الفصل السابع والعشرونحب من النظرة الأولى

الفصل السابع والعشرون:حب من النظرة الأولى.

يعلم أنه لم تكن حياتها سهلة ولم ينصفها الزمن، كل شيء كان عكس ما تمنته منذ صغرها.
أسرع خطاه الى الطابق العلوي،
كانت "لاديس" قد خرجت من الجناح المخصص لها، ووقفت بالقرب من جناح والدتها تبكي، تعلم أن والدتها لم تشاهد "محب" منذ سنوات طويلة، تخاف على قلبها من المفاجأة.
شاهدها "محب" فتقدم ناحيتها، ولم يشعر الا وهي قد احتضنته، تفاجأ لكنه يعلم بالتأكيد أنها "لاديس"، فإن الأبنة الأخرى لا تتواجد في ذلك الوقت، إنما تتواجد في منزل زوجها.

-كم فرحت عندما شاهدتك و أنا واقفة في الشرفة، لقد عرفتك نفس الوصف الذي وصفته لي والدتي.

-اما زالت "نجمة" صامده كما تعودت، تحسن الظن بالجميع ولا تبخل يوما في حبها لأحد، تجبر كل مكسور وتبعث الأمل لكل حزين وتعيس، وتحفز كل من فقد الشغف تجاه حياته.

-نعم مثلك تماما، هي قوية في العالم، لكنها هشة داخليا من كثرة التظاهر بأن لا شيء يؤلمها، امي رقيقه فأبسط الأشياء وأقلها تألما تؤذيها، ولكنها لا تظهر ذلك ابدا، حتى لو يشفق عليها احد، عادة تراها حزينة احي أنا، تراها متجلده حتى لا يشعر بها أحد من الغرباء.


-ما زالت هي لم تتغير على مر السنوات، ليس للكره مكانه في قلبها، ولا تتواصل مع احد قد بغضته، مؤمنة دائما أن سر الحياة أن نترك استيفائها، حتى اذا فقدناها بقيت متعاتها في مشاعرنا نتلذذ بها، الى أن نعود اليها لاحقا باقبال وشوق، والدتك انثى مختلفه بكل تفاصيلها، هي أنثى لا تستطيع التصنع ولا تجدي النفاق هادئه، كثير من الأوقات كنت اجدها طفله مجنونه، حساسه عفويه دافئه ناعمه أنيقه قويه، هي للانوثه عنوان وللجمال لمعالم، احي أنا تكون واضحة كوضوح الشمس، واحي أنا اخرى كنت اجدها غامضة كغموض البحر، بسيطة وصعبة في آن واحد، غيوره الى حد السماء وحنونه بحدود الكون، ولديها من الذكاء ما يجعلها في مكانه عالية.
كان يتحدث عن حبيبته، وقد أغرقت الدموع عيناه.

-نعم امي، لم تكن تطلب في الوجود شيء إلا أن تشعر بالأمان، ذلك الأمان الذي لم تجده مع والدي، وأعتقد الآن أن اختيارها الأول كان صحيحا، هي تريد أن تصان ويصان قلبها، وقد صمت قلبها على مر السنوات.

-أعلم يا أبنتي، كنت اتمنى أن يعاملها والدك برفق ولين وود، ويهتم لمشاعرها، ويقدر حزنها بما يكفي، لكني عندما وجدت أنه من القسوة لا يعبئ بمشاعر احد، كنت اتألم و أنا اشاهدها جالسه في تلك الحديقة، تنظر الي على بعد، وانظر إليها ولا أستطيع أن اتحدث معها، حتى احبت أبنتي أبنها، وعند ذلك استطعت أن اتحدث معها مرة أخرى، وجدت أن قلبي ما زال معلقا بها معها، كما أنني وجدت أن قلبي ما زال معها، كما هو منذ سنوات طويله، والدتك لا تشبه احد في هذا الكون.

ويأتي الليل ليسحب سيف الصمت من غمده ويطعن به قلبي، ويحتل وحدتي وتنزف روحي شوقا، وألما لماضي لم تبقى منه إلا أطياف، فأهرب وأختفي في قلعة الذكرى، يقتات الأسى من أضلعي، أحدثك فتصمت ثم تصمت ثم تصمت، ثم يلتف حولي وشاح اليأس، فأمد يدي واسحب رداء الصبر، لأغطي به جسد الذكرى العاري، في ساحة الحب والحرب الشرسة التي تنكل بمشاعري، وقعت أرضا وسيوف الهجر قد أباحت دمي، أنت تنظر للنزف، وأنا أنازع من أجل البقاء، أتوسل إليك أن تضمد الجرح، لكنك مازلت قابعا في ساحة المعركة لا إنسحاب ولا بقاء، إني أشعر بالبرد، خسرت دما كثيرا، وأنت قد تسمرت في مكانك، تنتظر أن أحمل راية الإستسلام، لأقول لك كفى سأنسحب.


كان صوته وصوت "لاديس" قد وصلها، وقفت وهي تضع راسها، واسندت جبهتها على باب غرفتها، متعجبه دقات قلبها تتلاحق، خافت أن تموت هذه اللحظة من سعادتها، فقامت بتهدئه نفسها حتى لا تتهاوى، وقامت بفتح الباب ببطء شديد، نظر اليها وهي تفتح الباب، وكأن عقارب الساعة قد وقفت عن العمل، اخذوا ينظرون إلى بعضهم البعض، فابتعدت "لاديس" وهبطت إلى الأسفل، كي تشاهد ذلك الشاب، الذي كان ينظر إليها ببجاحه شديدة.

-حبيبتي لماذا ترتعشين؟
-"محب" ارجوك قم باحتضاني، لا استطيع أن اصمد و أنا واقفه على ارجلي، هل أنت حقيقة شعرت أنك ستأتي، وكنت أعلم لكن لحظه اللقاء لها قوه غريبه، حضورك يؤثرني، لذلك لا أستطيع أن أبطل ذلك الارتعاش الذي أنا فيه.
وبخطوة واحدة أخذها واحتضانها، واخذت تبكي بصوت مرتفع كما كان يبكي هو، لكن بدون صوت حتى لا يؤلمها.

-لا تعرف كم أنا عنيدة يا "محب" في التمسك بممتلكاتي وأنت أحدهم، هل نسيت لما أقسمت أنك لي، وبصمت بأصابعك العشر، أنك ستموت معي، إذا تعال ودع صوت السيوف تتعالى وصوت صهيل الجياد، يرعب الفراق حتى يبتعد، أجل يبتعد ذاك العدو، لأنه أراد أن يحتل إمبراطورية الوفاء وهذا أمر مستحيل،
لذلك حبيبي ظللت صامده، ارفض الاستسلام على مر السنوات، ظنا مني بأنك ق"آدم" وأن القادم افضل، وها أنت قد أتيت ليس لي فقط، بل ل أبني ولأبنائنا جميعا، اريد منك أن تنقذ "آدم".


وفي الاسفل نزلت لذيذ، بعدما قامت بمداراة تلك الدموع، التي كانت تملأ وجنتيها، متألقة رائعه الجمال شاهدت قيل تقف جانبا، وقد احمرت وجنتها، وهناك شاب ينظر إليها ببلاها وفمه مفتوح، لم تشعر بنفسها الا وهي.

-لم أعلم أن الشمس تشرق في المساء.

-من أنت يا هذا؟

-اسمي "حسام" و أنا ضابط شرطه.

-أفهم ما يعنيه ضابط شرطة، وهنا لا تهمنا هذه المسميات، "كايلا" اين "بافلوس" أبن أخي؟
ألم يكن هنا منذ قليل.

-رحل منذ قليل، بعد ما اطمئن بدخول ضيوفنا الى القصر، قال أن لديه امر مهم سيفرح جدته "نجمة"، وأنه في ظرف ساعتين على الاكثر سيكون معنا ومعه مفاجاه، تلك المفاجأة ستقسم ظهر "ثمودي".
-حسنا يا "كايلا"، اتمنى له كل الخير والتوفيق، والآن هيا بنا ندخل الى المطبخ نقوم بتحضير بعض المأكولات، لا أعلم ما يفضلونه؟

قام "خالد" من مجلسه، وأراد الدخول معهم.

-اشعر كانك منوم مغناطيسي، أنك تسير خلف قيل وفمك مفتوح، من فضلك أغلق فمك.

-اسف اسمي "خالد"، و أنا ايضا ضابط للشرطة.

-و أنا اسمي "لاديس"، لكني أعتقد أنك خفيف الظل غير صديقك هذا،
والتفتت ودخلت المطبخ، فقام "حسام" من مجلسه وذهب هو ايضا وراءها، ووراء "لاديس" و"خالد".


أما "آدم" وهيثمي، فقد ظل يتحدثان معا، ثم شعر "آدم" بالجوع الشديد، فهو هنا منذ فترة طويلة، وهو لا يأكل غير اللحوم.

-لا تقلق اشعر أنك جائع، فانت تمسك بطنك منذ فترة، سأصطاد لك اي حيوان تطاله يدي، في كل تلك السنوات الطويله، صنعت بمخالبي طريقا الى الاعلى اتسلق عليه، وبعد ذلك ظللت سنوات وسنوات حتى قمت بحفرة صغيرة حجم الكره، في بعض الأوقات يعتقدها الارانب جحرا لهم فيدخلوا، وأقوم أنا على الإمساك بهم، وفي بعض الأوقات الفئران البرية الكبيرة.

-وكيف تقوم على اصطيادها؟

-قمت بصنع حقيبة من قماش تلك الاغطية، وعندما يهبط هذا الحيوان الصغير يهبط في تلك الحقيبة، وهي حقيبة صنعتها عميقة ورفيعه الحجم، حتى لا يستطيع ذلك الحيوان تتسلقها مرة أخرى، وعندما أشعر به، وهو يحاول الجهاد الى الاعلى وصولا امسك به، كما أن "ثمودي" عندما يتذكر أن هناك روح، من المفترض أن تأكل، يحضر لي اللحم كل حين، لكني أعتقد أنه يحضر كميات صغيرة عن قصد، مثلما كان يفعل والده وتلك العجوز الشمطاء، التي ولدته لهذه الحياة، لا أعلم كيف كان "جيكاي" يحبها.

-سمعت من والدتي، عندما جاء "ثمودي" يطلب أن يتزوج اختي"لاديس" ورفضته والدتي، وعندما سألتها لماذا؟
لأنني كنت أعتقده عكس ما وجدته الآن، قالت لي أن والدته تمتهن السحر، وانها عثرت على مخطوطات وبرديات قديمه، تعلمت منهما السحر، وان هذا السحر قد آذاها، لكن لم تكمل لي والدتي عن تلك المرأة، أي شيء بعد ذلك.


-لانها اختفت، لقد عرف جدك والد "ثمودي" بوابة مدينة "نانن" السفلية، وأعتقد أنه قد دخلها وهبط عدة مرات، وهناك تعرف على ساحر ما، أو فلتقل هو شيطان، يريد أن يقضي على هذا العالم او يتحكم به، كان يعطيه تركيبات مختلفة، ادت الى أن ينقلب "سمهاري" ووالد "ثمودي" الى وحوش.


-هذا ما اود فهمه جيدا، أنا لا أعلم إلى الآن من منهما هو ذلك السفاح؟ الذي يقتل ويذبح منذ زمن، عرفت منذ وقتا قريب أن ال"ثمودي" وذلك السفاح الآن، لكن في الماضي من كان هو السفاح، أخاف أن أعلم أنه والدي، وهو من قتل أخيه وزوجته "زهرة".

-أنا هنا منذ وقت طويل قبل هذه الحادثه، لكني أعلم من هو الفاعل، كنت اشاهده هنا، وهو ينقلب الى وحش مخيف، وياتي الي وجسديه مليء بالدماء، اعطيه تلك التركيبة التركيبه لها وقت معين، ويبطل أثر تلك الأعشاب والعقاقير التي اضعها فيها، أن القاتل السفاح هو "شيلا" والد "ثمودي"، كان اول من اخذ ذلك العقار ليتحول الى وحش، والدك كان يريد أن يصنع العدالة بيده، هو كان يتحرى عن المجرمين خارج بمدينة "ثينيس" لدى البشر، ويتتبعهم ويقتلهم، عادة لا يفتقدهم أحد، ولم يشعر به أحد، وكان من يعلم بقتل هؤلاء الاشرار كان يفرح، حتى أن البعض كانوا يضللون الشرطة، احب والدك أن يشارك صديقه "شيلا" في ذلك، لكن "شيلا" كان خبيث، أراد المجد لنفسه، فتواصل هو مع ذلك الساحر، الذي علم زوجته السحر، لكنه كان متعطش للدماء، فاخذ يقتل ويقتل، عندما يسمع أن هناك احد ما، قد ذاع صيته في مهنة ما ويحبه الناس يذهب ويقتله.


-فهمت الآن كل شيء، وفهمت الآن لماذا كان يجلس والدي لفترات طويلة بمفرده، وأنه لم يخبر "شيلا" والد "ثمودي"، بذلك الممر السري الذي يؤدي الى الغرفه الملكيه في الهرم.

-ويجب أن لا يعلم "ثمودي" أيضا، أعتقد أنه أشر من والده، فوالده كان يظهر على ملامح وجهه الشر والكره للبشر، اما "ثمودي" فهو خبيث، حلو اللسان لكن قلبه اسود اللون، متعطش للدماء أكثر من والده، حتى أنه كان يجيء هنا ويتحدث، كيف أنه يقوم بتقطيع تلك الجثث، كان يتلذذ بذلك، كان يجلس ويضحك ويقوم بالتصفيق، وبعدها يأخذ العقار المضاد ويسترجع هيئته الاولى، ويرتدي ملابسه الذي يتركها هنا، ويخرج من هنا كأنه شخص لطيف لم يفعل اي جريمة منذ قليل.

-وهذه الأصوات والصراخ الذي ما زلت أسمعه، هل هناك احد اخر يسجنه "ثمودي"؟

-ليه هي أصوات تأتي من باطن الأرض، أنت لا تعلم أننا على مسافة كبيرة، و لأن مدينتنا مخبأة وهي ما بين بعدين، ما بين مدينة نان السفليه، وللعلم هو عالم اخر وليس مدينة واحدة، والعالم الأخر هو عالم البشر، لذلك فنحن نسمعهم ولا يستطيع البشر أن يسمعهم، الا كما قلت لك مرة واحدة حدثت في بلد تدعى روسيا.
-نعم لقد اخبرتني، قبل أن أفقد وعيي.

-نعم وقتها حفروا في إحدى مناطق شمال سيبيريا، بجمهورية روسيا الاتحادية، حتى وصلوا لمدينة من مدن أمم يأجوج ومأجوج، التي توجد في عالم جوف الأرض الداخلي، وهذا ما يفسر أن أنبوب حفارتهم قد وصل إلى كهف أو فضاء، وهذا يعني أن ذلك هو فضاء باطن الأرض المجوفة.

-وبعد، اكمل لما توقفت.

-باطن الأرض المجوفة بعالم جوف الأرض الداخلي، وعندما رأى النساء والأطفال، من سكان عالم جوف الأرض الداخلي آلة الحفر العملاقة، وهي تدخل عليهم من تحت أرضهم بصوتها المفزع المخيف، ومنظرأسنانها الحديدية المخيفة ، لحفر طبقات الأرض، ذعروا وفزعوا منها، وظنوا أنها دابة ستغزو ارضهم أو ما شابه ذلك، فصرخوا و تصايحو، ما الذي ارعبهم أكثر وجعلهم يتصايحون بصوت عالي واستنجدو بالرجال، عندما شاهدوا آلة الحفر العملاقة وهي داخلة عليهم، وتدور بأسنانها الحديدية المخيفة، وقتلت بعضهم وأصابت الكثير منهم بجروح بالغة، فصرخت ألاف النساء والأطفال، وتصايح ألاف الرجال والشيوخ بصوت عالي، وأصبح هنالك ضوضاء وهرج ومرج، وهرع رجالهم وشبابهم، ليقاوموا هذه الآلة الغريبة الداخلة عليهم من تحت أرضهم، فقاموا بأشعال النيران فيها.

مما أدى الى ارتفاع درجات الحرارة في آلة الحفر، فجأة من الدرجة الطبيعية إلى ما يقارب 1200 درجة مئوية، فرصد فريق علماء الجيولوجيا الروس درجات الحرارة، فظنوا أنهم وصلوا إلى طبقة البراكين، المليئة بالنيران المتقدة والحمم البركانية الذائبة المنصهرة .. فأنزلوا جهاز تسجيل للاستماع إلى طبقات الأرض، والحمم البركانية المذابة المنصهرة، فكانت المفاجئة أنهم سمعوا أصوات صياح، وصخب وضجيج وضوضاء، ودوي هائل كدوى النحل لملايين من البشر، رجالا ً ونساءً وشيوخا وأطفالا، وهذا يوحى بأن هذه الأصوات، هي أصوات صراخ و خوف وفزع.
-غريبة فعلا!

-وأنا أعتقد أنهم أصوات أمم يأجوج ومأجوج، الذين يسكنون تحت سطح الأرض، بعالم جوف الأرض الداخلي.
وأكمل
"آدم" اريد أن اسالك سؤالا مهما، لماذا أنت بهذا الهدوء؟

-لانني اثق في بعض الأفراد بالخارج، لن يتركوني هنا، وأعتقد أنهم يبحثون عن عده طرق لكي يجدوني، سأخرج من هنا قريبا ستخرج معي.

-هل تثق بهم؟
-نعم أنهم كلا من "بافلوس" و"لوقا" اولادي، وايضا "محب" ولدك و"بتاري" أبن عمي، وبعض من الأصدقاء والمخلصين.

-حسنا وأنا أنتظر معك أن يفك أسرى بعد كل تلك السنوات، والتقي بولدي واجتمع تم حبسي، لم يكن لدي الكثير من الاصدقاء، لم يكن لدي غير صديق واحد هو "سمهاري" جدك، كان يجبرني بسنوات كثيرة، وكان يعتبرني اخا اصغر له، و أنا اكتفيت به عن العالم، لكن لا ادري لماذا لم يبحثوا عني، ولا أعتقد بالفعل أن تلك الدماء التي وجدت كانت دماء، وقد افترسني الاسد.

-أعتقد أن والدتي قالت لي، أن والدي قد حزن حزنا شديدا، وظلوا اياما طويله يبحثون عن ذلك الاسد، لانه كما قالوا قد اخذ معه جثتك، وبالتأكيد لم يعلم أحد أن ذلك من تدبير "شيلا".
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي