الفصل الثلاثون روح تشارلي

الفصل الثلاثون " روح تشارلي"

تتضمن اللعبة وضع قلمي رُصاص على قطعة من الورق الفارغ على شكل صليب مع كتابة الكلمتين “نعم” و “لا” على جانبي الأقلام الرصاص، يتم لعبها لاستحضار روح ( تشارلي) كما يزعمون بعد التحدي بين الأصدقاء.

وهذا ما فعله "سادم" مع رفيقه"عزيز" واثنان من أصدقائهم جميعهم جالسون خلف كاميرا الحاسوب ويفعلون ذلك التحدي القائم بينهم.
وكل ذلك يحدث في غياب الأهل فليس عليهم رقيب، فقط فضولهم من دفعهم لذلك .
بدأ"سادم" ببدء اللعبة تشارلي.. تشارلي.. هل أنت هنا؟

- مرحبا تشارلي
-تشارلي .. تشارلي .. تشارلي .. تشارلي.
-تشارلي .. تشارلي .. هل يمكننا اللعب؟

تحرك القلم اتجاه كلمة نعم وبدأت اللعبة بالفعل في تلك اللحظة وبدأ كل منهما يطرح عليه سوالًا
وجالت روحه بالمكان منما جعل الاصدقاء في حالة من الحماس وأستمرت اللعبة والتحدي يزداد بينهم إلى أن فجأة شعر "سادم" بأنه يرا ظلًا بغرفته فقرر ترك اللعبة واتاه هواجس مُخيفة، فطلب " سادم" من روح " تشارلي"

أن يُغادر اللعبة ولكن أجابه بالرفض، لم يكترث سادم برفضة وبالفعل اغلق الحاسوب بغضب وأمسك بالورقة مزقها ولم يكترث أيضًا لصراح " عزيز" بأنه يعتذر من " تشارلي" ولن يترك اللعبة إلا عندما يأذن له ولكن لن يأتي بالرد .

بدأت أضاءة الغرفة تهتز رويدًا رويدًا إلى أن أختفت تمامًا وأصبح "سادم" واقفًا في وسط الظلام الدامس وعيناه تبرق في الفراغ حيث وجد خيالًا لطفلًا صغير يتحرك أمامه، اهتز جسده وارتجفت اوصاله ثم خارت قدماه وسقط أرضًا دون حراك وأسبلت عيناه.

دلفت "ريم" غرفة ابنها عندما حل الظلام تُريد التحدث معه وجدته نائم بفراشه ، اقتربت منه بغرابه وهي تُحدث نفسها:
- نام مُبكرًا على غير عادتك يا سادم، وكزته من كتفه برفق
فتح عيناه باتساع وانتفض من فراشه مفزوعًا يتلفت حوله بذعر

هتفت والدته بدهشة:
- ماذا حدث لك يا بني أهدا ؟
تنفس الصعداء وقال بصوت مرتجف:
- أمي من دثرني بالفراش؟
وضعت كفها تلامس جبينه وهي تهتف بقلق:
- ماذا أصابك يا بني هل أنت مُتعب؟
هز رأسه نافيًا ولم يُجيبها ثم نظر لها وقال برجاء:
- ظلي جواري الليلة أمي

جلست بجواره على الفراش وقالت بأسى:
- ماذا أصابك أنت الآخر ؟ شقيقتك لم تُجيب على هاتفها وأنت لا أعلم سبب تغير حالك
جذبه لاحضانه وهو يتشبث بوجودها كالطفل وردد بصوت متوترًا:
- أرجوكِ أمي لا تتركني تلك الليلة

ضمته بحنان وظلت تمسد على خصلاته برفق وهي تتنهد بعمق لا تعلم بما يحدث لهما

غفى "سادم" وبعد لحظات هب من النوم مذعورًا وهو يرتعد من الخوف ويضطرب من الفزع والرعب
فقد كان يستمع لصوتًا مرعبًا داخل كوابيسه فاضطرب أرتجف جسده من شدة الخوف وتجمدت قوائمي فلم يستطع الهرب أو الصياح عما يراه في منامه.
عادت "ريم" تضمه برفق وهي تمسح على وجهه بهدوء وتقول بحنو:
- لن ابتعد عنك حبيبي، يبدو أنه مُجرد حُلم، هيا نم ولا تقلق سأظل جوارك.

**
أما عن صديقه الآخر "عزيز"
بعدما سمح له "تشارلي" بترك اللعبة مزق الورقة وداخله خوفًا وقلق لم يشعر به من قبل ، ترك غرفته وقرر أن يذهب لغرفة جده فهو القريب منه بهذا المنزل ولن يخفي عليه شيئًا ولكن عندما ولج لغرفة جده لم يجده.

شعر بالضيق وعاد ثانيًا إلى غرفته، حاول الاتصال بـ سادم ولكن جاء هاتفه غير مُتاح ألقى هاتفه بغضب وتقوقع على نفسه داخل فراشه وداخله خوف ورعب بسبب تلك اللعبة التي أقدموا عليها هو واصدقائه..

بينما عاد " الجد عزيز" برفقة "تميم" الغاضب بسبب تفتله بالشوارع بحثًا عن الفتاة ولم يجدها وجده رافض العودة إلى المنزل إلا بوجود الفتاة، منما جعله ينفعل على جده ويعود به قسرًا رغما عنه.
وصعد الجد غرفته بحزن شديد ورفض التحدث مع ابنته وسار ببطء إلى حيث غرفته لا يُريد شيئًا من أحد


استوقفته "جميلة" قائلة:
- لما جدك غاضبًا بهذا الشكل ؟
هتف بضجر:
- لم نجد الفتاة ولا شأن لي بذلك، سأذهب إلى غرفتي، أُبدل ملابسي لأن خارج مع رفاقي
لم يعطي والدته فرصة للرد فركض من أمامها مُسرعًا إلى غرفته، توجهًا للمرحاض أولا يُنعش جسده أسفل رشاش المياه ثم حاوط جسده بالمنشفة وغادر المرحاض وقف أمام خزينة الملابس ينتقي ثيابه بعناية لكي يذهب لسهرة الليلة ويلتقي ببعض اصدقائه داخل الملهى الليلي..

**
شعرت جميلة بالضيق بسبب المتاعب التي تنهال على رأسها، فلم تعد قادرة على التحكم بصغارها فكل منهما أصبح شابًا ولم يعد يكترث لحديثها، كما حزنها على وضع والدها الذي يتفاقم كل يوم وتزداد حالته سوءً

أتاها إتصالا هاتفيًا أخرجها من شرودها، أجابته مُتلهفة عندما رأت الشاشة تنير بأسم " كارم"
- أشتقت إليك يا حبيبي
جاءها رده بتوتر:
- وأنا أيضًا أشقت إليك يا جميلة
ثم استرسل حديثه بتردد :
- حدث شيء وأريد أن أخبرك به
قاطعته بقلق وتوجس:
- ماذا حدث ؟

زفر بضيق ثم قال:
- "سيران" لم نجدها بغرفتها منذ الأمس
شهقت بصدمة وهتفت بقلق:
- ماذا تقول ؟ كيف لم تجدها اين ذهبت الفتاة؟
- لا أعلم والدتي كل ما حدث لم نجدها بغرفتها ولا أحد يعلم أين ذهبت ولما تركت الفندق ؟
- اياك أن تكون اغضبتها
- أقسم لكِ لن افعلها ولكنها مُختفية ونبحث عنها منذ الصباح وإلى الآن لا يوجد شيئًا جديدًا

قالت بحزن:
- لا أعلم كيف سأخبر "ريم" بذلك
هتف هو الآخر مودعًا إياها :
- حسنًا ساعلمكِ بكل ما هو جديد، إلى اللقاء الان
اغلق الهاتف مع والدته عندما وجد "ميلا" تقترب منه بتسأل:
- مازالت سيران مُتغيبة ؟
هز رأسه بالايجاب

استرسلت قائلة تتصنع الحزن:
- أشعر بتأنيب الضمير بما حدث بيننا أمس، واظن بأنها رأتنًا لذلك تركت الفُندق
انتابه التوتر وهز رأسه نافيًا:
- لم أعتقد بأنها رأتنًا، إذا حدث ذلك "سيران" ستواجه لا تهرب، أخشى أن تكون أصابها مكروه
قالت بمكر:
- كابتن "زياد" حزينًا جدًا لغيابها، فلم تكن بطلة عالم وحسب بلا كان يكن لها مشاعر خاصة

ضيق حاجبيه ونظر لها بتسأل:
- ماذا تقصدين بمشاعر خاصة؟
لاحت أبتسامة جانبية أعلى ثغرها وقالت:
- مشاعر حُب مثلما حدث معنًا
- ولكن "سيران" لم يسكن قلبها غيري
-حقًا ... وأنت

تركها بضيق وقال:
- يجب أن أبحث عن خطيبتي
فلديه شعور بالذنب بسبب ما فعله وما فكر به والخلاص من خطبتها والآن يشعر بتأنيب الضمير ولن يُسامح نفسه إذا حدث لها مكروه، وقرر أن يبحث عنها بالمشفيات القريبة من الفندق ..

**
تركت الخيمة وسارت حافية القدمين تتخلل قدميها الرمال المُبتلة وظلت تتطلع لامواج البحر الثائرة
وقف "لاواي" خلفها سعيدًا بما قصته عليه واصبح يعلم عنها كل شيء، أخرج نفسًا عميقًا ثم قال:
- لا تجعلي حُزنك منما حدث لكِ بأن تتخلي عن حلم البطولة، أنتِ تستحقي أن تكملي في طريقك ثم أستطرد حديثه قائلا:

- وهذا الشاب لا يستحق قلبكِ ولا مشاعركِ الرقيقة، أعلم أنكِ تعرضتي لخذلان منما ظننتيه شخصًا لائق
قاطعته بحزن قائلة:
- أحببته يا "لاواي" قلبي نبض بعشقه، ليس هينًا أن أقابل حُبِ بخيانة وجرح مشاعر ، لقد أصابني بسهام الغدر والخيانة والكبرياء، دعس كل شيء أسفل قدميه ولا يبالي بمشاعر من فَطر، أنا حزينة على قلبي وعلى وقع أختياري من شخص لا يستحق لقد وقع أختياري غير صائب في الإنسان الذي دق قلبي له


- ستجدين من يستحقكِ لأنكِ حقًا فتاة رائغة ولا تجعلي ما حدث يُضعفكِ، لا دعي حافذ لكِ لإكمال طريقك ولن تظلي هكذا، متى المُبارةً
-بعد يومان ..
- ستخوضينها وستنالي اللقب ثقي بي ولا تجعلي ثقتك بنفسك ونجاحك تهتز


تبسمت له على تشجيعه وقالت :
- أشكرك " لاواي" ثم اردفت قائلة:
- هيا أخبرني عن حياتك
شعر بالتوتر ولا يعلم بماذا يخبرها لابد واخفاء حقيقته عنها وإلا سيخسرها وهو لن يتحمل جرحها ولا خسارتها بعدما وجدها..

هتف بكذب :
- أنا شابًا عاديًا، لدي بعض المشاكل مع عائلتي لذلك اختلي بنفسي هُنا، هذا مكان عُزلتي ودائما ألجا له، الحياة مليئة بالمتاعب والصعاب وعلينا تخطيها لكي أكمل في طريق حياتي، نتعثر ونتخبط ونعود كما كُنا سابقًا، هذا طبع الحياة.
هزت رأسها مؤكدة على حديثه وهو لم يُخبرها إلا ببعض الإشارات المبهمة عن حياته .

**
لم ينم "عزيز" وظل يواجه الخيالات وهو مُستيقظًا وترك غرفته اللعينة التي شعر بروح" تشارلي" تحيط بها وذهب إلى غرفة جده.
طرق الباب وولج مُسرعًا لداخل، ليجد جده مازال مُستيقظًا هو الآخر تطالع له وشعر بفزع الصغير فنظر له بقلق وقال:
- لماذا ترتجف يا صغيري؟

ارتمى عزيز بجوار جده على الفراش ودنا منه قائلا بصوت مضطرب خافت:
- ساقص عليك ما حدث معنًا يا جدي ولكن هذا سر بيننًا
هز رأسه بالايجاب وقال:
- أعدكِ بهذا يا صغيري
همس بأذن جده وقص عليه ما حدث قبل ساعات وما فعله هو واصدقائه عندما تم أستدعاء روح " تشارلي" ليتم التحدي بينهما في مواجهة تلك اللعبة الخطيرة التي من الممكن أن تؤدي إلى الموت...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي