الفصل الرابع

رغم كل الفرح الذي شعر به كنان وكذلك كارلا لكن العكس لم يبدو على إسراء ومروان.

عادت إسراء وبرفقتها كارلا وكنان إلى الشركة، أما مروان فعاد إلى البيت ليفاجأ بأم إسراء في بيته.

_مساء الخير خالة حياة.

ردت عليه السيدة باستفزازية واضحة:
_أهلاً مروان، كيف حالك سمعت أنك تعمل في شركة ابنتي إسراء.

نظر إليها بقرف وقال:
_تخيلي.

فضحكت مستهزءة به فهاجمتها أمه وقالت لها:
_يبدو ان المال قد أفقدك عقلك، لم كل خذا الضحك.

وزادت المشاحنات بينهما حيث قالت لها حياة بعد أن دخل إلى غرفته واستلقى على سريره.

_ابنك كان لئيماً مع ابنتي، لقد تخلى عنها في وقتٍ كانت تحبه كثيراّ جداً.

_بل هي أنانية وطماعة.

تشاجرتا واحتد النقاش بينهما، وخرجت أم إسراء غاضبة من بيت مروان، أما زمرد فقد دخلت إلى غرفة مروان لتجده قد غفا وهو يرتدي ملابسه دون أن يبدلها.

فنظرت إليه بكل حب وقالت في نفسها:
"ابني، حبيبي، أعلم حجم ما تشعر به، فلتذهب إسراء وأمها إلى الجحيم."

وفي تلك اللحظة وصلت رفيف وهي في غاية السعادة، وراحت تتحدث مع أمها عن الشاب الذي يحبها، ويريد ان يتقدم لخطبتها.

_باركي خطوبتي يا امي.

_ومن سيكون العريس حبيبتي، أفرحيني.

تبسمت رفيف وقالت وابتسامتها عرضت جداً:
_إنه أكرم يا أمي.

صعق الاسم مسمع زمرد فصرخت بغضب:
_هل جننت؟ أكرم! ألم تجدي خيراً منه لتنهي حياتك على يديه، ام أنك نسيت من يكون، ومن أي عائلة، يبدو أنك نسيت أنه أخوها.

_لا أمي، أنا وهو نحب بعضنا وسنتزوج، باركي هذا الزواج.

تشاجرتا ودخلت رفيف منزعجةً إلى غرفتها، وأغلقت الباب عليها وراحت تدخن بشراهة من شدة غضبها.

ولكن أمها لم تهتم لها وقالت في نفسها:
"سأمنع هذا الزواج رغماً عنها، هذا ما كان ينقص، ابن حياة وماذا، صهري أنا."

ودخلت إلى غرفتها في اللحظة التي خرجت رفيف و اتجهت إلى غرفة مروان لتكلب عونه.

_هل تسمح لي يا اخي بالدخول، هناك امر أريد نقاشك به.

_بالطبع يا أميرتي، تعالي.

كان مروان يتجهز للخروج، لكنه أجلّ خروجه من أجلها.

اقترب منها وقبلها على رأسها وقال لها:
_ما سر هذ الحزن في عينيك الجميلتين، هيا تعالي واجلسي هنا.

_إنها أمك زمرد.

ضحك مروان وقال:
_أمي فقط، وماذا فعلت زمرد هذه المرة؟

_أخبرتها عن علاقتنا أنا وأكرم وطلبت منهت أن تكللها بالمباركة، لكنها غضبت جداً.

تفاجأ مروان من الاسم ولكنه ضبك نفسه وقال لها:
_ما دمت أنا معك، فلا تشعري بالقلق، سأساندك وأدعمك حبيبة أخوك.

عرضت ابتسامة رفيف وانطفأ الخوف الذي كان يسكن عينيها، فاقتربت منه وضمته وقالت بفرح:
_شكراً لك يا أخي.

ودعها وانصرف وهو يفكر في صعوبة الموقف، وراح يحدث نفسه:
"أثقلت علي يا رفيف، ما هذا القدر الذي فرق بيني وبين إسراء وسيجمعك مع نفس العائلة، كيف سأتحمل وجود إسراء مجدداً في حياتي."


وبينما خرج من المنزل سيراً على الأقدام اتصلت به في هذه اللحظة إسراء وقالت له:
_هلا حضرت إلي فوراً، هناك حديث أريد أن أخبرك به.

_ألا يمكن تأجيل الأمر، فأنا مشغول ولدي موعد.

_هاه، موعد غرامي.

وجد مروان فرصة لإثارة غضبها فقال لها:
‏_أجل تواعدت مع كارلا لتناول العشاء معاً، هذه الليلة.

_اممم، مرني ثم اذهب إلى من تشاء.
وأقفلت الخط في وجهه.

قال لنفسه:
"أيتها السافلة تغلقين الخط في وجهي، انتظري مروان وماذا سيفعل بك، مسألة وقت فقط."

‏ أما في بيت حياة فقد كان أكرم يحدث أمه عن أمر خطوبته لرفيف، وكان النقاش محتداً بينهما بوجود أبيه.

الأب يامن:
_لا يجب أن تكون قاسيةً هكذا، لا ذنب لأكرم بتجربة أخته الفاشلة مع مروان.

حياة:
_يامن لا تتدخل، فالأمر كبير وصعبٌ جداً.

أكرم بغضب:
_يبدو انني لست المدلله إسراء، حتى يتم مساندتي في أمر حياتي الخاص، يا حياة خانم.

أمسكت حياة الوسادة ورمته بها وقالت بغضب:
_اعلم اني لن أبارك لك هذا الزواج، وأنت حر يا ابن بطني.

يامن:
_اهدأي، وتحلي بالحكمة.

_اخرس يامن، الغضب يكاد يقتلني من برودة أعصابك يا رجل.

فأمسك اكرم الوسادة وأعادها لها وقال:
_لو ضربتني بالسلاح، سأتزوجها ولن أتراجع أبداً، ولتعلمي أن إسراء أنانية وهي من تخلت عن مروان، وانا أحب رفيف ولن أتخلى عنها.

قال يامن:
_رجل وتشبه أباك، أحسنت بني أحسنت.

وخرج يامن بسرعة بعد قوله هذه العبارة وهو يقول لأكرم:
_اهرب بسرعة فأمك الآن غاضبة وقد ترميني أنا بتلك الوسادة.

فضحكا وقال لأكرم:
_دافع عن حبك بني، كن رجلاً دائماً.

_شكرا أبي.

تبسم يامن وافترقا كل في اتجاه.

وفي بيت إسراء الجديد حيث كانت قد نقلت كل شيء إليه وقد أصبح جاهزاً للسكن وكانت قد خططت لتنقل أهلها معها إليه، إلا أنهم رفضوا ذلك.

وهنا في هذه اللحظة وصل مروان وكرق الباب.

_مرحباً إسراء، هل تشعرين بالسعادة في بيتك الجديد.

_طبعاً، وجداً.

_ما سبب طلبك لي في الحضور إلى هنا.

_كنت أريد أن أطلب منك أن تبعد أمك عن أمي، فقد أساءت لها وأنا لن أسمح لأحد مهما كان أن يخطأ بحق أمي.

_امك هي التي أخطأت بحقها، لكن انا اعلم انت لن تقولي الحق أبداً، فكم كانت تخطأ بحقي عندما كنا متزوجين، وكنت دائما تقفين معها.

وراح كل منهما يذكر الآخر بمواقف قديمة، حتى غضب مروان وأمسك بيدها وشدها إلى صدره واقتربت أنفاسها من أنفاسه، وفجأة نسيا كل العراك وراحت الصور القديمة تمر بذاكرتهما حتى انتهى بهما الأمر في غرفة نومها.

وأقفل كل منهما جواله وبقيا معاً حتى الصباح، وعندما استيقظت إسراء وحدت نفسها مع مروان في السرير فحن جنونها وراحت تثرثر بغضب:
_كيف حدث هذا؟ لم يكن يجب أن يحدث هذا.

_هل ندمت إسراء؟

_لم يكن يجب حدوث هذا مروان، لا يجوز.

_لم تستطيعي مقاومة حناني، ههههه.

_اخرس مروان، وانس كل ما جرى واعتبره ضعف ما كان يجب.

وانصرفت بسرعة بعد أن لملمت نفسها وهي تشتم وتثرثر:
_لن تتغير، لماذا سمحت بهذا، انت دائما أحمق وساذج، لن تتغير.

_أتقولين عني ساذج، أين كان ذكاؤك عندما استسلمت لي يا إسراء الغبية المغرورة.

وانصرفت إلى الشركة وتبعها هو أيضاً ليجدا كارلا وكنان هناك وكل منهما يشعر بالغضب من قرينه.

حيث لحق كنان بها إلى مكتبها وقال لها:
_لمَ جعلتني أنتظرك البارحة، ولم تأتي وفوق كل هذا أقفلت خطك، هل تسخرين من مشاعري.

تقدمت منه عندما شاهدت مروان برفقة كارلا وقالت بدهاء:

_سامحني حبي، لقد غافلني النوم وكان
جوالي مطفأً، سأعوضك لاحقاً، أعدك بذلك.

وهناك في الجانب الأخر كانت كارلا تعاتب مروان بغنج وتطلب منه التفسير.

وكعادته تصرف تجاهل الأمر وتصرف مع كارلا، ووعدها بأن يترافقا مرة أخرى.


وهكذا بين فر وكر، بين مروان الحاقد على إسراء، وبينها تسارعت الأحداث وبدأت العلاقة بين كل زوج منهما تتصاعد وتتطور إلى أن مضى حوالي الشهر والنصف، وفي أحد الأيام كانت إسراء تواعد كنان وبينما هما في المطعم، شعرت إسراء بدوار ورغبة بالاستفراغ.

كنان:
_ما بك إسراء هل أنت بخير؟

_لا أدري، سأذهب إلى الحمام.

قلق عليها كنان ورافقها حتى وصلت وانتظرها في الخارج، لكنه سمع صوتها وهي تتقيأ فخاف عليها، وبعد أن خرجت إليه فسألها:
_هل انت بخير حبيبتي؟

_لا أدري كنان، لكن يبدو انني قد تعرضت للبرد، لا تقلق.

لكن هذه الحالة تكررت عدة مرات، ما أقلق كنان..
حيث قال لها:
_عليك مرافقتي إلى الطبيب لأطمئن عليكِ، إسراء.

_حسناً هيا بنا، لانني أشعر بالدوار مجدداً.

وفعلاً رافقها إلى الطبيب الذي عاينها وخرج إلى كنان وقال له:
_مبارك، زوجتك حامل.

صدم كنان من وقع الخبر ولم يستطع أن يخبر الطبيب أنه ليس زوجها بعد، فشكره ودخل إليها والأفكار تتخبط في رأسه، وفي الداخل اقترب منها وهو ينظر لها بقهر وقال لها:

_كيف حدث هذا؟ هل كنت تسخرين مني إسراء، أنت تكذبين علي، ولا تحملين لي أية مشاعر.

_ماذا هناك كنان؟ ما الذي تقوله؟ أنت تعلم مدى حبي لك.

_يكفي إسراء.

_تكلم.

_أنت حامل بالشهر الثاني، من هو أب الطفل، بالطبع لست أنا، فأنا لم أقربك أبداً، الآن فهمت سبب تمنعك عني، انت عاشقة لأحد أخر، ولكن، لكن لماذا؟

_هلا رافقتني كنان إلى خارج هذه العيادة وسأحدثك بكل صدق عن هذا الطفل.

وهناك بعد أن خرجا معاً حدثته عن علاقتها السابقة بمروان وطلبت منه ألا يخبره عن الطفل.

_لا اريده أن يعرف بالطفل، سأربيه دون أن يعلم بأنه ابني.

_لكن لماذا؟

_لن يكون أبا جيدا، وما حدث بيننا كان غلطة؛ لأننا كنا نشرب الخمر يومها، ولم نعلم كيف وصلنا إلى ما حصل يومها، مجرد غلطة.

اقترب منها كنان، وحرك بأنامله خصل شعرها وقبلها على جبينها وطلب منها:
_هل تسمحين لي أن أكون أباً لطفلك إسراء.

نظرت له وقالت بحب:
‏_بالطبع أقبا، عجل بمعاملات زواجنا.

_أحبك بجنون، لا تتخلي عني، لا أستطيع العيش بدونك، أنت كالهواء الذي يضج فيرئتي، أحبك أحبك جداً.


وفي هذه الأثناء كان مروان يعبر لكارلا عن إعجابه بها.

وهي تفصح له عن حبها الشديد فراح يخبرها:

_أنا أيضاً ولكن هل نسيتِ.من أكون ، لن يقبل.أبيك بسبب وضعي المادي، لن أستطيع أن أجعلك تعيشين برفاهية كأبيك لذلك، لتنسي الأمر كارلا.


بكت كارلا وتوسلت له:
_لا تتخلى عني، أنا أحبك كثيراً جداً.

_وماذا عن أهلك؟ لا أريد أن تكوني عاطفية في قراراتك.

قالت كارلا بلهفة:
_أتعلم مروان، سأقنع أبي بأن يساعدك بتطوير أعمالك، وشغلك الخاص.

_حقاً حبيبتي، أنا أحبك كثيراً.

تبسمت له كارلا وقالت له:
_وأنا أيضاً، أحلم باليوم الذي سيجمعنامعاً تحت سقف واحد.

وراح يقول لنفسه:
" انتظريني إسراء، حان الموعدللانتقام منك، ورد الصاع صاعين."

وبالفعل الوقت حصل هذا فاستطاعت اقناع أبيها، ثم تمت خطوبتها على مروان بعد أن خططت.لقضاء ليلة خاصة معه، فأخبرته بعد فترة من الزمن.

_مروان،.اكتشفت أنني حامل وعليك الاسراع بخطبتي، قبل أن يكشف أمرنا.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي