الفصل السابع عشر مواجهة الحقائق

الفصل السابع عشر مواجهة الحقائق

"عند أقتراب الموت يجعل من الشخص أكثر قوة على مواجهة الحياة"

كان قاب قوسين أو أدنى وعلى مقربة من الموت وكما تمناها أن يستقيم خط نبضات القلب ولكن لم تأتي أرادة الله بعد..
فتح سادم عينيه بصعوبة ليجد الرؤية غير واضحة أسبل جفنيه ثمَّ عاد يُفرجها لتتضح الرؤية أمامه رويدًا رويدًا؛ وجد نفسه على فراش المشفى داخل إحدى الغُرف ومُعلق بوريده محلول مُغذي مُختلط ببعض العقاقير الطبية لتساعده على أسترداد وعيه
وبجواره الطبيب "نيكولاس" يبتسم له بود ثم ربت على كتفه قائلا:
- سَلمت يا صاح
همس "سادم" بصوت مُتعب :
- ماذا حدث؟
أجابه صديقة بهدوء:
- نوبة أختناق حادة، أرجو منك الراحة الفترة المقبلة، لابد وأن هذا حدث لك بسبب ضغط العمل المُتزايد على عاتقك "سادم" أهتم بصحتك
- أُريد العودة للمنزل الآن
- كُنت أود أن تظل اليوم تحت المُراقبة من أجل سلامتك
قال مُعترضًا:
- لا عليك أنا بخير

أبتسم له وقال وهو يودعه:
- حسنًا، سوف أُرسل لك "جانسون" تُساعدك، زال البأس
زفر أنفاسه بهدوء وهو يبحث عن ساعة يده إلى أن طرقت الفتاة الباب ودلفت بخطوات غنوجة تسير على مهل ، طالعها "سادم" من أخمص قدميها العاريتين أثر ثياب المشفى الكاشفة لما قبل ركبتيها وعندما جال بمقلتيه على مُنحنايات جسدها الممشوق ذا القوام المُهلك ولكن لم تتحرك مشاعره فهذه الفتاة لطالما حلمُت بقربه ووجودها معًا في فراش واحد ولكن هي لا تستهوي رجولته.

دنت منه وهي تتعمد أظهار مفاتنها فقد كانت ترتدي المريولة البيضاء الخاصة بالتمريض وتضع كاب ابيض أعلى خُصلاتها الذهبية الناعمة وكانت لديها أسلحة فتاكة ولكن لن تستطيع أغراء طبيب المشرحة التي تتمنى لحظة واحدة تعيشه بقربه
أمسكت برسغه بين راحتيها الناعمتين كملمس الحرير لتفك عن رسغه الكانولا الطبيبة برفق وحذر وتقرب كفه من خاصتها أمام صدرها التي تكشف عن نصفه بسبب ترك أزرر المريولة مفتوحًا ، يعلم سادم حيكها وما يدور بخُلدها ولذلك أبعد أنظاره عنها وتطلع للجهة الأخرى في تلك اللحظة رواده خيال الشرقية الفاتنة، وجعل نبضات قلبه تقرع داخل محجره بقوة وصخب.

منما شعرت به جانسون فرفعت كفيها برقة تلامس وجنته:
- هل أنت بخير سيدي؟
رمقها بنظرة ثاقبة حادة كعيون الصقر وقال بحسم:
- أُغربي عن وجهي، لا أحتاج لأيٌ مُساعدة
ابتلعت ريقها بصعوبه وغادرت الغرفة في توتر فهو شخصًا جادًا ولن تنجح جميع السُبل معه ، كانت تحلم بقضاء الأمسية معه على ضي الشموع وتبث له مدا شوقه وتوقها لقُربه المُهلك لجميع حواسها كفتاة ، تتمنى أن يروي عطشها وتعيش تحت اقدامه حبيسة داخل قلبه الذي يحاوطه باغلال من حديد صعب أختراقها ..

اعتدل سادم ببطء ونهض عن الفراش يسير لحيث الشماعة المُعلق عليها ثيابه ، نزع رداء المشفى عن جسده ثم ارتدى ملابسه وساعة يده والتقط ميدالية المفاتيح خاصته وسار مغادرة الغرفة بلا المشفى بأكمله.
واستقل سيارته من داخل جراج السيارات ثم انطلق في وجهتهُ حيث منزله..

**
أما عن "سيرين" فبعد صدمتها بمعرفة نصف الحقيقة تُريد المزيد ،تُريد كشف الحقائق وفضحها للعلن ، دماغها عاجزة عن أتخاذ القرار الصئاب ، أصبحت في حيرةً من أمرها تستدرجه للبوح بالحقيقة ام تُخبر الشرطة أم تُراقبه وتقرا أفكاره ولا تسير الشكوك اتجاهها فهي مكبلة الأيدي ولم تعرف ماذا عليها أن تفعل ؟ ولكن كل ما يراود عقلها الان هو التحلي بالشجاعة وأن تقف أمامه صامدة لكي لا ينفضح أمرها ريثما تُرتب هي أفكارها وتتوجهًا للحلول الصائبة..

شهقت بصدمة عندما استمعت لصوت المزلاج يُفتح ويدلف من الباب "سادم" ولكنه نظر لها ل
نظرات خاوية ورأت الشحوب على صفيحة وجههُ منما جعل خوفها الداخلي يتبدل في لحظة وهي تقترب منه بتسأل:
- هل أنت بخير ؟
للعجب أنه هز رأسه نافيًا وألقى ميدالية المفاتيح أعلى منضدة الطعام وتركها وأكمل سيره أتجاه غُرفته ، لحقت به ولن تتردد في مساعدته عندما استغل هو وجودها ونزع السترة وحاول فك أزرار القميص
-دعني أُساعدك

قال مندهشًا:
- حقًا تُريدي مُساعدتي رغم ما فعلته بكِ في صباح اليوم
اقتربت منه بخطوات حذرة وقالت بجدية:
- لا تخلط الأمور ، أنت مريض الآن وبحاجة للمُساعدة
ابعد أناملها التي رفعتهما لتساعده في نزع قميصه ودفعهم بعيدًا عنها بقوة لترنح جسدها وتفقد اتزانها ترطم مؤخرة رأسها بالفراش خلفها منما جعلها تتأوة بصرخة عالية ثم هبط جسدها أرضًا تحت نظراته الصادمة ، اقترب منها بلهفة يصرخ باسمها :
- لم أقصد "سيرو" أُقسم لكِ لم أكن قاصدًا أذاءك
تطلعت له بنظرات واهنة أثر الارتطام ولكن لم تفقد وعيها وجدت قلقه المنبعث من بحور عينيه الهادئة فهي أصبحت على دراية تامة عندما يكون غاضبًا عيناة تتبدل كموج البحر الذي يتبدل مثلما تتبدل العواصف والرياح.

تلاقت اعينهما في صمت تام قرأت داخل بحوره الخوف والقلق من خسارتها كما أن مقلتيه تلمع وتتلألأ الدموع داخلهما وصوت عقله الباطن يصرخ بأن لا تبتعد عنه فيكفي ما عاناه من فقد ولكن فاجأها بحملها ووضعها بفراشها ثم رفع خُصلاتها البنية بقلق يتحسس موضع الإصابة يخشي أن تكون قد تعرضت لنزيف أثر التصادم، تنفس الصعداء عندما لم يجد سوا كدمة نهض يجلب حقيبة الاسعافات الأولية التي يحتفظ بها داخل غرفته وعاد إليها ثانيًا وهو يضع مكان الكدمة "مرهم مضاد للالتهاب والتورم" ثم حاوطها بشاش طبي لكي تختفي تلك الكدمة
كل ذلك حدث في بضع ثواني جعل وجهه الشاحب يتبدل من تعب لخوف وقلق عليها هي، وبدلا من أن تعلم ما به ، أشفقت على تبدل حالته بهذا الشكل
نظر لها بأسف وهتف مُعتذرًا, فتلك هي المرةً الأولى التي يعتذر بها لأحد ومنمن من تلك الفتاة الشرقية الحسناء الفاتنة كما يُلقبها.

- أعتذر " سيرو" أرجو أن تقبلي أعتذاري
نظرت له بتخبط مازال غامضًا لم تقدر على فهمه والتوغل داخل أعماق أفكاره لتعلم ما سر الغموض وتقدر على مواجهته بالحقيقة التي يخفيها عن الجميع، تود أن تُصارحه هي أيضًا وتخبره بما اكتشفته داخل الغُرفة المُغلقة.
هل هذه أولى شرارات الحُب ام أنها مشاعر مُختلطة بين الخوف والقلق والسعادة والجنون والوقوع في الحُب..

"ليت المشاعر تُرى ليعرف كل ذي حق حقهُ"

كانت ساكنة مُتخبطة في حضرته ودنا هو منها يقترب بشفتيه يُقبل خاصتها بقُبلة رقيقة دغدغت بمشاعرهما ، ابتعد عنها وحدق داخل مقلتيها العسليتين ثم رفع أنامله يزيح الخُصلة المتمردة التي انسدلت على صفيحة وجهها واعادها خلف أذنها ،ثم عاد يردد كلمته مُعتذرًا
-أعتذر على كل فعل أهوج صدر منِ، لكن لم أعتذر عن تقبيلك فهذا شعور لذيذ جمح بداخلي ، وأرجو أن تتفهمي ذلك، ثم نهض عن جلسته وقرر الهرب من محاصرة حدقتيها التي يذوب بهما وغادر الغرفة بتشتت
منما ازداد تخبطها وحيرتها في أمره..
**
تركت الغرفة هي الأخرى وبحثت عنه لتجده ممدد بجسده أعلى الأريكة أمام المدفئة ويضع ساعده أعلى جبينه ولكنه شارد الذهن ، اقتربت منه بخطوات ثابتة ثم جلست بالمقعد المجاور له، عندما لمح طيفها نهض من نومته تلك ونظر لها قائلا وهو يعطيها بطاقة الزفاف الخاصة بـ "جاك" ومحبوبته "ريتا"
-زفاف جاك غدًا ويُريد حضورك لمُشاركته طقوس الزفاف
التقطت منه البطاقة وهزت راسها بالايجاب:
- بالطبع سوف أذهب معك
لم يصدر منه سواء إيماءة بسيطة
أبتعلت ريقها بتوتر وقررت الحديث معه بأمر "جونجان" ومعرفته للحقيقة الكاملة ، أرادت كسب ثقته أولاً
ليبوح لها هو الآخر بما يكنه داخله
شعر هو بأنها تريد قول شيء ولكنها مُترددة فهو يعلم جيدًا لُغة الجسد
تطلع لها ثم قال بهدوء:
- تحدثي "سيرو" أنا مُستمع جيد، هيا أخبريني لا داعٍ لهذا التردد
رفعت حدقتيها تلتقي بحدقيته وقالت بوضوح:
- المشعوذة "جونجان" هي التي أرسلتني إليك
عندما أستمع لهذا الاسم تقلصت قرائصة وأشتعلت مقلتيه بوهج مُشتعل
ثمَّ جذبها من ساعديها وأنهضها معه وهو يهزهًا بشدة وهتف صارخًا بغلظةً
- متى قابلتي تلك الساحرة الملعونة؟ هيا أخبرني كيف تعرفين عنها لا تصمتي هكذا
قالت بتوجس وهي تحاول أمتصاص غضبه الجامح:
- عندما وقعت الطائرة بالقرب من غابتها، هي من خلصتنا من براثن الذئاب وذهبنًا معهًا إلى الكوخ

استردت أنفاسها ثم أستطردت قائلا:
-بعد مرور يومين أختفت صديقتي" ماري" وإلى الآن لم نعلم عنها شيئًا، وذات ليلة أتت جونجان تتحدث معي وساومتني برجوع ماري وأنها تحت رحمتها وأنا وافقتها من أجل عودة ماري ولا أعلم ما الذي بينكما ؟ وقل ما أخبرتني به أن تعود معي إلى حيث الغابة وتلتقي بها من أجل معرفة قاتل ابنتها
ترك يدها بعدما أيقن بأنها الحقيقة ولن تُخفى عنه شيئًا، فقد جاهدت في إخفاء الجزء المُتعلق بشأنه ونجحت في ذلك الأمر.

عاد يجلس مكانها وقال بحنق:
- أكره تلك السيدة ولا أُريد لقاءها
جلست بقربه وأخبرته:
- الخُفاش الخاص بها هو الذي أصطحبني اليك عند المشفى ويعلم أيضًا منزلك لأنه أتًا قبل يوم ولذلك أضطررت للقدوم لغرفتك عندما أستمعت لصوت ارتطام وجدته الخُفاش واعطاني حينها قنينة صغيرة وورقة مطوية سردت بها كلمات بسيطة ، أن أضع لك محتوياتها داخل مشروبك ولكن ترددت ولم أفعلها
نظر لها خلسةٍ وقال :
- لما ...؟
- خشيت أن يكون داخلها سُم
قهقه ضاحكًا ثم قال بحبور:
- لا لن تفعلها هي لازالت بحاجتي،تُريد طبيب العاصمة لكي يُخبرها بحقيقة مقتل ابنتها، سأعلمها الحقيقة كاملة عندما أُريد ذلك
-أنت على علم مُسبق بهذه السيدة ؟
رد بجمود عكس ما داخله من براكين مُشتعلة:
-أجل أعلم عنها كُل شيء ولكن هي ستظل هكذا تتقلب على جمرات من نيران مُشتعلة ولن تكف عن شرها وأذاها للجميع
ثم أردف قائلا بوعيد:
- سأُخلص البشرية من شرها وها أقترب موعدها
استشعرت غضبه ونقمه على جونجان فقالت بتسأل:
- ماذا فعلت لك؟ هل أذتك أنت أيضًا ؟
خار تمسكه وضعفت قوته وتحدث مثل الطفل الصغير وهو يرا الماضٍ أمام عينيه يُعرض گ فيلم سنمائي داخل شاشة العرض:
- دمرت براءتي وهدمت طفولتي، أبعدتني عن شقيقتي بكل قسوة وتجبُر، الشيطان يتعلم منها كيف يُخطط ليوقع ضحيته، هي نجحت في صناعة مُجرم مُحترف
كركر ضاحكًا ونهض ولم يُكمل حديثه جلب قنينة الخمر وكأس وبدء يرتشف منها بنهم وهي تتابعه بشفقه، ولكن هو سرد اولى سطور في حكايته فقط عليها مُسايرته بالحديث ليكمل ما حدث معه منذ طفولته.
اقترب منه وجلست بالمقعد المقابل له وقالت بتشجيع:
- هيا أخبرني ماذا حدث لك بسبب المشعوذة
نظر لها وارتشف ما تبقى من كأس الكحول وتبدلت نظراته لحزن عميق وهمس بصوت شجي وهو يضرب صدره بقوة :
- جعلتني أقتل شقيقتي، هل من فعلت بي ذلك، لا اعلم كيف طاوعتني يدي بأن أقتل قطعة من روحي، كيف سولت لي نفسي بفعل هذا كيف

هطلت دموعه كالشلال الذي لا يتوقف ويضرب بكفه الأيسر على المنضدة بكل قوته لكي يؤلم نفسه:
- كيف حدث ذلك بيدي تلك قضيت على كل شيء بداخلي، جونجان زوجة أبي القاسي الذي ترك والدتي تموت بدم بارد وهو من جلب على حياتنا جونجان، ذوقت على يديها كل انواع التعذيب من ضرب وسب وأهانة ومعاقبتي بالجوع والعطش والنوم بشرفة الغرفة في طقس شديد البرودة، وكلما اقتربت من ابنتها الصغيرة تيا التي كانت بلسمًا لجروحي تنهال عليََّ بالسوط
نزع قميصه والقاه أرضا واعطاها ظهره :
- هيا انظري لأثر التعذيب لازال يترك أثره على جسدي
رفعت انظارها لتشهق لصدمة عندما وجدت خطوط السوط ولسعات نيران تركت أثرها
اقترب منها وأخذ كفها عنوة وهو يصرخ بها بأن تلامس ظهره وتشعر بما شعر به

-هيا تحسسي كل ما فعلته بي ولكن الالم الحقيقي الذي أشعر به هو داخل قلبي منذ أن رحلت عني فراشتي الصغيرة وفقدت حينها كل الامان لقد تعمدت ابعادي بقوة عن حصني الدافئ من لسعات البرد وقسوة الحياة
جونجان نجحت في ابعادي عن صغيرتي أماني الوحيد ولذلك نمى داخلي الكره واتجهاها واردت الانتقام منها ولم أجد لها نقطة ضعف سوا صغيرتي "تيا" غلبني مرارة الثأر وقهر الظلم وحب الإنتقام ولم أجد نفسي إلا وأنا أُخطط لقتلها وأسعى بشتى الطرق لتخلص منها، وحدث كل ما خططت له قبل عام، جعلت مني مُجرم وقاتل مُحترف ومن يومها سأمت الحياة وأصبحت اتغذى واتلذذ على الدم والعنف والقسوة

ظل يضحك باعلى طبقات صوته إلى أن خارت قواه وفقد وعيه اثر الكحول ..
وهي عاجزة أمامه تنظر دون فعل شيء، ليس بوسعها فعل شيء من أجله ، تشعر بالاشفاق عليه ولكن هو مازال مُجرمًا قاتلا لابد وأن يُسلم للعدالة
وهي بحاجة لإكمال قصته مازالت بها حلقات مفقودة، تُريد حل القيود والخيوط المُتشابكة لحل الالغاز .
زفرت بضيق وقالت:
- لماذا لم تخبرني اولا بالحقيقة ثم تذهب في نومك لا أُمانع وقتئذ.
"الظلم والانتقام هم وجهان لعملة واحدة ولا يكمن الانتقام إلا بالشر الواقع عليك"
تعرض سادم لظلم بين وتعامل بكل قسوة وتعذيب معاملة غير آدمية جعلت منه قاتل مُتسلسل، هارب من العدالة والقانون، أبعد ما يكون عن دائرة الشك..

**
لم يفق من نومته الغير مُريحة إلا في صباح اليوم التالي، فتح عيناه بوهن ليجد نفسه مُمدد أرضًا ببهو الشقة ولكن يوجد على جسده غطاء رفع الغطاء بوهن فقد كان الصداع يهاجم رأسه وعندما هم بالنهوض وجدها نائمة هي الأخرى بجواره أرضًا
لم يُصدق بأنها شاركته النوم أرضًا فهو يتذكر جيدًا أنه فقد اتزانه بسبب الكحول
ايُعقل أن تكون أرادت أن تشاركه لو فعل بسيط وتكون بجواره، هل أشفقت عليه إلى هذا الحد ؟
وظل يطالعها وهي نائمة كالملاك البريء ولكن خصلاتها تحجب عنه صفيحة وجهها ،خلل أنامله بين خصلاتها واعاد ترتيبها للخلف وحدجها بنظراته المولعة بها لا يعلم متى أتاه ذلك الشعور وهو يتطلع لفتاة

فتحت عيناه تناظره وتلاقت اعينهم في صمت دام دقائق
مال عليها بوله التقط شفتيها في قُبلة شغوفة وهي بادلته تلك القبلة بشوق جارف كأنها تودعه لأنها تخشى القادم ، لم يبتعد عنها إلا عندما شعر بدموعها تنهمر على وجنتيها ابتعد عنها بذعر كأنه أُصيب بماسٍ كهربائي
ونهض مُسرعًا يدلف إلى المرحاض واغلق الباب خلفه بقوة ثم وضع جسده أسفل رشاش المياه ولم يشعر ببرودها فالنيران التي تحرقه من الداخل جعلت منه لا يشعر بأي ألم قط
اغلق الصنبور ثم أحاط جسده السفلي بالمنشفه وغادر المرحاض ذاهبا إلى غرفته ثم ألقى عليها نظرة خاطفة وقال بصوت جاد:
- هيا أستعدي من أجل حضور الاكليل
هتفت بتسأل:
- أليس من المفترض أن يُقام الزفاف ليلًا
هز رأسه نافيًا وقال بإيجاز:
- هُنا مراسم الاكليل تبدأ بالكنيسة وبعد ذلك نحتفل بالزفاف كيفما نشاء
أومت له بالايجاب ونهضت هي الأخرى لتستعد وتنتقي ثوب يليق بها ..
دلفت المرحاض اولا تنعش جسدها بالماء ثم توجهت لغرفتها تنتقي من الثياب التي أحضرها "سادم"سابقًا لتنتقي ما يليق بهذه المُناسبة للذهاب للعُرس ..
وقع اختيارها على ثوب قُرموزي اللون جذاب ورقيق، مصممة على هيئة حورية البحر

يتميز بتصميم فريد يظهر ثنايا الجسم ويبرز محاسنه بروعة، ارتداته ليلتحم بجسدها ذا القوام الممشوق ويتحد معه منما منحها إطلالة براقة ومُميزة.
غادرت الغرفة وهي تتهادى في مشيتها لتجده أمامها كاد أن يصطدم بها ، طالعها بنظرات إعجاب وعيناه تجوب من رأسها إلى أخمص قدميها ونبضات قلبها تقرع كالطبول يكاد قلبه يخرج من محجره
اعتراهُ ذهول شديد ثم حدث نفسه قائلا:
- يا لهذا الجمال الخلاب، حقًا حورية البحر وراقتني حد الجنون

توردت وجنتيها بحمرة الخجل عندما لاحظت نظراته المصحوبة بشغف وأشتياق كأنه يريد التهامها كقطعة حلوى
عندما زاد الصمت بينهما مد كفه لها وهو يبدُ أعجابه بثوبها الأنيق:
- رائعة وشهية في ذلك الثوب الخلاب
أنهى كلماته بقضم شفتيه السفليه فى وله
ولكنها لم تُعقب عليه ووضعت كفها بين راحته بهدوء ثم ساروا مغادرين المنزل ومن ثم هابطين الدرج وعندما وصلا لسيارته فتح لها بابها لتستقل بمقعدها ودار هو بدوره حول السيارة ثم استقل مكانه خلف عجلة القيادة وانطلق إلى حيث يُقام أكليل الزفاف.

بعد عدة دقائق صفا سادم سيارته بالقرب من الكنيسة التي يُقام بها الاكليل
وسحب "سيرين" من يدها ودلف بها داخل الكنيسة واستقلوا باماكنهم وبعد لحظات تعلقت أنظارهم بقدوم العروسين تبدأ مراسم الزواج
عند دخول العريس والعروس إلى الكنيسة يقفون أمام القس

امسك "جاك"بخاتم الزواج ألبس" ريتا" خاتمًا من الذهب في بنصر يدها اليسرى، ويقال إنه الإصبع الأقرب للقلب-وهي فعلت مثله وضعت خاتمًا من فضة في نفس الأصبع.
.ويقال القس في لحظة تلبيس الخواتم صلاة خاصة

بعد وضع الخواتم في الأيدي، تبدأ صلاة الإكليل، والإكليل هو التاج والتوقير والاحترام.
ثم اعلن القس عن زواجهم والمباركة لهم
ليقف جاك في مقابلة ريتا ثم رفع عن وجهها طرحة الزفاف البيضاء ليلتقط راسها بين كفية ويقترب من شفتيها يقبلها قبلة عميقة شغوفة يبث بها كل مشاعر الحب والاشتياق

وتم اعلانهما زوج وزوجة منذ تلك اللحظة وتنهال عليهم العائلة بالقاء الورود على أجسادهم تعبيرًا عن محبتهم لاتمام الزواج المُقدس والرباط الابدي بينهما...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي