الفصل الثامن

وبينما زينو في الداخل تلد طفلها بمساعدة الكادر الطبي وموسى قلقٌ ومعه إسراء يقفان في الممر ينتظران.

موسى:
_يارب كن مع زينو وطفلنا.

إسراء بابتسامة:
_لا تقلق عليها ستكون بخير إن شاء الله، ليس هناك أجمل من مشاعر الأمومة التي بدات منذ الآن.

_لكن صوتها يظهر مدى تألمها.

_أمرٌ طبيعي، هيئ نفسك لتكون زوجاً صالحاً وأباً عطوفاً، أعطهما الحب بكل استطاعتك، لأن الحب هو أهم شيء.

ضحك موسى وقال:
_سيكونان كل حياتي، أتعلمين إسراء؟ عليك التفكير ملياً بإصلاح الأمور مع أخي مروان، فلن يحبك أحد مثله.

أدارت وجهها وقالت بحزن:

_لن ينفع هذا الكلام، فهو زوج لأخرى وأب لطفل منها.


وبينما هما يتحادثان، مر مروان مسرعاً ومعه الطفلة ويبدو عليه القلق.

فنادى عليه موسى:
_مروان، مروان انتظر.

التف مروان باتجاهه وفوجئ به. وهو يسأله:
_كيف حالك يا أخي، خيراً ان شاء الله ما بها الطفلة.

_إنها مريضة، وأنت لماذا أنت هنا، ولمَ إسراء معك؟

_زينو تلد طفلنا، وإسراء جاءت لتكون معها.

نظر مروان بحزن:
_حسنا لا بأس عليها مبارك لكما، إعذرني علي التواصل مع طبيب بسرعة فابنتي ساخنة جداً.

_لا بأس عليها.

يلتفت مروان إلى إسراء التي كانت تقف بعيداً وتحاول التظاهر بتجاهل مروان، ولم تكن قد سمعت ما تحادثا به.

وموسى أصر على أن يرافقه ولكن مروان قال له:
_موسى، عليك تن تبقى مع زوجتك إنها الآن بأمس الحاجة لك، انتبه لها.

_لا عليك يا صاح، أقسم أنني اشتقت إليك.

يضمه مروان بيد ويحمل الطفلة بالأخرى ويقول له:
_نتكلم لاحقاً، ابق مع زوجتك، تمام، أراك.

_تمام.

ثم يمضي بسرعة إلى الطبيب، ويعود موسى إلى إسراء فيخبرها بحال طفلة مروان، فتحزن إسراء وتتعاطف مع حالة الطفلة.

هنا تصدر صرخة طفل في الداخل فيهرع الاثنان معاً للإطمئنان على زينو.

الممرضة:
_حمداّ لله على سلامتها، إنها بخير وقد ولدت طفلةً جميلة كالقمر، مبارك.

ضم موسى إسراء وابتسامته لا تتسع خديه، وإسراء أيضاً.

_مبروك موسى، مبروك، تعال ندخل لنطمئن عليها.

وفي الجهة الأخرى كان الطبيب يتفحص وضع الطفله ومروان متوتر جداً لكن الطبيبه طمأنه عن حالتها وفي تلك الاثناء دخلت إسراء وموسى الى زينو.

اسراء:
_ مبارك يا حبيبتي مبارك، طفلتك جميله جدا.

موسى:
_ انها تشبهني أنا.

ضحكت اسراء وقالت:
_ بل تشبه امها.

ثم قالت زينو وهي لا تزال متعبه:
_ مبارك لنا يا حبيبي.

يقترب منها موسى ويقبلها:
_لقد أتت لتزيد من كمية الحب لك في قلبي.

اطمأنت إسراء على زينو، وقالت لموسى:
_ ابق مع زينو، لن أتاخر عليكما هناك أمر ضروري يحب أن أفعله، سأعود حالاً.

_حسنا إسراء شكراً لك، أتعبتك معي.

_اخرس موسى، إسراء أختي، وأنت أيضاً
مثل أخي.

وهنا لحقت بمروان لتجده في غرفه مع الطفلة والطبيب.

_ مرحبا مروان كيف حال الطفلة؟

_ إنها بخير شكرا لك.

تقترب اسراء من الطفله وتكلمها:
_ كيف تشعرين الان ايتها اللطيفه؟

تبتسم الطفله وتقول لها:
_ أنا بخير يا خالة.

_ إسراء تقول أجل أنت بطلة جميلة هيا اخلدي الى النوم وارتاحي.

تبتسم الطفله ثم تغمض عينيها، وعندما ينهي الطبيب فحصه لها يقول:
_ إنها بخير الآن، فقط التزموا بالدواء، وستتعافى قريبا.

فيقول مروان:
_ شكرا لك أيها الطبيب، متى يمكنني أن أنقلها إلى البيت.

_غداً صباحاً.

ثم تلتفت إليه إسراء وتقول:
_ الحمد لله على سلامتها.

_ شكرا على لطفك يا إسراء.

يقول الطبيب لمروان:
_ عليك إحضار الدواء فوراً.

فتبكي الطفله ثم تقول:
_ أريد أمي يا أبي.

يشعر مروان بالتوتر، ويقول لها:
_ سأعود فورا يا حبيبتي.

فتتدخل اسراء وهي تبتسم:
_ سأبقى أنا معها لا تقلق.

_ أشكرك إسراء، لن أتاخر.

ومضى هو وراحت إسراء تسأل نفسها:
"ما به مروان؟ لماذا لم يرد على ابنته بما يخص كارلا، هل هما على ما يرام، هناك أمرٌ غريب."

وراحت تمسح للطفلة شعرها قليلاً قليلاً حتى نامت، ثم وقفت قرب الباب وأسندت رأسها وراحت تفكر بهذه الطفلة وتقول:

"هذه الطفلة، أخت لابني أطلس وهي وهو لا يعلمان بهذا، وحتى مروان لا يعرف، ما هو الصواب يا رب ساعدني أرجوك؟"

وعندما وصل مروان كانت لا تزال سارحةً بأفكارها ولم تنتبه لوصوله فأمسكها بيدها ونظر إليها بشوق وكأنه يريد أن يخبرها:

"أحبك أحبك، مهما حدث بيننا، لكنك أنت من فعل بي مالم أتوقع، لقد تخليت عني، في أهم وقت احتجتك به، كم أشتاق لك إسراء، لكن لا لن أتخلى عن موقفي مهما حدث."

فشدت يدها وقالت له:
_ ما بك مروان، ما الذي تفعله؟

فخرج بصوتها من خياله، وقال لها:
_لا، لا شيء، كنت قد لا حظت شرودك، فحاولت إيقاظك منه، فقط.

_آها.

وسقطت عينا كل منهما في عيني الآخر و امتدت الذكريات القديمة إلى ان صرخت الطفلة:
_أبي، تعال إلي، ألم تأتي ماما بعد؟

_لا تقلقي حبيبتي، ماما مسافرة بسبب العمل، ستأتي غداً.

_تعالي لنأخذ الدواء، هيا صغيرتي.

نظرت إليه إسراء باستغراب ثم قالت له:
_حسنٌ، اتكأن قلبي على الصغيرة، سأذهب الآن لأرى زينو والطفلة.

تبسم مروان:

_هل ولدت طفلة؟

نظرت إلى الطفلة وتبسمت قائلةً:
_أجل طفلة مثل هذه الملاك الذي يجلس على السرير بهدوء.

_سأزورهما للمباركة قريبا، الآن لا أستطيع ترك طفلتي.

_حسنا إذاً، إلى اللقاء، إلى اللقاء يا حلوة.


قالا لها:
_إلى اللقاء.

وتابعت في طريقها إلى زينو وهي تنظر إلى الخلف وكأنها تتمنى أن يركض خلفها مروان ويعانقها ويعتذر عن كل ما جرى.

وفي اليوم التالي خرجت زينو وموسى برفقة إسراء والطفلة، وكذلك مروان والصغيرة وعاد كلٌ منهم إلى بيته.

وفي بيت مروان لم يجد كارلا بعد فاتصل متعمداً بعمه عارف بيك:
_صباح الخير يا عم، كيف حالك اليوم؟

_أنا بخير، كيف هي كارلا ألم تذهبا إلى العمل بعد.

فهم مروان أنها لم تنم في بيت أبيها، فقال له:
_صغيرتي مريضة قليلاً، سآتي بعد أن أطلب من الخادمة الاعتناء بها.

_حسناً بني، انتبه لها، وسأوافيكم مساءً للإطمئنان عليها.

نامت الطفلة في سريرها بعد تناولها الطعام والدواء.

وبعد قليل وصلت كارلا.
_صباح الخير مروان.

فنظر لها نظرة القرف وقال:
_كيف هو حال أبيك؟

وضعت يدها على شعرها ووضعت خصلة خلف أذنها وتظاهرت بالامتنان لسؤاله:
_إنه بخير، لقد أرسل لك السلام.

_حقاً، شكراً له، سأذهب الآن إليه فوراً، هلا اهتممت بالطفلة أيتها الأم الفاضلة، فابنتك نامت ليلة البارحة في المشفى.


بصدمة:
_ ماذا تقول، ابنتي حبيبتي، لمَ، لمْ تخبرني، لمَ، لمْ تتصل بي مروان، لمَ؟

_لقد فعلت، لكن خطك كان مقفلاً.

نظرت إليه وقالت لنفسها:
"هل يعقل أنه عرف شيئاً؟ هل اتصل بأبي؟ لا لا أعتقد، كان سيغضب، إنه يبدو لطيفاً اليوم."

فاقتربت من طفلتها النائمة وراحت تقبلهت وتشتم رائحتها، فأهانها مروان:
_لا يليق لك، ان تمثلي دور الأم، أيتها الكاذبة.

قال هذا ثم تركها مصدومة حائرة تملم نفسها بخوف.

والتحق بعمله وهناك وجد موسى وقد احضر الحلويات ويقوم بتوزيعها على جميع زملائه في العمل.

_ماذا يفعل الأب الفرح؟ كيف تترك زوجتك في مثل هكذا يوم؟

_اهلاً مروان، لم أتركها إن حماتي معها، تفضل خذ ما تشاء.

ضما بعضهما بشدة وكأنهما يعاتبان بعضهما بحب، فقال مروان:

_مبارك لكما وصول الطفلة يا موسى، وكيف حال زينو الآن؟

_إنها بخير، شكراً لك.

_أحتاجك في أمرٍ مهم يا صاحبي، أنهِ ما في يدك، واتبعني إلى مكتبي.

فرح موسى بطلبه وقال له:
_ فوراً.

وفي بيت عارف كان يقف أمامه في مكتبه شخص يضع قبعةً على رأسه حيث كان يبكي عارف ويؤنبه:

_ لقد تأخرت كثيراً، مهمتك ابتدأت اليوم.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي