الفصلالثاني

قالت رفيف:
_أرجوك يا أخي، إنها تمتلك ثروة هائلة، لابد أنها لا تزال تحبك، أنا أكيدة من ذلك.

_يستحيل.

_وجه فقر يا أخي، لن تتغير

_أرجو ان لا يتدخل أحدٌ بهذا الأمر.

نظرت رفيف إلى أمها ورفعت لها بحاجبيها.
فرفعت الأم بالحاجبين وفتحت يديها، ثم انصرفت لتتابع عملها وكذلك مروان انصرف باتجاه أخر.

أما رفيف فراحت تثرثر غاضبة:
_أمي عليكِ اقناعه، فهي فرصة لنغير حياتنا جميعاً، كلنا نحتاج للمال.

_ألا ترين مدى صعوبة مواقفه، إنه عنيد، وحرام أن يبقى بعيداً عنها، لقد كانت قصة حبهما يتكلم عنها الناس.

فنفخت نفخة كبيرة وكذلك رفيف التي راحت تخطط كيف ستقنعه بذلك، وهي تقول بنفسها:
_أنا أصبحت في سن الزواج، وأحتاج المال، كلام فارغ عليّ أن أجد حلاً ليعودا لبعضهما البعض.


وراحت تخطط وتفكر وتدقق، وفي تلك الأثناء كانت إسراء تعمل في بيتها على اللابتوب الخاص بها وتفكر في نفس الوقت بما جرى معها بسبب مروان فاتصلت بموسى وقالت له:
_مرحبا موسى.
_أهلاً، أهلاً إسرغء أسعدتني مكالمتك.
_شكرا لك، لكن أرجوك أخبر مروان أن لا بتدخل بحياتي ثانيةً، لدي أعمالي وليس لدي الوقت لتصرفاته الغير مسؤولة.

صدم موسى وقال:
_تمام.

وأقفلت الخط وتابعت يومها وفجأة اتصل بها كنان؛ ليخبرها:

_إسراء، غداً لدينا اجتماع ضروري مع العملاء، وعليك التواجد قبل الجميع.

_تمام، إذاً أراك غداً، جهز ما يلزم.

_اتفقنا.

وفي اليوم التالي التقت اسراء ب واتفقت معه على تفاصيل العمل وإعلان مسابقة توظيف موظفين أكفاء جدد.

ثم اتصلت بمروان وطلبت منه الحضور إلى الشركة لأمر ضروري.



_مروان، هل تستطيع المرور بي.

_أاا، حسناً، متى؟

_في الساعة الخامسة، هل يناسبك هذا؟

_تمام، بانتظارك.

وكم فرح مروان وظن أنها ستصلح الأمور بينهما وتعتذر عن ما مضى، فأخبر أمه وأخته اللتان فرحتا جداً، وسربتا الخبر فوراً في الحارة.

رفيف:
_نعم، جميل، سيعودان وسيعم الفرح والفائدة لنا جميعاً.

الأم:
_اخرسي رفيف، المهم ان يرجعا لبعضهما فهما مناسبان لبعضهما، وحرام أن يضيع الحب.

_أجل.

أما مروان فاتجه باتجاه الحلاق وقص شعره بتسريحةٍ جديدة، وذهب إلى السوق وابتاع ملابس جديدة، ثم عاد إلى البيت ليتجهز للقائها، أما هي فقد طلبت من السكرتيرة أن تلغي كل المواعيد في الساعة الخامسة.

_لكن سيدة اسراء، هناك مواعيد مهمة.
_لا ألغي كل شيء، لدي زائر.

_من هو سيدتي؟

_مروان أورفلي.

_أمرك مستجاب.

وفي بيت مروان كانت الام تحاول مساعدته في ربط عنقه، وأخته تعلمه ماذا يقول فقال لهم:
‏_سأتأخر، ابتعدا عني، سأوافيكم بكل شيء بعد.عودتي، أكيد هي ستعتذر مني أكيد.

وفي هذه اللحظة اتصلت كارلا بكنان وأخبرته بوصولها إلى المطار.

_أختي الحلوة، كم اشتقت لك، كيف حالك؟

_انا جداً مشتاقة لك، تعال لتقلني إلى الييت.

_لماذا عدت بهذه السرعة؟

_لم أستطع تقبل هواء لندن، لقد أصبت بالدوار، واشتقت لاسطنبول.

_واسطنبول اشتاقت لك يا أختي، أنا قادم لأقلك إلى البيت.

_شكراً أخي حبيبي.

وبالفعل اتجه كنان ليقلها، عانقها وسلم عليها ثم حمل حقائبها واتجها إلى المنزل وفي طريق العودة سألته:
_كيف حال أبي؟

_يبدو أنك نسيت أنه غاضب منك؟

_لا لم إنسى، سيقول لي نندما يراني كعادته(لما كنا صغاراً، كنا على قدر المسؤولية، أما انتم فجيل البلاستيك.)

ضحكا وتابت كارلا قولها:
_اريدك أن تمر بي إلى الشركة فقد اشتقت لإسراء.

وفي هذه الأثناء كان قد وصل مروان إلى مكتب إسراء.

السكرتيرة:
_سيد مروان، أليس كذلك؟

_أجل، انا مروان.

_تفضل السيدة إسراء بانتظارك.

_شكرا لك

ثم طرق الباب ودخل إليها وقد كانت تجلس خلف طاولة فخمة ومنظر المكتب من الداخل كان مميزاً جداً.

_إسراء، كيف حالك، مكتبك جميل جداً.

_أهلا مروان تفضل، شكرا لك.

تظاهر مروان بعد أن جلس على الكرسي بالاستغراب:
_إسراء، ما سبب دعوتك لي.

_اممم، منذ أن انفضلنا عن بعض، أتذكر أن وضعك المالي لم بكن جيداً، وأنا أريد مساعدتك.


حملق مروان بصدمة:
_وكيف ستساعديني؟

_سأعوضك بهذا الشيك الموضوع في الظرف، خذه وابدأ مشروعا خاصاً بك، اعتبره تعويض مني عن الماضي.

زمجر مروان من الغضب ووقف على قدميه وقال لها:
_هل هذا سبب دعوتك لي، لم تتغيري إسراء، الغرور والتكبر هو داء، حسنا إذاً.

وهنا قام بشق الظرف كلياً ونظر إليها قائلاً:
_يا خسارة، كم غيرك المال، أتظنين أنني بحاجة مالك إسراء، مخطئة.


وتركها غاضباً بعد أن رمى فتات الورق عليها وانصرف يتمتم كالمجنون، وفي هذه الأثناء راح ينزل الدرج وبالصدفة ارتطم بكارلا وهي تصعد إلى إسراء بعد أن أوصلها كنان وذهب.

_أسف.
نظرت إليه كارلا ولاحظت جاذبيته فقالت له:
_لا، لا تعتذر أنا المخطئة.

تبسم لها وهي تسأله وتقول:
_لكن لم يبدو عليك الغضب؟

_لا عليك.

_هل تعمل هنا؟يا...ما هو اسمك؟

_لا قدر الله، طبعاً لا أعمل هنا.

فضخكت وانفصلا كل باتجاه لكنها أحست بانجذابٍ غريبٍ له.

وعندما وصلت إلى مكتب إسراء سلمت عليها وقالت لها:
_مرحباً إسراء، كم اشتقت لك!

_حبيبتي كارلا، حمداً لله على السلامة.

_هيا ادعيني على الغداء.

_لا، كارلا ليس الآن.

_منذ متى وانت تبخلين على صاحبتك يا بخيلة، هيا لن نتأخر، اود أن أحدثك عن رحلتي إلى لندن، هيا إسراء.

_طيب، هيا بنا

أما مروان فقد وصل ليجد الحلاق يقف قرب بيته ينتظر وصوله بفضول وراح يقول له:
_يبدو أنك عدت باكراً، تعال حدثني ما الذي جرى.

_ابتعد عني رجاء، أنا لست بمزاجٍ جيد.

_فقط أخبرني هل عدتما مجدداً لبعض.

_لااااا، لا لم نعد هل ارتاح فضولك.

حملق الحلاق وأمسك جواله، وبعث برسالة جماعية لكل من يعرف، وعندما وصل وجد أمه تنظر له بحزن وتقول:
_لماذا، ما الذي حدث بينكما يا بني ألم تتعاتبا، هل كلمتها كعادتك بفوقية.

فنفخ مروان وقال:
_أعلم أن الحلاق قد اخبركم بكل شيء، لقد اهانتني وقللت من شأني.

_ماذا؟ وكيف هذا؟

_لقد عرضت علي مبلغ من المال كتعويض لفقري، تخيلي يا أمي.

صرخت رفيف:
_اين هو المبلغ؟

_طبعاً رفضته.

_ماذاااا؟ هل هناك أحد يرفض مالاً يعطى له، كم أنت أحمقٌ يا أخي.

_اخرسي رفيف، سأدخل غرفتي، ولا أريد أي حديث بهذا الأمر، من تظن نفسها حتى تشتريني بنقودها.

قالت الأم:
_أحسنت يا بني، فلتذهب تلك الحمقاء إلى الجحيم.

كانت رفيف ستجن فدخلت إلى غرفتها وهي تتمتم بكلماتٍ تدل على غضب اما مروان فدخل حزيناً إلى غرفته وكذلك أمه انشغلت بعملها في المطبخ.

فكرت رفيف كيف ستعمل على اقناع مروان باستعادة المبلغ.

أما مروان فراح يفكر:
_سأنتقم منك يا إسراء، لأنني لن أنسى إهانتك، فهل تظنين انك ستشتريني بنقودك القذرة، سوف نرى.

وراح يفكر كيف سيعمل على تنظيم نفسه وإثباتها حتى يصبح نداً لها.

وتذكر أن إسراء كانت قد أعلنت عن توظيف عدد من الموظفين لديها فقرر التقدم للوظيفة وقال لنفسه:
"بذلك سأثبت نفسي في شركتها وسأثبت لها بأنه ليس كل شيء يكبر بالمال فقط.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي