الفصل الثامن والعشرون النجاة من الموت

الفصل الثامن والعشرون النجاة من الموت

تخبطت بذراعيها أسفل الأمواج وخارت قواها على مُحاولة النجاة والخروج من الدومة التي سحبتها معها إلى حيث القاع، أنقطعت أنفاسها وأنعدمت الرؤية تمامًا، مستسلمًة لمصيرها..

كان "لاواي" في ذلك الوقت يقترب من البحيرة، ليتمتع بخلوته وهو يُبحر داخل أمواجًا التي تُمثله عندما يغضب يكون مثل الأمواج الهائجة التي يُصعب على أي سباح التأقلم معها دون أن تعصف به لمكانًا بعيدًا .
شخص ببصره داخل المياه يرمقها بنظراته الثاقبة فهو جني سُفلي ويمتلك قُدرات عديدة، هو من نسل دهمان الذي لا يُستهان به.

حدج البحر بمقلتية الزيتونين ليقع بصره على ذراعي تتخبط يمينًا ويسارًا بحركة هوجاء، أيقن أنها تستغيث فليس من عادة حوريات البحر التخبط كهذا، علمًا حينها بأن شخصًا يُصارع الغرق ويُجاهد على البقاء إلا أن توقفت تلك التخبطات العشوائية فجأة

ألقى "لاواي" جسده داخل البحر وغاص بسرعته الفائقة داخل القاع وجد الفتاة أسفله بجانب الشُعب المُرجانية والأسماك تتقازف عليها.

حملها "لاواي" وسحبها معه لتطفو على سطح المياه وجسدهًا مُستكين تمامًا ولم يعُد قلبها نابضًا، أراح جسدها أعلى الرمال وبدًا في تفقد عُنقها حيث العرق النابض بين ثنايًا، أنتزع قلبه من صدره عندما لم يجد لها نبضًا ، ضغط بقوة على صدرها يحاول إنعاشها، حاول مرة وأخرى وظل يحاول بحماس وعدم يأس، إلى أن شعر نبضًا خافت يصدر أسفل كفه ابعد كفه ومال على وجهها الشاحب يتفقده بنظرات وله، خفق قلبه بقوة بعدما علم بأنها بشرية وهذا ما جعل قلبه يرقص طربًا ثم دنا من شفتيها وضع خاصته عليها في محاولة منه لجعلها تتنفس بهدوء وتُخرج المياه العالقة بقصبة الهواء داخل صدرها.


فعلها مرة واثنان وهو متلهف لفتح مقلتيها، شهقت فجأة وسعلت بشدة لتخرج المياه من جوفها جُرعة واحدة وجذبها لتجلس لكي تستطيع التنفس بعد نوبات السُعال التي اجتاحتها.

هتف بلهفة يتتوق أن تُطالعه ويرا ملامحها:
- هل أنتِ بخير ؟
رفعت عسليتيها تناظره برؤية غير واضحة وانفاسها تتسارع لم تستطع جابته.

ولكن هو يطالعها بشوق وحنين مُتلهف لرؤية بشرية في خلوته الخاصة، تاتي لعالمه ما يتمنى حدوثه .
دقق أنظاره على نضارة بشرتها ووجها المُستدير كالقمر ليلة أكتماله هبط بانظاره على جبينها الصغير ثُمَّ عينيها الواسعتين وحدقتيها العسلية التي تلمع منما زادت من شغفه وهو يهبط ببصره على أنفها الصغير ووجنتيها البارزتين كقطوف ورد الجوري استقرت مقلتيه تُحدق بشفاها الشهية كحبتين من التوت البري يود إلتهامهما بخاصته كما كان يمتلكهما بين شفتيه قبل إفاقتها ولكن تلك المرة سينال من شهدها بتلذذ ومُتعة، لا بقلق وخوف مثل قبل لحظات.

أنسدل شعرها البني على كتفيها لتكتمل ملامحها الجميلة وطلتها الساحرة.
أما عن "سيران" عندما تلاقت أعينهم أسبلت مقلتيها في خجل فقد كان يرتدي بنطال أبيض فقط يستر جسده من أسفل وعاري الصدر منما ظهرت عضلات جسده ببنية الضخمة.

عاد يُردد بصوت هامس:
- كيف حالك الآن ؟
هزت رأسها في إيماءة بسيطة وقالت بأقتضاب:
- بخير ..
تنهد بعمق وجلس بجوارها ثم عاد يُرمقها بنظراته وقال مُتسالًا:
- لما أتيتِ إلى هُنا في هذا الليل؟ هذه الجزيرة خطرًا
طالعته بدهشة وقالت:

- ولما تأتي إلى هُنا أيضًا وأنت تعلم بأنها خطرًا ؟
لم يُريد الإفصاح عن هويته خلل أنامله يزيح خصلاته للواراء وقال بثبات:
- أفضل العُزلة وأختلي بنفسي هُنا، وهذا من حُسن حظك إذا لم أاتي لُهنا لكدتِ في تعداد الأموات
قالت بحزن عندما تذكرت ما تعرضت له من خذلان وخيانة:
- ليتك لم تأتي وتركتني أمُت
هتف بحزن:
- لما تتمنين الموت؟

زفرت أنفاسها بهدوء وقالت بيأس لم تعتاده، لم يكن من ضمن شخصيتها أنها فتاة تستسلم وتيأس لا كانت القوية الصامدة الجادة التي لا يُستهان بها، العقل المُدبر في لعبتها، لم يطرق اليأس بابها يومًا .
قالت بضيق والحزن أرتسم على ملامحها:
- لأن الحياة أصبحت قاسية، قاسية لدرجة يَصعُب علينا تحمل القادم، ظالمة لأنها تضعنا في اختبارات لم نقدر على تحملها وتخطيها


شعر بحزنها وعندما أراد التحدث وجد كاحلها ينزف دمًا وأثر دمًا أيضًا على ساعديها قال بلهفة:
- جسدك ينزف لابد وأن الشُعب المُرجانية جرحتكِ
ألقت نظرة على ذراعيها العارية وكاحليها وقالت بلامبالاة:
- هذه جروح طفيفة لا تُعادل الجرح النازف بقلبي ولا الطاعن لكرامتي

فرقع بأطراف أصابعه لياتي إليه عفريتًا من الجن يعطيه مطلبه دون أن ينطق به "لاواي" ولكن في صورة خفية لكي لا يرهب البشرية.
وضع أطراف أصابعه يلتقط بها من داخل المس الذي يداوي الجروح ووضعه برقة على يديها العاريتين ، نظرت له بدهشة وقالت بتسأل:
- من أين أحضرت هذا؟

-نسيتي هنُا خلوتي الخاصة وكل شيء يوجد معي لأن أعشق البحر ودائما أغوص بأعماقه ولذلك التقيت بكِ صُدفة، وبعد أن أنهى تطيب جروح يديها فعل بكاحلها تحت نظراتها المُندهشة ولكن حاولت ابعاد قدميها ولكن كان يجذبها إليه ثانيًا ويُمسد برفق على كاحلها وعندما أراد أزاحت ثوبها الأسود ،رفضت بإصرار وجلست القرفصاء تستد بوجهها على أرجلها وتحاوطهما بذراعيها.

نهض من جانبها وابتعد عنها لكي لا تراه ثم همس بصوت خافت مُناديًا لعفريته الذي أتاه في التو ولب مطلبه في الحال، نصب خيمة وأحضر داخلها كل ما لذ وطاب من طعام وشراب ووضع مُتكئ لكي تريح جسدها ، وعاد "لاواي" إليها وجدها كما تركها، جلس نصف جلسة وهو يدنو منها قائلا:
- لم تُخبريني عن اسمك بعد؟

طالعته بهدوء وقالت:
- "سيران"
تبسم لها ومد كفه يصافحه وهو يشدد على كفها قائلا:
- "لاواي"
حاولت سحب كفها من راحته ولكن في خفة منه انهضها معه لتشهق بصدمة سرعان ما اختفت عندما همس قائلا:
- لابد وأنكِ مُتعبة يجب أن تستريحي، هذا المُخيم خاص بي

ولجت لداخل وهو طأطأ رأسه لكي يدلف خلفها هو الآخر بسبب طوله الفاره ثم جلس على مُتكئ وجلست على مقربة منه وقررت أن تبتعد عن كل شيء وتحاول إعادة ترتيب أفكارها.
أسبلت عينيها في تعب منما جعله يقترب منها برفق واراح جسدها ثم جلب لها الغطاء ودثرها جيدًا وظل جوارها يتطلع لها بحب ويُردد حروف إسمها "سـ يـ ران"
لو تعلمين كم كُنت متتوق لرؤية بشرية، وضع كفه على مكان قلبه الذي يخفق بشدة وقال:
- يبدو أنه وقع الإختيار عليكِ يا ساحرتي ..

**
داخل الفندق بالتحديد بغرفة "ميلا"

بعدما نجحت مكيدتها في الإيقاع بين "كارم" و"سيران" لكي تُشتتها وتجعلها تتُرك لها البطولة.
ابتعد عنه بعد ما جذبته إليها، فقد أكتفت بذلك التقرب برغبتها ولكن لن تقبل بأكثر من ذلك، فهي ليست بتلك السذاجة.

أبتعدت عنه فلن تُعطيه أكثر منما هي نوت بفعله، ثم هتفت قائلة وكأنها تذكرت أمر ما:
- أعتذر حبيبي ولكن يجب أن أنام الآن وهذا اللقاء سيتكرر لا محالًا

جف حلقه وكان ينظر لها بشغف يتلهف للمزيد من قربها، لم يتحرك ساكنًا عاد ينهال عليها بقُبلات مُتفرقة أعلى ثنايا عُنقها ولكن لن تستجيب له تلك المرة، أبعده قسرًا ولكن همست برقة وهي ترفع أناملها تُلامس وجنته بنعومة:
- عندما تنهي خُطبتك سأكون لك وحدك

قضم على شفتيه السُفلية بولةُ يُريد المزيد من لحظات العشق ولكن هي من تتحكم بزمام اللعبة
تنهدت بضيق ثم هم بمغادرة الغرفة وهو يقول:
- تصبحين على خير، سالتقي بكِ غدًا
تبسمت له وهي تؤمي برأسها ثم سارت خلفه لكي تُغلق باب غرفتها وهي تطبع قُبلةُ رقيقة أعلى وجنته تودعه وبعد ذلك أغلقت الباب وهي تعود بخطواتها الماكرة داخل غرفتها وابتسامة الانتصار شقت ثغرها بفرحة لا تُوصف بعد نجاح خطتها ..

أما عنه فقبل أن يعود لغرفته، وقف أمام باب غُرفة" سيران" وطرقه عدة طُرقات رقيقة ولكن لن يجد منها أي رد فقرر التفتل وحده والتمتع بشوارع "روما" الساحرة فلن يأتي إلى هُنا من أجل أن يظل حبيس غُرفته ..
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي