الفصل الخامس والثلاثون أكسير الحياة

الفصل الخامس والثلاثون "أكسير الحياة"

عادت "ريم" بالذاكرة إلى الماضي وما عانته والدتها في بداية زواجها من الطبيب المعالج لها، حيث مرت تغيرات عدة في مزاجها من سيء لاسوء وكل ذلك حدث بسبب تعويذة السحر الذي خضع لها جدها قبل ولادة "سيرين" وهي لم تواكب الأحداث ولكن قصت لها والدتها ما حدث لها من اوهام وتخيُلات بوجود "سادم" حولها بكل مكان، أرق مضجعها ولم تذق طعم الراحة ودخلت في نوبات أكتئاب حاد وهلع ورهاب من كل شيء يحدث أمامها كما انها ابتعدت تلك الفترة عن صديقتيها وظلت حبيسة لغرفتها تواجهه الأوهام وحدها.


بكت "ريم" بحرقة وهي تحكي عن مُعاناة والدتها فهي تخشى لصغيرها نفس مصير جدته وكل ما مرت به جدته من صِعاب وكانت لديها قوة تحمل وأرادة وصبر ونجت من المرحلة العصبية بحياتها ولكنها لاجئت للشيوخ ولطب النفسي لكي تخرج من ذلك البلاء، فلا تُريد أن يتكرر الأمر مع صغيرها وتعيش مأساة الماضي التي لم تعيشه مع والدتها فمجرد التفكير بالأمر يُرهق عقلها ويُقلب حياتها رأسًا على عقب..


-ساءت حالة "سيرين" منما أقلق والديها فقد كانت تظل مُستيقظة لن تسطيع النوم واذا غلفت عينيها تصرخ هلعًا منما يراودها داخل أحلامها وأثناء صحوها، حول حياتها لجحيم مُستعر، أصبحت جسد شاحب وعيون ذائغة تطلع لهم بتيه وشرود.


في ذلك الوقت قررت صديقتيها "ماري" و "نيروز" إخراجها من تلك الحالة ولكنها لن تستجيب لهن فقد أبت محاولتهن بالفشل واقترح والد "ماري" العم شوقي بذهابها لطبيب نفسي وبحث هو بنفسه عن طبيب مُختص المعالجة النفسية وبالفعل خضعت سيرين للعلاج النفسي ومكسوها داخل مصحة نفسية لأنها حاولت الانتحار وهي غير مُدركة لافعالها ولكن كان يُطاردها المارد "دهمان" اللعين الذي كان مُصر على فقدانها لحياتها.

ظلت قرابة العام داخل المصحة وبدعم صديقتيها والطبيب المُعالج غادرت المصحة وأكملت دراستها للطب بمساعدة الطبيب الذي عشقها وقرر الزواج منها وهي لم تجد إلا الموافقه على هذا الزواج فقد كان ملاذها الوحيد في الحياة، وبعد زواجها عادت تراودها الهواجس والهلاوس وتحملت الكثير ولكن فقدت زوجها الحبيب ورفيق دربها بعدما أنجبت طفلتها "ريم"
وقرر إحدى رجال الدين ان تذهب للأراضي المُقدسة وأداء مناسك الحج وهُناك الراحة والسكينة والأمان ومن هُناك ألتقت بسيدة اعطتها القلادة المُحصنة بذكر الله وحجر كريم نادر الوجود ومن يومها وهي تتمسك بتلك القلادة والبسها لابنتها "ريم" واختفى ظهور دهمان وعودته لها ثانيًا.

كانت حياتها بائسة وعاشت طوال عمرها تخشى عودته بالظهور أمامها وإذاء ابنتها وأحفادها إلى أن صعدت روحها إلى بارئها.
شهقت ريم بحرقة بعدما أنتهت من حديثها عن الماضي

اقتربت "سيران" تحتضنها وتربت على ظهرها بحنو لتنظر لها" ريم" قائلة بلهفة عندما تذكرت القلادة:
- أين القلادة سيران؟
اخرجتها من خلف كنزتها وقالت:
- هذه القلادة المُحصنة؟
- أجل هي نفسها القلادة وإياكِ ان تنزعيها
قالت سيران بعدم تصديق تلك الخُرافة:
-ولكن هذا غير منطقي كيف لقلادة ان تتحكم بمصير حياتنا يا أمي، أنها مُجرد قلادة عادية كغيرها


قاطعتها ريم بانفعال:
-لا هي ليست مغيرها، لقد أخبرتني جدتك قبل وفاتها بأن داخلها سحر خفي، حجر كريم نادر الوجود، داخله شراب أكسير الحياة ومن يرتشفه يخلد مدا الحياة
شهقت سيران غير مُصدقة لتلك الخرافات التي تتفوه بها والدتها ولكن لمعت عين "لاواي" بوميض غريب وحصل على مراده حقًا ولكن نجح في إخفاء فرحته في الوصول لهدفه.

نزعت ريم القلادة من عُنق ابنتها وحاولت فتح الحجر الفيروزي الذي يلمع بسحر جذاب ولكنها لم تستطع فتحها فهي تعلم بأنها تحمل داخلها الحجر الآخر ولكن حاولت كثيرًا قبل ذلك فتحها ولكنها يأست والآن هي مُصرة على كسرها وأخراج ما بداخلها، تُريد أن تسترد ابنها الراقد بين الحياة والموت.

تنهدت "جميلة" بحزن وقررت الانسحاب هي وابنائها من تلك الغرفة الخاصة ب "سادم" فيكفي ذلك الوضع المُتأذم وسوف تعود إلى منزلها تحاول الجلوس مع والدتها لتعلم كل ما يخص تلك القلادة وما يعرفه والدها عن "أكسير الحياة"


ولكن رفض "كارم" المُغادرة مع والدته لانه يُريد التحدث مع"سيران" فلم تحدث بينهما مواجهة لمعرفة سبب فض الخطبة ونزع دبلتها.
تنحنح "كارم" ثم نظر لها قائلا بتحفظ بسبب وجود هذا الشاب الغريب عنهما:
-"سيران" أريد التحدث معكِ الآن، هل تسمحين لي بذلك؟

ألقت سيران أنظارها على والدتها المتمسكة بالقلادة وكانها غريق يتعلق بالقشة وجابت بعينيها التطلع إلى "لاواي" الذي رمقها بنظرات دافئة واقترب بخطوة اتجاه والدتها يحاول مُساعدتها على فتح القلادة فهو لديه قوة على ذلك ولكنه رفض فتحها وادعى انه يحاول فتحها حقًا

-لا تقلقِ سأحاول فتحها
أعطته ريم القلادة بعيون تائهة تتعلق بالأمل
اما عن سيران زفرت أنفاسها بضيق وتركت الغرفة وهي تسير أمامه وهو يتبعها في خطواته، قررت الأبعاد عن ذاك الطابق الذي يوجد به شقيقها وهبطت الدرج إلى الاسفل وتحسبًا لأي رد فعل وحدوث شجار أو صوت وأنفعال عليهم الإبتعاد بالخارج وصحبته إلى الحديقة وهي تقول بثبات:

-اعتقد هُنا أنسب مكان للحديث، تفضل أنا اسمعك جيدًا
جلست هي أولا بالمقعد القابع خلف الطاولة المُستديرة الصغيرة التي تضم حولها أربعة مقاعد وهو اتخذ المقعد المقابل لها ورفع أنظاره تتعلق بمقلتيها وهو يهتف قائلا:
-لم تُتيح لنا الفرصة بالتحدث عن أمر نزعك لخاتم الخطبة

لاحت شبح أبتسامة صفراء وقالت وهي تتصنع الدهشة:
-حقًا لم تعرف السبب وراء ذلك؟
هز رأسه نافيًا وقال:
-كيف اعلم وانا من تفاجئ برد فعلك هذا على حين غفلة ولم يحدث بيننا أي حديث او مواجهة
-حسنًا "كارم" حللت الرباط الذي بيننا لأنك خائن ورأيتك أمام عيني فلن تستطيع إنكار ما حدث بينك وبين "ميلا" التي كُنت أظًُنها صديقتي ولكن انا لم أصادق الخائنين ولن اربط حياتي بهم

جف حلقه وحاول الدفاع عنه نفسه ومحاولة اعطاءه فرصة أخرى فهو يُحبها وما حدث كان لحظة ضعف
-تتركيني وتنسى حُبك لي، سيران أنا إنا أيضًا أُحبك ولا أريد أن تنتهي علاقاتنا بهذا الشكل، دعي لي فرصة أخيرة ولن تندمي أبدًا، أقسم لكِ ما حدث بيننا شيئًا كانت مجرد لحظة هوجاء وميلا هي من بادرت بالتقرب
قاطعته باشمئزاز وهي تنهض عن مقعدها لتنهي الحديث بينهما:
-وأنت ضعفت بكل سذاجة وقبلت بهذا التقرب، "كارم" ما بيننا انتهى ولم يعد كما السابق.

انهت كلماتها وتركته مصدومًا فلم يتوقع ذلك الرد، كان يظن بأن حبه سيشفع له خيانته ولكن سيران لم تقبل بذلك، عاد إلى منزله مكهفر الوجه ثم صعد إلى غرفته ورفض الحديث مع والدته، واوصد على نفسه وظل حبيسًا لغرفته يتذكر ما مر عليه في ذلك العام الماضي منذ أن تمت خطبته ب"سيران"

واللحظات الجميلة السعيدة التي جمعت بينهما ورؤية أبتسامتها التي تُنير وجهها وعندما وصل تفكيره لفقدانها القى هاتفه بقوة حيث المرآة لتتهشم إلى نصفين وقف هو يتطلع لنفسه داخلها ليجد أنعكاس صورته لم تعد صورة مُكتملة، وجد نفسه مُهشمًا تمامًا مثل لوح الزجاج، هيئة غير واضحة معالم وجهه ناقصة وهذا حال قلبه أيضًا لم يعد مكتملا بعدما فقد قطعة منه لم يُدرك حجم خسارته لحبه إلا الآن وجرح محبوبته بصك الخيانة الذي لا يُغتفر..


الخيانة غدر وسوء خلق لا يجب أبداً فعل مثل هذه الأفعال البذيئة من شخص محب للناس، فالخيانة انتقام عظيم وخنجر مسموم يطعن في قلب الأشخاص ويشعرهم بالألم ويغرس في نفوسهم عدم الثقة وكره كل شيء من حولهم، الخيانة سلوك من يشعر بالنقص.

غدر البشر من أسوأ الأمور في الحياة، فلا أحد يحتمل الغدر ولا الخيانة ولا الألم النفسي الناتج عن الغدر والخيانة، إذ تفعل الخيانة جرح عظيم في القلب وتهد الأشخاص هدًا كما أن الخيانة هي شبح العلاقات والأمر الأسوأ بين الأحبة، لذلك لا يجب أبداً أن يخون المرء أشخاص أحبوه بصدق ومنحوه الحياة التي لطالما تمنى أن يحياها.

هكذا كان حالها تتمزق من الداخل ويحترق قلبها بسبب ما فعله "كارم" بها لقد طعنها بخنجرًا مسموم بالغدر والخيانة وهي التي منحته قلبًا نقيًا مُحبًا ومُخلصًا له، أحبه بصدق ولكنها تتضرع مرارة الخيانة وحدها وعليها ان تقف صامدة لن يهزها شيئًا يكفي وضع شقيقها الذي يلهيها عن ترك قلبها للحزن..

**
عودة إلى غرفة سادم.

كفكفت "سيران" دموعها المُنهالة على صفيحة وجهها قبل أن تولج لغرفة شقيقها، تخفي أثر حزنها العميق بقلبها.
وقفت أمام باب الغرفة تستجمع شتاتها بهدوء ثم سحبت شهيقا عميقًا وزفرته ببطء شديد، ثم ولجت داخل الغرفة تحاول رسم أبتسامة طفيفة، اقتربت من خطواتها ووقفت بجوار والدتها التي نظرت لها وتذكرت امر فسخ خطبتها وظنت انه مجرد شجار عابرًا وعادت إلى خطيبها لذلك تسألت قائلة:
-هل تصالحتما؟

ربتت "سيران" على كتف والدتها وهمست برفق:
-لأ... ما فعله كارم لا يستحق الغفران والدتي، وانا بخير هكذا لا تخافين
تسألت بقلق ونظرات غاضبة:
-وما التصرف الذي فعله لكي لا يستحق الغفران؟ أعدك بأن أظل جانبكِ ولن أسمح لاحد اي كان أن يجرح ابنتي.

تبسمت لها وقالت بصدق:
-ابنتكِ قوية وستمر من هذه المحنة دون كسر، كل ما في الأمر اريد طي تلك الصفحة من حياتي
شعرت "ريم" بحزن ابنتها وانسابت دموعها المكلومة على حال طفليها

انتشلهم "لاواي" من ذاك الحزن الذي سيطر عليهم وقال بصوت دافئ محاولة منه أحياء أمل شفاء سادم في نفوسهم وهو من يتولى ذلك الامر
-اعتذر عن قطع حديثكم ولكن أود أن أبدا مع سادم رحلة العلاج من هذه اللحظة ليتعافى ويعود كما كان، ساحتفظ بالقلادة بالطبع ستصلنا لشيء وسوف أحاول جاهدًا على فتحها

تبادلت النظرات بينهما ولكن الغريب بأن ريم لم تعترض حديث لاواي وهذا ما جعل سيران مُندهشة تصرف والدتها وثقتها في "لاواي" كما هي أيضًا فلم تعارضه رغم معرفتها بأنه شخصًا غامضًا ويخفي خلفه الكثير.

وهو من جعل بينهما هالة خفية يحجب عليها فهمها واختراقها كما أنها أمامه الأن گ الكتاب المفتوح وهو يقرأها دون عناء ويتحكم أيضًا بافكارها ولا يجعلها تُعارضه، كما نمى الإعجاب ويحاول الهاءها عن عدم التفكير في علاقتها السابقة ب"كارم" الذي خذلها وجرحها، نجح في كبت حزنها وأخفاء مشاعر الحب من قلبها لذلك الشخص الذي يبغضه وسينال منه حقًا بعدما اقسم على ذلك فلن يدعى ينعم بعيشة هنية منذ تلك اللحظة التي بدلت حياتهم جميعًا..

**
جلست "جميلة" مع والدها "عزيز" تحاول فهم سر القلادة وهل حقًا داخلها أكسير الحياة الذي يجعل من يرتشفه يحيًا ابديًا مثل ما قرأته قديمًا في حكايات الأساطير المخلدة.

نظر لها والدها بوهن شديد فقد كان في حالة أعياء ولكن عندما قصت عليه ما حدث بمنزل "ريم" وهو منصت لها تمامًا وتذكر لمحات من الماضي الجميل الذي كان يجمعه بزوجته وصديقتيها المقربتين.

تنهد بعمق وقال بصوته الخافت:
-كانت أجمل لحظات عمرنا عندما كُنا نجتمع سويًا بالماضي، فبعد سفر "سيرين" شعرت الرفيقتين "نيروز" و"ماري" بالحزن والخوف عليها وعند عودتها كانت الفرحة عارمة وتعم قلب الجميع.

قطعت حديثه بفضول وتسأل:
-والدي الحبيب دائما تحكي لي عن الماضي الذي جمع بينكم ولكني لا أعلم حتى الآن هل خالتي "ماري" وزوجها "ماكسر" على قيد الحياة ام توفاهم الله
رفع مقلتيه الصغيرتين أثر التجاعيد المحفورة على ملامحه يطالعها بنظرات حزينة ثم بتر كلماته بحزن دفين:
-تشتت علاقات الماضي وانكسرت أضلاع المثلث الثلاثة اللاتي كانوا مثل أضلاع المثلث المتكامل تبعثر كل ضلع بمكان.

أسترد أنفاسه بصعوبة وقال هامسًا بحزن:
-بعد عودة سيرين وريم من السفر تبدلت أحولهن وحدث تغير جذري بعلاقتهن، انشغلت سيرين بتربية ابنتها فقد عادت بهواجس الفقد تُطاردها، تخاف على فقدانها وبعدتها عن الجميع وظلت تحاول فتح القلادة المُحصنة التي ظنت بأن داخلها أكسير الحياة ولكن هذه لم تكن الحقيقه هي مجرد خدعة فعلنها لكي نجعلها تنسى الماضي وتتمسك بالأمل الجديد، وظلت تحتمي بتلك القلادة وهي تظن بأنها ستحمي نسلها من الجن دهمان، المرض النفسي الذي أصابها كان يجعلها ترا هواجس عديدة ومرت بمرحلة الوسواس القهري الذي كان سيودي بحياتها اكثر من مرة، سر القلادة نحن اوهمناها بذلك وكانت فكرة "ماري"

-لم أفهم ولكن ريم أخبرتني غير ذلك
اردف عزيز قائلا:
-هي حقًا قلادة أتت بها ولكن من روما أثناء رحلة سفرنا وكانت قلادة نادرة خاصة الطبيب "سادم" ورثها عن والدته وهو بنفسه أعطاها ل سيرين لأنها الشي الثمين الذي بقي من والدته وهو كان يُحب والدة كثيرًا ولم يحب فتاة إلا سيرين ونحن عند عودة سيرين من الأراضي المقدسه كانت بحالة من التشتت الدائم تحدثنا مع طبيب مختص واقترح علينا أن نبدل لها حقيقة القلادة و"ماري" هي من قصت عليها انها محصنه ستحمي ابنتها ونسلها لان سيرين كانت تخاف بشدة على "ريم" وعودة دهمان ثانيًا وكل ذلك من أفكارها المرسخة في ذهنها فقط، ونجحت خططنا مع الطبيب وابدال افكار سيرين.

اما عن ماري وماكسر توفاهم الله في حادث مروع وتركوا أبنتهم "جاسمين" التي لا أعلم عنها شيئًا إلا انها هاجرت مع خالتها "ملاك" وزوجها إلى أمريكا وانقطعت أخبارهم عنا منذ فراق والديها رحمهم الله.
نيروز مهجة القلب أيضا فارقتنا منذ عدة أعوام وأنا اريد الالتحاق بها فقد سامت الكبر والنسيان يا ابنتي
ضمته بقوة وقالت بحزن:
-وتترك جميلتك وحدك

أبتسم بخفة وقال:
-جميلتي لديها من الاشقياء ثلاث اعانكِ الله عليهم يا روح فؤادي، هم ثمارك وما تزرعيه ستجنيه من حصادهم

همست بقلة حيلة :
-لم أعد قادرة على تربيتهم، لم يعدوا أطفالا ولن يستمع لي أحد جميعهم يتصرفون من قرار أنفسهم فقط، حاولت كثيرًا وفشلت في مصاحبتهم اعطيتهم الحرية وهم استغلها.

قال بحنو وهو يربت على ظهرها برفق:
-لا تجعليهم يخافون منكِ، لا تتحكمي بهم وهم شباب كل ما عليكِ فعله هو ترك لهم حرية القرار دون أجبار منكِ على افعل هذا ولا تفعل هذا، تزوج من هذه واترك الأخرى، ذاكر دروسك ولا تهتمي كيف سيذاكر وما الذي يفضله أثناء مذاكرته، لماذا لم تشاركي أولادك جميع تفاصيل حياتهم اليومية، اعتني بالكبير والصغير، هم بحاجة لحضن دافي يساعهم، وليس بحاجة لمال فقط ولا لاوامر افعل هذا واغرب عن هذه هم شباب الغد وأمل المستقبل اعطيهم حرية دون قيود او شروط ولا تكبتي مواهبهم، المال غير كافي لتربية شباب بعمر أبناءك هم بحاجة لسماعهم اكثر من توبيخهم وإصدار اللوم عليهم وأنهم دائما مخطئين.

عانقت والدها بحب وهزت رأسها بالموافقة على حديثه وانها ستفعل المستحيل من أجل أولادها فقد كانت مخطئة في تربيتها، السيطرة والتحكم بأبسط حقوقهم في الحياة ستجعل منهم يشعرون بعدم الأمان داخل منزلهم وهم مراقبين من والدتهم.

اعطي الطير حرية الفرار من داخل قفصه فإن عاد إليك فهو مازال بحاجتك، مد له كف العطف والاحتواء، اجعله يتخبط هنا وهناك ليعلم بنفسه كم هو بحاجة لك.

يحاول الإنسان الحصول على الحرية بكافة الطرق، وهذه الحرية تمكنه من الحصول على تحديد كثير من الأمور في حياته مما يساعده على التطور والتقدم وبالتالي يستطيع تحقيق أمنياته.

الحرية أغلى ما يملكه الإنسان في حياته بشرط عدم إلحاق الضرر بالآخرين،
الحرية منحة ربانية أعطاها الله للإنسان، ويعد العيش تحت سيطرة الآخرين أمرا صعبًا لا يقبله الإنسان، فالإنسان الذي يبحث عن الحرية لا بد أن يتصف بالمسؤولية.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي