الفصل الحادي والعشرون ناننمدينة العالم السفلي

الفصل الحادي والعشرون: "نانن"مدينة العالم السفلي.
-لا يعلمون يا "حسام"، جاءت أوامر من قيادات عليا في تلك الأيام أن يكتب التقرير الشرعي، أنهم ماتوا بالأختناق من الغاز، لذلك لم يعلم أحد ما علمته جدتي، وعلمت أنا وبعض القلة من زملاء والدي وتناسى الجميع الأمر، لكني لم أنساه لقد عشت في نفس المنزل الذي حدثت فيه هذه الجريمة،

أسمع بكاء جدتي تدخل إلى حجره أبي وأمي وتبكي، لكن بعد وفاتها قمت بما كانت تفعله هي الجلوس في تلك الحجرة، لكن قلبي لم يطاوعني إلى الأن للنوم فيها، أنت تعلم أن المنزل يقع في مصر الجديده في احدى العمارات القديمه، وتلك الشقه عدد حجراتها ستة حجرات،ظللت اتنقل للنوم من غرفة إلى أخرى، وعندما اقترب من تلك الحجرة ابتعد، اشعر وكانني سأستيقظ وأشاهد أبي وأمي وهم يقتلون، لذلك تجدني متواجد دائما في مكتبنا، حتى أنني أنام هناك على تلك الأريكة الجلدية سوداء اللون، التي أصبحت سريري الخاص.

-لماذا لم تقل لي شيئا عندما ابتدأنا في التحقيقات؟
-كنت اعلم يا "حسام" ماذا ستقول، وكنت ستبعدني بعيدا عن تلك القضية.

-نعم بالتاكيد، خصوصا بعدما قلت لي أن ما حدث لهؤلاء الضحايا هو ما حدث لوالدك ووالدتك، كيف لي الآن أن أجعلك تشاهد ما يفعله القاتل بالجثث من سحبه الدماء منها ثم تقطيعها، يجب علي الآن بعدما علمت أن أبعدك عن تلك القضية.

-لو أبعدتني الأن عن تلك القضيه يا "حسام" لن أعرفك بعد الآن، وسأقوم أنا بالتحقيقات بعيدا عن الشرطة، حتى لو كلفني الامر الى تقديم استقالتي.

نظر محب الى "حسام" وأخذ يقول:
-أخالفك الرأي يا "حسام"، أن "خالد" لديه حافز للبحث عن ذلك القاتل، اعتقده اكثر شخص لديه حافز مثله مثل "بتاري"، الذي علمت ما حدث له اليوم صباحا من نجمه.

-ذلك الفرد الذي كنت تشك فيه أنت وجدي منذ سنوات طويلة أليس كذلك؟
-اجلس يا "خالد" ولا تلقي بالا لبعدك عن القضية، اتحدث منذ البداية حتى تعلم من هو "بتاري"، "بتاري" هذا ابن ليل والده ليل قريب نجمه، وهي تعتبره مثل اخيها الاصغر، وليلى ايضا هو الاخ الاصغر ل "جيكاي" والد "آدم"، كنت قد اعتقدت في السابق أنا واللواء حافظ جد "حسام"، أنه هو القاتل منذ سنوات طويلة، و تأكدت شكوكي في ذلك اليوم الذي أقيمت فيه جنازته، كانت نظرات "بتاري" لي نظرات ملؤها الكره، إلا أنني علمت اليوم فقط أن ذلك القاتل هو من قتل ظهر والده "بتاري"، وعندما اكتشفه بعد فتره ليل زوجها قتله هو الآخر، ومنذ سنوات و"بتاري" يبحث عن القاتل، حتى أنه قد شك في ابني "عزيز" وذهب إليه في الإسكندرية، لأن نونيا زوجة "آدم" قالت له، أن "عزيز" هو السفاح لكنه هناك حدث ما لم يتوقعه احد، نقطة تحول جعلته يعترف أنه يبحث عن القاتل، لقد شاهد هناك وليفته نصفه الآخر "تمارا" حفيدتي وابنه "عزيز".

-إذا من يكون؟
وكيف لم يبحث عنه ادم، وهو قد أصبح الالفا بعد موت "جيكاي" والده.
-أعتقد أنه يبحث وأنه في ضائقه لا اعلم ما هي؟
واعتقد أن ثمودي بنسبة ثمانين بالمئة هو السفاح، لكن هناك شيء غريب أعتقد أن هناك اثنان وليس واحد فقط، لقد قال "آدم" لنجمه أن الهدف اولا كان تنظيف المجتمعات من الجناة، الذين لا يستطيع أحد القاء القبض عليهم في عالم البشر هنا، لكن أنقلب بعد ذلك وتحدث عن بوابه ما بين عالمنا نحن مدينه سينيس والعالم السفلي، تلك البوابه تدعى بوابة نان بوابة العالم السفلي، وانتم كما تعلمون أن فينيس في بعد زمني مختلف، لكنها تقف عقبة ما بين عالمكم والعالم السفلي، وان هناك بوابه يجب أن تفتح بكثير من الدماء البشرية، يجب علي أن أبحث في ذلك الموضوع، لكن أعتقد أنني يجب علي أن أذهب إلى "ثينيس".
-هل سيذهب معك "لوقا"؟
اعتقد أنه بعدما وجد حبيبته تلك لا يفكر في شيء آخر.

-يا "حسام" أن موقفه معقدا، فزوجه أبوه تكرهه، تريد أن يجلس ابنها على مقعد الالفا بعد والده، كما أن نجمه تخشى على ابنها "آدم" من غدر زوجته نونيا، حتى أنها قالت لي، أنه يجلس في الغرفه الملكيه داخل الهرم الاكبر ولا يخرج منها الا قليلا.

عند ذلك نهض "حسام" ونظر الى "خالد" وقال له:
-لقد قلت لك يا "خالد" أن هناك احد ينظر إلينا، عندما كنا نقف على ارتفاع خمس وسبعون مترا من الهرم، وانت قلت لي كيف ذلك؟ لقد كنت أشعر أن هناك من ينظر الي وانا لا اكذب احساسي هذا، محب هل فعلا توجد غرفة داخل الهرم الأكبر كما تقول يجلس بها زوج؟

-حسنا يا "حسام"، بالتأكيد هناك غرفه لم يستطع أحد من البشر الى الأن كيفية العثور عليها، لانها تعتبر غرفة العرش لالفا بمدينة "ثينيس"، ومن المستحيل أيضا أن يعثر عليها أحد حاول الدخول إليها من الهرم، او حتى الدخول إليها من مدينة "ثينيس".

-اشرح لي ببطء كيف يكون ذلك؟
-حسنا.

وفي الركن الآخر من المعمل، جلس كلا من "ميريت" و"لوقا" أمام بعضهما البعض ينظران وهما صامتين، فضحكت "تمارا" وقامت وابتعدت عنهم تحاول الاتصال ب "بتاري" .

-حبيبي متى يكون صباحي أنت وإشراقة الفرح أنت وهمس الحب، أنت لا أريد من الحياة شيء إلا نبضك، سأكون كموج البحر أداعب أوتار قلبك و أنعش روحك، سأكون كنبع يروي ظمأك، وسأكون ربيع عمرك الذي أرهقته الحياة،لا تحزن أنا معك، رغم بركان غضبي، أذوب أمام رقتك وعطفك وصبرك على جنوني وظنوني، سينطفئ الشك، ويأتي يقين حبك وتزهر حدائق قلبي وقلبك، سترى كل ما حملته أمنياتك، ستعانق حلمك فقط أصبر، سأغير روتين حياتك، وأفك قيدك، لتقيد نفسك بنفسك وتربط روحك بعشقي الأبدي، لن أضطر لحصارك لأنني حينها سأكون محراب عشقك، وتغلق بابك لا ترى العالم، لأني سأكون لحظتها أنا كل عالمك، وستكتب "ثينيس" عنا أعظم قصة حب، فرغم عواصف الدهر ما هلك،أغضب وتمرد وخذ ثأرك، فأنا سأظل معك.

-"تمارا" حبيبتي، أتريدين مني أن أخذ بالثأر ممن قتل والدي، أني أبحث عنه وقد اقتربت.

-بالتأكيد يا حبيبي، فإن وجعك وجعي، وفرحك فرحي فأخبر قلبي كلما ضاق صدرك، ففي القلب متسع له بل هو ملكه، وأهمس له من أوجعك من أسأل دمعك من حرك ألمك، من بعثر حلمك ستثأر منه، سأكون السحر الذي يلامس قلبك يزرع الأمل في حياتك ويحمل الهم عنك، سأكون السماء التي تمطر أرض قلبك ليزهر ربيعك، وسأكون الشمس التي تدفؤك، وتبعد صقيع الألم عن روحك الطيبة النبيلة التي لا يراها غيري، سأكون نجمك وقمرك الذي أضاء ظلامك، فلا تقهر قلبك بالحزن، لأني أسمع من خلف الصمت أنينك، لأني أعيش بداخلك، فقلبي معك وقلبك هنا في داخلي.


طال الصمت بينهما، لكن نظراتهما تقول الكثير، واخيرا تحدثت "ميريت":
-"لوقا" لماذا أنا دونا عن غيري؟
ضحك وخشي أن يقول أنه القدر، لقد افهمه جده أن عقول النساء حين تحب لا تخاطبها وإنما خاطب قلوبهم:

-"ميريت" تشبهين في براءتك براءة الفراشات، أنت كالاميره بريئه جدا لا تنتمي الى عالم اللؤم، أنت طفلة عاقله اربكت مشاعري منذ الوهلة الاولى، عندما شاهدتك أضاءت تلك البقع المظلمة في روحي بحبك،
فأنت بريئة كالأطفال أنت كالبدر في وجهك، واذا غضبت فالورد يسكن خدك، أنت كالدواء الشافي لقلبي، لا تقارني باحد ولا اشبهك بأحد، وليس لك شبيه أنت جميلة الشكل والروح وضعت فيك رقة الدنيا.


كان المعمل في تلك اللحظة مقسم لثلاثة اقسام، كل منهم يتحدث في امر ما، ولا يتصنت قسم علي الاخر او ينشغل أحد منهم بأخر، امتلئ المعمل بحزمة من
المشاعر المختلفة، العشق والغرام، والهيام والغضب، والعنف والتفكير العاقل، والحزن ايضا.

– حسنا يا "حسام" سأتكلم بإيجاز، لقد جعل البشر الهرم الأكبر، هو أعظم عجائب الدنيا السبع، اعجوبة الاعاجيب واقدمها على مر الزمن، هو قائم يتحدى الزمن يحتفظ بصفحات التاريخ بداخله، ونحن حراس الأراضي السفليه تركيبه عجيبه من العجائب، اتعلم أن اتجاه محور الهرم الأكبر في اتجاه القطب المغناطيسي، وليس للاتجاهات الأصلية، كما تشير زوايا أضلاع الهرم إلى الاتجاهات الأصلية الأربعة، تعلم أن هناك غرفه قريبه من غرفة الملك بداخل الهرم، يقومون فيها بتخبئة المؤن ولو استمرت متواجد مئات السنين لن تخرب تلك المأكولات، فلو وضع داخل الهرم قطعة لحم، اتعلم ماذا سيحدث يا "حسام"؟
-بالتأكيد تتعفن مع مر الايام.

-لا يا "حسام" أنها لا تتعفن، بل يتبخر الماء بداخلها وتصبح كاللحم المقدد، لا يوجد حشرات داخل الهرم الاكبر جميع الأسلحة التي يتم وضعها من الخناجر والسيوف لا تصدق، حتى تلك الخناجر التي تم اكتشافها في الغرف السفلية، التي استطاع البشر الوصول إليها، لم تصدق مع مرور الزمن، ولا تتعجب عندما تعلم أن هناك أنفاق وكهوف وسراديب، تقع أسفل الهرم تؤدي الى مدينة "ثينيس"، التي بداخلها اسرارا كثيره، فكما قلت لك نحن حراس العالم السفلي، كما كان أنوبيس منذ القدم، نحن من نقف امام غزو اهل العالم السفلي أرض "نانين"،
يجب أن تعلم أنه ليس جميع ساكنين الأراضي السفلية من الأشرار، منهم العلماء الذين تعلمنا منهم بعض العلوم، ومنهم من استطاع الخروج الى عالمكم، ولو قلت أسماء بعض العلماء الذين هاجروا إلى أوروبا منذ القدم من العالم السفلي ستتعجب.

تحدث "خالد"، الذي ظل صامتا طوال هذه الفترة يتسائل داخله:
-ما اجملهم! أستطيع أن أرى شرارات الحب والعشق تخرج من أعين "لوقا" لحبيبته، وهي ايضا تبادله ذلك وتلك التي تدعى "تمارا" تتحدث مع أحد في الهاتف، اعتقده حبيبها تبقى شيء واحد، وهي تتحدث لم تفعله تقبيل الهاتف، اتمنى أن يأتي اليوم الذي أشعر فيه أنا أيضا بالحب، لا اعلم هل سيأتي هذا اليوم أم لا؟
أم أنه لا مكان في قلبي الا للحزن.

-حسنا يا شباب، لقد قطعت المكالمه اليوم ما بيني وبين نجمه، وانا اخاف عليها بعدما تحدثت بمثل هذه الاشياء، فإنها تحاول منذ يومين الوصول اليه، واليوم عندما هاتفتني أنقطع الخط، لذلك لقد بعثت إلى أحد التابعين لدي هناك اذهب غدا الى سينيس، هل تحب أن تأتي معي يا "حسام"؟
كما جاء معي سابقا جدك، وانت يا "خالد" اريدك أن تبقى هنا وتتواصل معنا عبر الهاتف، حتى أن ضرب القاتل مرة أخرى ضربته نكون على علم بها.
-صراحه اريد أن اتي معكم، اما بالنسبة لضربة ذلك القاتل، لنا زملاء كثير، سأوصل بعض منهم عند حدوث شيء، أن يخبرونا مباشرة وسأتعلم بأي شيء، أو أننا في مكان بعيد للتحريات عن القاتل، أريد بالفعل أن أقوم بهذه الرحلة معكما.

-لن ارفض لك هذا الطلب، لكن ما اقوله لكما من الآن أنكما ستتفاجئان بحضارة أخرى، غير تلك الحضارة التي تعيشون فيها، من منكما ذهب الى القريه الفرعونيه، التي يذهبها السائحين؟
لقد ذهبت إليها مرة منذ فترة طويلة، عندما كان صغيرا وأراد مشاهدة مدينة "ثينيس"، ولم أستطيع بالطبع أن أذهب به الى هناك، فقلت له إن هذه القرية السياحية ما هي الا تقليد بسيط لمدينة سينيس، لذلك ارجو منكم أن لا تتعجب، حتى لا نلفت الأنظار.

-كيف لنلفت الأنظار ونحن غريبين عن تلك المدينة، حتى ملابسنا مختلفة.
-لا تكون قلقا يا "حسام"، لدي ملابس هنا لكننا سنقوم بتغيير ملابسها في السيارة.

تحدث "خالد":
-افهم من ذلك أن مدخل المدينة هنا، اعتقد عند الهرم صحيح، أم أنه في الصعيد الاقصر او اسوان، لكن من كلامك اعتقده هنا.

-هو بالفعل قريب من هنا، لدرجه لا تتخيلها، لكن ليس المدخل في منطقة الأهرامات، إنما المدخل قريب من هنا قبل المقطم يا "حسام".

-حسنا فهمت، لكن قلت لي شيئا آخر عن رحلة ما بعيدة، عندما تحدثت إليك، وقد ربطت الاحداث الأن، لقد قلت لي سابقا عند بداية معرفتي بك أن هناك سيفا ما من معدن ما، من معدن تم استخراجه من نيزك، لا اعلم وقلت أن به سفر الى منطقه بعيده، فماذا نفعل؟
وهل تحتاجه، ام نكتفي بالمسدسات التي معنا؟

-نحن لن نذهب لنقاتل ذلك السفاح، سنقاتله بالعقل، أولا يجب أن نضيق الخناق عليه، هذا من ناحية اما من ناحية الاخرى، فاني سأحضر "لوقا" للسفر خلال بضعة ايام قليله، لكن اريد من احد منكما أن يذهب معه في هذه الرحلة، هل تستطيع أن يقع اختياري على احد اخر افكر ايضا به.

قال "حسام":
-كيف سنبتعد عن هنا، ونترك لذلك القاتل العبث في المدينة.

-حسنا لقد فكرت في شخص آخر بعدما تحدثت معي نجمة، أظن أن لديه هو الآخر حافز كبير على الثأر من ذلك السفاح، بل قتله وتقطيعه اربا، أنه "بتاري" وأعتقد أن لديه من القوة الكثير، لكي يدافع عن "لوقا" لو تصدى له أحد في تلك الرحلة للبحث عن ذلك السيف، خصوصا أنه ترى الى علمي امس أن هناك من اكتشف مكانه، وتم وضعه في متحف هناك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي