الفصل الثالث عشر مغادرة نانيس لمدينتها

الفصل الثالث عشر: مغادرة "نانيس" لمدينتها.
ما زالت "نانيس" تفكر في الانتحار،
لم تنصفها الحياة ،ولم تمنحها ما تتمنى،تستيقظ كل صباح وقبل أي شيء تتجه إلى حديقتها ،تعتني بها تسقي تلك الورود الجميلة ،والأشجار الخضراء ،التي تزين قصر والدها الرائع
سألتها إحدى الخادمات :
_سيدتي لما لا تتناولي فطورك قبل الذهاب إلى الحديقة.
فأجابتها : إن هذه الحديقة هي الحياة بالنسبة لي، لا أتنفس قبل أن أراها كل صباح.
سألتها الخادمة:وما السر سيدتي؟
أجابتها "نانيس" والدموع تفضح الجرح الدفين:
_لا يمكننا البوح دائما فبعض الأمور عالقة بين القلب والحلق والفصح عنها يوجعنا لحد كبير.
إرتبكت الخادمة "كايلا" وشعرت بالحزن وجلست على ركبتيها:
_ آسفة سيدتي لم أقصد هذا.
أنحنت "نانيس" الطيبة وتمسك "كايلا" من يديها:
_هيا قومي لا أريد أن أرى أحدا مكسورا ،إن هذا يؤلمني جدا لكن تعالي معي أريك شيئا.
اتجهتا معا إلى قبو في الجهة الخلفية للقصر ،أضاءت المكان وجلست وطلبت من "كايلا" الجلوس
_يا "كايلا" منذ اتيتي إلى بيتنا وأنا أعتبرك أختا غالية ،وزادني حبا لك حب أمي تعتبرك إحدى بناتها لهذا سأطلب منك أن تحفظي الأمانة وتدفني السر إلى أن أموت، لأنك قريبة الى قلبي سأطلعك على شيء لا يعلمه أحد،عديني أن لا يراه غيرك.

قالت "كايلا" :يا سيدتي مذ أتيت إلى هنا وأنا أعتبركم كل عائلتي ولم أرى من والدتك إلا الخير لقد منحتني حبا ملأ حياتي الفارغة ولم أشعر من يومها أني يتيمة ولا خادمة.
وعانقتها عناقا تسمع له دقات القلب من مكان بعيد.
_ليتك تعلمين يا "كايلا" كم أنا بحاجة إلى الصراخ ،إن ما بداخلي موجع.
وارتمت على صندوق صغير تحتضنه وتجهش بالبكاء ،وهي تردد:

_ لقد أحببته حبا لم تحبه أمه له لقد أحببته يا"كايلا" حبا لو وزع على العالم لأغرقه جمالا ووفاء وطيبة وحنان، حناني له لا مثيل له حتى في قصص الخيال.
تجمدت "كايلا" في مكانها من شدة الصدمة ثم أجهشت بالبكاء وارتمت عليها:
_أنهضي يا سيدتي لا تفعلي بنفسك، هذا هيا ارجوك انهض معي.
قامت "نانيس"وفتحت الصندوق، وأخرجت منه بعض المجوهرات وقالت:
_خذي يا"كايلا" هذه لك
_ لا يا سيدتي هذه لك
_وما حاجتي لها، لقد فقدت الرغبة في الحياة، بعد أن فقدته إني الميت الذي يمشي بين الأحياء لم تعد الحياة تعني لي شيئا.
خذي انها هدية مني لك.
ثم أخرجت دفترا كبيرا وبداخله رسالة، وقالت لها:
_هذا ماتبقى من كنزي العظيم ،عندما أموت سأترك لك عنوانا تأخذين الرسالة إليه .
أريد منك وعدا ان لا تقرئيها ولا يراها أحد إلا ذاك الشخص.

لم تتوقف "كايلا" عن الأسئلة ،ولم يكن ل "نانيس" غير الصمت والبكاء كلما جلست في إحدى زواية الحديقة، تجلس على ركبتيها تتمتم ،وتقلب في التراب بعود رقيق تمسكه كلما ذهبت لذاك المكان، تراقبها "كايلا" من بعيد بعد أن أثارت فضولها ،وامتزج الحب لها بالشفقة عليها.
ذهبت "كايلا" الى "نجمة" لتسألها عن الأم،
طرقت باب غرفة "نجمة"
اجابتها "نجمة" من الدال فالتدخلي كايلا
دخلت "كايلا" الحجره مسرعه الحزن بادي على ملامحها، نظرت إليها "نجمة" وقالت لها:
_ لماذا ملامح الحزن، بادي عليك
_لست بخير لأن سيدتي "نانيس" ليست بخير، هذه الأيام أخاف عليها كثيرا
_ما الأمر ماذا هناك أخبريني، لقد اعتقدت أنها تحسنت حالتها، أكانت تمثل القوة ام"أمي"


_لا أدري ماذا هناك، لذلك جئت أخبرك عن أمرها
_اخبريني ماذا لاحظتي ؟
_منذ مدة كانت تستيقظ باكرا تذهب مباشرة للحديقة، قبل تناول الفطور، ثم تعود بعد ساعة تقريبا لتناول فطور الصباح.
ولكن هذه الأيام لا تأكل شيئا فقط تشرب القليل من الشاي، وتعود للحديقة تمسك عودا تقلب التراب وتتمتم كالمجنونة، وكأنها تكلم أحدا،ثم تتجه لحصانها تحدثه وتبكي.أصبحت سيدتي قليلة النوم، كثيرة الحركة ذهابا وإيابا في ردهة القصر، ثم الحديقة وأراها تقريبا، تكاد تسكن بين تلك الورود منعزلة عن العالم.
ياسيدتي أتوسل إليك افعلي شيئا.


أن أبنتها لم تفهم الحوار السابق أو فهمته، ولكن قد طغى حزنها على حبها مره اخرى يجب الآن أن تلجأ لتلك الفكرة التي اتتها منذ عدة أيام، ستبعث بابنتها للمكوث لدى "محب" وابنته هاديه ولم لا فهم من عشيرتها، واولا واخيرا فان هاديه زوجه اخيها الاكبر و"لوقا" هو ابن اخيها، وبالتأكيد لن يرفض آدم ذلك الطلب، لكنها الآن ستذهب اليها ليلقي عليها بعض، الكلمات لعلها تعقل.

تركت "نجمه" غرفتها مسرعة في اتجاه الحديقة، ووجدت ابنتها تجلس في ذلك الركن كما قالت لها "كالا" فاقتربت منها، وقد رسمت على وجهها ابتسامه علم "نانيس" عندما شاهدت تلك الابتسامه أن والدها والدتها تتصنعها، وانها تحمل بقلبها جرح كبير بسبب ذلك الحمل الذي تحمله على اكتافها، وها هي تلقي عبئا جديدا على عاتق والدتها الحبيبة.

_ حبيبتي "نانيس" هل اجلس بجانبك.
_ لا يا "أمي" سانهض لا اظن انك تجلسين هنا بجانبي أرضا.
_ لا يا حبيبتي ساجلس انا ايضا بجانبك، اتعلمين ان هذه الحديقة الكبيرة تحمل لي كثيرا من الذكريات الجميله، وايضا ذكريات حزينه بل هي قاتله للقلب.
_ حزينه ايضا يا "أمي" مثل ذكرياتي

_ بالتاكيد ذكريات حزينه هنا كنت اقابل "محب" وهنا تعاهدنا على البقاء معا وهنا بكيت عندما اخبرني والدي بزواجي من "جيكاي" فان هذا القصر قصر والديه لقد اصريت عندما تزوجت من "جيكاي" أن أظل به لكي لا ابتعد عن تلك الحديقة المحببه الي.
_ هي محببه الي ايضا يا "أمي".
_ كنت في بدايه زواجي من "جيكاي"، وابتعدي عن محبتي اليها وابكي بجانب الأزهار التي كنت اسقيها بيدي، وابكي بجانب تلك الشجرة الكبيرة التي هناك تلك التي كنت اجلس احتمي بظلها، ويجلس بجانبي "محب"، وظللت أبكي تحت هذه الشجرة سنوات كثيره، وانا اشاهدها من بعيد هو ايضا يتعذب، اتعلمين ان زوجته كانت تعلم بحبي له.

_ لا يا "أمي" لم اكن اعلم، وماذا فعلت يا "أمي"؟
_ كنت اجلس هنا، ولم اشعر الا وهي قد تحولت الى ذئبه كبيره، قد أتت لكي تقتص مني أردت قتلي كانت عينها كبيرة، وحمراء كيف ان المراة الجميلة عندما تتحول لذئبة شرسه، تصبح بمثل هذا القبح أن مخالبها كانت، حادة جدا وعندما أرادت أن تقوم بقتل اتى اليها الحراس وامسكوها، لكنني دافعت عنها لقد كانت تحمل بداخل رحمها ابنتها واعتقد ان الحمل، هو ما اثر عليها وعندما اراد والدي قتلها فكيف بهذه أن تحاول قتل زوجة الألفا الكبير.

_ كيف يا "أمي" انقذتها أعلم بالتأكيد أنها لم تموت لانها انجبت هاديه بعد ذلك
_ نعم يا ابنتي لقد جلست بجانب والدي وجعلت اقص عليه بعض القصص التي اقصها عليك حتى لا يثور ويقوم بقتلها،
وفي النهاية اقتنع والدي بكل"أمي" وابعدها هي وزوجها في منطقه بعيده عنا على أطراف المدينة وظللت اجلس الى تلك الحديقة أبكي حبي وبعد عدة سنوات ماتت زوجته قامت باحتضان ابنته كأنها ابنتي انا لذلك قد تعلق بها ادم كما تعلمين وتزوجها بدون رغبه والده.

_ نعم يا "أمي"، اعلم، واعلم ايضا انهما تزوجا، في حجره الملك بداخل الهرم الاكبر لقد قص علي اخي هذه الحكاية كيف انه علم من والدي، ذلك الممر الذي يؤدي إلى داخل الحجرة وانه اراد الاختباء، بها ولم يجد أصلح من تلك الغرفه، بداخل قلب الهرم لان الجميع كانوا يبحثون عنه، وأنه ظل هناك فترة طويلة لا يعلم عنه أحد شيئا.

_ نعم يا ابنتي ان اخيك، شديد الذكاء كان يعلم أن ابيك، سيقوم بالبحث عنه ولن يذهب الى الغرفه طالما يبحث عنه، لذلك أخذها وذهب بها إلى هناك ومكث كثيرا وبعدما اكتشف الجميع مكان تواجدهم، كانت تحمل في أحشائها ولدها لذلك لم يقتلها "جيكاي" بل عندما ذهب الى هناك شم رائحه ذلك الوليد برحمها، اعتقد ان قلبه رق وقتها وجعل يلقي على أخيك، حوار طويل عن كيفية السماع لنداء العقل وليس القلب.

_ عاده يا "أمي" القلب يتفق مع العقل.
_ لا يا حبيبتي عاده ما يكون القلب ثائر، لا يريد تنفيذ ما يمليه عليه العقل ودائما بينهما حوار طويل،يتحدث القلب الى العقل ويخبره، لماذا تخاف من الحب؟ لماذا تهابوا؟ ينظر اليه العقل لكنه لا يجيب، ولا يبدي اي اهتمام بالقلب لكن بعد قليل ينظر إليه ويقول فلتصمت ايها الشقي فلتدعني أخذ ذلك القرار عنك، ولا تتحدث معي أو تجادلني فانت عادة ما تكون مندفع، يجب ان تعلم ايها القلب ان الحب ليس قصائد وشعر، ليست رسائل متبادلة فقط.
_ وماذا يجيبه القلب يا "أمي".
تخرسه بالمفاجاه يا ابنتي، بسبب اندفاع العقل بالهجوم عليه لكنه ينظر إليه باندهاش وذهول عندما قال له: العقل اخرس تلك النبضات الثائره، واغلق جميع غرفك وضع عليها ملايين الحواجز والاقفال عندها ظل القلب يصرخ ،كيف يقول له العقل ذلك وجعل يقول له انه متمرد وسيجعل الحب، يحتل له ويغزو مدنه وينسج بين ضلوعه ديارا لذلك الحبيب ليعتلي عرش القلب، بكل كبرياء وشموخ.

_وهل ينفذ القلب ما يقوله؟
_ نعم يا ابنتي ينفذ ويحب، لكنه لا ينتقي بالعقل من يحب، وبعدها يجلس منزوي لا يريد التحدث مهشم فيشمت العقل، ويقول له ألم أقل لك ألم أنهك عن الحب وقد قلت لك ان ذلك سيحدث، وقد حدث لقد اعطيت مفاتيحك لاحد الاشخاص، ودخل مدنك وجعل يطعنك في ظهرك على حين غفله.

_وماذا قال الحب يا "أمي"، مدافعا عن نفسه؟
_ لم يقل شيئا يا ابنتي، وهذا هو ما اقلق العقل فبموت القلب يموت، العقل والجسم بأكمله فجعل يستجدي أن يتحدث معه، وان لا يترك نفسه لتلك الالام التي تنهش بداخله وان ينهض من جديد، ويرتدي ثياب الامل وأخذ يقنعه، انه عندما يرتدي ثياب الامل ستتزين مدنه من جديد، وعندها سيجد من يستوطن مدنه، لكن يجب اولا ان ياخذ راي العقل ولا يختلف مره اخرى، في اتخاذ ذلك.

أفهمتي يا أبنتي لا نترك القلب فقط، هو الذي يتحكم بنا وانا وبعد تفكير شديد مني قررت يا ابنتي أن تذهبي لبعض الوقت، عند "محب" أن تشاهدي العالم الاخر اعتقد انه سيشغل عقلك عن التفكير، عن أي شيء ستشاهدين اماكن جديده بشر لم تشاهدها في حياتك من قبل لكن اولا، يجب ان تتحكمي في انفعالاتك حتى لا يكتشفوا امرك لذلك ساقول ل"محب"، أن لا يجعلك تخرجي من منزله، حتى يقوم على تدريبك على التحكم في انفعالاتك، مثلما اخبرني انه علم "لوقا" أن يتحكم في انفعالاته.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي