الفصل العشرون مأساة خالد

الفصل العشرون: مأساة "خالد".
كان قد اتفق معها، أن يتلاقى ويتحدثان معا، تحت ناظري والدته وجده، كان ذلك عندما كانت والدته ووالدتها في المطبخ، يحملان الأطباق اعتقد وقتها أن والدته، قد صنعت ذلك وأعطت"غادة" الأطباق، كي تحملها معها حتى تتركه يتحدث معها، ولو دقائق معدوده وهذا بالفعل ما كانت تفكر فيه هادية:

-ما هذا أنك رائعة، وهذا الثوب الأبيض يجعلك أميرة، لكن هل ستوافق والدتي على أن تضعي مكياجا ناعما؟ ما أجمله أنه يناسب لون عينيك، حتى أن ملمع الشفاه بلون الكريز يبرز شفتيك، وهذا العطر أيضا رائع اعتقد أن"لوقا" سيعجب به عندما يشاهدك.

كان هذا رد فعل "تمارا" عندما دخلت على أختها التي كانت ترتدي ملابسها، وتتأنق لكي تبدو جميلة أكثر مما هي عليه، كانت تنظر إلى مرآتها وتحدث نفسها:
-هل ستروق له ملابسي؟ وذلك المكياج الذي أضعه هل سيعجبه؟ أريد أن يتفجر قلبه عازفا لحن الحب الخالد، والعشق الأبدي لي، ما اجمل عيناه تلك العينين بلون العسل الصافي، ما اجمله وشعره الكستنائي وجهه بملامحه الخشنه، ولحيته الخفيفة والشفاه الصغيرة، وانفه التي تعلن عن شموخ صاحبه، و كتفيه العريضين وصدره العريض، وجسده الرياضي ما اجمله، اعتقد أن والدتي لو لم تكن متواجده هي وباقي أفراد الأسرة، كنت سارتمي بين ذراعيه ابحث عن وطني داخل صدره، ويبحث هو عن نصفه نبضة قلبه التي املكها.

وفي الطابق السفلي يجلس "لوقا" متحفز، بعدما ارتدى ملابسه جلس يفكر، ولأول مره في حياته يفتقد الصديق، ليس له صديق يتحدث معه يخبره بما يجول في خاطره.
-ما بال حفيدي يجلس شاردا.
-لقد كنت أحدث نفسي، لماذا لم اتخذ صديقا من قبل؟
-كيف ذلك؟ لك صديق.
-ليس لي صديق، ولو كنت تجزم أن هناك صديق فمن هو؟
-انا صديقك الوحيد ومعلمك، يجب أن تتذكر دائما ذلك، أنت صديقي أولا كنت تحدثني بما يجول في خاطرك، فما بال الأن.
-لانها حفيدتك.
-تحدث ولا تلقي بالا لذلك.
-لأول مره اشعر بذلك الشعور، اتعلم أشعر أنني محظوظ بأن قدري يتداخل مع قدر شخص آخر، لنشكل معا ما يشبه قوس القزح، أشعر بالرغبة في الارتماء بين اهدى بها واننا حين نجتمع سيمضي الوقت بدون أن نشعر به اشعر، من الأن أن روحي قد تزعزعت، عندما ابتعدت عني وصعدت إلى الطابق العلوي، ما بالك لو بعدت عني.

-لا تخف، وعدي لك يا "لوقا" أن تكون "ميريت" لك وحدك، لا نستطيع أن نمنع الوليف عن وليفته، هذه قاعدة لدينا.
-كيف ذلك! وقد منعت والدتي من والدي، ومنعت أنت من حبيبتك "نجمة".

-هناك قواعد لا يمكن أن نتخطها، لقد اختارها الألفا القائد، لذلك بعثت عن حبيبتي كل تلك السنوات، لكن ما زالت ولفتي قلبي معها وقلبها معي روحانا يتلقيان.

-أشعر بالشك، خصوصا بعدما شاهدت نظرات والدتها.
-هي خائفه أن تبتعد ابنتها عن أحضانها وتشعر بالحزن، لتواجدنا هنا وترغب أن تعيش ابنتها في سينيس إلى الأبد، فرح لا تحتاج للتخفي مثلما نفعل منذ زمن.
-اتمنى أن افعل اي شيء في هذه الحياة، كي اريح قلب الأم وتعطيني ابنتها.

-لا اريدك أن تغامر، أمامنا حرب خفيه مع ذلك السفاح، وهناك رحلة ستقوم بها وسابعث معك شخص اخر هو خيري سند، لكن لن أقول لك الآن، لكن اتعلم اشعر أن كلامك عن "ميريت" ينبع من قلبك، شعرت بحبك وعشقك لها، هذا هو التفاهم والانسجام بينكما، انسجام ارواح وقلوب وهو اهم واسمى من أنسجام الأجساد لأنه يبقى للابد.

-لا اريد أن تغضب مني عندما ذكرتك بحبيبتك، وكيف أنهم ابعدكما عن بعضكم البعض.

-انا حزين دائما لبعدها عني، لكنه قدرنا لكن مهما توازنت دروبنا ومهما فرقتنا الأماكن، ومهما كان لكل منا حياته الخاصة، سيبقى الأثر فينا سيبقى هذا الحب والأحترام بلا العشق، وكما قلت لك قلبي لديها وقلبها لدي نتلاقى دائما.
نهض "محب" وخرج من الغرفه الخاصه ب"لوقا"، الذي شعر بالذنب لقد ذكر جده بحبيبته البعيده،
لكن لم يكن يعلم أن عقل "محب" في تلك اللحظه بها أمور كثيرة، ليس فقط الحزن على عشقه.

وصل "حسام" و"خالد" إلى منزل "محب"، وبعد ربع ساعه فقط كانت اصوات ضحكات الجميع يسمعها أهل الحي، في البداية حاولوا أن يتمسكوا، لكنهم لم يستطيعوا كل ذلك بسبب "خالد".

حتى "غادة" تلك التي هبطت من الدور الثاني، وكانها لوح من الثلج ما أن جلست معهم حتى باب الثلج نهائي، وجعلت تضحك وتضحك ويضحك الجميع، كما لم يضحكوا في حياتهم قط.
-اتركني يا "خالد"، أن الجميع يضحك على ما تفعله، أنا لست والدتك لماذا تتشبث بها كذا، اتركني اعتقد أن قميصي سيقطع في اي لحظه يا صديقي.
-انا لم افعل لك شيئا، اجلس وانت صامت.
-صامت! كيف وانت ترتعش وتمسك بها كذا، تمسك بيد وباليد الأخرى تضعها على مسدسك، ارجوك أن ترحمني الجميع يضحك لقد اتيت اليهم عدة مرات ونمت لديهم أيضا، ثم أنهم ليسوا زومبي أو اكلين لحوم البشر، اعقل قليلا.


تحدث "محب" وهو لا يستطيع أن يتمالك نفسه من الضحك.
-اتركوا يفعل ما يشاء يا "حسام" حتى يشعر بالأمن والأمان، هو يخاف أليس كذلك؟
-يخاف أن يؤكل، اعتذر لكن لا اعلم ماذا سافعل؟
أنه يمسك بك كالطفل الصغير، لكن هناك شيء واحد لم يفعله بعد هو أن يجلس على قدميه ويضع راسه في صدري، مثل الصغير الرضيع

نظره إليه "خالد" نظرات غاضبه.
-لست خائفا، واعلم أنكم لستم زومبي، لكنكم مستذئبين.

نظرت اليه"هادية"، وكأنها تنظر إلى ابنها مع فريق السن، فإن "خالد" يكبر لوكا بسنوات، لكنها جلست بجانبه حتى تطمئنه، لكنه نظر اليها واخذ يرتعش أكثر.
-لا تقلق، ساشرح لك ما نحن عليه، نحن لسنا مستذئبين اي، أننا لا ننقلب إلى الذئاب تمشي على اربع، أو ينبت لنا ذيلا أو اجد في وجهي شوارب مثل الشوارب الذئب، لا هذا في الأفلام فقط وهي ما قامت بتخريب جميع عقولكم، كل ما في الأمر أننا عشيره ما تنحدر منذ آلاف السنين يطلق علينا ابناء "أوزوريس"، نحن من نحرس أن لا يخرج ما حبس منذ ملايين السنين في الأرض السفليه "نانن"، نحن شعب مدينه "ثينيس"، نقدر الحياه ولا نؤذي احد.

-كيف ذلك؟
والقاتل واحد منكم، من الممكن أن يكون ابنك أو أنت أو أخيك، ذلك الذي يجلس أو حتى والدك أو تلك الفتاة الجميلة.

-عندما قال ذلك نظر إليه "لوقا" بعينيه التي تبدلت إلى اللون الأحمر، فرفع "خالد" يديه وقال:
-ها هو يريد أن ينقض عليه، ألم تلاحظ لون عيني أنه يتبدل، حتى أن ملامح وجهه تتبدل.

قالت له "هادية" بصوت حنون كصوت الأم.

-من الطبيعي أن تنقلب ملامحه الأن، وانت تقول على وليفته أنها جميلة.
-وليفة!
إذا هي حبيبته، لكن ما معنى الوليفه.

نظرة "هادية" إلى والدها وقالت إنه شيء صعب فعلا يا والدي،
لكنها نظرت مره اخرى إلى "خالد" وقالت.
-وليفه هنا بمعنى حبيبته أو من جعلها القدر حبيبته، لديكم أنتم الزواج بالاتفاق الزواج الصالونات أو أن يشاهدوا الشاب الفتاه ثم يعشقها ويحبها ويذهب لخطبتها، أما نحن فعندما يكتمل نمو الشاب والفتاة ويصبحوا في طور الشباب، تحدث لهم تطورات في اجسادهم وليس اجسادهم فقط بل مشاعرهم، مما يجعل الفتاه والفتى كلا منهم يشعر بوليفة، أو من قدر أن يعيش معه باقي حياته يشعرون ببعضهم البعض، حتى لو بينهما أميال من الكيلومترات، وعندما يتقابلا يعرفان أنهما من قدر لهما التواجد معا، هي عاطفه روحيه تنشئ ولا نعرف سببها.

وأكمل "محب" الحديث
-بمعنى أنهم يشعرون بحب روحي يتجاوز الشهوات، ويتخطوا حب يسمو فوق البيولوجيا لا توجد بينهما علاقه جسديه، لكنه يريد أن يتقرب منها، يحلق معها حتى عنان السماء ،هذا قبل أن يتلاقى.
-فهمت.
ثم نظر إلى "لوقا" وقال له: اسف لم اقصد ذلك.

وهنا قامت خفيفه الظل "تمارا" واحضرت من المطبخ الكثير من الفاكهة، حتى أنها قبل أن تخرج من المطبخ، قامت بتحضير بعض العصير حتى يشربه "خالد"، ورجعت مره ثانيه وقدمت اليه العصير، وبجانبه الكثير من الفواكه المتنوعة، فنظر اليها وابتسم.
-اسف،
وجعل ينظر إليهم فردا فردا ويقول نفس الكلمة اسف، لقد شعر بالأطمئنان شعر بالألفه، هم اسره عاديه تتكون من اب وابنائه واحفاده، شعر وقتها بالإحراج، لكنه وجد نفسه يضحك ضحكات كثيرة عما كان يفعله منذ قليل، وهنا ذهب القلق والخوف من عائله "محب".
نظر اليه "حسام" وقال: اخيرا تعقلت،
فضحك "خالد".

وجلسوا جميعا لبعض الوقت يلقون النكات، وارتفع صوت ضحكاتهم،
فأخبرهم "محب": هيا بنا يا شباب سأريكم معملي السري،
ضحك عزيز: كيف سري يا أبي وقد عرفه الجميع.

-لايا عزيز لايعرف احد مكانه أو أنه متواجد من الأساس، غير عائلتي واصدقائي فقط.
عند هذه الكلمة، لمعت الدموع في أعين "خالد"، لا يعرف أحد أنه يتيم، تربى منذ صغره في منزل جدته، لقد قامت هي علي تربيته لكنها توفيت بعد تخرجه من كلية الشرطة بسنوات قليلة، فأصبح وحيدا.

في وقت لاحق من ذلك اليوم، اتصل حافظ مصطفى جد "حسام"، وابلغ صديق "محب" بشيء يوجع القلب خاص ب"خالد"، وكيف أن "خالد" بئر ليس له قرار، لا يعلم عنه احد يداري وجعه ولا يتحدث عنه، قلبه مفطور ولا يخبر احد.
-أبي أن ورائي عمل كثير، سأدخل مطبخي سأقوم بانجازه، لذلك لن اهبط معكم إلى الأسفل، وبالتأكيد ستأتي معي "غادة" لكي تساعدني.

-حسنا سأتي معك، وستأتي معي "ميريت" حتى تساعدني.
نظر "محب" لها نظرات صارمة، كيف تجرؤ أن تلقي الأوامر، أو تتخيل أن تفعل ما تريد في بيته.

-لا ستظل أنت و"عزيز"و"هادية"هنا، اما الباقي سيهبطون معي.
سكتت "غادة"، فقد لمحت في اعين ذلك الذئب العجوز الصرامة والتحفز للانقضاض عليها، فشعر قلبها بالانقباض وصمتت.

وفي الأسفل جلس الجميع على الأرائك والمقاعد المتواجدة بالمعمل.
-"خالد" اريد الحديث معك بمفردي أنا و"حسام"، وانت يا "لوقا" فلتقم مع الفتاتان وتريهم تلك المعدات الحديثة التي احضرناها للمعمل.
-ما الأمر؟
هل هناك شيء ما تريد أن تقوله لي عندما تحدثت معك على الهاتف و اقلقتني.

-هناك عدة امور اريد أن اشرحها لك يا "حسام"، لكن بدايه اريد أن اقوم بالسلام على ابن صديقي "خالد"، الذي يحمل في قلبه جرح كبير بوفاه والديه.
ظهرت علامات الذهول على وجه "خالد"!

-نعم يا "خالد"، كنت اعرف والدك العقيد "منصور زكي"، وكيف لم تأتي إلى ذهنك هذه الفكره يا "حسام"، وأنت تعرف أن العقيد منصور ذكي كان يعمل تحت امرة جدك في أواخر عمله بالشرطه.
-أو تعلم عن والدي شيئا.
-نعم يا "خالد" أعلم الكثير، فقد ساعدته في عدة قضايا لقد عرفني به حافظ، بعدها خرج حافظ من سلك الشرطة، وتعاملت مع منصور حتى وقت وفاته.

ظهرت الدموع في أعين "خالد" الذي بادره بالحديث:
-بل تقل بعد ذبح "منصور" وزوجته.
من شدة المفاجأة، وقف "حسام" وقد وضع يده فوق رأسه! لا يعرف كيف يتحدث؟ كانت مفاجأة، لماذا لم يخبره صديقه "خالد" بذلك؟ ولماذا أيضا لم يخبره جده؟
-أعلم يا "حسام" ما تفكر به، وأعلم أن تحت غلاف الضحك قلب مكسور، فأنت تظهر عكس ما بداخلك، وأعلم جيدا الآن أنك تريد الانتقام لوالدك ووالدتك.
تحدث "حسام" مندفعا:
-وما دخل والد "خالد"ووالدته بتلك الحوادث، ثم لم يقل "خالد" أنهم توفي، بل قال ذبحوا لقد عرفتك يا "خالد"وعرفت أنك يتيم الأب والأم، وقد تربيت في منزل جدتك التي توفيت بعدما تخرجت من الكليه بسنوات قليلة.

-نعم يا "حسام" هذا ما حدث لي، لقد قامت جدتي على تربيتي، وقد كانت كبيره في السن، كنت أنا أيضا اقوم على خدمتها كانت طيبة المعشر رقيقه، كنت أسمعها تبكي كثيرا، فهي من اكتشف موت ابنها وزوجته ليس موت، بل قل ذبح ابنها بنفس الطريقة التي نشاهدها هذه الأيام، لذلك فهذا السفاح هو من قتل أبي وأمي، أنا متماسك أو احاول أن أوهم نفسي بالتماسك، ولا اريد لأحد من رؤسائنا أن يعلم بهذا الأمر، حتى لا يقصوني من ذلك التحقيق لذلك لم اخبر.
-كيف ذلك يا "خالد"؟
أعتقد أن رؤسائنا يعلمون بالأمر.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي