الفصل الرابع أسرت قلب الوحش

الفصل الرابع: أسرت قلب الوحش.

_أمي، هل أنهيت مكالمتك؟
_نعم يا حبيبتي، لقد أنهيتها وقد شاهدتك، قبل أن أغلق الخط، وأنت تقفين بعيدا خجولة كعادتك، تنتظرين أن انتهى حتى تأتي.

_أعلم يا أمي مع من كنت تتحدثين، لكن هل أخبرته ماذا أفعل؟ هل قصصت عليه حكايتي أم لم تقصيها عليه بعد؟

_سأحادثه مرة أخرى، أما الآن فأرجو منك أن تستريح قليلا، ولتخرجي ما بقلبك لأختك "لاديس" لقد اقترب موعد وصولها.

وفي منزل "محب" في حي الزبالين بالمقطم، تفاجئ "حسام" من التحف القيمة المتواجدة بمنزل الطبيب "محب"

- صراحتا لا أعلم، ماذا أقول؟
- فلتجلس أولا وتستريح.

ضحك "حافظ" وايد كلام "محب"
- أجلس يا "حسام" أولا.
- أخشى على الأثاث إن جلست عليه، من فخامته.
- لا تقلق أسترح.

- أولا عندي لك رجاء أيها الطبيب لكي يستريح عقلي، هل بالفعل هناك ذئاب متحولة؟
.- نحن لسنا ذئاب!

- لا أعرف المسمى الصحيح، إنما بالفعل هذا شيء لا يصدق.
- يا بني نحن متواجدون منذ القدم، هل زرت يوما الآثار؟ هل ذهبت إلى الأقصر؟ وشاهدت الآثار التي تتحدث عن قصة الصراع، بين حورس وست، هل شاهدت تلك الرسومات التي رسمت ونقشت، على المعابد، ألم تلاحظ أنها أجساد بشرية برؤوس الذئاب،
- اعتبرتها رسوما ليس إلا، تحكي عن أساطير القدماء.

_كل أسطورة يا "حسام" ما هي إلا حقيقة، لكنها بعد سنوات طويلة، حرفت بفعل أشخاص لا يريدون للحقيقة أن تظهر للعيان، الحضارة المصرية القديمة هي أعرق الحضارات، كنا متقدمين بل أكثر تقدما من العصر الحالي، لكننا هنا لا نتحدث عن الآثار، أو مشابه حديثنا عن شيء واحد محدد.

- اعتذر لك عن تطفلي، لكنني عندما أتيت وجدت كل تلك المقتنيات الأثرية تلك، تعجبت بالفعل.

أدار له جد وجهه:

- هذه هي المرة الأولى، التي أشاهدك تنس عملك لقد جئنا لأهداف معينة،لا نريد أن نجلس هنا كثيرا حتى لا نسبب لصديقنا أي مشاكل.
- لا يا صديقي لم يعد هناك مشاكل منذ أن أتينا إلى هنا، نعيش مطمئنين في هذا الحي.

- بالفعل أعتقد ذلك فأنا أعلم أنه حي مغلق على أصحابه، ولا يدخله الغرباء.

- أنت لا تعلم كيف وجدنا هذا المنزل كما أنت تشاهده، ومنزل خاص مدخل خارجي، وممشى ثم الباب الداخلي ولا يستطيع أحد أن يقترب منا.
- إذا كيف سمحوا لك بالانتقال إلى هنا؟ وأنت لست منهم.

- بصراحة هناك شخصية كبيرة، تعلم بالأمر هو من توسط لي أنا وابنتي وحفيدي، أن نعيش في تلك المنطقة، دون أن يسألنا أي أحد من أين أنتم، بل بالعكس الجميع فرحين بنا، ونحن كما تعودنا في حالنا لا نتدخل في شؤون الآخرين حتى لا يتدخل الآخرون في شؤوننا.

|-حسنا يا "محب" سنتحدث عن ذلك الأمر بعدما ننتهي مما أتينا من أجله، أنا و"حسام" نسألك كما أخبرتك في الهاتف، مجموعة من الجرائم قد حدثت، منذ وقت قريب، جرائم متتالية يجمعهم شيء مشترك وهي تلك العلامة التي توجد أسفل رقبة كل قتيل، مثل العلامة القديمة تعلم بالتأكيد عن من أتحدث.

- نعم بالفعل أعلم وأنا في حيرة من أمري، لقد كنت أعتقده أن "ليل" هو من يقوم بتلك الجرائم، لكنني بعدما أغلقت أنت معي الهاتف ،استجمعت بعض الذكريات القديمة بذلك اليوم.

- مثل ماذا.
نطق "حافظ" بها، أما "حسام" فكان يتابع الحديث بانبهار شديد.

- أتذكر عندما علمنا بوفاة "ليل" من كنا نشك به أنه هو القاتل، كنا نبحث عن الجهة التي تجعله يفعل مثل هذه الأفعال أو حتى السبب، الذي يجعله يقتل أشخاص الأبرياء، لكنني عندما ذهبت لم بعد وفاته وجدت نظرات ولده "بتاري" غاضبة يوجهها إلى دون الجميع، في ذلك الوقت عجبت قليلا، أما الآن فأنا أشك أنه هو القاتل، وليس أبيه وكيف ستعرف ذلك يجب أن أتتبعه، لكن داخل "سينيس" هناك يتعامل بأريحية، ولن يكون متخفيا أستطيع أن أدخل منزله، وابحث لعلي أجد دليلا ما على طورته هو والجهة التي جعلت منه قاتلا.

رفع "حسام" يديه الاثنتين محاولا أسكتهما.
- لحظة واحدة تقولون مدينة!

_نعم مدينة ومدينة كبيرة، زارها جدك معي مرة كنا نبحث عن "ليل" ومرة ثانية زارته قريبتي "نجمة" و أبلغته أنني مريض، وأنهم ينتون قتلى فحضر، وساعدني على الفرار من هناك، ومنذ ذلك اليوم لم تخطئ قدماي مدينتي الحبيبة.
- نعم يا "حسام" أتمنى أن لا تذهب إليها، وتشاهد ما بها لأنك وقتها لن تستطيع القدوم هنا مرة ثانية، لن تستطيع العيش مثلما نعيش نحن الآن، أخذت فترة طويلة حتى تأقلمت، بعدما شاهدت تلك الحضارة الجميلة، أناسا يعيشون بسلام تاما، ستتعجب من أشكالهم بشر مثلنا لكنهم كما تشاهد "محب"، وكأن أجسادهم أجسادا رياضية، دون حتى أن يقوموا بأي تمرينات للحصول على القوام الرياضي، والقوة مختلفة والطول أيضا، ولا سيما شيء أخير العمر، فأنت تشاهده وهو أكبر مني لكنه وكأنه كهل في الأربعين من عمره.

كل ذلك و"لوقا" يقف يستمع، لذلك الحديث الدائر ما بين جدة وضيوفه.


- من أنت؟ لتكشف لي عن وجهك.

هكذا نطقت "تمارا" لذلك الشخص الذي تسلق حتى غرفة نومها، ونظر إليها بتلك العينان الذين يشبهون عيون الذئب، لقد عرفت أنه واحد من عشيرتها لكنها لا تعلم من هو فاعتقدته وليفها.

- هل أنت من أحلم به؟
اقترب "بتاري" منها يريد قتلها وعند هذه الجملة توقف، ونظر إليها جيدا.

- لماذا أنت صامت؟ هل أنت هو؟ وإلا فكيف استطعت التسلق بمثل هذه الخفة والرشاقة، أنت من بني جنسي، اسمع دقات قلبك أنها تتلاحق بسرعة شديدة، مثلما تتلاحق ضربات قلبي من العشق.

ولأول مرة في حياته يتلعثم "بتاري"

_عشق أي عشق!
- عشقي لك ألست أنت وليفي؟
وقف متردد هذه المرة الأولى، التي يتردد فيها "بتاري" أو يشعر فيها بمثل هذه الارتعاشة، التي حدثت في جسده، لم يشعر إلا وهو يجلس على ذلك المقعد أمامها ويستمع لها، وهي مقيدة كما تقيد كل يوم حتى لا تهرب، فهكذا اعتقدت والدتها.

- أريد أن أعرف ما الذي يحول بيني وبينك؟ أرجوك لا تبتعد فلتبقى محل نظري، ولا تتعمد بعدا أو غيابا وأنا أعدك أنك لن تمل مني أبدا، سأتجدد لك قدر استطاعتي وسأغير لك كل ما لا ترغبه فى، أعرف كيف أسرد الحكايات اللطيفة، التي لم تسمعها من قبل أعتقد أنني أختزل بداخلي آلاف الأعوام، من الحكايات التي لم تسمعها أنت من قبل، أنت هو بطل كل تلك الحكايات ولك من ترتيب الأحداث ما شئت أهم شيء عندي أن تنتهي الرواية، وأنت بجواري وأنا أنظر لعينيك أن تبقى بجانبي ليس جسدا بل روحا أيضا.

ومع أن جميع من قابله على مدار السنوات أشادوا بأنه قوي الشخصية، هو كالفولاذ لا يتأثر بشيء يحترم أقاربه، ومطيع الأوامر من له سلطة وحكم عليه في العشيرة، إلا انهم يخشون قوته وغضبه.
إلا أنه جلس أمامها متلعثما هادئا لا يعلم كيف يجيبها ،وقد أثره صوتها وصدق كلماتها ،هي تهدي حبها لشخص أحبته سنوات طويلة، دون أن تشاهدوا وها هي تريد أن تعطيه هذا الحب دفعة واحدة.

_أتعلمينَ يا سيدةُ الورودِ سبحانَ منْ سواكَ، وهلْ أستطيع أنا الوصولُ إليكَ، وهلْ تحققتْ أنني هوَ الشخصُ المختارُ أمْ أنهُ منْ الممكنِ، أنْ أكونَ قدْ انتحلتْ شخصيتهُ منْ مثليٍ، لمْ يعشقْ منْ قبلٌ أنا في غربهِ طوال حياتي أفتشَ عنْ تلكَ الأنثى التائهةِ منيَ، ثمَ أنتَ لا تعلمينَ كمْ أبلغَ منْ العمرِ؟

ثمَ كشفَ عنْ وجهةٍ فوجدتهُ شابا ليسَ كهلا او عجوز، حتى يقولَ لها لا تعلمينَ كمْ أبلغَ منْ العمرِ.

- أنتَ شابٌ، أعتقدُ أنَ أبي أكبرَ منكَ سنا بكثير.
- أنتَ غريبةٌ وكانَ بكَ سحرُ ما جعلني اجلسْ، واستمعَ إليكَ رغمَ تلكَ السنواتِ، التي قضيتها في وحدتيْ.

- اعتقدكَ هوَ أنَ قلبي لمْ يقفْ عنْ ضرباتهِ المتلاحقةِ، منذُ أنْ شاهدتْ خيالكَ في الشرفةِ ليسَ خوفا منْ يقتربُ مني أستطيعُ أنَ اقطعهُ إربا، حتى وأنا مكبلةٌ بتلكَ السلاسلِ الحديديةِ.

- نعمْ بالطبعِ أنا أعلمُ ذلكَ ، أنا أيضا اندهشتْ وقدْ أثرتْ فضوليٍ، ولا أعلمُ ماذا حدثَ لي عندما شاهدتكَ أنني أريدُ وصالكَ وأشتهي منكَ ذلكَ، وكانَ منْ أحضرني إلى هنا قدْ لعنني لانَ قلبي أصبحَ مأثورا بكَ.
- أوْ تعلمِ اسمي؟
- نعمْ أنتَ "تمارا" حفيدهُ "محب"ٌ وابنهُ عزيزٌ.
- نعمَ وأنتَ ما اسمكَ؟
- سأخبركُ اسمي على وعدِ منكَ، أنَ لا تتحدثي أوْ تقولي هذا الاسمِ أمامَ أحدا منْ عائلتكَ، أنا ادعى "بتاري".
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي