الفصل السادس والعشرين الطبيب هيثمي

الفصل السادس والعشرين: الطبيب "هيثمي".
أيبكي وهو كبيرهم، كبير عشيرته وقومه، يشعر أن قلبه يمزق ولا يعلم السبب، اهوى ذلك المحلول الغريب الذي حقنه به "ثمودي"، ام ماذا يشعر؟
أن قوته تقل وان مشاعره بالحزن تتضاعف، وسمع صوتا يتحدث بجانبه.

-لا تقلق ستعتاد على الامر، أنه يقوم بحقني بذلك المخدر كلما شعر بخطر من ناحيتي، أنا أجلس اياما وشهورا هادئا، وعندما اتذكر زوجتي وولدي لا اشعر بنفسي الا وانا اقوم بالصراخ عاليا، اظلها كذا اياما حتى ياتي هو ومن قبله والده ويعطيني ذلك المخدر، ولا اشعر بشيء بعدها من أنت يا ولدي ليفعل بك هذا، اعتقد أنني حبست هنا من قبل مولدك من أنت.
-هل تستطيع أن تنظر؟
هل هناك ضوء، لا أشعر بشيء ولا استطيع أن اشاهد امامي، كيف ذلك فلتجيبني اولا.

-حسنا هذا القبو الذي نحط في الصخور، تم دهنه بدهان معين يزيد من إحساسنا بالعتمة حتى لا نستطيع الفرار، لقد حاولت عشرات السنوات.

-حسنا لكن كيف تسجن هنا عشرات السنوات، افضل لك أن تموت على أن تحبس كل تلك السنوات الطويلة.

-هو يحتاجني ومن قبله والده، أنا من اصنع له ترياق، لذلك المخدر الذي يقلبه وحشا، وبموتي لن يكون هناك ترياق لتوقفه عن ظهوره بمظهر الوحش.


-فلتساعدني لكي أنهض.

-لا أنتظر، لو حاولت الوقوف الان لن تتحمل قدماك، فلتنتظر حتى يقل مفعول المخدر قليلا.

-ارجوك قل لي من أنت؟
أشعر أن صوتك مألوف، لقد سمعته في مكان ما.

--كيف هذا؟
وقد سجنت، عندما كان عمر "ثمودي" هذا ثلاثة أعوام.

-"ثمودي" اكبر مني بخمسه اعوام، لكن مظهره لا يدل على ذلك، من يشاهدنا يعتقدون أننى الاكبر، اذا فأنا لم اشاهدك قبل ذلك عجيبه، وانا اقسم أنني سمعت هذا الصوت، من أنت وما هو اسمك؟

-اسمي "هيثمي"، وقد كنت طبيب حكيم لمدينة "ثينيس"، عندما كان يحكمها "جيكاي" ووالده "سمهاري" من قبله.

لم يستطيع "آدم" الحديث أكثر من ذلك، لم يشعر بشيء بعدها، وكان الصدمة قد ذهبت به الى عالم الاحلام.

قام هذا الشيخ من جانب "آدم"، بعدما وضع عليه غطاء في هذا المكان شديد البروده لا يتحمله جسد الذئاب، وما أكثر الاغطيه هنا، فكل مسجون كان يأتي ومعه غطاء يعطيه له "ثمودي"، اخذهم جميعهم وقتلهم باستثناء "هيثمي" أراد أن يبقيه للاستفادة منه، كذلك الدواء الذي يقوم بتركيبه كل فتره، هو من يجعل "حكمت" والدة "ثمودي" على قيد الحياة.

-كم تمنيت الموت، فما اصعب أن تقهر ولا تستطيع فعل شئ، وتجلس سنوات تنتظر أن ينقذك أحد ولا تجد، فالجميع اعتقد بقتلي.


مازالت "نجمة" تنتحب علي غياب ولدها، يقف معها يساندها حفيدها "بافلوس".
-اوعدك يا جدتي أنني سأجد "ثمودي"، واجعله يعترف أين قام بسجن والدي، للاسف لم اكن فيه "ثينيس"، وقت ذلك لقد أعطاني "ثمودي" معلومات خاطئة عن وجود القاتله بعيدا في الصحراء، لذلك ظللت اياما هناك ابحث عنه، وعندما وجدت أن ذلك الأثر الذي اعطاه لي ما هو إلا خديعة، رجعت ثانيه ووجدت أنه قد نصب الفخ لوالدي في مدخل السرداب، الذي يؤدي الى قلب الهرم الى الحجرة الملكية، لكن اعتقد أن والدي لم يرشد إليها الى الآن.

-اتمنى ذلك، فالشيء الوحيد الذي سيبقى "آدم" على قيد الحياة هو تمسكه بتلك المعلومة، وعندما يعطيها لسمودي سيقتل والدك ويقتلنا جميعا، سيقتل جميع سكان "ثينيس"، ويأتي بهؤلاء الذي احضرهم من العالم السفلي، والعالم الخارجي المهجنون بأعينهم الغريبة التي تنم على الشر.

-لديهم قدرة يا جدتي على التمثيل، وإظهار عكس ما يوجد فيه قلوبهم وضمائرهم، لذلك كثروا في "ثينيس"، منذ عده سنوات وهم يقومون على خدمتنا، لذلك لم نعتقد أنهم خونه، او من الممكن أن ينقلبوا علينا، طامعين في مدينتنا وخيراتها.


غادر "بافلوس" قصر جدته، ودخلت اليها قيل لقد سمعت لفظ المهجنون، لكنها لا تعلم من هم؟ اعتقدتهم من بني البشر، لكن تعجبت لذلك اللفظ.
-سيدتي هل من الممكن أن تخبريني ما معنى مهجنون؟ لقد اعتبرتهم او اعتقدتهم من بني البشر، الا أن عيونهم صغيره وتلمع وهم شديد الذكاء، فاعتقدت أنهم المميزون من بني البشر، فلتخبريني من هم.

-هم نتاج تزاوج ذكر الجان بأنثى بشرية، فيجمعون بين خصائص تلك الفئتين، شديد الذكاء من هم النافعون، ومنهم من قد قلوبهم من الحديد، تعرفينهم من عيونهم، التي تنظر اليك بعكس ما تنطق به أفواههم، يعرفون جميع الأسرار بحكم اختلاطهم بالانس والجان، حتى أنهم يعلمون بتواجدنا، ويستطيعون المجيء إلينا ويعرفون بمفردهم اين تقع بوابات الابعاد الاخرى، ويستطيعون الدخول الى العالم السفلي.
-لم اكن اعرف.

-منذ زمن، حكت لي واحدة منهما، كيف أن اباها من الجن واحب وتزوج والدتها، وقد قصت علي قصه اخرى حزينه، عن جنيه احبت شخص من البشر في مدينة "القاهرة"، اعتبره الجميع أن به مس من الجان، كانت تاتي اليه وتحدثه، كان لا يعلم واقفل بابه، كانت والدته قد لجأت لبعض الاشخاص، لكي يعلم ما بولدها، وعندما حملت زوجته من الجن، جعلت بناتها في مملكتها.
-كيف تزوجته؟

-احبته وظهرت له، وقصت عليه أنها امراه من الجان، ووافق على ذلك الزواج، واتت في يوم ومعها كبراء عشيرتها وتم العقد، لكن النهايه كانت مؤسفة، عندما اخذت بناتها كان يذهب ويعيش معهم فترة من الزمن، لكن بعد ذلك حدثت مشاحنات بينها وبينه،

وقال لها أنه يريد الابتعاد، احضرت نفس افراد عشيرتها الذين عقدوا عقد الزواج منذ سنوات، وقاموا بفض هذا العقد، وبعدها اختفت هي وبناتها، اولا لم يكن به جنون لكنه جن، بعد ذلك عندما كان يقص حكايته ولم يصدقه احد، بعدها تعرف على "محب"، اتعلمين كيف اتعرف عليه، كان يجلس في كل مكان ويحكي قصته، وصلت تلك القصة إلى "محب"، ذهب للبحث عنه، لم يخبره مباشرة بمن هو لكنه، بعد فترة أخبره، وأخبره أنه سيعقد صلح ما بينه وبينها حتى يشاهد اولاده او بالاصح بناته، وبالفعل عرف "محب" أن يتواصل
مع بعض من المهجنين، الذين ارشدوه واحضروا تلك الزوجة، وتم عقد الصلح، لكن أن تاتي اليه بناته كل حين يجلسون معه، هذا فقط ما تم.


-لم اكن اعلم بذلك، ولم اكن اتخيل أنهم نصف جان ونصف أنسي.

-أن الدنيا مليئه يا كايلا، يعتقد البشر أنهم الجنس الوحيد الذي يمتلك الأرض، لا يعلم أنه هناك أصناف وأصناف متواجده منذ الاف السنين بل الملايين، تحكم معه هو ايضا هذه الأرض،
ما يقلقني الآن ويحزنني غياب "آدم"، علم الجميع أن "ثمودي" قام بتخديره وسجنه في مكان ما، وليس هنا قائد آخر غيره، حتى يجمع الافراد كلها ويذهبون للبحث عنه ومطاردة "ثمودي" وجيشه الصغير، ليس امامي حل غير "بافلوس"، الذي يجمع العشيرة بأكملها الآن.


-الى متى سنظل هنا يا "محب"؟
لقد اتى الليل، وقد قلت لنا أننا سنتحرك مع الليل.

-كنت أنتظر اشارة، وها هي قد وصلت تلك الاشاره.
-أين؟

-هناك يا حسام، ذلك الضوء الصغير الذي يأتي من فوق الجبل، لقد تم الاتفاق مع الحراس في الجانب الاخر، هيا فلتقم بإيقاظ "خالد"، الذي ظل منذ ثلاث ساعات يخرج أصواتا غريبة من فمه وهو نائم.

-لقد استيقظت على صوتك، ثم أنني لم أنم منذ عدة أيام.

-اذا هيا بنا الان.
قالها "محب" وهو يغادر السيارة، وبعدها غادرها كلا من "خالد" وحسام وسارة، في اتجاه المغارة وراء "محب"، الذي دخل في تلك المغارة الكبيرة المظلمة يسير بسرعة كبيرة.

-حسام فلتقل ل"محب" أن يبطئ قليلا، كيف ينظر في هذا الظلام؟ أنا لا أشاهد أصابعي.

-سر وانت صامت، وانا ايضا لا ارى اصابيعي، إنما اسمع خطواته واسير ورائه، ثم أنك تهزي يا "خالد"، بالتاكيد هو يشاهد في الظلام.

-هيا لقد وصلنا، لتتسلق ذلك السلم، الذي تم صنعه من الحبال.
-بتصل لك لنذهب إلى أين؟
ليس هناك مكان تمر منه، في الاعلى جدار المغارة، ليس هناك بوابه او شيء اخر ننفذ منه.

-لا يا حسام أنتظر قليلا، وساقوم بإزاحة تلك الصخرة في الأعلى.

وفعلا شاهد حسام و"خالد"، "محب" وهو يتسلق الى الاعلى بخفه كبيرة، بعدما ظهرت له مخالب وتغير وجهه، اخذ يتسلق بسرعه كبيره جدا، بعدما اعطاهم مصباح كبير يكون معهم، حتى يشاهد أين سيضعا قدمهما وهم يتسلقون.


استيقظ "آدم" على أصوات الصراخ، الذي جعله ينتفض.
-ما هذا الصراخ؟
وكأنها الاف الاصوات البشريه تقوم بالصراخ، من أين أتوا، وكيف أتوا إلى هنا؟

-لا تشغل بالك، ستتعود مع الوقت، عندما اتيت الى هنا كنت ابكي في البداية، واقوم بالصراخ أنا ايضا، لكنني تنبهت لنفسي، وانني قد سمعت في الماضي قلت لك أنني كنت طبيب، وعلى علم بما يحدث في العالم، في الماضي قالوا إن بعض العلماء، الذين كانوا يحفرون على عمق عشرات الكيلومترات تحت سطح الأرض، في احدى مناطق سيبيريا في روسيا، هناك سمعوا أصوات الصراخ، تعجب العالم!
حتى أن ذلك الحدث نقلته وسائل الإعلام حتى وصل.


-تتحدث معي، ولم تعطيني فرصه حتى اقول لك، كيف سمعت صوتك قبل ذلك، شكرا لك على ضوء تلك الشموع، التي قمت بإضائتها هذا اولا، ثانيا لقد عرفتك لانني اعرف حكايتك، أتعلم أنت والد حفيد ابني أنت والد "محب"، الذي هو والد زوجتي هاديه، التي هي أم ابن البكر لوقا، وانا ادعى "آدم" ابنى "جيكاي" ابن سلهوب،
عرفت الآن من أنا.

وعلى ضوء الشموع، شاهد "آدم" ذلك الشيخ الطاعن في السن يقوم، وقد تحولت هيئته إلى هيئة الذئب، ليس كتحولهم هما، بل هذا ظهرت له ملامح حقيقية للذئب، نبت له شعر كثيف، وأخذ يعوي ويعوي ويبكي ويصرخ مثل تلك الصرخات التي يسمعها "آدم"، لذلك فقد وضع "آدم" يديه على اذنيه، يكفيه ما يسمعه من صرخات لا يعلم أين مصدرها؟

-فلتكف عن ذلك لن يفيدك الصراخ، ولا تقلق اعتقد أن القدر جعلني احبس معك في هذا المكان، لأنه في القريب سيفك أسري، وانت معي فلا تقلق، فلتجلس ولتتحدث معي، سأقص عليك ما حدث في سنوات طويلة ماضية


وفي تلك اللحظة، كان "محب" يضع يده فوق صخرة كبيرة تزن عده أطنان، والغريب أنها تحركت بكل سهولة ويسر،
أصدر "خالد" من فمه صوتا يدل على التعجب، وعندما تسلق وضع يده ببطء صغير عليها، فوجدها تتحرك وتهتز.

-نعم يا "خالد"، إنها صخرة عجيبة، اتعلم أنها من الجرانيت، وكما تشاهد طولها سبعة أمتار ووزنها حوالي مائة وسبعة وأربعون طن، يستحيل نظريا تحريكها، لكن الواقع غير ذلك بكثير، حتى الطفل الصغير يستطيع أن يقوم على تحريكها، لذلك عندما تريد أن تخبئ شيء خبئه أمام الجميع، فهذه الصخرة تبدو للوهلة الاولى صخر عاديه ثابته، لكن كما شاهدت مجرد الضغط عليها بلطف تتحرك، ولتعلم هناك مثلها في فرنسا، في غابة هناك يذهب اليها الجميع، لكي يشاهدوها هيا ها هي البوابه قد ظهرت فلتدخل امامي.


ساروا جميعا في ممر صخري حوالي عشرة امتار، بعدها ظهرت أمامهم مدينه رائعه، وكأنهم عادوا بالزمن الى ملايين السنين، كان الجو ليلا، إلا أن ضوء القمر عكس ضوءه على المباني والاراضي الرخاميه، فظهرت وكأنها مدينة من فضة.

-ما هذا؟
لو لم أدرك أنني مستيقظ، لإعتقدت أنني في حلم جميل، او أنني رجعت الى الماضي ملايين.
هكذا تحدث حسام بشخصيته الرزينه الثابتة.

-ها أنت، قد أتيت يا "محب" أنت وصحبتك.

نظر كل من "خالد" وحسام، فوجد امامهم شابا قريب في السن من لوقا ويشبهه قليلا، لكنه أطول منه واعرض كثيرا، فتيقن حسام أن ذلك الشاب ما هو إلا الأخ غير الشقيق للوقا.

-اقدم لكم "بافلوس"، هو يدي اليمنى وشريكي في الاعمال، وايضا هو الأخ غير الشقيق للوقا، يعمل معي منذ أن كان صغيرا، لقد جعله "آدم" والده مساعد لي هنا في المدينة.

-هيا فلنتحرك سريعا لم اخبر احدا في قصر "نجمة" أنكم ستأتون لم اكن اعلم حقيقه هل ستأتي أم لا لذلك تحسبا حتى لا تحزن "نجمة" اكثر فان اعصابها منهاره جدا لذلك لم اتحدث لكني قلت لكيله أننا نستعد لاستقبال بعض الضيوف فهيا بنا سريعا لان المدينه قد علم معظم سكانها أن "آدم" قد اختفى إلا أن أمي ومع أن بينها خلافات كبيرة ما بينها وبين والدي إلا أنها ظلت تطوف على منازل سكان المدينة تطمئنهم

-اذا هيا بنا، فلتتقدم امامي يا حسام أنت و"خالد"، وتسير في المنتصف ما بيني وما بين "بافلوس".

وبعد حوالي سير ساعه بخطوات سريعه، وصل الى قصر، اقل ما يقال عنه أنه قطعه من نور تتوسط حديقة غناء مبهرة.
نظر حسام الى الاعلى، فوجد سيدة رائعه الجمال لم يشاهد مثلها، وتنظر إليهم بتعجب!
لم يستطع أن ينزل عينيه وهو يشاهدها، عندما تلاقت نظراته بنظراتها.


وفي نفس اللحظه، كان "خالد" قد وقع نظره على فتاة جميلة رقيقة، وما لفت نظره أنها قصيرة نسبيا عن تلك التي تقف في الاعلى، وينظر اليها حسام، لم يتمالك نفسه إلا وهو يضحك كعادته، ويضع يديه فوق رأسه.

-هيا تقدموا الى الداخل، وانت يا كايلا، هل قمتي بتجهيز الاشياء التي قلت لك أن تقومي بها؟

-نعم يا "بافلوس"، لقد قمت بتحضير جناح خاص للسيدين، وجناح آخر للحكيم "محب"، لكني لم أخبر سيدتي الى الان.

-سأصعد لها أنا يا كايلا، أليس هذا اسمك؟

-نعم يا سيدي.

دخل الجميع سريعا داخل القصر، واقفلت قيل الباب ورائهم، وصعد "محب" الى الاعلى سريعا، وهو ينادي على "نجمة"، ها قد التقى بعد سنوات طويلة من الفراق.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي