١٨

الفصل الثامن عشر:
سعد مروان يما سمع كثيراً وضم إسراء إلى صدره وقبل رأسها ثم نام.
وفي الصباح وصلت محاسن وزمرد وقرعتا الجرس.

زمرد:
_معيب مجيئنا الآن، لم يكن علينا المجيء

محاسن:
_لا، جئنا فقط لنقدم لهما طعام الإفطار، هذا ليس جديداً عليهما، هل نسيتِ أنهما كان متزوجان قبلاً؟ هيا، هيا اقرعيه ثانيةً.

_طالما قلت عنك أنك مجنونة وأنت دائماً تثبتين لي هذا.

_أنت وقحة ولا تتغيرين أبداً.

فتح الباب مروان وبقربه إسراء وهي ترتدي قميصاً شفافاً، وقال لهما مازحاً:
_ما كل هذا الإزعاج، يا محاسن وزمرد.

إسراء:
_عيب عليك قول هذا، تفضلا.

ضحك مروان وقال لهما:
_تفضلا تفضلا بالطبع أنا أمزح.

زمرد:
_هل أعجبك هذا المزاح المقصود يا سيدة محاسن.

راحتا تضحكان وكذلك إسراء وراحت تضرب مروان على ظهره مؤنبةً لما فعل معهما.

محاسن:
_مبارك، مبارك، أتمنى أن تكون كل حياتكما مليئة بالسعادة.

زمرد:
_ألف مبروك يا أولاد.

إسراء:
_أين أطلس يا أمي، لم لم يأت معكما؟

_لقد كان نائماً مع جده في سريره عندما جئنا فلم يرنا، حتى يامن لا يعلم بنا.

ضحكت محاسن ووقفت على قدميها وقالت:
_هيا زمرد، علينا تركهما، هيا بنا.

_لا، لا لم أسعد برؤية ابني أيتها السمينة.

_أنا سمينة يا ذات اللسان الطويل، ومن يسمع يظن أنك عود رفيع.

ضحكت إسراء بقهقة ومروان وضمها مروان وقالا:
_ماذا قررتما؟

زمرد:
_سنذهب، سنذهب.

وانصرفتا تتدافعان كما حصل في الداخل

زمرد:
_أعام أنك تغارين مني، ومن جمالي وعناي، من دهبي.

تضحك محاسن:
_لن تتغيري يا مغرورة، أغار من هبلة مجنونة.

_اخرسي يا سافلة.

وفي هذه اللحظة يتصل أكرم من المطعم

_ماما أين أنت، هناك شخص ىسأل عنك.

_من هو يابني، وماذا عساه يريد مني؟

_لا أدري لم أفهم شيئاً منه.

زمرد تسألها:
_ماذا هناك، من المتكلم؟
_إنه أكرم، يقول أن شخصاً مهما يسأل عني.

تقول محاسن كلمة مهم لتدب الغيرة في نفس محاسن، وفعلاً تنال مطلبها، وعند وصولهما إلى مطعم محاسن، تجدان الرجل يحلس إلى طاولة.
محاسن:
_السلام عليك يا بني، أنا محاسن تفضل.

فتقفز زمرد وتقول بحشرية:
_وأنا جارتها المبدعة زمرد كورفالي، أشهر طباخة في المنطقة.

نظرت إليها باستغراب، وأكرم حاول أن يقطع الفضيحة التي ستقع بسبب زمرد وأمه أمام الرجل:
_تفضل أستاذ، هذه أمي قل لها طلبك في الحال.

الرجل:
_سيدة محاسن، وصلتنا أخبار عن مطعمك وطريقة طبخك وخدماتك للزبائن فقررت الشركة المسؤولة عنا، أن تُشركك بمسابقة تلفزيونية، كشيف متدرب، ما رأيك؟

تسعد.محاسن جداً وتنظر لزمرد لاغاظتها وتتكلم بفوقية:
_طبعاً ليس لدي مانع، فأنا تحت أمركم باعطاء خبرتي لكم.

جن جنون زمرد فقالت له:

_وأنا أيضاً، أتقن الطبخ والناس تحب طبخي جداً، اسمي زمرد كورفالي

_أهلا مدام، لم لا تستطيعين المشاركة، تستطيعان الاطلاع على الشروط.

تدخل محاسن على خط الكلام خوفاً من أن تنزع زمرد كل شيء وتقول:

_طيب ابني، أبقِ لنا الشروط هنا وسنطلع عليها

_تمام، إلى اللقاء.

وما أن توارى الرجل عن العيون، حتى دبت المشاكل بينهما.
_لن تتغيري زمرد غيورة، حشرية.

_بل، أنت مكيودة.

تدخل أكرم ليحل الأمر:
_فلتذهب كلً منكما لتخطط ليوم المسابقة.


تتصل محاسن بإسراء التي لاتزال فاقدة للذاكرة وتخبرها بتفاصيل يومها مع ذلك الشخص.
_حماتك زمرد لا تمل من التدخل في حياتي، احعلي مروان يبعدها عن مشاريعي.

تضحك إسراء وتقول لها:
_مشاريع! طيب سأفعل يا أمي.


وفي لندن هناك حيث يقف الطبيب ويقول لعارف:
_الغريب أنها لا تستجيب للدواء وجسمها يرفض العلاج، غريبٌ أمرها، وضعها قابل للشفاء لكنها جسدها يعاند.

عارف بحزن كبير:
_وإذاً أيها الطبيب.

_لا تجزع من رحمة الله وقدراته، ادعوا لها بالراحة.

تدمع عيني عارف وأول شيء يتبادر إلى ذهنه:
"ابنتي بين الحياة والموت، ولم يعد هناك إلا تصحيح الأخطاء السابقة."

يشعر بتأنيب الضمير ثم يتصل بمروان الذي يستغرب وصول رقم غريب وخارجي على جواله فانتظر قليل ثم فتح المكالمة:

_ ألومن؟

_مروان، أنا عارف بيك.

يصدم مروان ويرد:
_أهلا عارف بيك، كيف حال كارلا والطفلة.
_انصلت بك لأصلح خطأ كارلا التي استغلت الظروف وتزوجت بك،اااا.

_تفضل أكمل.

_الطفلة لم تكن ابنتك، إنها ابنة مارك الذي كان يعرف هذا منذ البداية، لكن خوفها مني ومن الناس جعلها تفعل هذا.

مروان بتوتر:
_والمطلوب؟

_لا شيء، إنها الآن في حالة سيئة جداً ولا تتقبل العلاج.

يصعق مروان:
_يا إلهي.

_لذلك طلبتك، أنا أريدك ان تصفح عنها وتسامحها.

_أقسم اني لا احمل أية ضغينة عليها، وأتمنى لها الشفاء العاجل.

_أمرٌ آخر..

_ما هو؟

_الطفلة اختفت من يوم مقتل والدها وحادث أمها ولم تجدها الشرطة بعد، فلو عرفت عنها أرجوك أن تخبرني، سأحضرها إلي لأعتني بها.

_لقد أحزنتني، فانا ربيت الطفلة على أنها ابنتي، وقد أخزنني ما تقوله، أعدك سأبذل جهدي للعثور عليها فقط أعطني عنوان المكان الذي حصل فيه الحادث.

_شكراً مروان بني.

_الشكر لله.

_أمر أخير.
_تفضل.

_أصلحت خطأي وأبلغت المحامي بإعادة الشركة تحت إشرافك إلى عهدتك، وكذلك إسراء، المحامي سيتكفل بكل شيء.

_شكرا عارف بيك، شكرا.

_أرجوك اعتن بالشركة كما عهدتك، أرجوك.

_لا تخف ستعود كما كانت وستصلك الأخبار الجيدة، أتمنى لكارلا العافية.
_وداعاً.

وأقفل مروان وهو غير مستوعب لِمَ قيل له، فاتجه فوراً إلى إسراء وحدثها عن الأمر ناسياً أن إسراء قد فقدت ذاكرتها، لكنها شعرت بالتوتر لمجرد سماع الأسماء، كارلا، عارف، كنان.

وراحت أشباه صور تمر على ذاكرتها، فوضعت أصبعيها على رأسها وراحت تدلك، لكن مروان شعر بهذا فغضب من نفسه وقام إلى قربها وجلس وشدها إلى كتفه فوضعت رأسها عليه وراح يمسد لها شعرها وقرر أن يخرجها فوراً من هذا الشعور فقال لها:

_أفكر أن نخرج في نزهة سوياً، ما رأيك؟

_لا،لا اذهب إلى عملك ونظم أمورك، أنا بخير لا تقلق، مجرد صداع.

_لا انظري في عيني.

نظرت في عينيه، وراحت تغرق في حبه فقد تعودت عليه مجدداً، رغم عدم معرفتها به.

راح يقول لها:
_أحبك بجنون، وأغرق في هوى عينيكِ، وقتي كله لك أفهمت.

وراح يقترب شيئاً فشيئاً لتلامس شفتيه شفتيها ولكن وقبل أن يحصل على تلك القبلة التي انتظرها مطولا، رن جرس الباب، فشعر بالتوتر، وقال لها:

_لن أفتح الباب، دعك منهم.

ضحكت وقالت:
_مروان، لا تكن شقياً هيا وافتح الباب انظر من هناك، قد يكون أمراً ضرورياً.

قام وهو يتصرف كالأطفال، وراح ينظر إلى الخلف وهو يمسك قبضة الباب وإسراء تضحك عليه، ثم فتح الباب وجبينه مقطب ففاجئه الشخص الذي يقف على الباب، هنا تبدلت ملامحه وارتسمت ابتسامة على فمه فوراً فقال:

_سيادة المحامي، أهلاً وسهلاً تفضل بالدخول.

لاحظت إسراء أنه شخص مهم فاقتربت لتسلم عليه حيث قال لها:
_إسراء خانم، سررت بلقائك.

رغم أنها لم تتذكره فاضطرت للتعبير عن فرحها بسماع كلماته، وهنا أنقذ مروان الأمر:
_هيا إسراء، فلتصنعي لنا فنجانين من القهوة للأستاذ محامي الشركة، هيا.

ورحب بالمحامي أشد ترحيب، حيث راح المحامي، يشرح له ما تم من تجهيز أوراق له ولإسراء لاستلام الشركة مجدداً.

_كل الأوراق جاهزة مروان بيك، ولا ينقصها إلا توقيعك، وتوقيع السيدة إسراء.

_تمام، هل لي بالاطلاع عليها لو سمحت.

_بالتأكيد.

انصرف المحامي بعد ان انهى عمله، وكم بدت الفرحة على مروان الذي قبل إسراء على جبهتها وقال لها:
_لدي عمل مهم أكلمك عنه بعد عودتي.

_تمام.

اتجه مروان باتجاه المحقق ليساعده في العثور على طفلة كارلا، تلك الكفلة التي كانت في تلك اللحظات مصدر سعادة امرأة فقدت القدرة على الانجاب، فحاولت ان تمنحها كل حياتها.

السيدة:
_لا أرى أي داعٍ لخوفك وقلقك يا زوجي، لن يعرف بها أحد ولم تسأل أصلاً عنها أية جهة.

_أخاف من تعلقك الشديد بها، أن تضطري للتخلي عنها لاحقاً بسبب ظهور شخص قريب.

بغضب:
_لا، لا تقل هذا.

ركضت إلى غرفة الطفلة التي كانت تلعب بالألعاب، واحتضنتها وراحت تقبلها بشدة وتضمها وتشتم رائحتها.

وسط نظرات الحزن التي حاول أن يخفيها الزوج.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي