الفصل الثاني والثلاثون روح خفية

الفصل الثاني والثلاثون روح خفية

علمت "سيران" ما حدث لشقيقها وأنه داخل المشفى في حالة نفسية حرجة فاقد النطق والحركة، لم تفرح بفوزها ولا بتأهلها لمُباراة النهائي في بطولة العالم، ولكنها لن تستطيع ترك البطولة وحلمها دون أن يكتمل، كما أن أقنعها المُدرب بأن تظل فلم يتبقى على تحقيق الحلم إلا يومًا واحد فقط.


لم يسمح لها الوقت بأخبار والدتها بفسخ خطبيتها وكل ما كان يشغل تفكيرها هو حالة شقيقها، ظلت حبيسة غرفتها داخل الفندق ورفضت أن تشارك المُدرب واصدقائها الاحتفال بالفوز، وقرر " كارم" العودة فليس لديه شيئًا لكي يظل فقد تركته دون أي مواجهة فلم يكن متوقعًا منها لذلك التصرف.


أما عن " لاواي" كان يراقبها ويلاحقها وهو مُتخفي تمامًا حجب عنها رؤيته وكان داخل غرفتها يُطالعها بحزن على حالتها، قرر في تلك اللحظة الظهور أمامها ولن يكترث للعقبات.

همس بصوت خافت:
- ماذا بكِ "سيران"
كانت تظن أنها تتخيل وجوده لأنها شعرت بالاحتياج له في تلك اللحظة ولكن عندما استمعت لنبرة صوته التي اعتادت عليها اثناء اليومين الماضيين وهي ماكثة بخيمته.

نظرت له بذهول وعدم تصديق أقتحامه غرفتها دون أن تأذن له وتشعر به من الأساس:
-"لاواي" من أين أتيت ؟قالتها بصدمة
قال بمرح وهو يفرد ذراعيه :
- هذا سحري الخاص
تبسمت له وقالت:
- إذا أنت ساحر حقًا

- ليس ساحر هُنا غيرك؛ أنتِ من سحرتي قلبي وسحرنتي عينيك الجميلتين عندما التقيت بكِ بالجزيرة
طالعته هذه المرةُ بعدم تصديق فكيف حدث له ذلك
قرر المزح معها وكركر ضاحكًا :
- لا تنظري لي هكذا أنا فقط أريد إبدال حزنك وأعلم ما سببه

عبست ملامح وجهها وكادت أن تبكي وهي تخبره بما حدث لشقيقها الأصغر ذا السادسة عشر عامًا
جلس بجوارها ورءا الدموع التي تُهدد بالسقوط فضمها لصدره وقال:
- لا تحزني سيكون بخير، أنا معكِ ولن أترككِ وسوف أذهب معكِ لبلدتكِ فلدي أعمال هُناك


أبتعد عنه بخجل فلم تتوقع منه ردة فعل كهذا، وقالت بهدوء لتُبدل الحديث:
- لم تُخبرني بعملك حتى الآن
حك مؤخرة عُنقه وقال:
-أعمل طبيب

تذكرت عندما جُرحت بسبب الشُعب المُرجانية وهو من داوَ الجروح بالمس الذي فعله من أجلها وأختفت جروحها سريعًا ونظرت له بلهفة قائلة:
- هل تستطيع مُعالجة شقيقي؟
هز رأسه بإيماءة جادة وقال:
- وهذا ما أردته لا تقلقي كل شيء سيكون على ما يُرام

عاد لها بريق الأمل فلديها ثقة به رغم علاقتهم التي لم تتجاوز الأيام ولكنها دائما تشعر بالسكينة والهدوء في وجوده، ولم تَعُد تشعُر بالحزن الذي طُعن قلبها بسبب خيانة" كارم" لم تكن تتوقع بأنها ستتعافى سريعًا من سهم الخيانة

حدثت نفسها في حيرة " هل جرحها شُفي سريعًا أم أنها تحاول أن تتظاهر بالقوة ومازال جرح قلبها ينزف وتتصنع اللامبالاة لكي تواصل حياتها دون التطلع إلى الوراء..

**
عاد " كارم" إلى القاهرة فجرًا وعندما غادر المطار استقل سيارته عائدًا إلى منزله وفي غضون دقائق كان يدلف بسيارته داخل الحديقة المُلحقة بالڤيلا ومن ثم ترجلا من سيارته وترك حقيبته وولج لداخل الڤيلا مُسرعًا في خطواته وهم بصعود الدرج بخفة لا يُريد لأحد أن يشعر بعودته وتظل والدته تتحدث معه وهو بمزاج لا يسمح بمناهدة وتوبيخ والدة له.

ولكن أثناء صعوده الدرج أصطدم بشقيقه " تميم" الذي كان يترجح ويدور حول نفسه بسُكر يبدو عليه الثمالة ولا يعلم كيف يصعد لغرفته
شهق بقوة عندما ارتطم جسده بجسد شقيقه ، زفر " كارم'' أنفاسه بضيق وجذبه من ساعده يهم به الدرج:
- متى ستنتهي من أفعالك الطائشة تلك؛ لو رأيتك والدتك بهذه الحالة ستقوم حالة حرب يا أهوج
اشاح له بعدم اكتراث وقال بصوت ناعس أثر الكحول:
-لقد سأمت التصنع بالهيبة والوقار هذه مظاهر خداعة يا شقيقي العزيز

ثم ضحك وقال بثمالة:
- عزيز هذا جدك .. سوف يجعل مني مجنون عما قريب
تطلع لشقيقه وعيناه يكاد يفتحها بصعوبة وقال:
- جعلني أبحث عن بائعة الورد ثلاث ساعات مثل الأهبل ولم أجدها
ثم كركر ضاحكًا

وضع "كارم " كفه يكتم ضحكات شقيقه وقال وهو يجذبه من ساعده لسير معه:
- أصمت سوف ينفضح أمرنا معًا
ساعده في التوجه لغرفته ثم تركه وذهب هو الآخر حيث غرفته.

أبدل ملابسه وألقى بجسده داخل الفراش ولكن حاول اغماض عينيه ولكنه جفاه النوم ، التقط هاتفه وظل يبعث بالصور الخاصة بيوم خطبته وصور اخرى جمعته بخطيبته منها صور مرحة وأخرى مُشاكسة وهي قريبة منه، مرة يُحاوطها من كتفها وأخرى من خصرها بتملك كأنها من مُمتلكاته الخاصة وصورة سلفي تنظر له ضاحكة وتخرج لعابها له في مُشاكسة وهو يضع سبابته على أنفها ويبتسم بسعادة،تذكر ذلك اليوم الذي ألتقي بها بالنادي وبعد تدريبها ظلت تُشاكسه بمزاجها الفرح بسبب الفوز الذي دائما تحصُل عليه، تبسم على تلك الصور ولم يشعر بالملل ولم يغلق الصور مثلما كانت تأتي أمامه وكان لا يكترث ولا يُحرك مقلتيه للنظر حتى داخل تفاصيلهم، الآن وبعد مرور عام يرا الذكرى التي جمعته بها ولاول مرة يشعر بغصة داخل قلبه بسبب فراقه عنها .

ألقى الهاتف جانبه بغضب وهو يهمس بإصرار :
- لا لن أترككِ "سيران" أنا أُحبك وكنت مُتغافل عن صوت قلبي
نهض عن فراشه ووقف أمام المرآة وقال لنفسه:
- احمق يا كارم لقد تركتها بالفعل وأتيت ولم أُبرر لها موقفي حتى، تهربت من مواجهتها ولم أُشاركها خوض البطولة ، لماذا لم أنتظر لماذا ؟
زفر بضجر وعاد يرتمي داخل فراشه يرغم نفسه على النوم قبل أن يجن عقله بسبب كثرة الأفكار المتزاحمة داخله..

**
داخل المشفى

بغرفة الصغير انتفض جسده عدة مرات وكأنه في حالة صرع لم يستطع أحد السيطرة عليه
وصرخت " ريم" تستنجد بزوجها الذي استيقظ من نومه بفزع واقترب منها يمسك بجسد صغيره الذي لازال ينتفض بشده واستكان فجأة كما بدأ فجأة ولكن تطلع لهما بعينين حمرويتين بلون الدماء، ابتعدت عنه " ريم" بخوف في تلك اللحظة الذي صوب بها "سادم" أنظاره بقوة داخل مقلتيها وكأنه وجدت شخصًا أخر غير وجه صغيرها في تلك اللحظة.


جلست بالمقعد دون حراك ثم ابتلعت ريقها بصعوبة لتعود تنظر له بحذر وجده مُغمض العينين وجسده مُستكين داخل فراشه، عاد زوجها يجلس على الأريكة بتعب ونظر لها قائلا:
- ساتحدث مع الطبيب في الصباح وسنجد حلا للأمر لا تقلقي

هزت راسها بالايجاب وقلبها ينتفض ذعرًا ولكنها لم تقدر على الحديث ظلت تطلع لابنها بشرود وتذكرت أمر القلادة التي كانت دائما تحاوط عُنقها وعندما ولدت طفلتها الأولى نزعتها من عُنقها لتضم عُنق طفلتها، فقد كانت قلادة مُميزة تمتلك حجرًا من الفيروز وداخل الحجر يوجد حجرًا كريمًا أخر ولكن لم تتذكر أسم ذاك الحجر .


شردت أيضا بذكريات الماضي وعندما أنجبت طفلها "سادم" الذي فرحت به والدتها وانتقت له اسمه "سادم"
وأنسابت دموعها عندما تذكرت والدتها وهي تختضر بعد ولادتها لسادم بأيام قليلة..

فلاش باك..

كانت " سيرين" في حالة إيعاء شديد وطريحة الفراش تغفو لحظات ثم تعود للواقع ثانيًا
دنت منها "ريم" تجفف لها حبات العرق المُتساقطة على جبينها وعندما فتحت "سيرين" عينيها بوهن، أمسكت بكف ابنتها وقالت بصوت مُتعب:

- "ريم" حبيبتي اعتني بنفسك جيدًا وبصغارك يا قُرة العين ونبض القلب، لقد تحملت الكثير وأنتِ طفلة صغيرة ولكن الله كان معي ولم أشعر بالوحدة بعد فراق والدكِ ، لقد واجهنا الكثير والكثير من الصعاب ولكننًا تحاملنا وصبرنًا، لم يكن والدكِ الشخص الأول الذي ولج لقلبي وتسلل لاعماقي ولكنه كان الشخص الوحيد الذي يستحق كل خفقة قلب وكل طرفة عين،

واسميت طفلك "سادم" على إسم الشاب الذي اقتحم قلبي دون أرادتنًا، كلما تنظرين له تذكري أن تطلبي الدعاء لي، لانه يذكرني دائما بالجرم الوحيد الذي اقترفته في حياتي، لقد قتل نفسًا وأنا مُنساقة خلف مشاعر واهية كاذبة ولكنني شعرت بالشفقة على كل ما حدث له ، رغم كل ما حدث بالماضي إلا أن مازال قلبي نابضًا بحبه وهذا بلاء لا دخل لي به، لقد أودع الله حبه في قلبي رغم اختلافنًا الشديد ولكن توحدت القلوب، والقلادة التي تُحاط بعنق صغيرتك" سيران" ستظل تحميها من أختراق جسدها من عين الجن و الانس، ابنتكِ يا "ريم" والقلادة المُحصنة أياكِ أن تضيعها، وكلما ضاق صدرك ألجئي إلى الله العلي القدير الذي لن يُضيعكِ

قالت ريم بتسأل:
- وما سر هذه القلادة يا أمي؟
- سرها عظيم فهي قلادة مُباركة وأتت لي وأنا في أجمل بقاع الأرض، رأيت منامًا منذ فترة بسيطة، رأيت المارد دهمان يطاردني ويبحث عني وعن نسلي ولكن تلك القلادة جعلت بيننا حجزًا لكي لا يراني وهذه مشية الله تعالى، جعل بيني وبينهم سدًا


ولكني أخطئت عندما وقفت أمامه وتحديته بالماضي، كان عليَّ أن أُحاربه بأرادة الله وكتاب الله لا بثقتي وقوتي، فأنا ضعيفة والقادر الغالب هو الله تعالى.
قاطعتها بفضول قائلة:
- وماذا حدث بالماضي ومن ذاك المارد " دهمان" ؟

تنهدت بعمق واستجمعت أنفاسها لتخبرها عن وجود ذلك المارد بحياتها وهي فتاة شابة في مُقبل عمرها وما السر الذي ربط بحياتها وحياة "دهمان" هذا الذي وهبه والدها روحها وحياتها عند ولادتها .


كل ذلك وريم تستمع لوالدتها غير مُصدقة بما تقص عليها وكأنها تُشاهد فيلمًا عالميًا لا يمس للحقيقة بصلة إلى أن أنهت "سيرين" الحديث وهي تشدد في توصية ابنتها على عدم التخلي عن القلادة وأن تظل تُحصن نفسها
واولادها من الشيطان الرجيم لكي لا تصل لهم لعنة دهمان .
وانهت كلماتها ولفظت أنفاسها الأخيرة بعد نُطقها للشهادتين..


فاقت "ريم" من ذكرياتها وظلت تتطلع لابنها الساكن أمامها دون حراك وهي تُردد بخوف " لعنة دهمان" هل من الممكن أن يكون ذلك المارد أصاب ابني باللعنة وسيُطالب بروحه
نفضت راسها نافية بعدم تصديق ما تفكر به وقالت بصوت عالٍ:

- أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.... أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامه
ظلت تُردد بعض الأذكار إلى أن شعرت بالهدوء والسكينة والطمأنينة..

**

في الصباح علمت "جميلة" بعودة ابنها وتوجهت إلى غرفته تُيقظه وتتسأل عن سبب عودة المُفاجئة وهل "سيران" اتت معه وتركت البطولة ام ماذا حدث؟
جلست على طرف الفراش وهزت كتفه برفق:
-"كارم" هيا استيقظ ، أريد التحدث معك

فتح عينيه بكسل وعندما رءا والدته أمامه زفر بضيق وعلم ما سبب وجودها الآن بغرفته، اعتدلت وجلس على الفراش يتطلع لها بحنق وهو يقول:
- اتحفيني يا سيدة القصر اي ريح أتت بكِ لغُرفتي المتواضعة ؟

-لا وقت لمزاحك هذا، هيا أخبرني لما عُدت من "روما" بهذا التوقيت وهل خطيبتك أتت معك وعلمت بما حدث لشقيقها ام ماذا حدث؟
تأفاف بضيق وقال بأقتضاب لكي ينهي الحوار بينهما:

- "سيران" أنهت خطبتنا أمس بعد المباراة
جحظت عينيها بصدمة وقالت بعدم تصديق:
- ماذا .... ؟! هل حدث ذلك بالفعل ام تمزح معي
التقط الخاتم من اعلى الكومود كما وضعته ليلة أمس وفرد كف والدته ثم وضع داخله الخاتم وقال :
- لا هذا حدث بالفعل والدليل معكِ الان
شهقت بصدمة وهي تنظر للخاتم الذي بيدها وعادت تتطالع ابنها بعدم فهم تطلب منه تفسيرًا لما حدث

نهض عن فراشه وهم بالتوجه إلى المرحاض ولكنها لحقت به واوقفته:
- ظل مكانك أريد معرفة سبب إنهاء الخُطبة ، ماذا فعلت لها لكي تفسخ خطبتها لابد وأنك كنت تتفتل مع الفتيات وتركتها، هيا أخبرني بفعلتك الحمقاء
صرخ منفعلا:

- أجل أنا أحمق الذي نفذ رغبتكِ في الارتباط من فتاة لم أكن لها مشاعر وفعلتها من أجلك فقط، ظللتي فوق أذني تخبريني كم هي جميلة ورقيقة وجذابة وتُحبني وسأكون سعيدًا معها ، ضربتي بمشاعري أنا عرض الحائط ، أخبرتك لن أُفضل الزواح إلا عن قصة حُب، اوهمتيني بالحُب الذي سانعم به ايام الخُطبة وفعلت ذلك لكي اتسكع حقا وافعل ما يحلو لي دون قيود سيدة القصر ، ولكن لم أحسُب حساب لتلك النهاية، لم أشعر أنني بالفعل أحببتها لم أشعر بفقدها إلا عندما تركتني ورحلت فجأة ، في بدء الأمر كنت أشعر بالامبالاة ولكن كُنت حزينًا بسبب غيابها وأشعر بالذنب وعندما علمت بعودتها ، ركضت إليها فرحًا مُتلهفًا لرؤيتها لكنها صدمتني بفك الخطبة ونزع الخاتم دون أن تتفوه بكلمة لم توبخني حتى على فعلتي ولن تواجهني، خسرتها حقًا يا أمي وأنا الآن نادم على كل لحظة قاستها من أجلي، نادم على عدم معرفتي بمدا حُبها الذي سكن قلبي دون أن أشعر ولكن بعد فوات الاوان فلم يعُد الندم يجزئ نفعًا ..


"الندم هو الإبصار الذي يأتي متأخرًا "
تركها تتطلع لطيفه الذي تواري عن أعينها وتهرب منها خلف باب المرحاض ، انسابت دموعه حقًا وضرب الحائط بقبضته بقوه ثم زفر أنفاسه ووقف أسفل رشاش المياه لتنهمر على جسده المُخترق الذي يشتغل والبركان بسبب خذلانه لها وخيانته، حزينًا على كل ما فعله، مُحطم على قلبه الذي أصبح خاوي بدونها وروحه المُعذبة بغيابها عنه، ليته علم بمشاعره الحقيقية قبل أن تحكم عليه بالنهاية ..


"الأعتذار أحيانًا يكون الندم على الكلمات المؤلمة أو الأعتذار لا يجدي ولا فائدة منه، كما أن الإنسان يقسى على نفسه عندما يضع نفسه فيما ليس له، يتملكه الندم عندما يغلق أذنيه، عن كلام عقله.

**
مر اليومين عليها كالدهر وهي تنتظر إنهاء المُباراة للعودة إلى عائلتها ورؤية شقيقها وما حل به، نالت لقب بطولة العالم للإسكِواش فئة الفتيات ولكنها غير سعيدة باللقب بسبب الحالة التي عليها شقيقها وهو بلد وهي ببلدة أخرى .

التقطت لها بعض الصُحف العالمية صور خاصة بها وارتدت الميدالية الذهبية وتوجت أسم بلدتها مصر وشرفتها في تلك البطولة، سعيدة بالفوز ولكن فرحتها لم تُكتمل بسبب غياب عائلتها فقد كان يعدها شقيقها بالحضور في النهائي واشهار علم مصر والفرحة العارمة بالنصر ولكنه هو الآن راقد بفراشه ساكنًا دون حراك.

رفعت علم مصر عاليًا وأجرت بعض اللقاءات عبر التلفاز واعتذرت عن بعضهما بسبب عودتها لموطنها الحبيب .
وعاد الفريق بأكمله وهم فرحين بحصولهم على البطولة، جلس الكابتن "زياد" بجوارها يواسيها على ما تمر به من حزن فقد أخبرته قبل ذلك بالحالة الصحية الخاصة بشقيقها ورغم كل هذا فازت بالبطولة فهو دائما فخور بها لأنها بطلة تحدت كل الصِعاب .


ربت على كفها لتتطلع له بعيون دامعة ولكن بسمة طفيفة تنير وجهها ، حدثها بود قائلا:
- لا تقلقي شقيقك سيكون بخير باذن الله
هزت راسها بايماءة خفيفة وكأنها كانت تنتظر شخصًا أخر أن يجلس جوارها ويُشاطرها حزنها ولكنه خذلها وتخلى عنها، جال بخاطرها البحث عن " لاواي" فهو وعدها سيكون جانبها اين اختفى الآن ؟


أقلعت الطائرة تُحلق في سماءً روما عائدة إلى أرض الوطن مصر الحبيبة ولوت ثغرها بضجر فقد ظنته حقا سيرافقها كما وعدها وكانت تنتظر قدومه على أمل اللقاء ولكنه خاب ظنها لتلك المرة..
ولكنه كان يُطالعها وواقفًا جانبها حقًا ولكن لم يراه أحد ولا يشعُر بوجوده أحد ، كانت متخفي عن الأنظار وعنها هي الأخرى فكيف سيجلس جوارها وهو جني ولا يحمل اوراق سفر خاصة به، لا يمتلك الا قوته الخارقة فقط ...
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي