26

كان مروان قد خرج من البيت ولكنه لم يخرج إلى الشركة بل ذهب إلى المحقق ليفهم مستجدات المحاكمة، ثم عاد إلى الشركة، ولم يلتق بإسراء حينذاك.

وصلت إسراء وموسى إلى الشركة ولم تجد مروان؛ لتخبره بما حصل معها.

اتصلت به:
_مروان، أين أنت؟ أحتاجك تعال بسرعة.

_ماذا هناك إسراء؟ أقلقتني.

_عندما تأتي، سأخبرك بكل شيء.

_تمام، اهدأي سآتي بسرعة.


شعر مروان بالقلق عليها واستأذن المحقق وانصرف بسرعة بعد أن علم بتفاصيل تخص أكرم.


وهو في الطريق راح يتذكر كلام المحقق عن أكرم:
"للأسف تأجلت المحاكمة فترة لأن الطرف الأخر قدم أدلة جديدة وشهود جدد، أكرم الآن في مأذق جديد"

_سيادة المحقق ما القصة، ألم تخبرني، أنه سيخرج، ماذا سأقول للعائلة الآن؟

_المشكلة أن الطرف الأخر قد وجد طريقة قد تكون مزيفة للتلاعب بتفاصيل القضية امبر وقت ممكن، ادرك أن أكرم بريء لكن القانون قانون.

_كيف هذا؟ هل نحن نلعب.

_اهدأ سيد مروان، هناك حلول بديلة.

_أنا سأتصرف.


نسي مروان أمر إسراء وتابع طريقه إلى عنوان الجهة المدعية.
_مرحباً

بسخرية:
_أوووه، سيد مروان، ماذا أرى؟

_جئت للتفاهم معك.

_عن أي تفاهم تتحدث يا رجل؟

_أنت تعلم أن أكرم لم يقتل أحداً، ومن سوء حظه أنه تواجد بالخطأ هناك. وكما ترى أن الأمر مدبر.

تململ الرجل، وغضب وطلب من مروان:
_اخرج، من بيتي، لا أريد الحديث بأي شيء.

أمسكه أكرم من ياقة قميصه ودفع به إلى الحائط بقوة وقال:
_انظر يا هذا، معك مهلة للغد للتفكير ستتصل بي معلناً طلباتك، وننهي الأمر وإلا سيحصل ما لم يحمد عقباه، وأعدك ان ينتهي الأمر دون ثرثرة، أتفهم؟

نظر إليه نظرة تهديد، وشده بقوة ثم دفعه وانصرف باتجاه الخروج من الباب لكنه عاود الالتفاف وقال:
_انتظر اتصالك غداً وطلباتك بالكامل، خذ راحتك بما تطلب ستلبى بالكامل لكن إياكَ أن تغضبني.

وانصرف والرجل يحاول استرداد هدوئه..

وبينما يركب مروان بالسيارة تتصل به إسراء فطرق بيده على رأسه وقال:
_تباً، لقد نسيت إسراء، علي الإسراع.

ثم رد على مكالمتها:
_حبيبتي، قادم أنا قادم.

ردت إسراء بغضب:
_لا داعٍٍ سيد مروان، أنا غبية؛ لأنني اتصلت بك أصلاً وطلبت منك المجيء لأمرٍ ضروري.

_أسف حبيبتي، سأشرح لك فور مجيئي.

_عموماً، أنا لم أعد في الشركة، أنا مع أطلس في البيت.

ثم أغلقت الخط في وجهه، فقال لنفسه:
"اللعنة، انا الآن في ورطة مع إسراء."

ضحك وتابع باتجاه البيت مسرعاّ، واتصل بموسى:
_موسى، وافني إلى البيت أنت وزينو أنا بحاجة لمساندتكم، فإسراء غاصبة.

ضحك موسى وقال:
_أبشر يا أخي، سنكون هناك خلال فترة قصيرة.

أما أكرم فقد كان يشعر في السجن بضيقٍ شديد، وبدأ صبره ينفذ فأحواء السجناء لا تناسب تفكيره وأخلاقه.

نظر إلى نفسه في المرأة التي علقت على الحائط وقال بيأس:
"لقد طالت لحيتي، وكثر الشيب فيها"


وفي هذه الأثناء قام أحد السجناء وتنمر على أخر وضريه وطعنه بسكينٍ وصلت إلى يده خلسةً عن الشرطة، وهذا ما زاد خوف أكرم:
_يا إلهي، ماذا فعلت؟ إنه ينزف، سيموت،نادوا على الشرطي.

زادت الفوضى في السجن، وبدأ الصراخ والخوف، فاقترب أكرم وامسك بقضبان السجن وراح ينادي:

_النجدة، النجدة، ساعدونا، أيها الشرطي ساعدونا، أرجوكم أخرجوني من هنا، لا أريد البقاء هنا ثم جلس على الأرض قرب الباب وراح يبكي، ويبكي يائساً ينادي عائلته بأسمائها.


_رفيف، ابني، ماما زمرد، اشتقت لكم.

في تلك الأثناء دخل الشرطي واتجه لير ما حصل وحل الأمر باتصاله بالاسعاف ونقل المصاب إلى المشفى اما الفاعل فقد قيد إلى المحقق.

وفي بيت زمرد كانت زمرد تلاعب الطفل وتغني له وتهدهد؛ لأنه لم يكن يسكت عن البكاء أبداً.
أما رفيف فلم تكن في البيت لأنها نلقت اتصالاً وخرجت بسرعة.

وهناك في حديقة بعيدة عن البيت التقت بإياس الذي هددها بأن يفضح أمرها.

_أرجوك دعني وشأني.

_لا يا حلوة، إذا لم تطيعي أوامري ستكونين في مأزق، صورك الشخصية مع خطيبك السابق في جعبتي كما رأيتِ، وإن لم ترضخي لي، سأنشرها على السوشيال ميديا، وقبل هذا كله سيراها مروان

تبكي رفيف وتتوسل له:
_لو سمحت لا تؤذي أخي وزوجي أرجوك.

_الحل بيدك.

شرح لها المطلوب منها وانصرف بعد أن أعطاها مهلة ثلاث أيام للتفكير كأقصى حد للتنفيذ، نظرت إليه بكل خوف وتوتر وهو يمشي متبختراً مبتعداً عنها.

صارت تحدث نفسها بتوتر:
"يا ربي، ماذا سأفعل، أنا في ورطة حقيقية، لا ادري كيف وصل إلى خصوصياتي هذا السافل، أنا أحب أكرم ولا أريد أن أجرحه، يا ربي إلى أين سألجأ.

وعادت إلى البيت يائسة فاحتضنت طفلها وقتلت لأمها:
_أشعر بالتعب وأريد أن أنام.

_حسناً حبيبتي، ابنك نام منذ لحظات ناني قربه، سأذهب لبيت محاسن قليلاً.

_تمام.


أما مروان فقد وصل متزامناً مع موسى وزينو إلى البيت ليجدوا إسراء غاضبة من مروان الذي اقترب منها:
‏_إسراء، إسراء اسمعيني.

_ابتعد عني.

تدخل موسى قال لها:
‏_اهدأي أختي إسراء، أخي مروان لم يقصد وله أسبابه.

كانت إسراء غاضبةً جداً لدرجة أنها صرخت بموسى وتلفظت بطريقة غير مدروسة:
أنت لا تسأل عني وأنا سأحن، إياس السافل هددني، وكلب مني طلبات لا أستطيعها.

صعق هنا مروان من كلام إسراء وبدأا بالشجار..

_كيف تذهبين إليه دون علمي؟

_كنت أريد أن أعرف من يكون، ثم انني كنت سأخبرك، وأصلا ً لم أذهب لوحدي.

يتتفض موسى هنا ويحاول أن يمنعها من لفظ اسمه وقال:
_اهدأوا يا جماعة لا يجوز هذا.
زينو:
_اسراء اسراء تنفسي بعمق، زفير زفير، شهيق أحسنت.

مروان:
_عموما سأحطم رأسه وسوف ترين هذا غداً.

_امممم تمام، حطم رأسه.
_امممم سأحطم رأسه.
اعتذر موسى وزينو وقررا الذهاب مقررين مسبقاً أن موسى وإسراء لا يجب ان يبقيا على خلاف.

وبعد انصرافهما تأجج الخلاف شبت حرب كلامية انتهت بخروج مروان غاضبا من المنزل لتلحق به إسراء التي وصلتها في لحظتها رسالة:
(أرجوك إسراء ساعدني، أنا تعبانة جداً .رفيف)

قالت إسراء في نفسها:
"ما بها هذه أيضاً."

وراحت تنادي عليه لكنه كان مسرعاّ

جدا لدرجة أن لم ينتبه لمرور سيارة مسرعة صدمته وسقط على الأرض.


جمدت، صرخت أسراء ، تذكرت كل شيء،
وصرخت:
_لااا، لاااا مروان، مروان، لماذا، أنا أحبك لم، أيها المجنون.

اتصلت بالاسعاف وبموسى؛ ليعود بسرعة، اقتربت منه ، ضمته، صاحت وصل الاسعاف، وأغمي على إسراء فانتقلا كلاهما إلى المشفى.

اتصل موسى برفيف، وطلب منها أن تخبر العائلة بهدوء بما حصل حيث بقي مروان عدة ساعات غي حالة إغماء أما إسراء فاستيقظت متذكرةً كل شي.

وهكذا عادت الذاكرة لها ولكن في الوقت الخطأ فزوجها في المشفى بوضع ليس جيد، ورفيف في خطر.

وصلت العائلة جميعها، وهي تشعر بالقلق تجاه مروان وسعدت بعودة الذاكرة لإسراء.

محاسن:
_الف الحمد لله يا بنتي، الحمدلله.

يامن يضمها ويهتز معها:

_حمدا لله، حمدا لله.

شكرتهم إسراء وطلبت منهم الدعاء لزوجها مروان، وراحت تبكي وتبكي:
_ماما، يا الله ماذا يحدث لنا.



جن جنون إسراء لما حصل لمروان وبقيت ملتصقة فيه تتءكر كل تلك الأيام الجميلة التي عاشتها معه بعد وقبل فقد الذاكرة و تذكرت التفاصيل والصعوبات التي حصلت بينهما سابقاً.


كانت تجلس قربه في المشفى وتمسك يده وتقول:
‏_مروان لا أستطيع العيش بدونك هيا قم واشفَ بسرعة.

دمعتها كانت على خدها عندما تحرك مروان فقامت وقد تبدلت الدمعة إلى ابتسامة وصارت تنادي:
_أيها الطبيب، أيها الطبيب، أيتها الممرضة، لقد تحرك، مروان بخير.

نظرت إليها الممرضة بلطف وقالت لها:
_من قال أنه ليس بخير، هو فقط نائم بسبب الدواء؛ لأن فيه نسبة منوم.


ضحكت إسراء وقالت:
_حقاً، إذاً الحمدلله، السيارة صدمته امام عيني فطبيعيٌّ أن أقلق، لا تشعريني بالغباء لو سمحتِ.

ضحكت الممرضة وانصرفت وهي تقول:
_السيدة تحاول ان تصنع دراما في المشفى.

غضبت إسراء وجزت على أسنانها وكادت أن تذهب لتصفعها لولا ان يداً أمسكتها من يدها والتفتت إلى الخلف لتجد يد مروان تمسك يدها.

كلمته وهي تقول:
_إنها وقحة تسخر من مشاعر حبي لك وقلقي عليك.

وتفاجأت أن مروان لا يزال مغمضاً عينيه وان الحركة حركة لا إرادية..

راح يهمهم ويقول وهو ناىم:
_إسراء، إسراء عِشْقُكِ جُنونِي، لا تتركيني حبيبتي.

اقتربت منه ووضعت وجهها على صدره وضمته وقالت بحنان:
_يا عمري أنت، وأنا أحبك بجنون.


اما رفيف فقد كانت قد اضطرت للانصراف بعد أن اطمأنت على أخيها ونسيت أن تخبر إسراء التي نسيت بدورها رسالتها الأخيرة.


حيث تابعت رفيف إلى الكافيه الذي واعدها الرجل فيه.

إياس:
_أرأيت ما حصل، هذا أقل ما يمكنني فعله.

_أيها الوغد الحقير أنت من فعل هذا بأخي.

_شاطرة، هذه المرة لم أقتله، المرة القادمة ستكون القاضية، وبالمناسبة، أكرم ليس سعيداً في زنزانته أبداً، إنه يشتاق لكم.

_أتفصد؟

_بالضبط،شاطرة أنا من حرك الأدلة الجديدة للإيقاع به، فكري جيداً بما طلبت وسوف نرى.

صارت تتوسل إليه:
_أرجوك، ماذا فعلنا لك يا هذا ومن أنت ولم تفعل كل هذا بعائلتي.

_سأخبرك بالوقت المناسب، القرار بيدك، سلام.
_اء،اء، انتظر أرجوك.
تركها وراح يمشي تلك المشية المغرورة دون أن يسمع لها.


وضعت يدها على رأسها وراحت تبكي وتبكي لدرجة ان الناس هناك راحوا ينظرون لها بطريقةٍ غريبة وفجأة رن هاتفها معلنا وصول رسالة وجدت فيها طلبات إياس من رقم آخر.


فقالت بغضب:
_سوف نرى من سيضحك أخيراً أيها السافل.

ومضت إلى بيتها وهي تفكر بطريقة توقف ذلك السافل فيها من تخريب حياتها.
"كان علي أن اخبر أخي مروان، فلا بد ان كان سيوقفه عند حده، لكنني تأخرت، وإسراء مشغولة به في المشفى، آاااها أجل موسى، ليس لدي سواه سأكلب مساعدته."


هكذا كلمت نفسها قلقةً خائفةً من القادم.



وهناك في لندن، كان عارف بيك قد قرر اللقاء بابنته من ماتيلدا، ولم يعد يهتم بالنتائج، كل ما كان يفكر به هو أن يلتقيها ويصلح ما أخطأه بحقها.


تواصل مع المحامي الذي نظم له اللقاء وانطلق إليها حيث تسكن، وعندما وصل إلى باب بيتها مد يده ليرن جرس الباب لكنها ارتجفت عدة مرات وخفق قلبه كثيراً ونبضاته راحت تتصارع كيف ستسبق بعضها في الخروج من القلب، شعر بضيق نفس، وضغط على صدره، لكنه تماسك أخيراً وطرق الباب.

فتحت له سيدة جميلة جداً د، تفاجأ بشكل السيدة التي استقبلته بنفس الابتسامة، نظر إليها وعاد به العقل إلى الوراء حوالي ٣٥سنة:

"يا إلهي كم تشبه ماتيلدا، نفس الوجه، نفس الابتسامة."

قالت له السيدة:
_تفضل يا عم، بماذا أخدمك.

"نفس نبرة الصوت تقريباً، يا سبحان الله."
_يا عم، بماذا أخدمك.

صحا وقال لها:
‏_هل أستطيع الدخول يا ابنتي، هناك موضوع ضروري علي الحديث به معك.

‏_معي أنا؟

‏_أجل إن كنت لا تمانعين.

_بالطبع تفضل.

راحت تنظر له وهو يدخل ولا تدري لماذا خاطرت بإدخال رجلٍ غريب إلى بيتها..

قالت لنفسها مستغربةً:

"ما بي، ما هذا الشعور الذي دفع بي لتقبل دخول رجل غريب، لم أشعر بأني أعرفه، يا إلهي من يكون هذا الرجل المسن وماذا يري مني."

كان يمشي بخيلاء رغم كبر سنه حتى أوصلته إلى غرفة الضيوف واستأذنته لصنع القهوة.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي