الفصل الثالث عشر متي ستنتهي اللعنة

الفصل الثالث عشر متى ستنتهي اللعنة

إنه التيه فٌرضت على خطواتك.. تعيش دون أن تحيا وتمر أيامُك سراعًا دون شيء يستحق الذكر! عالقًا تطلب من الأمنيات حبلًا ينقذك من الغرق، وحيدًا لا أنيس في ليلك الطويل.. غريبًا عن الدنيا والناس وبعيدًا عن حسابات المنطق والعقلانية.. لا تفكر إلا في الخلاص ولا خلاصَ كما يُخيّل إليك!

كانت تنظر حولها في حيرة وترقب، تنتظر الفرصة المناسبة لإنهاء مهمتها ، لا تجد مفرًا يجب سكب تلك القنينة داخل مشروبه ولكن لم تأتيها اللحظة المناسبة لفعل ذلك .
عندما أنهى سادم طعامه نهض عن مقعده وقال :
- سأذهب إلى المرحاض لغسل يدي
هزت راسها بايماءة طفيفة ولمعت عينيها بفرحة بعدما أبتعد الطاولة وأختفى عن الأنظار ، لم تتردد فتحت الغطاء وأفرغتها بأكملها داخل كأس المشروب خاصته ثم ألقت الزجاجة داخل احدى سلات القمامة القريبة من الطاولة التى تجلس عليها، ثم عادت تجلس مكانها بهدوء ريثما يعود "سادم"
عاد "سادم" بعد لحظات وجلس بمقعده بكل ثقة وثبات ثم مد يده يلتقط الكأس وقربه من أنفه يشتم رائحة المشروب
ازدادت نبضاتها تقرع داخل صدرها بخفقان متزايد وهي تنظر له بقلق وتوتر خوفاً من انكشاف أمرها
تقذذ هو وترك المشروب ثم رفع أنظاره لتتقابل بانظار "سيرين" المتعلقة به ، لاحت إبتسامة خبيثة أعلى شفتيه وعندما صدح صوت البيانو داخل المطعم، أستقام سادم واقفًا وسار خطوة للأمام ثم وقف أمامها ومد كفه لها قائلا بلباقة:
- تسمح لي الشرقية الفاتنة أن تلبي رغبتي في مشاركتي الرقص معكِ
دارت بؤبؤة عينيها بتوتر ملحوظ منما جعله واقفًا مندهشًا فمن هي لترفض ذلك العرض السخي؟
من تكون لترفض قربه ؟ الفتيات جميعهن يتهافتون عليه وهو لا يبالي أحد
وضعت كفها التي ترتجف أعلى كفه وأستقامت تسير معه
اقبض بكفه عليها وشعر بارتجافتها تحت قبضته وذلك الشعور يجعله يتلذذ بسعادة داخلية لا توصف
عندما وصلا لحلبة الرقص وقف يحاوطها بذراعه الأيمن ويضعه على منتصف ظهرها وبيد الأخرى يمسك أطراف أصابعها برقة مدروسة
أما هي فوضعت كفها الأيسر أعلى صدره والكف الآخر يحتضنه سادم بأنامله، تمايلت أجسادهم على سمفونية عزف البيانو
حاولت النظر داخل بحور عينيه لتتلاقي العيون في صمت تام ، يحاول هو أختراق حواجزها ولكنه فشل في الأمر ، أما هي فاسبلت مقلتيها عن التطلع له لأنها كلما تعانقت مقلتيها بنظراته يأتيها شعور خفي بالخوف والرهبة ولن تستطع اختراق أفكاره.
**
أما عن الثنائي "عزيز" و " نيروز" بعد تناولهم لطعام الافطار استقلوا بسيارة أجرة من أمام الفندق وانطلقوا في شوارع العاصمة "روما" لانتقاء ثياب خاصة لهم ومن ثم ابدلوا ثيابهم وتوجهوا إلى السفارة المصرية وانتظروا مقابلة السفير المصري الذي قابلهم بترحاب شديد ، قص عليه "عزيز" ما حدث للطائرة المفقودة بتلك الغابة الملعونة والقضاء على جميع الركاب من قبل الذئاب ووحوش الغابة كما اخطرهم بغياب ماري وسيرين وخطورة وقوة الساحرة "جونجان"
وعده السفير أن يهتم بالأمر ويتابعه بنفسه واملاه عزيز عنوان الفندق الذي يمكثون به الآن ثم صافحه بأمتنان وغادروا مبنى السفارة المصرية، عائدين إلى الفندق ثانيًا..
قرر السفير حينها اخبار الشرطة الفيدرالية عن البحث عن الفتيات المصريات المفقودين كما تركت نيروز صورة معها كانت تجمعهن داخل الحرم الجامعي ، وات ضابط الي السفارة لتحقيق في أمر اختفاء الفتيات والابلاغ عن فقد الطائرة وركابها اللذين ماتوا أثر مهاجمة الذئاب لهم واعلام الطيران المصري بالأمر ليتم نقل الاخبار إلى الشرطة المصرية وأعلام أهالي الضحايا بما حدث لهم..
**
في القاهرة ..
بعد عدة ساعات شاع الخبر بالجرايد المصرية عن وقوع الطائرة المصرية ووفات جميع ركابها من قبل وحوش مفترسة داخل الغابات وفقدان الفتيات الصغيرات فلم يتبقي سواهن على قيد الحياة ولكن مفقودات إلى الآن

داخل منزل (ماري) عندما قرأ والدها السيد "شوقي الياس" الخبر في جريدة المساء انتابة حالة من الخوف والقلق من خسارة ابنته ولا يعلم بما سيخبر زوجته بهذا الخبر المشئوم ، ترك المنزل مسرعًا يريد التوجه إلى مركز الشرطة لمعرفة ما حدث لابنته وصديقتيها وهل هذا خبر صحيح أم أشاعات يريدون منه اشغال البلد عما تفعله حركة الضباط الأحرار وما يسعون به من انقشاع الغمة عن المصريين وطرد الملك فاروق ومن يحكم البلاد إلا أبن من أبناء شعبها المناضل.
عندما تقابل مع رئيس المباحث وعلم بصدق الخبر ، خرت قواه وجلس بصدمة لم يقدر على التحرك واعلم الشرطة بأسماء صديقتها من أجل أعلام أهالهن ، وبالفعل ارسل الضابط عسكري يأتي بفرد من عائلة الفتيات.
(وبعد مرور ساعة )
اجتمع داخل القسم والد "سيرين" السيد " منصور الهادي" عندما أتاه الخبر وتحدثت عنه قنوات الإذاعة الإخبارية عن وقوع الطائرة وقتل ركابها وتصادف بقدم العسكري لياتي بصحبته داخل قسم الشرطة للاطمئنان على الأوضاع وما حدث لابنته..

حالة من الحزن سيطرت على الجميع وهم ينتظرون مقابلة رئيس المباحث لاعلامهم الخبر
واتا الجد وابنه يريدون الإطمئنان على صغيرتهم "نيروز"
كان يتكى الجد " محمود" على يد ابنه "عبدالله" ودموعه تنهمر بغزارة على تجعيد وجهه السابعيني ولسان حاله لا ينطق إلا " لطفك بي يا ربي لطفًا لم أتحمل فقدان حفيدتي كما تحملت فقد والدها قُرة العين "مصطفى "
شعور بالعجز لم يشعر به سواهم ، نيران تضرم داخل الفؤاد، حالة من الرهبة والخوف سيطرت عليهم جميعاً، خفقات قلب تقرع كالطبول، يخشون القادم ، يتبادلون الأنظار بينهما في عجز ليس لديهم فعل شيء سوا الدعاء بقلب مكلوم
على صوت الجد وهو يتضرع للمولي عز وجل (اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي ، اللهم ردهم الينا رد جميلا ، كما رددت يوسف لأبيه، اللهم ردهم ردًا جميلاً)
تاذمت الأمور عندما حدثهم الضابط بذلك الخبر المؤسف ولازال البحث جاري بمدينة إيطاليا عن اختفاء الفتيات وهم سيتواصلون مع الشرطة الفيدرالية لمعرفة كل ما هو جديد اولا بأول.
نكث الجميع رؤوسهم بعجز وقلة حيلة فقط دموعهم تنساب دون توقف ، نبضات قلوبهم تصخب ، تكاد تخرج من بين ضلوعهم من شدة اليأس والحزن والاستسلام..

لا شيء أصعب على الإنسان من شعوره بالعجز، كل شيء ممكن أن يهون في حال قدرتك على التعامل معه أو مع تداعياته.. لذلك فإن المشكلة تبدأ حين تجد نفسك خاليا من أدوات التعامل والفعل ورد الفعل، متمترسًا خلف قواعد دفاعك الهشة لا تملك سلاحًا تقي به نفسك وأحبابك، وما أنت إلا عرضة هجمات الحياة وتجاربها.. الشعور بالعجز موت بحد ذاته، لكنه ليس كأي موت، موت بطيء مؤلم يقتل روحك رويدًا رويدًا ويشلّ جسدك خليةً خلية.

**
عودة إلى إيطاليا داخل غابة المستذئبين، الكوخ الخاص بالذئب ماكسر
أغلال تُقيده من الاقتراب إليها ومواساتها ليس بيده فعل شيء لهذه الملاك الذي وقع ضحية "جونجان" وسحرها.
فاقت "ماري " من أحلامها الوردية وهي بوسط عائلتها ووجدت الذئب يتطلع لها وعيناه تذرف الدمع ، أشفقت على حاله وأقتربت هي منه لم تعد تخشاه وتلاشى خوفها منه ولم تجد مأمن لها سواه داخل كوخه الصغير
جلست بجواره ورفعت أناملها تلامس جسده الرمادي الالمس بود ثم مسحت دموعه العالقه منما جعله يدفن رأسه باحضانها ، لا تعلم مما تسترد قوتها وامانها من ذاك الذئب الذي لا حول له ولا قوة ام منما جرت إليه المقادير وأصبح مصيرها دون ملامح بعد تحولها لمستذئبة خاضعة لقوانين الذئاب،تشعر بالتيه بين هذا وذاك
كيف لها أن تتحمل هذا العالم وأين ستنتهي تلك اللعنة
علم ماكسر ما يدور بخلدها فهو لديه قوة خارقة على فهم وقراءة أفكار البشر ، هو من فصيلة قوية من الذئاب، "الألفا" الأقوى والامهر والاشرس ، ولكن لن يستطيع التحدث معها بلغتها لذلك هو عاجز في أمره من اخبارها متى ستنتهي اللعنة؟؟
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي