22

22:
وبعد قليل قالت بام لأمها:
_ماما أريد أن أذهب إلى الحمام، بسرعة.
_حسناً حبيبتي، هيا بنا.
واتجهتا إلى هناك فعلاً ولكن إسراء قد سبقتهما مع أطلس حيث وقفت تنتظره أمام باب أحد الحمامات.
_هيا اطلس، هل انتهيت حبيبي الحلو.

نظرت إليها السيدة بعد أن دخلت بام فقالت:

_مساء الخير، هل أنت من المدعوين هنا

_أجل، أنا وزوجي وابني أطلس، وأنت؟

_أنا قريبة العريس، أو تستطيعين القول أنني تقريباً أعد أختاً له.

_حقاً، لكن لماذا لم أركِ، ولا مرة عندما كنت عندهم في بيتهم.

_أنت كنت في بيتهم، لم أفهم.

عندما همت لتخبرها قاطع كلامها أطلس عندما خرج وقال لها:
_ماما، ماما، هيا نعود بسرعة، لا أريد أن أفوت أي لحظةٍ من العرس.

وأمسكها وراح يشدها، فراحت تبتسم له وللسيدة وتقول:
_ابني الحلو تأدب هناك خالة ترانا.

ضحكت السيدة وقالت:
_لا لا دعيه على راحته الأطفال جنتنا على الأرض.

فسألها أطلس:
_هل لديك أطفال يا خالة؟

تبسمت وقالت له:
_ابنتي تدعى بام.

_هل ستصبح صديقةً لي؟

ضحكت إسراء لجرأة أطلس واستأذنت وانصرفا.

لكن إسراء شعرت أنها تعرف تلك الكفلة ولا تدري لماذا انشدت لها عندما رأتها.

قالت في نفسها:
"بما أنها قريبة لجاك، فربما رأيتها عندهم في البيت، ربما."

وعادت كل منهما وجلست في مكانها وتابعت مشاركتها للحفلة، وبعد قليل فاجأ موسى مروان بأنه مدعوٌ أيضاً،فاستغرب هذا..

قام مروان وسأله:
_ماالذي تفعله هنا؟

_العروس قريبة لأمي من جهة بعيدة وتلقينا دعوة، لكن زبنو كانت متعبة لم تستطع الحضور.

_وواو، هذا جيد، تعال وانضم لنا بسرعة.

_بالتأكيد يسرني هذا، أنت تعرف أن وجودك يدعمني في أي مكان.

_حبيبي موسى الغالي، تعال، تعال.

وبعد قليل طلبت الام من الجميع الاقتراب لأن العروسين سيقطعان الكاتو المميز الذي أحضر لقد كان اربع طوابق ، مغطسٌ بالكريمة والشوكولا، لفت شكله وحجمه كل الحضور.

_تفضلوا جميعاً لتوثيق هذه اللحظة.
وقف العروسان أمام القالب وأمسكا السيف وبدأا بتقطيعه.

مروان:
_مبروووك، مبروووك.

وصفق الجميع لهما، وفي هذه اللحظة نظرت أم بام حولها ولم تجد بام، لقد اختفت فصرخت ما أوقف أصوات المهنئين وضحيج فرحهم.

جاك:
_ما بك؟ خيراً.

_ابنتي لقد اختفت.

_لا تخافي، لا تخافي.

نظرت إليها العروس وقالت لها:
_لا تخافي جوليا، لن يحدث لها شيء.

_أسفة يا قريبتي، لقد شتت عرسك، اعتذر.

_لا، لا تقولي هذا، سيجدونها.

ضجت القاعة باصوات الناس الذين تعاكفوا معها.

إسراء:
_لا تخافي ربما عادت إلى الحمام.

_لا اعلم ، يكاد قلبي أن يتوقف، سأذهب لأرى.

مروان:
_انتظري سآتي معك_أشار لموسى_ تعال موسى.

وذهبوا يبحثون في الحمامات، لكنها لم تكن هناك، فراحت السيدة تنادي عليها.

_بام، بام، أين أنت حبيبتي.

قال موسى:
_هل نتصل بالشرطة؟

زجره مروان:
_اسكت موسى، سنجدها لابد أنها في مكان ما.
بلع موسى لعابه وفهم قصد مروان..

وراحوا يبحثون في كل مكان، ولكنها اختفت تماماً، فعادوا إلى القاعة وحال جوليا يقطع القلب، تبكي ابنتها الوحيدة.

وبين كلام الناس هنا وهناك صاحت إسراء:
_ها هي.

نظرت السيدة والجميع إلى مصدر الصوت وشهق الجميع.

إسراء وهي تبتسم:
_إنها نائمة مع أطلس في غرفة الأطفال، انظري كم هما جميلين.

دخل مروان لينظر إلى الطفلين وكان التوتر لا يزال بادٍ على ملامحه، وكانت المفاجأة.

_هل هذه هي ابنتك يا سيدة جوليا؟

_أجل سيدي، شكراً لك.

_حمداً لله على السلامة.

وتراجع الجميع لإكمال مراسم الزفاف، لكن مروان كان ينظر إلى الطفلة بدقة ويراقب أمها ويقول لنفسه:
"إنها هي، ذات الطفلة، إنها ابنة كارلا، أيعقل أنها تشبهها، لا، لا، أنا أعرفها تماماً، لقد ربيتها كابنة لي، تباً لك كارلا، أوه بل كان الله في عونك.

لاحظت المرأة أن مروان كان يراقبها، اتصلت بزوجها الذي لم يستطع ان يقدم لأخذها؛ بسبب انشغاله وطلب منها أن تتصرف، فاعتذرت من البقية:

_مباركٌ للعروسين ولكنني يجب أن أذهب إلى البيت فبام نائمة وأنا تعبت.

قالت لها أم جاك:
_ كنا نتمنى أن تتابعي معنا، لكننا لن نضغط عليك بأمان الله وشكراً لحضورك.

قدمت الهدية للعروسين وانصرفت، فطلب مروان من موسى أن يوصلها ليعرف عنوانها.


وبالفعل فعل موسى وعاد بعد ثلث ساعة تقريباً، فاقترب منه مروان وسأله:
_هل عرفت عنوانها؟

_اجل أخي لا تقلق، لكن ألن تخبرني ما القصة؟

_كل شيء بوقته حلو، موسى.

_طيب، تعال إذاً نرجع لأجواء العرس.

فتابع مع إسراء وموسى أجواء العرس، ثم عادوا إلى البيت فرحين.

_شكراً مروان على كل شيء.

_شكرا لوجودك معي وفي قلبي.

_أحبك.

هذه المرة قالتها إسراء من أعماقها رغم أنها لا تتذكر شيئاً من ماضيها معه، لكنه فرح جداً؛ لأنه سمع تلك الكلمة التي تعني له الكثير.

وضعوا أطلس في سريره وذهبا إلى النوم.
إسراء:
_لقد كانت ليلةً جميلةً جداً، ولكنني متعبةٌ جداً.

_كان أجمل ما فيها وجهك حبيبتي.
خجلت إسراء وقالت:
_حبيبي مروان.

وراح مروان يحدثها، لكنه لاحظ أنها لم تعد ترد، فنظر إليها وإذا بها قد أطبق عليها النوم، فتبسم مروان وراح يراقبها وقبل وجهها وراح يتذكر تلك الطفلة ولم يغب وجهها عن ذهنه.


طلع الصباح واستيقظت إسراء و تجولت في البيت مطولاً لكن مروان لم يستيقظ.

_أيها الكسول، لم أنت نائم حتى الآن؟

_دعيني، لقد تأخرت حتى نمت أشعر بالنعاس الشديد، لو سمحت إسراء أريد ان انام، اسبقيني إلى الشركة.

لم تفهم شيئاً لكنها قالت:
_طيب، حاضر، لكن لا تتأخر فلدينا عمل كثير.

_تمام، اخرجي.


وبعد ان جهزت اطلس وأوصلته إلى بيت أمها.
_مرحبا ماما، كيف حالك اليوم، هل هدأت؟

_انصرفي إلى عملك يا إسراء أشعر أن قلب سينتفض من العضب والحزن.

_لا تخافي ماما ستمضي وسنحلها.

_لم تقولي لي كيف كان العرس؟

_كان جميلاً جداً، لقد سعدنا بالفعل.

_حمداً لله يا حبيبتي.

ودعتها وانصرفت وهنا دخل يامن وأكرم..

يامن:
_ما بها إسراء؟ لم كانت مستعجلة هكذا؟

أكرم:
_صهري مروان، لا يستطيع العيش دونها.

محاسن:
_أغلق فمك وادخل إلى المطبخ وأنه عملك، لدينا زبائن كثر اليوم.

_حاضر حاضر، لكن لا تعنفيني هكذا أمي، انا والله لطيف جداً.

ضحك يامن وقال له:
_تعال بسرعة وساعدني، لا تلزمك هذه التفاهة.

أكرم:
_يووه، لقد أصبحت زوجاً وأباً، ولا أجد تقديراً لي.

ضحكت إسراء وشاركها يامن، ولكنه حاول إخفاء ذلك عن ابنه الذي قال له:
_سأدخل إلى المطبخ، لم أر أهلا يحبون ابنهم بمقداركم أنتم وكانكم غرباء عني.


دخل غاضباً فقال يامن لمحاسن:
_هدأي من روعك، وخففي من قسوتك عليه.

_يامن أرجوك الحق به لدينا عمل.


دخلت هنا زمرد وراحت تهذء بها:
_فوضوية يا محاسن لن تتغيري أبداً.

فصرخت محاسن:
_زمرد، اخرجي من هنا.
_كنت أريد منك صنع طبخة ورق العنب وإرسالها لي إلى البيت، كم تريدين ثمنا لذلك.

_اغربي عن وجهي زمرد.

_ماذا قلت، انا سأتصرف، هيا ابتعدي عن طريقي.

_الله معك


وانصرفت تبحث عن أية جارة تطبخ لها ووجدت منار التي تعمل قرب منزل زينو:
_كيف حالك منار؟

_لا بأس، أنا غاضبة من محاسن، تخيلي ، اشتهيت طبخة ورق العنب التي لا أجيد عملها، فطلبت منها بالآجار أن تصنعها لي، لكنها رفضت وطردتني.

تعاطفت معها منار وقال:
_لا تحزني يا عمري، سأساعدك أنا بصنعها.

_حقاً، كم أنت لطيفة!

_ولا تهتمي، اسبقيني سألحق بك.

مرت مجدداً مم امام مطعم محاسن وراحت تقول وترفع صوتها:
_شكراً، منار شكراً، أحلى جارة يا قلبي.
راحت تلوح لها منار فجن جنون محاسن.

ففكرت:
"تلك الماكرة قامت بتأليب الجيران علي، لن أسمح لها بذلك، سأتصرف."

فخلعت المريلة ولحقت بزمرد:
_اممم زمرد، لا تزالين غاضبة، كنت امزح معك، سأساعدك، سألحق بعد أن انهي عملي، فكما ترين لدينا الكثير من الزبائن، الحمدلله.

ثم قالت لها باستهزاء:
_تعرفين انا مجدة ولست كغيري، يتغالظون على غيرهم لصنع طعامهم، أوووه، لا، لا أقصدك أنت حبيبتي
امتعضت زمرد وقالت لها:
_ماشي طيب سامحتك لا تتاخري.

وسعدت وقالت في نفسها
"غبية"

وانصرفت ومحاسن تشعر بالغيظ منها.


أما مروان فقد استيقظ وقرر أن يذهب إلى جوليا قبل أن يلتحق بالعمل.
واتجه إليها بسيارته وهو يفكر:
" ماذا وكيف سأفتح معها هذا الموضوع، وهل ستصدقني، هل يعقل ان تكون ابنتها وهناك تشابه فقط."
وعندما وصل سأل عن بيتها وتقدم وطرق الباب، وانتظر قليلاً حتى فتح الباب:
_صباح الخير أيتها الجميلة، أين أمك؟

نادت الطفلة:
_ماما، ماما، هذا بابا.
صعقه الجواب وصعق اكثر عندما هجمت الطفلة وحضنته.


نظر إليها مروان ونزل إلى مستواها وقال لها:
_بماذا ناديتني يا حلوة؟

قالت له بحنان:
_بابا، أنت بابا مروان، أجل.

_حبيبتي الصغيرة، اشتقت لك.

في هذه اللحظة وصلت جوليا إلى الباب وصعقت لمنظر الطفلة تحتضن مروان وصارت ترتجف وتقول:
_سيد مروان، لماذا أنت هنا؟

_اهدأي.

_وكيف لي ان أهدأ وأنت تريد أخذ ابنتي مني، أرجوك اذهب من هنا.

_لو سمحت استدعي زوجك لأشرح لكما القصة كاملة.

أطرقت رأسها على الأرض ثم قالت له:
_تفضل.

واتصلت بزوجها فوراً..
_أرجوك تعال بسرعة، ابنتنا في خطر.

_ماذا؟ أنا قادمٌ حالاً.
_أسرع أرجوك.

فحضر خلال عشر دقائق ريثما جوليا غلت دلة القهوة لتقدمها لمروان، وبينما كانت طرق الباب مجدداً، فركضت الطفلة وفتحت الباب.

_مرحبا طفلتي أين ماما؟ ماذا هناك؟

_بابا، إنه بابا.

_يا عيون بابا، تعالي.

ودخل إلى الغرفة التي جلس فيها مروان وجوليا، فسلم عليه وجلس وهو ينظر إلى زوجته بطريقة يريد أن يفهم ما يحصل.

مروان:
_كيف حالك، في الحقيقة انا طلبت من زوجتك أن تتكلم معك وتستعجل حضورك.

نظر إلى زوجته وقد كانت ترتجف ثم نظر إلى مروان وقال:

_تفضل، تكلم أنا أسمع.


قالت جوليا للكفلة التي جلست بين مروان والزوج:
_هيا بام، اذهبي إلى غرفتك، واقرأي قصة، هيا حبيبتي.

_لكن ماما.

تكلمت بتوتر للمرة الأولى في حياتها مع بام:
_هيا بام.

مع دمعة ردت بام:
_حاضر.
وانصرفت فتكلم مروان.
_في الحقيقة، أرجو أن تكونا هادئين، سأشرح لكما كل شيء، لقد كنت متزوجاً من كارلا أم هذه الطفلة، لكننا انفصلنا لأسباب لا تهمكما، ولكن كارلا كذبت علي في أمر الطفلة فهي كانت ابنة مارك.

جوليا:
_مارك؟!

_أجل، يدعى مارك، لقد كان متزوجا بها قبلي، وكان يحبها كثيراً لكن أسلوبه فظ، ولم يعجب والدها عارف بيك، ووقع الحمل؛ لأنها بقيت على علاقة به بعد الانفصال، كانت نتيجة ذاك الحمل هي هذه الطفلة البريئة.

الزوج، وهو ينظر إليها وهي متوترة:
_نعم أسمعك.

_ للأسف أبوها توفي، وأمها فاقدة للوعي منذ اختفاء تلك الطفلة، بعد حريمة ارتكبت.

_يا إلهي، صحيح بام جاءت يومها في وضع محزن، لقد كانت خائفةً جداً.

قاطعته جوليا بقلق وتوتر، وهياج:
_أرجوك لا تاخذ طفلتي مني، أقسمت ان أعطيها حياتي، لا تحرمني منها أرجوك، أرجوك.

_اهدأي أرجوك، لاحظت محبتك للطفلة وأشكر لك اهتمامك لكن يجب أن نفكر بعقلانية كي لا تعتبري خاطفةً لها، فهمتني سيدة جوليا.

نظر إليه زوجها وقال له:
_كم حذرتها، ولكن عاطفة الأمومة هي التي وجهتها، وظنت أن أحداً لن يصل إليها.

غضبت وثارت:
_لاااا، لااا أرجوكم بام حبيبتي، أرجوك.

وفجاة انخفض ضغطها وزوجها ومروان يحاولان تهدئتها وسقطت مغمياً عليها.

مروان:
_يا إلهي، مددها وارفع رجليها إلى أعلى ريثما أطلب الطبيب.

_حسناً، لو سمحت.

وفعلاً اتصل مروان بالطبيب، وجلبه بسيارته، حيث قام بفحصها، وطمأن زوجها عليها قائلاً:

_زوجتك الآن بخير، يبدو أنها تعرضت لتوترٍ عالٍ، عليكم الانتباه إليها جيداً أبعدوها عن التوتر وانتبه لها، لكن.

_لكن ماذا؟

_يجب أن تعمل لها هذه التحاليل بأقصى سرعة.

_أقلقتني أيها الطبيب.

_أتمنى ان تكون عرضية، لكن نريد أن نطئن عليها.

_ طيب، شكراً دكتور.

قام مروان بمحاسبة الطبيب وتوصيله إلى عيادته، بعد أن أخذ وعداً من الرجل بالتفكير الآمن لأمر الطفلة.

وقال :
_أعطني رقم هاتف لأتصل بك، وحتى أطمئن عليها.

_شكراً سيد مروان، تأكد لن يحدث إلا الخير.

_وتأكد أنني سأبذل جهدي لتبقى الكفلة مع أمها أعني زوجتك.

وعندما عاد مروان إلى البيت وجد إسراء قد وصلت وهي غاضبة:

_أهلاً وسهلاً، أين كنت حتى الآن.


اقترب منها ووضع يديه حول خصرها:
_حبيبتي، أغاضبة مني دون أن تسمع مني.

_يكفي مروان.

_أوكي يكفي، ولن أحدثك عن أي شيء حدث معي.

_لااا تعال إلى هنا سأجعلك تعترف رغماً عنك، ماذا قلت؟


_حاضر يا من عشقك جنوني، اطلبي ما تشاءين، اطلبي وأنا مسرور، أوامرك تلبى فورا.

وراح يسرد لها ما جرى معه وهي مندهشة...
_يا إلهي، حمداً لله، احذر افد كنت سأجن وأنت لست هنا أخذت الأفكار تجيء وتذهب وقلت لنفسي:
"لا أعلم أين ذهب، لقد تأخر كثيراً."

_وهل فهمت حبيبتي، وهل سامحتني؟

_بالطبع حبيبي ولكن لي طلب.

_وهو؟

_سأرافقك لزيارتهم بيتهم لأطمئن عليهم، ما رأيك؟

_اتفقنا، انا متعب وجائع.

_حسن استرح وسأوافيك بما يرضيك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي