الفصل الثامن والعشرون استعداد للسفر

الفصل الثامن والعشرون: استعداد للسفر.

مخطئ من قال أنه لا يوجد حب من النظره الاولى، لقد تعلق قلب "حسام" ب "لاديس"، من تلك اللحظة التي نظر إليها تتطلع إليهم من شرفتها.
وها هو في الحديقه يسمعها تتحدث مع "كايلا"، عن ذلك الحبيب الذي غدر بها، تنتحب وتشتكي ذلك الغادر، الذي اتضح للجميع أنه القاتل، فجعل يتساءل أتبكيه حبا ام تبكي سذاجة قلبها، بعدما تلاعب به مثل هذا القاتل.

-"كايلا" لقد ألتحف الصبر، منذ أن دقت ساعات رحيله، يرعبني التفكير، كيف سأقنع قلبي أن كل شيء أضحى ذكرى، أسير في مدائن الحزن تزعجني أجراس الخوف، التي أثارت ضجيجا حولي، وتنبؤني بخطر قريب سيعصف براحتي إلى مكان بعيد.

-اتعلمين ما هو الخطر الذي تخشين الوقوع فيه، أنه الحب خوفك من الوقوع فيه، يجعلك تتنبئين بوجود الخطر، خصوصا بعدما اتى ذلك الشخصين الى هنا امس، وانا اجدك تستفزين ذلك الشاب الطويل الذي يدعى "حسام"، اعلم أنه من البشر، لكن هذه أحوال القدر.


-لا سأبقى أسير إلى اللانهاية في شوارع الأمل، أبحث عن ذاك الحلم البعيد،
أيها الحلم القابع على جدران قلبي، أرهقني الطيف الذي لا يشبهك، الفرق بينكما أنه لا يريد الرحيل، حتى لو إقتات على بقايا الذكرى، التي لا تسد جوع الشوق، فما زلت أحب الخائن الى الأن.


-تحبينه، لا أعتقد ياصديقتي يا من اعرفك اكثر من نفسك، يا من تربيت معك يامن نتحدث ليل نهار معا، صديقة طفولتي، ام اقول اختي الكبرى وسيدتي كيف اصفك، كما قلت لك ومع عدم ادراكي بمعني الحب ارفضه وامقت أن اتعلق بروح اخر ثم يخون، ويجعل يبكي حبيبته وما شابه فهم خائنين بطبعهم، كل الذكور حتى الحيوانات، كل ذكورها هكذا الا الذئاب أوفياء.

ضحكت "لاديس":
-اتشبهيننا بالحيوانات.

-ما اريد أن اقوله لك أنا الذي كان ينظر الى ثمودي، يعلم جيدا أنه خائن كثير الصديقات، كثير الحديث مع النساء الم تشاهدي أنه ليس له اصدقاء كثيرين من الرجال، كلما اعرفه من النساء ينظرون إليه وهو يسير، يتجمعون حوله ويجعل لينظر لتلك وينظر لي تلك، ويجعل كل واحدة منهما تشعر أنها هي حبيبته الاولى والاخيره، وعندما تقترب إحداهن مثل تلك الفتاه التي حدثتني منذ عدة أيام، عندما اقتربت بعدما جعلها تعتقد أنها حبيبته، قال لها كنت كلمتين كنت ارفض منذ البداية، لقد حدثتني أنه كان يقول لها معسول الكلام، يا صغيرتي ياحبيبتى ثم بعد أن أوقعها في شباكه مثل العنكبوت، ولم تعرف الفكاك منه، ابتعد هو ليبحث عن فريسة أخرى، اعجبت بذلك الشخص الذي تحدث معه منذ فترة، عندما كان يقف يتطلع الى بعض الاشياء في سوق المدينة تشاجر معه بالكلمات، فنظر اليه الرجل وقال بك شيء غامض، حتى أن مظهرك يدل على سوء قلبك.

-نعم لقد قلت لي وقتها هذا، وقد تحدثت معه عن تلك الواقعة، جعل يتحدث كيف أن ذلك الشخص أخطأ في حقه لكنه سيصفح عنه، ومنذ يومين وجد ذلك الشخص في الجبال بعيدا وقد قتل.

اما خالد، فكان ينزوي بعيدا في ركن آخر من أركان الحديقة، ينتظر تلك المفاوضات التي يجريها "محب" مع أفراد كثيرين من مدينة "ثينيس"، وقد عرفوا أن "بتاري" سيلحق ب "لوقا".

-خالد ماذا حدث لك؟
اين تلك الابتسامه التي اجدها دائما على شفتيك يا صديقي.

-لا اعلم يا "حسام"؟
أن هواء هذه المدينة بها شيء غريب، هناك شيء عجيب، احاسيس مختلفه قد شعرت بها عندما وطئت قدماي تلك المدينة الغريبة، تلك المدينة الخارجة إلينا من كتب التاريخ.

-اتعلم وانا ايضا، لا اعلم ماذا حدث لي؟
اصارحك عندما شاهدت تلك التي يقول لها "محب" "لاديس" هي ابنة حبيبته.


-لقد شعرت بك، وقد حدث لي نفس الامر مع تلك الجميلة القصيرة القامة التي تدعى "كايلا"، اجدها مختلفه عنهم، حتى أني أشك أنها واحده من بني البشر مثلنا نحن، هيئتها لا تدل على أنها من بني الذئاب، عينيها الملونه وشعرها الكستنائي وقصر قامتها، لقد سألتها منذ قليل عن طولها، فاجابت أنها مائة وتسعة وخمسون سنتيمتر، فضحكت وقلت لها أنها قزمة بالنسبة إلى، فضحكت وقالت أنها لو ارتدت حذاء ذو كعب ستصل الى طولي، هي خفيفة الروح واعتقد أنها عاقله، لقد سمعتها تحتضن "لاديس" بحنانها وكلامها، كم أشعر أنني في احتياج لتلك المرأة.

-اتعلم أشعر أننا أتينا إلى هنا لشيء قد كتبه القدر لنا، أنت لكي يتم جبر قلبك بعد شقاء وعناء ووحدة منذ صغرك، وانا تمنيت أن أجد نصفي الآخر، عندما اشاهد تلك العاطفة الجميلة، والعشق التي ما بين جدتي ليلى وجدي، اتمنى أن اجد من تعشقني حتى كبر سني و شيخوختي، لكن فلن نستطيع أن نتزوج أو نحب من تلك العشيرة لا اعلم.

-يا صديقي منذ سنوات طويله وانا لا اتحدث اعيش الصمت، أبحر في أعماق الماضي، وابحث عن من يفك شفرة الاشياء المفقوده التي تتضارب داخلي، يهزني الحزن والاشتياق اغلبه تاره، وتاره اخرى يغلبني هو، واقاوم واخذ القلب الذي يوجعني، اتالم منه واترجاه أن يرحمني، فسبقني الدمع وانا وحدي ويرتجف جسدي، لتلك الذكرى التي في عقلي، تلك الذكرى الوامضة لحب ام واب، لكن أجد أن الدمع يسبقني، وارتجف واصرخ من الذكرى، وأنا بمفردي في تلك الشقة، التي أشعر أنها كجبل من الثلج، واقول دثروني أي صقيع هذا، ولا اجد من يسمعني، فقد ماتت جدتي قدر هو يا صديقي، وهو العذاب أو لعنه تلازمني، قلت لي أنني ابتسم دائما، وان الحزن لا يليق بي، لكن لا استطيع أن اصده، وعندما احاول يقتحم هدوئي يبعثرني، الف صرخه داخلي، والف اه تذبحني.

-تجلد يا خالد، تجلد يا رجل.

-اتعرف أنني استيقظ ليلا وانادي امي، واقول لها أن جرحي غائر، قلبي حائر احاول أن اكثر تلك الاغلال التي تقيدني، اريد حضن ودفئ امي، فالعالم مؤلم احلى دائما أنها تقوم بضمي حتى تخفف حزني، واوقات كثيره اجد أن الصبر يهجرني، هذا الزمن رهيب يا صديقي، والأضداد تمزقني، أتساءل دائما هل ضاع امسي ويومي وضاعت احلامي، ام تراني اجد حلمي هنا في تلك المدينة، التي ترتدي ثياب الماضي.


أما داخل القصر، قد اتفق "محب" مع "بتاري" على اللحاق بلوقه والدفاع عنه.

-لا تقلق أيها الحكيم، "محب" أنه ليس حفيدك فقط، أنما هو ابن أخي "آدم" قائدنا والالفه، ويوما ما سيأخذ "لوقا" مكانه بحكم مولده، أليس كذلك يا بافلوس.

-أقسم لكم، أنه ليس لدي أي مانع من ذلك، أنا أحب الترحال كما يعلم "محب"، احب احب قيامي بالمغامرات الكثيرة، حتى تلك المرات التي ذهبت فيها إلى الأرض السفلى، للكشف عن غموضها، هي من أذكى الاوقات لدي، كيف سأترك كل ذلك واجلس هنا، حاولت كثيرا أن اقنع امي بذلك، وكانني خلقت لم اخلق لأكون الألفا.
تحدث "محب" وهو ينظر الى بافلوس نظرة والد:

-اعلم ذلك يا صديقي الصغير، اعلم ذلك جيدا، منذ سنوات مضت ووالدك يعلم ايضا، لقد قام والدك بتعليمك كل فنون القتال، ليس لتدافع عن هذا الكرسي الذي تقاتل والدتك من اجله، أنما علمك والدك كل فنون القتال، حتى تستطيع الدفاع عن نفسك، لقد علمت الآن أنه كان يقوم بتحضيرك، حتى تستطيع أن تعرف لنا أسرار، حتى نعرف نقاط ضعف اعدائنا، الذين أشعر أنهم يريدون الانقضاض علينا، كل ذلك بسبب تلك السنوات الماضية، التي استطاع فيها ثمودي ومن قبله والده الاتفاق مع عالم الظلام، علينا وعلى بني البشر.

لا يعلم "لوقا" كيف يقول لما رأيت أن ذلك الضابط صديق "حسام"، قد اتصل به وقال أن يأتي إليه، ليقوم باستلام جواز السفر.

-ولدي أريد أن أسافر معك، لن أتركك بمفردك.

-لا تقلقي يا امي، لقد علمت أن "بتاري" هذا الذي كان جدي سابقا، يروي عنه كثير من الحكايات المؤلمة، والذي الان اصبح صديقا لنا بين ليلة وضحاها، وسيأتي معي أو سأقابله هناك، لم يتحدث معي جدي بشكل واضح، لكن الشيء الوحيد الذي أعلمه، أنني أصبحت رجل يا امي، اريد أن ادافع عن عشيرتي ومدينتي، لا استطيع الجلوس هنا لبقية حياتي وانا منفي في تلك المدينة.

-لقد عشت بها يا ولدي سنوات طويلة، وقد تأقلمت على الإقامة هنا.

-وماذا سأفعل أنا؟
هل سأقوم بتهريب المنتجات التي تصنع في مدينتنا، واقوم ببيعها هنا مثل ما يفعل جدي ام ماذا افعل، ثم يجب أن تعلمي أن جدي في المقام الأول طبيب، يجد لديه الأشخاص علاج لكثير من الأمراض، لا يجد الطب الحديث هنا في تلك المدينه علاج لها، أما أنا فماذا أفعل؟
-لقد علمك جدك كل شيء، الطب والفلك وشتى العلوم، حتى الرياضيات، أنت تنافس علمائهم في الذكاء يا ولدي.

-كنت اسمعك سنوات طويلة تبكين، لوجودك في تلك المدينة، والان تقولين لي أن اتقبل فكرة وجودي
بها، لا لن يكون.

-لا استطيع أن ارفض لك طلب، أو ارفض لأبي اي طلب ساتركك تسافر، لكني لا استطيع أن اخبر "ميريت" أنك ستسافر اليوم أو غدا صباحا، فالتقل لها أنت، وبعدها فلتذهب مباشره الى ذلك الضابط، وتحضر منه جواز السفر الخاص بك، وقد قال لي والدي أن هناك من قام على حجز تذكرة للسفر لك، أو شخص تنازل عن تذكرته لا اعلم.

وكأنها قد سمعت حديثهم، فهبطت مباشره وبسرعه من الطابق العلوي، نظرت اليه بوان شديد أن يغادرها، بعد أن التقيا وبتلك السرعة الشديدة،
عندما شاهدتها هاديه، قامت من مجلسها ودخلت الى حجرتها، حتى تترك لابنها ووليفته الوقت الكافي لكي يودعها.

-كيف حالك اليوم يا حبيبتي؟

-لا تسألني كيف حالك، وأنت تعلم أنك كل حالي، فان غبت يا "لوقا" غابت عني الروح، وان حضرت ضحكت لي الاماني، ولماذا بعدما تلاقينا تريد ذلك الفراق بسرعة شديدة.

-"ميريت" تعقلي قليلا، فلننظر قليلا بعقولنا وليس بعاطفتنا وقلوبنا، يجب أن أسافر حتى أحضر ذلك السيف، الذي قد قص عنه جدي كثير من الروايات والقصص، وانه الوحيد الذي استطاع أن يجرح ذلك السفاح، في الماضي قد قال لي جدي، أن ذلك السفاح هو واحد من عشيرتنا، استطاع الحصول على ترياق ما جعله في قوة مائة ذئب، قوه رهيبه لم يقف أمامه أحد من قبل، لكن ذلك السيف الذي قد صنع من شهب قد هبط في الماضي من السماء استطاع ذلك، ويجب على إحضاره للخلاص منه.
-أريد أن ألحق بك.

-سأقول لك شيئا يبرد قلبك قليلا، لو تأخرت عن أسبوع واحد، فالتأتي لي، وهناك شيء آخر، أريدك أن تقومي بتجهيز اشيائك القيمة، حتى عندما أجيء إلى "ثينيس" اتواصل معك، لكي تحضرين الي مباشره هناك، لا استطيع التفكير وانت بعيده عني، ساكون قلقا عليك وانت هنا وانا متواجد في مدينتنا، فهمت ذلك حتى ولو رفض والدك، فلتأتي إلى وسأجعل "بتاري" يحضرك الي، واعتقد ايضا أنه سيصطحب "تمارا" ايضا معه.

-نعم أوافقك الرأي في تلك الحالة، واعتقد ايضا أن امي تريد الذهاب معنا، ومن غير أن اقوم بسؤالهم نحن نوافق، فأمي تتمنى منذ سنوات طويلة الذهاب الى هناك، اتعلم شيئا لا يعلمه احد، لقد غادر والدي منذ عدة ساعات عندما بزغ الفجر، ولحق بوالده لا تعلم امي، للأن ذلك فهي ما زالت نائمه، وايضا عمتي لا تعلم، لقد علمت أنا و"تمارا" ذلك، وقد لحقناه وهو خارج من المنزل، وقال لنا أنه لا يستطيع أن يترك والده وهو في شدة.

-إذا "ميريت" فلتستعد للحاق بي، بعدما أصل الى "ثينيس"، بعد أن أكون أحضرت ذلك السيف، فهمتي سنكون معا وللأبد قريبا جدا فلا تحزني.

-كيف احزن يا "لوقا"، أنت معي أنت كنور، لا أخشى الظلام معك يجب أن تعلم ذلك.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي