الفصل الثاني والعشرون إنتقام ثمودي لوالدته

الفصل الثاني والعشرون: إنتقام "ثمودي" لوالدته.

اسرعت "كايلا" بالدخول الى حجرة "نجمة"، بعدما سمعت بكائها بصوت مرتفع يدمى القلب.
-سيدتى ما بك ماذا حدث؟

تبكى "نجمة" كما لم تبكي من قبل، لم تقم بتغير فستانها منذ الامس، شعرها الطويل لم تقم على تمشيطه عينها متورمتان من أثر البكاء.
-"كايلا" تمر الشهور والليالي وفي القلب ذكراه لا تفارق خيالي، يوم حل شتاء أهلك صقيعه قلبي وارهق كياني بعد الربيع،
أتي الألم فجأة يمزق داخلي، لأني فقدت أغلى الأشياء ولا يمكنني الحصول عليها، لا أدري أحينا أسأل هل شاءت الأقدار أم سوء إختيار،
ولماذا لا يمكنني التحمل والتأقلم مع ما حصلت عليه، رغم المحاولة تأسرني تلك المشاعر وتذبحني، تبقى دفينة ونمر نحن العاشقين على محطات الحياة دون توقف، نظن أننا اجتزنا كل تلك المسافة ونجحنا، ولا نريد النظر إلى الوراء خشية من أن نعلق في شريط الذكريات، ونبكي حلما دهسه قطار الحياة وهو يجري غير عابث به، قد يكون تهورا وإهمال، لكن نبقى نتساءل بما أن الحياة إختيار، فلماذا نتهم الأقدار في تعثر حظنا، ولماذا هذا الإدراك المتأخر ولماذا هذه الآه، لماذا الآن اصرخ والدمع يحرق حرقا ويزيدني غرقا وغرقا في بحر الأحزان.

وقفت "كايلا" تبكي بكاء سيدتها، ولا تدري ماذا تفعل أو تقول؟
-سيدتى حبيبتى، لا امى يا من كبرت ولم اجد خير قلبك الذي احتضنني كابنة لك،
فماذا افعل لك يا والدتي حتى اريح قلبك، اسمع كل ما يحدث هنا في القصر واسمع تلك الهمسات التي تتناقل خارجا، اسمع عن ذلك السفاح ذلك القاتل هو امامنا منذ سنوات طويلة، لو نظرت جيدا لعرفت من هو، كنت اقف بعيدا وسيدتي "لاديس" تجلس معه في الحديقة، لا أستطيع أن أتحدث أنه من يتواجد دائما في أرض نان هو من يريد أن يقتحم الأرض السفلى هناك، من يتحدث معه عن بعد هناك أشياء كثيرة اعلمها ولا أستطيع أن أتحدث بها.

- أنت ايضا يا "كايلا" تشعرين بما اشعر به، اخاف عليهم جميعا اخاف على الجميع اخاف على ادم ولدي وعلى ابنائه من "نونيا"، وعلى ابنه البكر "لوقا" وعلى والدته، وعلى "محب" وعلى ابنه "عزيز" واحفاده، اخاف على الجميع اخاف عليك واخاف على نفسي، لا اعلم ماذا افعل هناك؟
اشياء كثيره اتضحت أمام عيني منذ الامس وانا افكر كيف لم اشاهد ما كان يحدث منذ القدم، كيف لم اشاهد وحشية "جيكاي"، كيف لم اشاهد يده اليمنى "ثمودي"، كنت اشاهد تفضيل "ثمودي" عن "آدم"، كيف غفلت عن اشياء كثيره الان اتضحت امام عيني .


- سيدتي ارجوكي لا اريد أن تظهري بمثل هذا المظهر أمام "لاديس"، أنها متعبة في قلبها ما زال مفطورا.

وكأن ما تفكر به كيل يحدث لكن بشكل مختلف، لقد نظرت "لاديس" من شرفة الجناح المخصص لها في قصر والدتها، ووجدته يقف بعيدا على حدود حديقتهم ينظر اليها وكانه ينظر اليها مراقبا، او بغضب وجهه تحول الان الى ذئب شرس، عندما يتحول ال"ثمودي" ولانه اسمر اللون، فوجهه يتحول الى ذلك الذئب خاتم اللون عينيه حمراء دامية، تعجبت لماذا ينظر اليها هكذا؟
لم تكن تعلم أنه ينظر الى القصر بأكمله يتوعدهم.

انها اعتقدت أنه ات لها، يتوسل إليها أن لا تبعد عنه مرة أخرى:
- نعم سأتحدث له واقول، لا يحق لك أنت أيها المتربع على عرش قلبي، لا يمكنك أن تضيعني مره ثانيه يا "ثمودي"، لا يمكنك أن تغتال فرحي لا يمكنك أن تسرق حلمي، لا يمكنك أن تدوس على حبي كانني لم اكن حبيبتك في يوم ما، لأنني وقتها سأشكوك الى قلبك، لانه وحده من يعلم مدى حبي لك وكم احمل في قلبي من وفاء وإخلاص لك، يعلم قلبك كما عانيت وضحيت من اجلك وحده، يعلم ما فعل حبك بقلبي فقد خصصت لك كل اوقاتي، اصبحت فجري وصبحي وظهري وعصري ومغربي وعشائي، فهل تدري أنك في عقلي طوال اليوم، فلا تضيعني لا تضيعني، اتعلم أن دمع الحبيب يحرق لقد قتلني ابتعادك، حتى أنني شعرت أنهم يقومون بمراسم دفني قريبا، لا تضيعني وان اردت فاخبرني اولا، كي اقوم بتجهيز كفني، يا اخر من ستتربع على عرش قلبي، يا من أدمنتك حتى صرت نبضي.

الغريب هنا أنها عندما كانت تقول هذه الكلمات لم تكن تنظر ناحيته، إنما كانت تنظر بعيدا في الأفق، وكانها تتحدث مع احد اخر، وكأنها تناجي تحب شخصا لم تشاهده من قبل، هي تحب الحب لذاته تفتقد الحب، لكنها لا تفتقد "ثمودي" ربطت حبها ب"ثمودي"، لكنها لا تعلم أنه لا يمثل لها شيئا.

- كيف يا أبي الان وقبل أن ترحل، تقول لي أن استعد للسفر ابني وحيدي الى بلاد بعيده عنا، لو اردت له أن يسافر سأصطحبه أنا الى هناك، او تسافر أنت او يسافر "عزيز" او حتى اسافر أنا، لماذا يسافر وحيدي الى بلاد بعيدة يحضر غرضا، كيف سيأتي بي الى هنا؟


- لا تقلقي سأجعل "بتاري" يسافر معه وسيجد هناك المساعده، فلا تقلقي اما من يقوم على إدخال ذلك السيف، لا تقلقي ايضا هناك من سيأخذ من ولدك في المطار هناك، ويسلمه إليه هنا بعدما يأتي، أنت لا تعلمين قوة المال، قوة المال التي تستطيع أن تسخر أي شيء، لقد تحدثت طوال الليل مع الجميع وأخبرت كل شخص بما سيفعل، لدي مندوب هناك ومندوب هنا، لكن يجب أن يأتي "لوقا" بهذا السيف، ولا تقلقي لم يكتشف أحد قوه هذا السيف، السيف يتغير لونه عندما يمسك مقبضه احد من عشيرتنا، فما بالك الالفا الصغير، وسابعث ب"بتاري" معه حتى يطمئن قلبي وقلبك، والان دعيني احضر بعض الملابس لخالد وحسام حتى نذهب الى سينيس، وادعوا لي أن احضر غدا صباحا، وان لم أحضر ثانيه لا تأتي إلى هناك ودعيني لمصيري الذي أنتظره منذ سنوات طويلة، لكن احذري أن تاتي أنت او "لوقا" الى هناك.


- يا والدي لقد تعبت من هذه الحياه، اريد الذهاب الى هناك وليحدث ما يحدث، تعبت ما اعيشه هو واقع مرير لا ادري ما نهايته، ابحرت وقد عصفت بي امواج الحياه الى حد الغرق، وارتطمت بصخور الواقع بعد هذا الحب الكبير بيني وبين ادم، واستفقت على حقائق مره وتجارب صادمه، وما زلت يا ابي وجدف والشراعي مكسور عسى أن اصل الى شاطئ الامان بوحيدي "لوقا"، رغم الخوف من الغرق ما زلت اجدف والامل في النجاه كبير، ولن اترك احلامي تموت ساعيشها بتحدي وانتظر القادم وسأسابق الزمن، لانه مجرد رقم وطموحي اكبر، لهذا فلا الزمان ولا المكان صيغتلون عزيمتي ويحطمون ارادتي، او يغتلون حلمي ام يصبح ادم هو الالفه، أنت لا تعلم قوه حب الام لابنائها، سافرض وجودي ووجود ولدي وساعطي درسا لا ينسى لمن يقللون من شاني وشانه يا والدي، اعطني الفرصه أنا لم اخلق لكي اهان، اريد أن اكون جيش ولدي اريد أن اسانده عندما يريد أن يسترد حقه، اتعلم من يقف عائق امامي هو ادم، هو من يقبلني ولا يريدني أن اذهب الى هناك، لقد رفضني يا والدي مرتين، مره عندما امتسل الاوامر والده وتريدنا من هناك، ومره ثانيه عندما اخبرته أنني اريد أن اذهب بعد وفاه والده أن اجلس في القصر الكبير كزوجه له، لكنه رفض وانا لن اسامحه.

دخل "لوقا" الحجرة وارتمى في حضن والدته:
كل ما تقولينه يا والدتي اوافق عليه، لكن هذه المره اعطيني فرصه حتى اثبت للآخرين من يقولون أنني لا اصلح كي اكون الالفا، أريد أن أثبت لهم أنني أستطيع وأنه من الممكن لي أن أطارد أنا ايضا هذا القاتل، أنت تعلمين يا والدتي أنني اشتركت مع حسام في التحقيقات، كنت فخور بنفسي وكنت أرى تلك النظرة في أعين جدي، كنت استمع لجدي وهو يقول أن دنيا تعتبرني طفلا صغيرا، مع أنني الابن البكر للألفا، اريد أن اذهب للإتيان بذلك السيف، ولا تقلقي امامي وقت حتى اسافر فأنت كما تعلمين لا يوجد لدي جواز السفر، وبالتأكيد سأسافر بالطريق العادي عن طريق الطياره، لقد أخبرني حسام أنه يستطيع الحصول على الاوراق المطلوبه في ظرف يوم، كل ما اطلبه منك يا امي أن تدعو لي، وأن تضعي ميرات في عينيك وحفظك.


بكت هديه وهي تحتضن ابنها بعدما قال لها هذه الكلمات، لا تعلم ماذا تقول له؟
إنها تخاف عليه وتخشى من المؤامرات التي تكون قد نسجتها نونيا له.

رد "محب":
- لن ترحل يا ولدي قبل أن ياتي "بتاري"، حتى يكون معك وفي هذا ليس تقليلا من شانك، ففي الاتحاد قوة ولا نعلم ما هي الأشياء التي تنتظركم هناك، لكن ما أقوله لك أن لي اعين ستكون معك هناك خطوه بخطوه، هذه الأعين تستطيع أن تشاهد لكنك لا تستطيع أن تشاهدها، اصدقائك القدامى وقفت معهم ومساعدتهم قديما، وبعثت اليهم لكي يقفون بجانبك نحن يلوق ليس لوحدنا في العالم، عشيرتنا ليست هي فقط المتواجدة، هناك كائنات اخرى مختلفه عنا المميز فيهم أنهم يستطيعون أن يشاهدون دون أن نشعر بهم.



- يجلس "ثمودي" في قصره الصغير بالقرب من أطراف المدينة، وقد بناه في تلك المنطقة حتى يتسنى له الخروج للصحراء بدون أن يشاهده أحد:

- لا اعلم لماذا يقف آدم في وجهي منذ فترة، هو لا يعلم صلة القرابة ما بيني وبينه صلة القرابة هذه التي تجعلني أحنق عليه وعلى اخوته، وهذا ما جعلني اتلاعب ب"لاديس".

كانت في زاوية الغرفة تجلس مستذئبة تبكي، فاقترب منها "ثمودي" وجعل يقبل يدها ويحتضنها، لا يعلم احد بوجود والدته فما زالت على قيد الحياة.

- امي كل تلك السنوات وكل ما فعلته كان من أجلك أنت، سأثأر لك من ذرية من ظلمك وقتل حبيبك،
جعلت تقول بصوت واهن:

-قتله أمامي كان يريدني لنفسه،
ظل "جيكاي" سنوات يراودني عن نفسي، يعلم أنه تزوج نجمه وهي لا تحبه تزوجها، لانها ابنه القائد حتى لا يثور احد عليه في يوم من الأيام، لكنه لم يشعر في يوم من الايام بعاطفة ناحيتها، كان يبغضها لكرهها له، لكنه احبني ولأنه يستطيع الحصول على أي شيء، قتل حبيبي اعلم أنه هو القاتل نظراته كانت تقول ذلك، كنت أشعر أنه هو القاتل كان يمثل الحزن على صديق عمره، لكنني شممت رائحه الدماء من بين مخالبه.

- لكنك استسلمت له يا والدتي، لماذا استسلمتي كنت قومي على مقاومته؟

- كنت أنت نقطة ضعفي يا "ثمودي"، كان يساومني عليك وانت ما زلت صغير، أنت تلك الهدية التي تركها والدي لي قبل مقتله، ذلك الحبيب الذي مازلت وفيه له كل يوم أودعه، عندما احتضنك اشعر أنني احتضن ذلك الحلم الذي أحلم به، لكني أدرك حقيقة لا يمكن تغييرها، أنه قتل منذ سنوات طويله، لم يترك لي غير صورته وتلك الأغنية التي يحب أن نرقص على الحانها.

- وها أنا ذا أنتقم، وسافتح تلك البوابة التي أغلقها "جيكاي" منذ سنوات طويلة بعدما رفضتيه أنت، واحضر لعنه من سكان العالم السفلي لعنك بها اصبحت بهذا الشكل، يجب أن ابحث لك عن دواء، أعتقد أنني اقتربت لقد قمت بتجميع كمية كبيرة من الدماء، اقوم بوضعها يوميا في البدايه، كنت اقتل من ليس لهم أهل الذين كانوا ينامون في الشوارع لدى البشر، بعد ذلك اتى لي من يأتي لي في أحلامي من يريد الفرار من "محبسه، وأخبرني يجب أن تكون الدماء دماء طاهرة لأشخاص ذو مكانة في المجتمع، وليس أي أحد أن يقول أن يكون المقتول له عائلة، تذرف من الدموع الكثير والكثير، قال لي أن دموعهم تحيه اكثر والدماء تجعل البوابه تفتح.

- لكنك تحولت لوحش.
- "جيكاي" وحش، وادم وحش "جيكاي"، كان يتلبس سيف العداله لكنه بعد ذلك جعل يقتل لمجرد الاستمتاع، حاول أن يقنعني أنه قتل والدي، بعدما تحول والدي الى وحش يقتل بأعداد كبيرة، لكنك اقنعتني أنه قتله لكي يحصل عليك.

- في البداية عندما اتى ذلك الشيطان من بلاد نانا السفليه، وأعطى ل"جيكاي" تلك التركيبة التي تجعله خارق، يقوم بتغييره ليس كذئب من عشيرتنا إنما يعطيه قوة مائة ذئب، كان فرح صمم أن يحمل سيف العداله، ولان والدك كان صديقه جعله معه، لكن والدك فرح بتلك اللعبة كثيرا وجعل يقتل ويقتل، كنت ابكي تحت قدميه كيف لهذا المحب ذو القلب الرقيق أن يفعل مثل تلك الأشياء؟
لكنني علمت أن "جيكاي" اوعز اليه بذلك، هو من أعطاه التركيبة العجيبة ، هو من أخرج الوحش الكامن داخل والدك، بعدما قتل والدك جاء إلي وقال إنه انتصار للعدالة، فبكيت فصرح لي بحبه وانه ينتظرني منذ سنوات، جعل يقول لي أن قتله بعيدا عن حبه لي لكني لا أعتقد ذلك.

- لذلك يا أمي أنا أقوم على تحطيم "آدم"، وساقوم على ذبح ذريته، حتى تلك التي احببتها وجدت نفسي اتذكر من والدها، لذلك عاقبتها على حملها لأسمه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي