الفصل الثامن عشر الثأر

الفصل الثامن عشر الثأر
إن الذات السلبية في الإنسان هي التي تغضب وتأخذ بالثأر وتعاقب بينما الطبيعة الحقيقية للإنسان هي النقاء وسماحة النفس والصفاء والتسامح مع الآخرين
"إبراهيم الفقي"

بعد انتهاء مراسم الزفاف عاد سادم برفقة سيرين إلى المنزل وعندما همت بأن تذهب لغرفتها استوقفها جذبها من رسغها مانعًا إياها من المغادرة.
تطلعت له بنظرات مُندهشة، تقلصت المسافات بينهما ودنا منها يهمس بجانب أذنها كعاشق يتمنى قرب معشوقته، لا يريد الفصل بينهما يريد أن تلتحم أجسادهم معًا، يود ان يتنفس عشقها
لم تكف عيناه عن التجول على صفيحة وجهها وهمس بالقرب من شفتيها قائلا بدفئ مشاعر :
-أريد ان نتحدث

جف حلقها في توتر ملحوظ أثر قُربه المُهلك لحواسها، فعندما يطالعها بتلك النظرات التي تُدغدغ أوصلها وتُذيب مشاعرها گ ذوبان الجليد
سارت خلفه وهو يجذبها بتملك كأنه خاصته من مُمتلكاتهُ الخاصة:
جلس أعلى الاريكة ولم يتركها رسغها لتجلس هي الأخرى جواره، ثُمَّ طالعها بنظرات شاملة وقال هامسًا:
-أُريد أن افتح لكِ قلبي وأبوح عن كل ما بداخله، أجد نفسي وحيدًا وأشعر دائما بالتخبط، أُريد أن أتحرر من أخطائي، لا أعلم كيف إنجذبت إليكِ ولكنه حدث وانتهي الأمر.

سحب شهيقًا قويًا ثُمَّ زفره ببطء وقال بصوت مُنكسرًا حزينًا لأول مرة يشعر بمشاعر الإنكسار والعجز وكأنه مُقيد الأيدي، أستشعرت هي نبرة صوته وربتت على كفه تُريد أن يبوح بكل شيء ولا يخفى عنها شيء
-ساظل جانبك لم تَعُد وحيدًا بعد الآن
صادقة هي في مشاعره رغم علمها بالنهاية المحتومة أما أجلا أو عاجلا سيتفرقًا

جذبها من يدها وسار بها إلى حيث الغُرفة الملعونة الشاهدة على مقتل ضحاياه، فتح الباب على مصرعيه وصرخ بمنصف الغرفة وهو يزيح الستار الأسود الفاصل بين جانبيغر الفة :
- أنظري تلك الغُرفة شاهدة على قسوتي وظُلمي، على سفك دماء الفتيات، شاهدة على جمود قلبي وتحجره على تجردي من أنسانيتي وتحويلي للا شيء


انهمرت دموعه ولن تتفاجئ منما تراه داخل الغرفة فهي اخذت الصدمة من قبل، جلست جواره تريد منه أن يكفُ عن البكاء ويسترسل حديثه ويحكي لها كيف فعل تلك الجرائم

أزدادت شهقاته وتقوقع على نفسه كالطفل الصغير الذي يخاف عقاب والديه وينكمش على نفسه داخل فراشه يهرب من بطشهم
وضعت راسها على ارجلها ثم رفعت اناملها تتخلل داخل خصلات شعره الشقراء وقالت بصوت حاني ذكره بصوت والدته التي يفتقدها في كل مراحل حياته:
-أخبرني يا صغيري ماذا أغضبك؟

همس بصوت غاضب منفعل يقص عليها بعدما قتل شقيقه اتاه أحساس بالغضب على تلك الفتيات الصغيرات ولكنهم فتيات يعيشون حياة مُرفهة، تاركين منازلهم ويعيشون بمنزل أخر مع شابًا غريبًا عنها ولا تربطه بها سوا الفراش فقط، مُتعة وشهوة هي التي تجمعهم لم يكن الأول ولم يقترب منهن، كل ما فعله يتعرف عليهن داخل الملهى الليلي ويُقدم عرضه باعطاءها مبلغًا من المال وتشاركه ليلة خاصة وهن يقبلون بذلك العرض، ولكن يخبرهم بأنه سادي لديه مُتطلبات قبل العلاقة الحمـ يمية ولن تعترض على شيء ينهال عليهن بالسياط ويتلذذ بسماع صرخاتهن وتوسلاتهن فهن ليسُ أفضل منما كانت تتعرض إليه والدته من أزلال وتعذيب يوميًا على يد والده، ينتقم لوالدته من جميع الفتيات الطائشات اللاتين يبيعون أنفسهن مقابل المال.

ثُمَّ يخرج خنجره الذي قُتل به شقيقه ويثار لها من هاتون الفتيات ويضع سك على ظهور ضحاياه وهي الزهرة النقية التي لا تشبه إلا فراشته الصغيرة هي كانت بمثابة ابنته وشقيقته وصديقته وكل ما يمتلكه من الدُنيا ويثار من نفسه بما ارتكبه من جُرم في حقها لعله ينتهي به الامر بالتعفن في السجن الذي يستحقه او يُحكم عليه بالموت وهذه كانت أهم أُمنياته وكان يخرج قلبهن الذي تحجر على عائلتهن وتركن بيوتهن وعلى القلب الذي فضل الشهوة والمُتعة والمال عن مشاعرهم اتجاه العلاقة التي كان يوهمون الطرف الآخر انهن عاشقات وفي حقيقة هن سلعة للذي ينال أعجابهم فقط.

صرخ منفعلا:
- جونجان من فعلت بي هكذا، هؤلاء القلوب جميهن يستحقون القتل ولكن صغيرتي "تيا" لا تستحق، جونجان هي من فعلت بنا ذلك، آه
صرخ بأعلى طبقات صوته بحُرقة تُمزق نياط القلب
تشبث بكتف سيرين وقال بتوسل:
- أرجوكِ سيرين لا تتخلين عني، وأذا كان مصيري الموت أتمنى أن أموت بيدكِ أنت حققي ليه أُمنيتي يا أنقى وأجمل فتاة رأتها عيني

هزت راسها بالايجاب وهي تطلع له بعيون تملئهم الدموع والحزن على كل ما مر به في حياته
وظلت تهدهد على ظهره كطفل صغير نائم بحجر أمه إلى أن غط بنوم مُتعب فقد ظل جسده يرتجف من حين لآخر وتحاول هي أن تمسد عليه بلمساتها الحانية ليجعله يستكين أسفل أطرافها
طبعت قُبلة رقيقة أعلى وجنته وظلت كما هي إلى أن غفلت هي الأخرى واستكان جسدهما وهي تحتضن جسده..

**
داخل الغابة

تركت ماري الكوخ وسارت داخل الغابة فلم تعد لديها خوفًا من الذئاب بعدما أصبحت مثلهما ولكن هي تتحول في الثلاث ليالي القمرية فقط ثم تعود ثانيًا لطبيعتها.

تحاول أن تجد حلا للخلاص من الساحرة ولعنتها، اما عن ماكسر فهو يقف وسط القطيع ويتحدث معهم باللغة التي يفهمونها ويتفق على أن يتوحدو في القضاء على جونجان التحرير من لعنتها والمستذئبين جميعهم ينصتون اليه باهتمام واعينهم في ترقب وحذر يخشون مداهمتها لهم الآن.

قادتها ساقيها إلى حيث الكوخ وولجت لداخله بكل ترقب وحذر فهي وحدها القادرة على تحرير اللعنة، الذئاب غير قادرين على فعل شيء ويجب عليها استخدام ذكائها.

تطلعت "ماري"حولها بريبة تتفقد وجود " جونجان" تفاجئت بها ممددة على فراشها تغط في نوم عميق، تبسمت بسعادة فهي فرصة لا تعوض وعليها اغتنامها.
بحثت في أغراضها عن تلك النبة السامة التي تقتل الذئاب وأخذت حذرها بأنها لا تلامس النبة تلك من أجل سلامتها هي الأخرى.

أشتمت رائحتها المنبعثة من داخل الكوخ وسارت خلف حاسة الشم إلى أن وجدت صندوق نحاسي فتحته دون تردد لتجد ثياب "جونجان" داخله قررت حمل الصندوق بأكمله خارج الكوخ لكي تضرم النيران بملابسها وتحترق بأكملها وتحترق النبة السامة أيضًا، لم تعاني من حمله فعندما تحولت لمستذئبة بدت داخلها قوة خفية خارقة سريعة الركض وسريعة البديهة، أبتسمت بانتصار عندما نجحت في أخراج الصندوق


أت"ماكسر" ركضًا خلف حواسه بعدما علم من رائحتها اين توجد "ماري"الآن ركض إليها مُسرعًا يطمئن عليها وعندما وجدها بخير مسح رأسه على جسدها
مسدت هي على فروته وقالت بصوت مهلل فرحًا:
- لقد وجدت النبة ماكسر وسوف نحرقها مع ثياب المشعوذة ولم تعد لتلك النبة وجود، وتلك اللعينة ستنال عقابها التي تستحقه من المستذئبين

دار حولها عدة مرات تعبيرًا عن فرحته وسعادته هو الآخر، فتحت ماري الصندوق وسكبت فوق الملابس زجاجة الكحول التي وجدتها أيضًا داخل الكوخ وافرغتها بأكملها على جميع ثيابها وعلى الصندوق بأكمله من الداخل والخارج واشعلت عود ثقاب ثم ألقته لتضرم النيران به وتتصاعد ألسنة اللهب وتبرق مقلتيها بفرحة وماكسر يطالعها بحب ممزوج بفرحة وأنتصار.
أشتمت جونجان رائحة الاشتعال فاقت من غقوتها تلك وكان جسدها يترنح لم تعد تمتلك قوة كالسابق فقد ضعفت قوتها وهزل جسدها كما أن ملامحها أصبحت عجوز شاحبه اختفى بريق جمالها و أصبحت ک الأموات


سارت بخطوت مترنحة يمينًا تارة ويسارًا تارة أخرى وهي تستند بكفيها على الحائط لتترك الكوخ بحثًا عن مصدر الحريق.
أتسعت بؤبؤة عينيها وهي تجد ماكسر أمامها بصحبة الفتاة "ماري" والصندوق الخاص بها يشتعل وتتصاعد النيران من داخله، علمت من الفاعل حينها تجمعت الذئاب جميعًا والتفت في حلقة دائرية حولها وجميعهم يصدرون عواء قويًا أهتزت على أثرهم الغابة أجمع بكل ما بها من أشجار ورياح وطيور وحيوانات
دارت "جونجان" حول نفسها بضعف ووهن وتبسمت لأنها علمت أنها حتما ستكون النهاية، نهاية لكل شيء


نهاية للسحر والشعوذة والتعاويذ الخاصه بها واللعنات التي فعلتها بيدها الآن ستجني ما زرعته وحصدته منذ أن تولت حكمها وسيطرتها على غابة الأشباح والغابات المُحيطة بها، تبسمت لأنها ستلحق بابنتها، فقد سأمت العيش وسأمت كل شيء وهي مُقبلة على الموت بترحاب.


**
عندما استيقظ سادم ووجد نفسه داخل أحضانها الدافئة شدد في وضع ذراعيه بتملك على جسدها فهو لا يُريد أن يبتعد عنها، غمرته السعادة بقربها، فهي الشمس الدافئة التي انارت حياته منذ أن خطت بقدميها وتسللت داخل قلبه، لا يتمنى أكثر من هذا

"أجمل ما في هذه الحياة أن تمتلك إنساناً، يهتم بك كنفسه، تشاركه كل صغيرة وكبيرة في أمور حياتك، لا تخجل منه فهو نصفك الآخر، لن يتخلى عنك أذا تخلي عنك الجميع فهو لن يُترك يدك، وحينما تريد النوم يكون صوته آخر ما تسمعه أذناك، هذه هي السعادة"
اطبق أنفه على انفها يداعبه كنسمة هواء عليل تسحب على صفيحة وجهها الفاتن الجميل وداعب جفونها لكي تستيقظ وتُشاركه تلك اللحظات السعيدة التي يسرقونها من الزمن..

فتحت عينها لتلتقي ببحوره التي تعشق الغوص داخل أعماقها ولا تخاف الغرق، طفت بسمتها الرقيقه أعلى شفتيها المُنتكزتين كحبات الكرز مال بخاصته يقبلهما بنعومة ثم ابتعد عنها :
-صباح الخير فاتنتي الحسناء
قالت بمشاكسه :
-واين الشرقية الحسناء؟
تبسم لها بحب ونهض مستقيمًا ثُمَّ مد يده يلتقط يديها لتنهض معه وحاطها من خصرها يغادر بها الغرفة

-نتناول الإفطار ثم توجها معا لمقابلة جونجان أريد أن انهي ذلك الكابوس
رفعت مقلتيها تطالعه بخوف وارتجف جسدها، اوقفها وقال بصوت حاني:
-لا تخافين كل ما في الأمر هو عودة ماري، سوف أُلبي لها رغبتها
لا تعلم اتفرج ام اتحزن فلديها شعور بالخوف بأن الامر لن يمُر مُرور الكِرام على هذا النحو فهي تتوجس خيفة من القادم وتدعي بداخلها أن تَمر الأمور بسلام، لا تعلم بما يُخطط له سادم الآن، فعاد غامضًا بالنسبة إليها ثانيًا..

**
صفا "سادم" سيارته أمام الغابة وترجل منها وهو ممسك بكف "سيرين" يدلفون سويا داخل الغابة يسرون بين الأشجار العملاقة ليقطعون طريق الغابة متوجهين إلى كوخ الساحرة جونجان.
وكلما اقتربت أقدامها من كوخها يستمعون لعواء الذئاب

ارتجفت سيرين وتشبثت بذراعه، ربت على كفها برفق وقال هامسًا:
- لا تخافين لن يستطيع أحد التقرب منكِ وحتما سينال جزاءه
لم تشعر بالأمان منذ أن عادت للغابة، فهي تتوجس القادم ولديها قدرة خفية على الشعور بالخطر وهي الآن تقترب منه رويدًا رويدًا.
تسمرت مكانها عندما وجدت ما يفعلونه الذئاب وجونجان تقف بالمنتصف عاجزة عن فعل شيء أو أنقاذ نفسها

وعندما دارت بين الوجوة وقعت عينيها على صديقتها "ماري" التي تلاقت اعينهما في تلك اللحظة، صرخت " ماري" منادية لصديقتها بفرحة، وتركت "سيرين" ذراع "سادم" وركضت لتعانق صديقتها بشوق جارف
تعانقت الاصدقاء بلهفة وشوق وکانهم لم يتقابلا منذ أعوام وليست ايام فقط

ام سادم فوجدها فرصة في الاقتراب من جونجان والأخذ بالثأر منها قبل أن تفعلها الذئاب ويقف هو عاجزًا عن الإنتقام.
نجح في أن يقترب من هدفه إلى أن وقف أمامها ورفع كفيه للذئاب لكي يصمتون الان وعليهم المشاهدة فقط

انصاغت الذئاب لأوامره بترقب وأهتمام
دنا منها بخطواته الواثقة ودار حولها بمهارة وعيناه لن تغفل عن مناظرة عينيها بقوة وتحدي
أكفهر وجهها وهي تنظر له تحاول معرفة فملامحه تذكره بزوجها القاسي
لاحث شبه أبتسامة أعلى ثغر "سادم" وهو يؤمي لها قائلا:
- الطبيب "سادم" أم أذكركِ بأسم الطفولة " فيبو"
ضيقت حاجبيها وهزت راسها دليلا على تذكره ملامحه

هتف بصوت حاد وغليظ متسائلا:
- ماذا فعلت لأجد منكِ كل تلك القسوة والجحود عندما كُنت طفلا صغيرا لم أقدر على مواجهتك الآن امامك ولن أخاف منكِ وأُريد أجابة على سؤالي؟

تذكرت معاملة زوجها الظالم لها ولانوثتها، فقد كان شخصًا مريضًا مهوسًا بعذاب الطرف الآخر ويتغذا على إهانتها وأزلالها ويتعمد تعذبيها، لاقت منه كل أنواع العذاب إلى أن سأمت العيش معه وقررت قتله والخلاص منه ولن تتردد في فعلتها، جلبت له سُم ودسته في طعامه الخاص ونجحت خطتها في الخلاص منه للأبد ثم القته بالشارع وكل ذلك حدث وقت الحرب ولم تُعرف جريمتها إلى الآن، وغادرت هي وابنتها بعدما هُدم منزلهما وأتت إلى الغابة تحتمي بها هي وصغيرته وبدأت حياتها الجديدة هُنا ونست الماضٍ بكل ما في من ألالام ومعاناة.


ظلت صامته بعدما تذكرت الماضٍ القاسي
فإذا كان هذا الطفل ضحية لقسوتها فوالده من جعلها تتضرع مرارة الظلم والتجبر وكل أنواع العذاب وحدها وهي استغلت طفلته لتفريغ عن غضبها.

"العُنف لا يُولد إلا عُنف"
وهي كانت سيدة مغلوبًا على أمرها

تذكرت تلك الليلة التي انهت بها حياة زوجها، تذكرت ملامح الماضي عندما كان يعود زوجها ليلًا ينهال على جسدها بالسوط ويعلو صرخاتها بارجاء المنزل تكاد تقتلع حوائطه، تتوسله بأن يكُف عن تعذيبها،وهو يعاملها بكل قسوة وتجبُر، جلعها تعيش جسدًا بلا روح، فروحها كل ليلة تحترق ألمًا وقهرًا من مُعاملته القاسية ومشاعره المُتبلده كما قلبه المُتحجر الذي لا يتحرك ساكنًا بين ضلوعه بثبات

يتلذذ بما يفعله بها يوميًا، فقد كانت تعيش مع شخصية مريضة مُعقدة، يعشق الوحشية في التعامل معها حتى داخل الفراش، يُكبل يديها ويجعلها تتألم بقوة وهو ينظر لها بتلذذ وشهوة، حرمها من حقها في التعامل بأدمية، كأنها حيوانًا لا يحس ولا يشعر بما يفعله ، يغتصب حقه بالقوة والتجبر هذه هي طريقته، كذئب مُفترس ينهش فريسته دون شفقة أو رحمه، دون أن ترف له جفن، لذلك سأمت العيش في ظل تلك المعاملة القاسية وقررت الخلاص منه لكي تشعر بالسعادة التي تستحقها

، فهي دائما المُميزة لدا عائلتها الجميلة الفاتنة تستحق رجلًا يعشقها ويُقدر أنوثتها، يُغدقها بحبه وحنانه، يُمطرها بكلمات من العشق والغزل، يضمها تحت كتفه ويتفتلون في شوارع العاصمة، يضحكون ويلهون في ليلة شتاء مُمطرة، كانت لديها أحلامًا بسيطة، سلب هو منها كل شيء ولم تعُد تعيش إلا بخيالها فقط..

قررت، خططت دون تردد منها بأن تضع له السُم وينتهي كل شيء أمام أعينها، تتلذذ هي مرة من ألمه لا تُفضل له موتًا رحميًا .. لا عليه أن يتذوق مرارة الألم ويتجرع كل ما فعله بها وبزوجة السابقة فقد أخذت بالثأر دون أن يرمش لها جفن .

كان يتلوى بألم قاتل يضرب بأحشائه بعد تناوله الطعام وهي تقهقه بصوت مُرتفع سعيدة بما فعلته من أنتصار
صرخت بوجهه وابتسامتها لازالت على محياها قائلة بتلذذ وتشفي:
- هيا مُت كما كُنت تفعل بي يوميًا، هل تشعر بالالم الآن، هل بقي لديك من المشاعر لكي تتألم؟
تعلم كُنت أتسأل يوميًا هل أنت بشر مثلنًا أم حيوان لا يملك الشعور ولكن كُنت مخطئه لأن ِ ظلمت الحيوان بك، الحيوان لديه شعور بالآخرين ويفعل المُستحيل من أجل عائلته، يمتلك الرحمة التي لم تكن في بشري مثلك، الان أنا سعيدة بموتك أذهب إلى الجحيم ..


ظلت صامته لتلتقي صفعة أخرى من الحياة
عندما طال صمتها صرخ بوجهها قائلا:
- تُريدين ن معرفة من قتل ابنتك، صغيرتك حقًا ! سوف أخبرك بالقاتل الذي أخذ بثاره وأنتقم منكِ في قطعة من قلبكِ وروحكِ ... أنا القاتل جونجان

رفعت انظارها تحدق به بصدمة ليعود سادم مُرددًا:
- أجل أنا من فعلها، وقتلت شقيقتي بيدي، وكل هذا بسببكِ أنتِ ... أنتِ فعلتيها قبلي عندما كُنت أتقرب منها، كنتِ دائما تبعديها عني ولن تتقبلي كونِ شقيقها، دائما تتهميني بأنني أريد قتلها والخلاص منها، وأنتِ على علم بأنها كانت تُمثل روحي وتم الخلاص مني ووضعي بدار الرعاية وفرقتي شقيقتني عنِ وبعدها قتلتي والدي الذي لا يعنيني خبر موته في شيء ، فعلتها لانتقم منك ِ جونجان، صغيرتي تيا لا تستحق أن تموت ولكني فعلتها بسببكِ أنتِ، لقد نجحتي في تحويلي من طفل صغير بقلب سليم حنون وعطوف لشاب دون هوية خاوي من الداخل والخارج لا يعرف لرحمة عنوان، قاسي ومتبلد المشاعر، أصبحت مُتحجر القلب مثلكم، قاتل ومُجرم يفعل كل شيء دون أن يرف لي جفن، نجحتي جونجان في ميلاد وحش مفترس داخلى ومريض نفسي مُعقد يتلذذ بالألم الذي كان يؤلمني بالماضٍ الان ارتوي به وأعيش على تعذيب الأبرياء، الآن جونجان سوف أتخلص من كل شيء، ستنتهي اللعنات، ستتحرر كل روح داخل الغابة خصعت لكِ وقبلت مصيرها رغمًا عنها


أخرج الخنجر من جيب سترته ودون تردد غرسه في صدرها بقوه يشقه نصفين وأخرج قلبها من محجره القاة للذئاب التي نهشته بشراسة وبعضهم أقبلوا على جسدها يلتهموه بوحشية وكأنهم يتلذذون الانتصار بالمعركة والخلاص من الساحرة الشريرة وفك اللعنة الأبدية

فهي المسئولة عن تبلد مشاعره وتجمد قلبه وتحجره منذ أن كان طفلا صغير انهالت عليه بالقسوة وأشد العقاب وحرمانه من طفولته حتى لم يجد إلا يد صغيرته تيا كانت تأتي إليه ليلا لتواسي حزنه حتى تلك البريئة حرمته من حنانها واودعته داخل المَلْجَأُ ولكن عائلته التي حصل عليها أعطته كل شئ من تعليم ومال ونفوذ ونست أن تعطيه الحب والأمان والاهتمام الذي كان باشد الاحتياج له ، زُرعت داخله قسوة وكبر وغرور وجردته من أدميته وأصبح شيطانًا يمشي على الارض ، داخله براكين مُشتعلة يُريد الإنتقام والثأر لنفسه ولحياته ولطفولته ولكل شيء دُفن ومات داخله..


ابتعد "سادم" بجمود وامسك برسغ "سيرين" لتسير معه وهي مازالت تحت تأثير الصدمة بما حدث أمام اعينها
و"ماري" تصرخ خوفًا على صديقتها وكان ماكسر يريد الانقضاض عليه ويمنع سيرين من المغادرة ولكن أستوقفتهم سيرين بإشارة من يدها بعدم التدخل ورحلت بهدوء مع سادم الذي جن جنونه وفقد صوابه..

**
تهللت فرحتهم العارمة بعد القضاء على المشعوذة جونجان وفك قيد اللعنات والتحرر من أجساد الذئاب اللذين سُجن داخلها منذ عام مضى وهم يعانون بصمت قاتل، الآن انتهى كل شيء ، يصحون بفرحة وسعادة بسبب عودة الروح ثانيًا لاجسادهم، يترقصون ويهللون فرحًا بانتصارهم على الساحرة وقيودها اللعينه..


دموع تتلألأ داخل مقلتيه عندما أحتاج الألم جسده وبدأ في تشقق لفروته ولكنه شعور غير مؤلم أو أنه لم يعد يشعُر بالألم في وجودها جانبه، وعاد جسده ينتفض في رجفة لذيذة تُدغدغ أوصاله، فها هو "ماكسر" الشاب الوسيم عاد إلى صورته الأولى .

وحدجته"ماري" بنظرات شاملة فتلك هي المرة الأولى التي تراه بهيئة أنسان طبيعي مثلها تمامًا
لم يتمالك ماكسر نفسه حيث جذبها بقوة لترتمي باحضانه ويدور بها في سعادة حقيقية، سعادة لا مثيل لها

ولسانه يصرخ بحُبها الذي سكن قلبه وهو مستذئب وعشقه الذي نمى بداخله ولن يتركه ابدا.
-أعشقكِ يا طفلتي الرقيقة.... كل نبضة بقلبي ستخبركِ بكم أنا عاشق لجمالك الساحر ولطيبة قلبك النقي.، عاشق لروعة احساسك يا أجمل فتاة ومُستذئبة تسللت لاعماقي وسكن حُبكِ قلب ذئبك العاشق لكِ..

"السعادة هي شخص يعرف عنك تفاصيل حياتك، يشاركك جميع اللحظات التي تمر بها، يساندك في مأذرك ويقف جانبك في محنتك، يدعمك ويرسم البسمة على وجهك في لحظات حزنك وضعفك تجد يده التي تمسح دمعتك، هو البلسم لروحك والشفاء لاوجاعك، والسند لإكمال طريق حياتك، تخططون كل شيء لحياتكم معًا، تنعمون بالسعادة التي لا تُقدر بثمن، إذا وجدت ذلك الشخص لا تترك يده، ظل متشبثًا بها لتعبرون كل الصعاب سويًا ، هنيء لك على هذا الشخص الذي يرافقك كظلك، يكون لك الشمس التي تبعث الدفئ والأمان في حياتك، يكون ملاذك وقوتك ولن يقبل بضعفك مهما كلفه الأمر حياته، يُضحي بسعادته من أجل رسم الإبتسامة على ملامحك البريئة، لن يتركك تنكسر وتنهزم، هو وحده القادر على هزم العالم أجمع من أجلك.... تمسك بذلك الشخص .... تمسك بحياتك معه... لا تدعه يرحل عنك ... هو بئر السعادة الذي سيجعلك تغوص فيه دون غرق.."
*
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي