الفصل السادس قوة خفية

الفصل السادس "قوة خفية"

سارت مبتعدة بخطوات واسعة لكي تصل إلى الكوخ وتُحذر صديقتها وتطالبها بالفرار
كانت تعدو في خطواته المسرعة، فتعثرت قدمها والتوت لتتأوة بتألم وجلست القرفصاء تنظر لقدمها الملتويه وهي تمر اناملها برفق تدلكها، فجحظت عيناها عندما وجدت وميض منبعث من ضوء شديد يأتي من مكان ما، نهضت مستقيمة في وقفتها وقادتها ارجلها لذلك النور، تريد أن تعلم ما مصدره.

كانت خطواتها ثقيلة بسبب إصابة قدميها اليمنى ولكن قادها الفضول لمعرفة المصدر.
وكلما تقترب خطوة يقل الضوء إلى أن وقفت فجأة واتخفى كل شيء في لمح البصر وعندما تلفتت حولها تتفقد المكان وجدت نفسها أمام جبل به تجويف عميق يبدو بأن كهف فلمعت في رأسها فكرة هرب نيروز وعزيز لذلك الجبل لكي تبتعد عن إذاء الساحرة، ثم عادت أدراجها ثانيًا لحيث الكوخ.

عندما ولجت داخله تفاجئت بانجذابهم في الحديث معًا، لاحت أبتسامتها فهذه النيروز تستحق ان تبحث عن ما فقدته مند مجيئها الدنيا، هي تشعر بها وسعيدة من أجلها، وعندما قرأت أفكار عزيز أيضا علمت بأنه معجب بها وقرر عدم تركها، تنهدت بارتياح ثم حمحت قائلة وهي تتقدم اليهما:

- كيف أصبحتِ الان
رفعت رماديتها تطالع صديقتها بحزن ثم قالت باقتضاب:
- بخير
جلست بقربها وانسابت دمعة هاربه من بركة العسل خاصتها، منما جعل قلب نيروز ينبض بخوف ورهبة وهمست بصوت مضطرب:
- هل اصاب "ماري" خطر
هزت راسها نافية ثم احتضنتها بشدة، تشبثت بها الأخيرة وقالت هامسة :
-لما تبكين إذا؟

ابتعدت عنها برفق لتمد نيروز اناملها تمحي دموع صديقتها المنسابة على وجنتيها وهتفت حينها "سيرين" قائلة :
- وجودنا هنا يسبب خطر علينا يجب أن نفر هاربين
ثم نظرت ل "عزيز" واسترسلت قائلة بصوت حذر:
- ليس لدينا متسع من الوقت، ارجوك ان تذهب بنيروز إلى الجبل القابع بنهاية هذه الغابة، وتصعدو الجبل مبتعدين عن المشعوذة وجنونها

هتفت نيروز بقلق:
- وماذا عنكِ وعن ماري؟
-ربتت على كتفها بحنو وقالت:
- سوف نجتمع ثانيا لا تقلقي، وكل ما أريده الان هو الفرار
رغم خوفها من الساحرة وشرها ولكنها لن تترك صديقتها :
- لن اترككِ ويحدث ما يحدث
-لا تخافي عليَّ "جونجان" بحاجتي ولن تؤذيني وعقدت اتفاق معها بأن استرد ماري وسوف نأتي إليك ِ ولكن عليكما الان الهروب

عانقتها بقوة وكان رافضة تمامًا المغادرة وترك رفيقتها وحدها ولكن أخبرتهم "سيرين" بالخطر المحاط بهم اما هي فتملك قوة خفية تريدها الساحرة للثأز لابنتها.
بعد أن ودعت الفتيات بعضهن امسك عزيز بكف نيروز وسار بها مغادرين الغابة وهي منساقة بجانبه ولكن تنظر للخلف تودع صديقتها بنظراتهن الحزينة ودموعهم المنهمرة كالشلالات لن تتوقف.

ظلت عينها تلاحقهم إلى أن توارو عن الانظار وعادت "سيرين" داخل الكوخ تنتظر عودة جونجان لتعلم منها متى ستذهب إلى المشفى القابع بالمدينة من أجل لقاءها بذلك الطبيب التي تبحث عنه منذ عام ولم يأتي إلى الغابة منذ ذلك الحين رغم حوادث القتل البشعة التي تحدث بسبب المستذئبين لذلك أقسمت على جلبه لهنا لكي يخبرها بمن قتل ابنتها..

**
لم تتوقف نيروز عن البكاء، فجذبها من ذراعيها لترتمي بأحضانه محاولة لتهدئتها فقد كانت بحالة يرثى لها
تشبثت هي بعناقه وعلت شهقاتها تشق صدره ليهمس بجانب أذنها بحنو:
-كفى عن البكاء ارجوكِ أنا هنا من أجلك
ثم ابتعد عنها برفق وأمسك رسغها وقال بجدية:
-هيا نيروز لابد أن نبتعد من هنا قبل أن تشعر تلك الشريرة بغيابنا

ركضوا سويا مبتعدين عن الغابة لكي يخفيها عن عيون تلك الساحرة"جونجان" وعندما وصلا للجبل التي أخبرتهم سيرين بوجوده توقفًا قليلا ليستردون انفاسهم اللاهثة ثم يحاولون إكمال طريقهم حيث ارتفاعه الشاهق ومن حين لآخر يقفون لاسترداد انفاسهم ثم يعدون يخطو في تسلق الجبل ويديه قابضة بقوة على يد "نيروز"

**
بدت أعراض التغيرات تشعر بها" ماري" وهي لم تفهم ما الذي يحدث لها وعندما غربت الشمس شعرت بوخذ يتسلل لجميع أطرافها حقا الجروح لم تعد موجودة ولكن ماذا عن الألم المتفرقة التي تشعر بها بجسدها.

كان يتطلع لها وهو يعلم بما تشعر به، وسوف اقتربت على تحولها لمستذئبة، تطلع للسماء ليجد الشمس قد غربت وحل ظلام الليل، وبدء القمر في الظهور رويدا رويد تضح رؤيته وفقد كان مكتملة أذا تلك الليلة هي المنشودة على تبدل حال هذه الفتاة التي لا ذنب لها إلا أن أوقعها القدر تحت قبضة المشعوذة جونجان..

كسًا اللون الأحمر بزرقة عينيها واتخلطت الدماء ببحورهما الزرقاء، مقلتيها تتطلع بوهج كم أن برزت انيابهم وسالت الدماء من فمها بألم طفيف أحتاج فكها ازدادت نبضات قلبها كلما تتسع مقلتيها بانحاء جسدها وترا التغير الذي يحدث وهنا أصابتها الطامة الكبرى عندما انشقت مخالبهما ووجد منبت الشعر يطيل وتغير لون جلدها واختفت بشرتها البيضاء النقية وتحول للون الرمادي ولم تستعب ما يحدث معها فقدت وعيها في الحال من شدة رهبتها.

كان جسدها تحول بأكمله وأصبحت الان مستذئبة وظل "ماكسر" جانبها إلى أن تسترد وعيها فهو يعلم واقع الصدمة عليها.

**
عندما عادت جونجان للكوخ وجدت سيرين وحدها، بحثت بعينها عن وجود الشاب والفتاة الاخريان، هتفت وقتها سيرين بحنق:
- غادرن الغابة معًا
لوت الساحرة ثغرها بضجر وقالت:
- لا يهم، ثم اردفت قائله:
- استعدي الليلة لتنفيذ العهد الذي بيننا
قالت بثقة دون خوف او تردد:
- لن انقض عهدي، وانا على أتم أستعداد
-حسنًا، الخُفاش سمندر سوف يرشدكِ لحيث طريقك

هتفت بصوت جلي منادية للخُفاش خاصتها، حضر مسرعًا يرفرف بجناحي وينظر لها في خنوع
خرج صوتها بغلظه:
-سوف ترشد "سيرين" لمشفى العاصمة
هم بأن يقف على كتف سيرين ولكن تراجعت للخلف عنه بخوف وقالت بصوت مهتز:
- لا تقترب

هتفت جونجان قائلة:
- ستغادران الآن قبل بزوغ الفجر، سمندر لن يستطع الطير بالنهار، وستسرين سيرًا على الأقدام، ليس لدينا وسيلة نقل داخل الغابة كما أن المشفى قريبه من الجهة الثانية من هنا
بدت رحلة سيرين مع سمندر مغادرين الغابة ليصلها حيث وجهتها المنشودة..

**
عندما حل السكون واصبحت الرؤية منعدمة وصلا لقمة الجبل ثم استمتعوا لعواء الذئاب تعلو من كل جانب، أستوقفًا بأعلى قمته ونظر لها عزيز بجدية هاتفًا:
- سنظل هنا الليلة لن نستطيع إكمال طريقنا لكي لا تشعر بنا الذئاب

نظرت حولها بترقب وعينيها الرمادية تُميض ببريق ساحر وعكفت حاجبيها بضيق:
- هل هذا المكان أمن حقًا
جلس عزيز بتعب ومدد ارجله ووضع كفيه تتكز على ركبتيه بارهاق ثم أشار إليها بالجلوس:
-لقد حل الظلام الدامس ولن نستطع إكمال طريقنا، نستريح الليله وعند الصباح الباكر نستكمل مشورًا
جلست نيروز بقلة حيلة فلم تجد سوا ان تظل على ذاك الجبل برفقة عزيز

لفحتها نسمات الهواء الباردة جعلت جسدها يرتجف من شدة البرودة التي سرت باوصالها.
ضمت ركبتيها لصدرها وحاوطهما بذراعيها واسندت بذقنها عليهما ومقلتيها تنظر حولها بترقب وحذر تخشى ان تهاجمهم الذئاب او تمسك بهم تلك الساحرة.

اما عن "عزيز" فقد كان يختلس النظرات إليها، يشعر بالعجز لم يستطع فعل شيء من أجلها التي سرقت لُب قلبه ببراءتها وعفويتها.
استقام واقفًا يبحث عن شيء ليوقدة ويدفئ محبوبته ولكنها انتفضت بفزع عندما وجدته واقفًا

همست بشفاة مرتجفة أثر الصقيع الذي احتاج جسدها :
-إلى أين أنت ذاهب وتتركني وحدي بهذا المكان المخيف؟
- لا تخافين "نيروز" لن اترككِ فقط أُحاول أن أبحث عن بعض الأخشاب لكي نوقدها وتساعدنا على التدفئة في جوف الليل القارص

هزت راسها بهسترية :
-لا.. لا اريد شيء سوا ان تظل جانبي
اقترب منها بخطواته الثابتة ثم جلس بقربها وفرد لها ذراعه يشير إليها بمقلتيه بأن تأتي لاحضانه لكي يحميها من برد الليل ويخبئها داخل احضانه يشعرها فقط بدفئ مشاعره فهو يكن لها مشاعر جياشة، إذا شعرت به حقًا سوف يتأجج قلبها بنيران عشقه المشتعلة داخله.

لبت نداء عيناه المنبعث من داخلهما نظرات حانية وآمنة لم تشعر بها من قبل، فاقتربت منه فحاوطها هو بذراعه يقربها اليه لتتوسد صدره ورفع كفيه يمسد على ظهرها بحنو وصوته الهامس يخبرها بأنه يُحبها بلا يعشقها ولن ينفصلا عنها سيظل ملتصق بها كم الروح ملتصقة بالجسد..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي