الفصل الخامس عشر قدوم عزيزمن الاسكندرية

الفصل الخامس عشر: قدوم "عزيز" من الاسكندرية.
كانا يتحدثان وينظر اليهما "عبد التواب" في صمت، إلا أن حبات العرق قد ملأت وجهه فأشفق عليه "محب"، من هذا الحديث فصمت قليلا، ففهم "حسام" ما في الأمر فجعل يحدثه عن امور المخبز، وما إلى ذلك حتى هدأ الرجل، وبعدها اخبره "محب" بالانصراف حتى يباشر مهام عمله، في المخبز وبعدما انصرف "عبد التواب"، جلس "حسام" مره اخرى يطالع "محب" وهو يقول:

_أعتقد أن القاتل واحد، نفس طريقة الذبح واحدة، إلا أنه اعتقد أن الوقت لم يكن كافيا لديه لتقطيع الجثث، مثل ما يفعل هذه الايام او ان نشاطه قد انتقل من الصعيد الى القاهرة، لكن الشيء الغريب كيف لم يجد اي اثار لهم خصوصا، انه قد فعل أكثر من جريمة في نفس اليوم، بل نقل في نفس الساعات القليلة تلك اعتقد انهما ساعتان او ثلاثه على الاكثر.
رد عليه "محب" مسرعا:

_كان من الصعب أخذ البصمات، بسبب تواجد أعداد كبيرة من المواطنين، داخل المنزل قبل وصول أجهزة الأمن ورجال النيابة العامة.
وبعدها لملم الناس أحزانهم، وشيعوا جثث الضحايا إلى مثواها الأخير،
وعادوا بين مذهول ومصدوم مما حدث،
فالقرية هادئة مسالمة، يعرف أهلها بعضهم بعضا جيدا، بل ويرتبط أغلبهم بأواصر القرابة والمصاهرة،
وكانت هذه هي أولى المصاعب التي تواجه فريق البحث.
فالأسر الثلاث مسالم، لا عداوة بينها وبين أحد، بل ولا يربطها ببعضها أي رابط سوى الجيرة،
وبالطبع تم استبعاد الدوافع التقليدية للقتل، في صعيد مصر مثل الثأر أو النزاع على الأراضي، أو جرائم الشرف أو حتى العنف الطائفي.

_أكيد طبعا وأيضا في ذلك الوقت، لم تكن لدينا اجهزة متطورة للكشف عن البصمات، أو الحمض النووي.
نظر اليه "محب" بتعجب شديد:
_ وماذا فعلت اجهزتكم الان يا "حسام"، اعتقد انكم كنتم ستدورون في دوائر مفرغة، وبعدها إما أن تلفق لاي شخص مريض نفسي، مثلما حدث في تلك القضية، وتقييدها ضد مجهول وسيفعل المسؤولون قضية اخرى او اي ترند جديد حتى يتناسى الناس هذه الحادثة، لكن الشخص الوحيد الذي لفت انتباهه لذلك هو جدك عندما اخبرك بوجودي، بل بوجود عشيره كامله من الذئاب تحرس تلك الاراضي.

_ قلت الآن أنها لفقت الى مريض نفسي.
_ بالطبع فبعدما حاول رجال المباحث، استجواب الشهود للوصول الى اي خيط، جاءت أقوالهم لا توجد أي خلافات بين أي شخص فيهم، وأي فرد من أفراد القرية، ولم يستيقظ أحد حتى ذلك الشخص الذي استيقظ ليلا وجد جاره يطمئن على ماشيته، وان الجرائم الوحيدة التي في المنطقة هي سرقة المواشي. والقتل يحدث للثأر، لكن هؤلاء الاشخاص ليس لديهم ثأر مع أي عائلة، ثم إن الثأر يكون في العلم ويفتخر به الجاني، ولو قلنا إن بين القتلى من بينه وبين آخر عداوة، والطفل الذي عمره سنة والطفله التي عمرها سبعه سنوات.

_ اعتقد ان جدي استعان بك، لصعوبه الامر.
_ نعم يا "حسام"، وقد اكتشفت انا وجدك انه ذلك القاتل المستذئب، لكن رؤساء جدك لم يقتنع وكان يجب ان تلقى على عاتق أي شخص.
ما حدا بجهاز الشرطة لانتداب فريق على أعلى مستوى، من الطب الشرعي والأدلة الجنائية لتحديد ساعة وقوع الجريمة، وكيفية وقوعها والأداة المستخدمة فيها.
كما تم تشكيل فريق بحث على أعلى مستوى من كبار ضباط وزارة الداخلية رأسا،وتم وضع خطة بحث لكافة الظروف المحيطة بالمجني عليهم، وتوسيع دائرة البحث لتشمل فحص كل من يحتمل أن يكون له علاقة بالجريمة،وعتاة الإجرام من أرباب السوابق والمسجلين.

_الم يخطر في بالكم ان القاتل كان يريد فتح مقبرة أثرية، وانت تعلم ما يقولون عن الرصد و التضحية البشرية.

_بالفعل كانت هناك شائعة أقرت بذلك نظرا لبشاعة الجريمة، كان يقولون ان هناك مقبره فرعونيه مليئه بالكنوز طلب الجان المسؤول عن الرصد، قربان عبارة عن رؤوس خمسة حمامات مذبوحة اضافة الى خمسة اخرى للنساء واطفال وذلك لكي يتمكن الجاني من فتح المقبرة، والاستيلاء على الكنوز وقالوا ان هذا هو سر العثور على الحمامات المذبوحة بجوار كل جثة، والمصيبة أن هذه الشائعة وجدت صدى وتأييدا إعلاميا كبيرا.

نظر "حسام" الى تلك الساعة الجميلة، التي صنعت بأيدي فنان فابتسم "محب" وهو يقول له:

_هذه إحدى الأشياء القيمة، التي تاتي الي من "ثينيس" لو اردت واحدة سآتيك بها لكنها باهظة الثمن وأحجارها نادرة، والمعادن التي شكلت منها تجعلها لا تصدق، او تهلك مع الزمن تعمل بمفردها بدون حجارة شاحنه، او اي شيء ولا تسأل كيف هذا هو علم "ثينيس".

_ حسنا لقد تاخرت اليوم جالس معك منذ ثلاث ساعات، نتحدث عن تلك الجريمة، الان يجب علي ان اذهب حتى اتابع التحقيقات، التي ابلغت زميلي خالد أن يقوم بها.
_ الا تريد أن تعرف ما الأسباب التي أدت إلى براءه ذلك الشخص، الذين اتهموه بهذه الجريمه بدايه لكي نكون صريحين كانوا يريدون اخراجه وكانهم استيقظت ضمائرهم، وهم يعلمون أنه ليس الفاعل فاتى حكم المحكمة ببراءته لاستحالة ارتكاب الواقعة، من شخص واحد وخلال ساعتين فقط من قام بهذه الجريمة أما لديه قوه خارقه، او عده اشخاص لكن اهالي القريه صاروا كانوا يريدون، أن يطمئنوا حتى ولم يكن يقتنعوا بذلك وأرادوا القصاص، من ذلك الشخص وتوعده بالانتقام هو وأسرته فهاجر هو واسرته الى قريه اخرى خوفا من الانتقام.

تركه "حسام" بعد ذلك وأرتدى ملابسه في غرفة "لوقا"، وخرج ثانية لكي يلقي السلام على "محب" وابنته، وسأل على "لوقأ" فأجابه "محب":
_ ينتظر قدوم ابني "عزيز" من الاسكندريه، لقد تم تنظيف الطابق الثاني، له هو وزوجته وابنته ترك تجارته كان يتاجر بالاسماك، لكنه شعر بالخطر عندما أراد القاتل أن يقتحم منزله، فهبط في الشرفه الخاصه بغرفه ابنته "تمارا"، لكنه هرب بعد ذلك ومنذ ذلك الحين وابني يشعر بالخطر هو وافراد اسرته لذلك قام ببيع محله التجاري، والانضمام إلى هنا، اتعلم أن "لوقا" لم يشاهد خاله منذ أن كان في عمر الثلاث سنوات وهو لا يتذكره كنت اذهب اليه كل حين.

_ اتمنى له اقامه سعيده هنا في القاهره، وانا بالتأكيد سأقول على تواصل معك اولا باول، وساتي اليك كثيرا هل هناك مانع.
_ لا بالتاكيد لدينا عمل كثير نقوم به معا، كما ان هناك موضوع اخر اريد ان اطلعك عليه.
_ حسنا سأتي في القريب العاجل، دمتم بخير.

وخرج "حسام" من منزل "محب"، مسرعا وفي طريق شاهد "لوقا"، واقفا يتأفف انه يقف منذ فترة طويلة ولم يأت خاله الى الان.

قام "لوقا" ب مهاتفة والدته، فهو ينتظر خاله، وأسرته منذ فترة طويلة.
- امي ما هذا إن الرائحة البشر، تجعلني متوتر، أعتقد أن جدي قد فعل ذلك متعمدا، كيف لي أن أقف في ذلك المكان الممتلئ بالبشر؟ اسمع الهمسات واشم رائحتهم أصوات كثيرة في عقلي يا والدتي.

_ لا أعلم شيئا كل ما أعلمه، ان خالق قد ابلغ جدك بميعاد وصوله وأسرته، لا تنتظر أن يأتوا في سيارة فاخرة،لقد قال له والدي أن يأتي في عربه بسيطه، حتى لا يلفت الانتباه فمن يملك عربة غالية السعر لا يأتي للسكن هنا.

- فهمت سأنتظر ولكني سأرحل إن لم يأتوا، بعد نصف ساعة وليفعل جدي ما يفعله لا يهمني شيء.

_ تعبت يا "عزيز"، وأنا أجلس هكذا، الجو حار وانا لم اعتاد على ذلك.
نظر اليها "عزيز" لا يستطيع أن يتحدث باستفاضة، لوجود السائق معهم في نفس العربة
فمال ناحية زوجته، وتكلم بصوت خافت.
_ هكذا قال والدي، ولذلك استاجرت تلك العربه المخصصه كوسيلة، مواصلات داخل المحافظة لكي تعلمي هنا في القاهره يقولون على تلك السيارة ميكروباص، أما لدينا في الاسكندريه فيقولون عنها مشروع ولذلك استأجرت مشروعان.

_ حسنا عرفت، وستقول لي قد استاجرت واحدا لكي نركبه، والآخر لملابسنا تلك التي كنت ترفض ان ناتي بها جميعا، وها نحن قد تركنا معظمها هناك.

ـ فاستعدوا لقد اقتربنا.
اما كلا من "تمارا" و"ميريت"، فجلست كلا منهما في كرسي منفرد، حتى تكون جنب النافذه يشاهدون هذا العالم الغريب فلم يأتوا إلى القاهرة ابدا، اندهشوا من الازدحام وكانت "تمارا" تتحدث عن حرارة الجو والكم الهائل من الأشخاص.

نظر "عزيز" من النافذة وقال للسائق:
_ابطل السيارة، أمام ذلك الشاب الذي يقف في الأمام بجانب السياره البيضاء.

وبالفعل استجاب له السائق، ومن خلفه سائق السيارة التي توجد بها الحقائب فتح "عزيز" باب الميكروباص، أمام "لوقا" الذي جذب انتباهه تلك السيارة التي وقفت أمامه، وذلك الرجل الذي أطل من باب السيارة فوجده أقرب الشبه بجد "محب"،الا انه اكثر وزنا من جده ما زال يحتفظ فوق راسه بشعره الاسود لم تطاله يد الزمن، مثلما طالت شعر جده ومع ذلك فهو يعلم أن خاله ليس صغيرا في السن، لكنه كان ينظر باهتمام لمن في السياره فوقف لا يعرف ماذا يفعل يتقدم ناحية خاله.

-"لوقا".
لم ينتظر خاله ان يفكر ذلك الصبي، إنما نزل بسرعه من السياره واحتضن ذلك الفتى بل اعتصروه، وهو يقبل رأسه فلم يشاهده ولم يلتقي به منذ أن كان "لوقا" صغيرا في السن ما زال طفلا، الغريب أن "لوقا" في تلك اللحظة بالألفه والحنين تجاه خاله، لكن لفت نظره شيئا تلك التي ترتدي نظارة شمسية ذات الشعر الطويل، انها تتلفت يمينا ويسارا وما زال أعين "لوقا" عليها، لم يستطع أن يتحدث كل ما كان يشعر به ان قلبه ينبض بشده كبير.

- نزلت "غاده" من السيارة ومدت يدها وقامت بالسلام، وبعدها "تمارا"ا وهنا قام هو بمد يد ناحية "ميريت" التي وقفت أمامه ترتعش، لا تعرف لماذا وهو ايضا وقف امامها، وكانها هي نصفه الآخر الذي كان يبحث عنه.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي