٢٣

23:

وهناك في بيت زمرد كانت محاسن قد أتمت طبخ ورق العنب وراحت زمرد تأكل وتأكل ثم راحت تتنمرد على محاسن التي غضبت وخرجت من بيتها وهي تقول:
_أنا الغبية التي أوقفت منار، أستحق ما يحصل لي.

وبعد قليل وصلت إلى بيتها ووجدت المحقق قد عاد ليتابع قضية أكرم من جديد

المحقق موجهاً كلامه إلى يامن:
_لم يعد هناك تساهل في القضية فقد تغير القاضي، ورفض التهاون فبقاء أكرم خارح الزنزانة لا يجوز، قد تحاسبه عليه السلطات الأعلى منه.

_لكنه لم يفعل شيئاً سيادة المحقق، ما العمل في هذه الحالة؟

_إثبات براءته، لا حل ثاني.

_هذا عملك سيدي.

_ومن قال أنني لن أحل هذه القضية، لكن يجب أن يحجز أكرم، هذا أمر فاضي، حتى نكشف اللغز.


لطمت محاسن على وجهها:
_يا ويلي، يا ويل قلبي عليك يا أكرم.

أكرم:
_أمي انتبهي لنفسك، ولرفيف وابني.

راحت تبكي وتبكي وتقول:
‏_لن نتركك، سنزورك يا أكرم.

وبعد قليل وصلت رفيف بعد أن سمعت بالخبر، جاءت وهي تصرخ وتبكي على زوجها:

_أكرم لم يفعل شيئاً، أين مروان أخي، أرجوك ساعد أكرم، مروان.



زمرد تهرع إلى ابنتها وتحضنها وتحاول أن تهدئ من روعها، وفي هذه اللحظة اقتاد المحقق أكرم مجدداً إلى المغفر..

ومن حلال التحقيق المطول بعد احتجاز أكرم وانقلاب حياة العائلة وتعرضهم للكلام والاشاعات في الشارع والعمل.

حيث تعرضت إحدى الجارات لزمرد وقالت لها مرة:
_مسكينةٌ رفيف، قالوا عن زوجها أنه قتل الرجل وأخفى جثته، يا لطيف.

وقالت الأخرى رفيقتها:

_هي الدنيا هكذا، مرةً تعلي ومرةً تنزل، لا شيء يدوم.

ورحن يتغامزن ويتلامزن..

جزت زمرد على أسنانها:
_أجل نحن عائلة مشهورة بالقتل، إن غضبنا نقتل الشخص وربما نقطعه إربا إربا، ولعلمكما أنا الآن غاضبةٌ جداً، فانصرفن من أمامي فوراً.

خافت السيدتين المتكفلتين وهربتا وهما تثرثران، فقالت زمرد لنفسها:
_"تبا للحب يا رفيف، ألم يعجبك غير أكرم."

أما رفيف فقد تعرضت لهذا النمط من البشر في العمل حيث وحهت لها إحدى زميلاتها الحشريات النقد والإساءة:

_قيل يا رفيف، أن زوجك يتاجر أيضاً في المخدرات، وا...

رفيف بغضب وتوتر:
‏_وا، ماذا أكملي سارين.

‏سارين:
‏_اااا، يقولون أيضا؟ أنه زير نساء.
‏فجزت على أسنانها ووقفت من على مكتبها وتركت ما بيدها من أوراق:
‏_أجل، أجل وأنا شريكة له، وإنزلم تصمتي سيطولك إجرامي.


‏ثم تركتها وانصرفت إلى المدير وحصلت هلى إجازة واتجهت باتجاه إسراء التي كانت قد اجتمعت مع زينو في بيتها.

وعندما دخلت رفيف كانت دموعها تهطل وهي تحمل طفلها الذي أحضرته في طريق عودتها، ووضعته في يد زينو زاحتضنت إسراء:

_إسراء، لقد تعبت.

ضمتها إسراء بقوة وقالت:
_حبيبتي، معك حق،اهدأي، خذي نفساً عميقاً.

قالت زينو ورفيف تجهش بالبكاء:
_اهدأي رفيف، سيخاف طفلك.

_أكثر ما يحزنني هو هذا الطفل.

إسراء:
_رغم أني لم أتذكر شيئا؟ بعد ويقهرني هذا لكني أحاول التعود حتى أجد حلاً، وليس أمامك إلا الطناش والتعود حتى تظهر براءة أكرم.

زينو:
_بالضبط، تماماً.

أما في بيت محاسن فقد لفت على رأسها عصابة وشدتها على رأسها وراحت تئن وتعن ويامن كان يشغل نفسه بعمله مع الزبائن في المطبخ حتى لا يشعر بهذا الوجع الذي يسكن حبيبته محاسن.

محاسن بقهر:
_هل رأيت الناس لقد خفت رجلهم علينا، لم أصدق، أنه ممكن للحظة سيصدقون أن ابني مجرم، آه يا أكرم.

يامن:
_اهدأي وتوكلي على الله سبظهر الحق.


مرت بهذه اللحظة زمرد ورغم كل الهم لم تستطع إلا أن تزعج زمرد قائلة:
_مسكينة يا زمرد، لقد قل عدد الزبائن في مطعمك كثيراً، يعني، رغم كل شيء لو أنني أمتلك مطعمك لما توقفت وأهملت، لكن أنت ضعيفة كعادتك، أما أنا فقوية جداً.


اما في الزنزانة فقد كان أكرم قد تعرف على السجناء داخلاً ونظم علاقته ونسي كل ما يشعره بالهم.

أكرم وهو يجلس قرب أحدهم:
_ما هي تهمتك؟

_قتل.

_عافاك يا بطل.

ضرب السجين على ظهر أكرم بطريقة اوجعنه وأحنت ظهره فراح يسعل فسأله:
_ وأنت معلم أكرم ما هي تهمتك؟

تنحنح أكرم وعدل هندامه:
_أنا، مخدرات وقتل.

نظر إليه السحين بكل فخر وأصدر صوتاً يبين مدى تقديره وإعجابه لأكرم:

_حياك يا زينة الرجال، رغم أنه للأمانة مظهرك لا يدل على هذا لكن الرجال بأفعالها.

ابتلع أكرم لعايه وتبسم متظاهرا بقوة كاذبة وقال لنفسه، بعد ان استمع لأحاديث السحناء عن تهمهم:

"أشعر برغبة شديدةٍ بالبكاء والصراخ، يا ويل قلبك يا اكرم كم سيطول هذا بك،؟ لقد اشتقت لرفيف وابني كثيراً، اشتقت لأمي وتأنيبها لي، أبي وإسراء،


أما مروان فقد كان يحمل هموماً كثيرةً، مشكلة اكرم من حهة، وذاكرة إسراء التي لم ترجع بعد، ومشاكل الشركة المتراكمة عن عهد عارف بيك، وفوق كل هذا قصة ابنة كارلا التي لم يعرف عنها إن كانت ستنجو.


تواصل مع المحقق الذي أعطاه الأمل:
_توجد مستجدات جديدة في قضية أكرم لصالحه، كن على ثقة سيد مروان الأمر يحتاج بعض الوقت.


مروان:
_يا ربي، أنت تعلم أيها المحقق كم تعرضت العائلة لضغوط وصعوبات بسبب هذه التهمة.

_للاسف أدرك هذا ولكن الأمر كما أسلفت يحتاج الوقت والصبر.

_شكرا سيادة المحقق، لن أوصيك.

وضع المحقق يده على رأسه:
_تكرم.


وبعد خروج مروان من عنده اتصل فوراً بعارف بيك:
_الو سيد عارف، كيف حالك، طمئني عنك وعن كارلا.

أحهش عارف بيك بالبكاء وخاول التماسك قائلاً:
‏_ للأسف يا مروان، إن كارلا في لحظاتها الاخيرة، إنها تحتضر، لقد رفضت الحياة تماماً،والطبيب لم يعط أي أمل بالنحاة.

شعر مروان بكل الحزن وتذكر كارلا الجميلة الجريئة التي كانت تتصرف بكل قوة وعنفوان.


_لاتقل هذا يا عم، كان الله في عونك، هل تود ان آتي إليك، سأكون فوراً عندك.

_لا يا بني لا داعٍ.

_كنت اريد ان أخبرك بأمرٍ مهم.

صمت السيد عارف قليلاً ثم قال:
_ارأف بي يا مروان فلم أعد احتمل.

_لا تخف عارف بيك، إنه خبرٌ مفرح, لقد وجدت ابنة كارلا.

_حقاً، الحمدلله، اين كانت، وهل هي بخير.

_أجل ولكن...

_ماذا هل هي بخير؟

فراح يسرد مروان له القصة كاملة عنها وعن السيدة التي تكفلت العناية بها.

_لقد دمعت عيني، بارك الله بها.

_إذاً ما رأيك بالامر وما المطلوب مني الآن.

_للأسف يا سيد مروان، انا لن أستطيع الاعتناء بها، فأنا الآن لم أعد صغيراً في العمر لأهتمزبكفلةٍ في عمرها، وكما تعلم كارلا كسرت ظهري، وابني بنان_هنا سمع مروان غصةً في صوت عارف بيك أحزنته_

بنان الآن في السجن قبضت عليه الجهات الامنية هنا بتهمة تجارة المخدرات، لم أستطع منعه عن هذه الاعمال السيئة.

_يؤسفني عارف بيك ما تمر به من مصاعب.

_عدني مروان، عدني يا بني.

_تفضل أعدك طبعاً.

_عدتي ان تهتم بطفلة كارلا وان تنظم ما يلزم لتلك السيدة حتى تهتم بالطفلة.

_أعدك، لقد ىدربيت الطفلة كابنة، فكيف سأتخلى عنها.

بعد أن أقفلا اتصل مروان فوراً ليسعدها بقرار الرجل.

اسراء:
_أسعدت قلبي مروان، حمداً لله.

مروان:
_جهزي نفسك سأمر يك لنذهب إلى السيدة جوليا لننقل لها الخبر السعيد.

_بالتاكيد لا تتاخر علي، سأنهي ما بيدي من عمل.

_تمام حبيبتي.

_مروان.

_ماذا؟

_أحبك.

_وأنا أيضاً أعشقك بجنون.

وفي الشركة هناك كانت إسراء تدقق بعض التفاصيل وتوثقها على الحاسوب مع موسى.

_موسى تعال لحظة.

_خيراً إسراء، أرى قلقاً على ملامحك، هل أزعجك مروان بشيء.

_لا، أبداً، انظر هنا، لا حظت ان عميلاً جديداً قد دخل شركتنا، ما السبب وكيف حصل هذا؟

_فعلاً كيف ومتى، هذا الاسم لم يكن موجوداً من قبل، وما ألاحظه أنه مخترق لحاسوبنا.

لعب موسى بأزرار الحاسوب ودقق قليلاً ليجد أن الامر مقلق فعلاً فقال:
_علينا أن نضع مروان بالصورة فوراً،

_حددت اسمه وموقعه، سأتصرف.

وبعد قليل وصل مروان واصطحبها معه، وانطلقا إلى جوليا، وبينما هما في الطريق، لاحظ مروان أنها متوترة
سألها:

_حبيبتي، ما الذي يشغلها؟

نظرت إليه وتصنعت ابتسامةً كاذبة وردت:
_لا، لا شيء ماذا ينقصني، أنا الآن قرب حبيبي.
مد يده وامسك يدها ومسد عليه ثم قال لها:
_ما يجعلني انسى همومي هو وجودك في حياتي، شكرا إسراء.

قالت إسراء في نفسها:
"لن أستطيع إخباره الآن، لا ينقصه هم جديد، سأحدثه بالأمر بعد عودتنا إلى البيت، بعد أن يرتاح.

وبعد وصولهما إلى بيت جوليا طرق مروان الباب وبعد لحظات فتحت السيدة جوليا الباب والكفلة تمسك ثوبها وتنظر ببراءة وقد رسمت ابتسامةً طفوليةً بريئةً.

مروان:
_سيدة جوليا مرحباً، كيف الحال؟

إسراء:
_كيف هي الحلوة بام؟
جوليا:
_أهلا وسهلا تفضلا.
_لا تخافي جئنا ومعنا مفاجأة لكما.

تبسمت جوليا وقالت:
_مفاجاة!! هيا تفضلا لندخل.

مروان:
_عارف بيك سمح لك بحضانة الطفلة لكن بشرط ان تقبلي منه هدية.

_هدية!!!
_سيخصص، لك.راتبا شهريا للطفلة ولك.

_مستحيل.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي