجة
- أهو أنا بقى هوريكِ الألاعيب على حق والقضية دى هتطلعك منها قالعة الروب ده مبقاش يونس عمر وصفى إما عرفتك مقامك يا بتاعة إنتِ
شعرت قدر بالصدمة من حديثه هذا لا تنكر أنه حتماً سيفوز بالقضية شعرت بالرهبة وحاولت جاهدة أن تُبدى عكس ذلك
- هنشوف مين فينا اللى هيقلع الروب يا  ... يا طور
كان سيتحدث يونس ولكن قاطعه قدوم يامن
- يلا بقى عشان إتأخرنا
حاول يونس التخفيف من حدة ما يشعر به
- حاضر يلا بينا
كان يونس يقود السيارة بسرعة كبيرة من شدة الغضب يُقسم أنه سيريها جحيم يونس الذى لم يراه أحد تنعته بالطور  إذن
كان يامن يشعر أن هناك خطب ما
- إنت مكسبتش القضية
نظر إليه يونس وتحدث بتحدى
- لا إتأجلت بس خدها وعد من أخوك إنى هكسبها وهقص مخالب القطة اللى قدامى
كان يامن لا يفهم شئ من حديثه
- إحنا خلاص وصلنا إمشى بس قدام شوية هتلاقى القصر فى وشك
- اللى قدامى ده
- أيوة
ترجلت السيارة أمام قصر منصور وهبط منها كلا من يونس و يامن
فى داخل القصر كانت جميع العائلة مجتمعة فى إنتظار يامن حتى يتم عقد قران يوسف وفُتنة فأعلن الجرس قدوم أحدهم
فتحت الخادمة الباب ورأت يونس ويامن معاً أطلقت صرخة نعض على أثرها الجميع ، تحدث منصور قائلاً :
- إتجنيتى فى عقلك هتصرخى ليه
- عفريت يا حاج عفريت
نظر منصور إلى ما تُشير بصدمة ، وأتى الجميع إليه نظروا إلى يامن ويونس بصدمة كبرى ما هذا ؟
هرولت فريدة إليهم لترى ما ألجمهم جميعاً.
كان يونس يبحث بعينيه عنها قلبه يرجف بشدة إلى أن إجتمعت عينيهم معاً يستطيع الشعور بها إنها أمه التى ولدته.
نظرت فريدة بصدمة وسعادة كبرى إنه ذلك الغائب التى لم تتوقع رؤيته مطلقاً أمامها إحتضنته فريدة بشدة وقبلته عدة قبلات متتالية ثم تحدثت ببكاء
- يا حبيبى يا بنى كنت فاكرة إنى عمرى ما هشوفك يا حبيبى منه لله أبوك حرمنى منك وخوفت أدور عليك ياخد أخوك كمان
كانت تلك الكلمات تهبط كالصواعق على رأس يامن إذن عمر وصفى ويونس لم يخدعاه
- إزاى طيب مبلغتوش البوليس إنه أخد يونس
كانت فريدة تخشى هذه المواجهة طيلة حياتها
- ما هو أصل عمر وصفى ده كان جوزى الأولانى يا بنى و....قصدى يعنى ..
- إتكلمى يا ماما فهميني
حاول يونس أن يدعمها فالحديث صعب للغاية الأمر معقد
- بص يا يامن إحنا ولاد عمر وصفى
سقطت الدموع من مقلتيه هذا الحديث لا يصدق يبحث بعينيه عنه إلى أن رآه أمامه لا يرفع عينيه ذهب إليه وإحتضنه ثم وجه حديثه إلى يونس
- إنت كداب أنا إبن مصطفى منصور الخلفاوى ومن فضلك كفاية كدا وإمشى
حاولت فريدة إنهاء تلك المواجهة
- يونس كلامه صح إنت إبن عمر وصفى
ربت مصطفى على كتف ولده
- ماما كلامها صح يا حبيبى بس إنت إبنى اللى ربيته وربنا يعلم معزتك فى قلبى عاملة إزاى يا حبيبى
إحتضنه يامن وأجهش فى البكاء .
كان الجميع فى حالة لا يرسى  لها الحزن خيم على قصر الخلفاوى بأكمله .
كان يوسف ينظر إلى الموقف بصدمة يامن ليس شقيقه كيف ؟
حاول يونس أن يخفف من حدة الموقف
- يمكن الأوضاع إتغيرت بس المشاعر لأ يا يامن إهدى ، وإنت يا أستاذ مصطفى بشكرك بالنيابة عن والدى عشان إعتنيت بيامن طول السنين دى وهو إبنك بردوا دى حاجة محدش يقدر ينكرها
- كتر خيرك يا بنى هو ده العشم
بعد مرور ساعة من الوقت
تحدث منصور فى صلب الموضوع مباشرةً حتى ينتهى من  حديث ولده بشأن الزواج
- أنى عارف إن الوجت مش مناسب للكلام ده بس الموضوع مينفعش تأجيل يا ولدى
كان يامن يستمع بتركيز وكذالك يونس الذى وجه نظره إلى منصور  
- أخوك يا ولدى هيتجوز فُتنة بت عمك
نظر يامن إلى يوسف بتمعن فيبدو عليه عدم الرضا
تحدث يوسف بغضب
- إنت وعدتنى يا جدى إن كلامى يبقى قصاد كلامها
- ماشى يا ولدى قول اللى عندك
- بعد ما يامن مشى بشوية لقيته إتأخر فكنت خارج أدور عليه لقيت فُتنة فى وشى بلبسها متقطع وشكلها ده بسألها مين عمل فيكِ كدا دخلتنى الأوضة وقفلت الباب بالمفتاح ، أنا قولت هتحكى بس خايفة حد يشوفها لقيتها بترمى المفتاح من الشباك وبتصوت كدا زى ما شوفتو أنا كنت مصدوم من تصرفاتها دى.
إفتعلت فُتنة البكاء
- حسبى الله فى الظالم هتروح من ربنا فين هتبلى عليك ليه يا ولد عمى معيوبة ولا معيوبة
نظر يونس إلى الموقف بتمعن هناك حلقة مفقودة
- بص يا جدى أنا كنت نازلة عشان أشرب من المطبخ لقيت ولد عمى فى وجهى إكده بجوله وسع عشان أتدلى على المطبخ جالى لع وكمكم على بوقى ودخلنى عنديه بالقوة وجفل الباب ورمى المفتاح حاولت أبعده عنى مراضيش يبعد واصل أجوله ده أنى عرضك رايدنى إتدوزنى وفضلت أجاوم عشان يبعد لحد ما خلانى منفعاش تانى وهتفضح هملنى روحت عن الباب وصرخت لأجل تغيتونى منيه
فى أثناء النقاش قاطعهم يونس
- ممكن بس حد يعملى قهوة
- حاضر يا ولدى ، بت يا سعدية إعملى قهوة لينا يا بتى
توجهت سعدية إلى المطبخ تحت أنظار يونس
تحدث منصور بحيرة
- أنى معارفش أصدج مين
نهض يونس واقفاً
- أنا هعرفلك يا حاج ده بعد إذنك يعنى
- جول يا ولدى لعل الإشكال يتحل بيناتهم
- بتقولى يا فُتنة إنك كنتِ رايحة تشربى صح
- إيوة
- منين بالظبط
- من المطبخ
- إممممممم أوضتك فين يا فُتنة
أشارت فُتنة إلى غرفتها  حيث كانت فى الجهة اليمنى من القصر
- فين أوضتك يا يوسف
أشار يوسف إلى موضع غرفته فى الجهة اليسرى من القصر
كان لكل جهة درج مخصص، وكان المطبخ أسفل الدرج الخاص بالجهة اليمنى
- بتقولى إن أوضتك يا فُتنة فى الجهة اليمين ليه بقى منزلتيش من السلم اللى فى الجهة عندك وروحت تنزلى من الجهة اللى عند أوضة يوسف
إبتلعت ريقها بصعوبة
- ما هو ...
- بلاش السؤال ده ، يوسف فين هدومك اللى كنت لابسها وقت الواقعة
أشار يوسف إلى ثيابه هو لم يهتم بأمر تبديلها من الأساس
- بتقولى يا فُتنة إنك قاومتى يوسف صح
- إيوة
- منين قاومتيه ولبسه مفيهوش خدش أكيد كان هيبقى فيه أثر
كادت فُتنة تبكى مما يحدث
- بلاش السؤال ده كمان ، ممكن كلنا نروح أوضة يوسف هى إترتبت ولا لا
- لا يا ولدى
صعدوا جميعاً إلى غرفة يوسف
نظر يونس إلى الغرفة وإبتسم بشدة
- لو إعتدى عليكِ فعلاً زى ما بتقولى الأوضة دى فرشها زى ما هو ، نفترض إنه إعتدى عليكِ على الأرض بردوا الفرش زى ما هو إيه تفسيرك
- إنى مش بتبلى عليه
- مش بتتبلى عليه ماشى إنتِ بتقولى إنك مش بنت صح
- إيوة
- خلاص إبعته للداية اللى هنا فى البلد تيجى حالاً ولو صادقة هيتجوزك غصب عنه بس لو كذابة بقى
- إنت عايز تفضحنى فى البلد
- ولا أى فضيحة فى الحالتين هتتجوزى لو طلعتِ بنت وبتتبلى على يوسف هتجوزك أنا......

يتبع ...
إلى اللقاء أحبتي فى البارت القادم
بقلمى/ شيرين محمد الطيب ❤️
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي