الفصل الحادي عشر محاولة إنتحار

الفصل الحادي عشر: محاولة إنتحار.

دخلت "نجمة" وهي مشغولة البال تفكر في "بتاري" وما يحدث معه وكيف انه يشغل باله بذلك القاتل وذلك الحب المفاجئ والذي ظهر من العدم والذي قلب "بتاري" رأسا على عقب حتى انه اصبح يجلس يتكلم عن تلك المحبوبة التي شغلت باله هي فرحة من أجله لعل ذلك الحب يطفئ من تلك النار التي تشتعل بداخله.
تقدمت خطوتين داخل حجرة ابنتها لذيذ شاهدت ابنتها "لاديس" وهي تحاول تقرب قنينة صغيرة من فمها والدموع تملا عينيها وجنتيها لم تشعر الا وهي تجري سريعا وتلقي تلك القنينة الصغيرة من يد ابنتها تحاول ابنتها الانتحار

_ كيف تجرأتي على فعل ذلك تحاولين أن تنتحري اتحاولين ان تقتلي امك بموتك وكيف تفرطين في نفسك بتلك السهولة كل هذا بسبب ذلك الشخص المدعو "ثمودي" ، كم اتمنى ان اعطيك عيني لكي تشاهديه أنت فقط ما تشاهدين انه متميز ليس فيه اي شيء من التميز كيف احببته من البدايه
_ اتركيني يا امي فان فراقه ينهش قلبي انا لا انام انت لا تشعرين بي وهذه الايام مشغوله ب"بتاري" ومرضه

_ ليس مريض يا ابنتي ان الموضوع اكبر من ذلك لو تعلمين ماذا في الأمر
_ لا اريد ان اعلم شيئا لا يحبني أحد في ذلك العالم
_ فلتجلس و اجلس بجانبك
قامت "نجمة" باحتضان ابنتها وجعلت تمسح بيدها على راس ابنتها وتبكي بدون صوت وتقول لها

_ حبيبتي لا يعلم احد بمرار الفقدان اكثر مني أنت تشاهدين ما يحدث لي منذ أن وعيت على تلك الحياة زوجني ابي لشخص لا أشعر معه أنني انثى انت تعلمين كم كان لوالدك علاقات كثيرة كان سريع الغضب صخري القلب وحبيبي تزوج من اخرى وكان لابد عليه ان اتعايش وانا اشاهده معها سنوات طويله لا نتحدث معا ابدا لكن نظراتنا تصبح عما داخلنا ما يطمئني انه يحبني بالفعل وبعد سنوات هرب ومعه ابنته وحفيدي عندما لعن أخاك بحب ابنته

_ نعم يا امي لكنك تعلمين أنه يحبك وتتواصلين معه نعم تتواصلين معه روحيا وليس جسديا لكنك تعلمين انه يحبك أما "ثمودي" فقد جعلني احبه وبعد ذلك اشاهده يتواصل مع الاخريات توسلت اليه عدة مرات هل تحب احداهن يقول لا عقلي يرفض حديثه اما قلبي فيعلم أنه كاذب
_ سأقص عليك حكاية ما وانت قولي هل ستكملين وتقومي بالانتحار أم تتعقلي أنت تعلمين تلك العلاقة التي بيننا وبين الامازيغ هم اصدقائنا هم حراس قبر "الاسكندر الاكبر" حراس على التاريخ مثلنا لكنهم من البشر لكن ما يميزهم اصالتهم وعدم انخراطهم في المجتمع يحافظون على ماهيتهم وهم صادقون كما تعلمين لديهم قصه ما جميله ساقصها عليك وبعدها فكري تفكيرا كثيرا هل ستقدمين على الانتحار أم لا

_ رفعت "لاديس" راسها ونظرت الى والدتها لقد شعرت وهي تضع راسها على صدر والدتها ان قلب والدتها يخفض بشدة وكان قلبها يجري في سباق لا نهائي
_ حسنا يا امي قصي علي تلك القصة
_ حسنا فلتسمعي جيدا

طال الفراق وتجمدت أوردتي . أصبح النوم يجافي جفوني. طالني صقيع الفراق، فتصدع قلبي وأدماه فلم أجد غير طائرك الذي اهديته الي سابقا، أشكو له هجرانك، وشوقي لك، وحزني وما ألم بي .
لماذا أراني أتلهف عليك ، لم تسألني ماذا أصابك في غيابي، وماذا فعلت الأيام بك.
أراني أفتقد النظر الى عينيك ، وأشتهي لغتها.

كانت تبكي وهي منكبة على كتابة آخر رسالة له، فلقد مللت من كثرة الرسائل التي ليس لها إجابة.
وتذكرت أول نظرة قد ألقتها عليه، ففي عالم يختلط الإنس والجان به
كان هو قائد الجيوش، يستعرض قوته بعدما أتي منتصرا.
طار محلقا أمام الحشود الفرحة بالنصر ، فانقلب ذلك الرجل بهي الطلعة ، لطائر كبير ذهبي اللون.

ما أجمله قالتلها وهي تتطلع الي الاعلي.
فنظرت لها "ريتال" صديقتها وهي تضحك وتقول :
- أتعلمين يا "مليكة" ان الجان يلبي النداء حين يهمس بأسمه، أهمسي بأسمه الذي يملئ قلبك ،ناجيه عله يرق بحالك ، فأنت أصبحتي مجنونة "برقان".

فنادته بصوت خافت:
"برقان" ما اجملك وما أعذب صوتك الذي يشبه أنغام الناي وما اجمل طلتك! .
شعرت وقتها حور وكأنه صب عليها مياه مثلجة من المفاجأة فقد نظر إليها وابتسم.
فوضعت يديها فوق قلبها الذي بدأ ينبض بشده وتقول داخلها:
لقد أحببتك منذ سنين طويلة لكنك لا تعلم ما بي .
- يا ربي أخشى التعلق به أكثر ، فيكسرني وأتحطم مثل القارورة التي تتناثر اجزائها حينما تتهشم. فقلبي ضعيف مثلها.

وبعد ذلك لبى "برقان" نداء حبها ، فقد أعجبه تعلقها به.

شاهدت في عينيه راحة وحنين ، فأعطته كل قلبها مرة واحدة، لم تتصنع او تصده عنها ، بل أحبت فأجادت في حبها.
كانت من فرط اعجابها به وبكلامه الذي كان يجعلها تذوب عشقا ، ودت أن تلفه بقطعة حرير،كطفل صغير، خشية ملامسة يده لقسوة الحياة.

عاهدت نفسها أن يكون ابن قلبها، ستعطيه من أشكال الاهتمام ،ما يكفي العالم بأكمله.
نظمت له كثير من أبيات الشعر والنثر التي تصف ما تراه منه من جميل الحديث ، وجدت به السند طالما بحثت عنه، في رقته عندما يناجيها همسا .

وصفته بأجمل الصفات، وشاهدته كأعظم الرجال واعلاهم شأنا، نجما ساطعا لقلبها.

سألتها يوما عنه "ريتال"
- أما زلت متعلقة بحب "برقان"؟
-:فأجابتها لا بالطبع.

-هذا أفضل لك ، فأنت رقيقة الطباع وأن غادرك أؤكد لك أنك ستجني العذاب، فابتعدي صديقتي واختي عن داء الحب، فأنه قاتل للصريحات المتفانيات في حبهم.

لم تقل لها شيئا وها هو بالفعل قد ابتعد ولم تسمع عنه اي رسالة ، او حتى اشارة على انه مازال يتذكرها. حتى كلماته التي كانت تنظمهم نثرا وشعرا ليلا لم يشفع لها عنده.

قامت من مجلسها بعدما خطت الخطاب وانزوت وقد اتخذت وضعية الجنين وكأنها تعانق نفسها.
انتبهت على صوت يأتي من الخارج عند النافذة، فنظرت فلم، تجده هو .
ومرت الايام على "مليكة" ، ينهشها الحزن من الفراق ، فلم تعد تعي لمن حولها، فتيقنت أنه قد أصابه أمر ما، إلا أنه مما زاد من انكسارها أن شاهدته عدة مرات، يتحرك قريبا، ولم يحاول حتي ان يلقي سلاما ، ليحي قلبها.

وليلا تخيلت انها تشاهده فخرجت تناديه وتنظر للأعلى هو ذلك الذي يطير بعيدا.

-"برقان" ، اين انت يا رفيق وحدتي "برقان".
العقل مافارق ذكراك
والعين كل يوم تبكي
علي فقداك
وقلبي ما زال يحتفظ بصورة محياك
والروح تفتقد هواك
والليل يطول دون سماع صوت صداك أنفاس حبي إليك تشهد بغلاك ، لا أقدر أكثر من ذاك
صدقتني فأنا لم أكن لولاك أيا بلسم جروحي فأنا فداك، لا تبتعد أكثر من ذلك لا أستطيع أن أنساك
عد إلى اترجاك انت نجم عمري وزهرتها فالعطر يفوح من شذا يداك والنور كحل عيناك الغربة وحش يأكلني نار تشتعل في مرقد قلبي والغربة كالاشواك والعودة ماء تطفأ بها بركان حزني وهمي وترجع بها بسمتي يا نبع الوفاء، وإلا لماذا أردت قربي من أول لقاء .

وانتبهت على وقوفها على حافة الجبل المقام عليه منزلها
فضحكت من شدة ألمها وقالت:

-وماعساه العمر وانت بعيد يا قطعة القلب، يامن وشمت اسمك وصورتك علي جدار قلبي .فما عساه القلب ينبض يوما في هجرك.

وبعدها هوت "مليكة" الأسفل وأسفل حتى ارتوت الرمال بدمائها.

نادى الجميع لا تدفنوها أنها كافرة منتحرة .
فنادته "ريتال" بصوت عال وهي تقول:
- اصاب عقلها الداء من فرط حبها، فلا تلوموها فمن شدة عشقها نسيت الرقيقة نفسها، فادعو لقلبها المسكين، يوما لو ذكرتموها في قلبها قد عذبه الهوى ، فلقد حلمت بلقاء. لعله إن تم كان لها الدواء.
الله اعلم بقلب لم يمسه الحب يوما وحين مسه عذبه وحطمه.

حبيبتي اريد منك تصور لرد "برقان" بعدما سمعتي تلك الحكاية

نظرت "لاديس" عدة دقائق لوالدتها في صمت ثم قالت:
_""برقان"":
- ليس لي شأن بالامر فهي من توقعت انني الافضل فذلك اختارني قلبها البكر الذي لم يختبر اي تجربة حب سريعه او تسلية جميلة مؤقته ليس ذنبي انا "برقان" انها من نادت اسمي لم اصنع شئ غير انني نظرت وابتسمت فصاغت ليا الاشعار وانا استمعت فقط

تنظر اليه "ريتال" مصدومة:
-لكنك تركتها تعتقد بحبك لها لقد قصت علي ما كنت تقصده عليها فعلقته بك فهي لم تختلط بأحد من قبل أو تتحدث مع اي احد
ياليتها أدركت ذلك منذ البداية
ولعلها لو كانت مازالت بيننا
كانت سترحل في صمت وتقول:
والله انها كانت المرة الاولى والاخيرة التي احببت بها وعهد ان تكون الاخيرة وسأغلق قلبي للابد لاني بالفعل لم أعد أعتقد بما يسمى الحب.
اعتقد يا أمي لو تحدث "برقان" كان سيكون ذلك تبريره موقفه.
_سلمت لي يا ابنتي وسلم عقلك من فكر الحب والغرام في غير موطنه لعل حبك يأتيك بدون ادنى مشقة منك او فكر.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي