الفصل الثالث القاتل القتيل

(٣)

القاتل القتيل

دخل معز مسرعا وهو يقول بانتصار:
_ يزن، لقد جمعنا كل المعلومات المطلوبة عن الطفل، وعرفنا من هو وننتظر قدوم والده كي نخبره بأمر وفاته قبل استلام الجثة والتحقيق معه.

رفع يزن رأسه ناحية معز وهو يقول:
_ قل صباح الخير أولا، اعطيني هذا الملف .

ناوله معز الملف وجلس أمامه وهو يقول:
_ تفضل .

مال يزن برأسه وهو يتطلع من الباب إلى شيئا ما بالخارج، فسأله معز بتعجب:
_ هل تنتظر شخصا ما؟!

اسرع يزن قائلا بارتباك:
_ لا، أنا اتطلع بالخارج لرؤية المجند إن كان بمكانه.

ابتسم معز بدهاء وقال:
_ نعم نعم، اتفهم أهمية وجود المجند بجوار الباب.

إنشغل يزن بمطالعة الملف، بينما رأى معز يارا تتقدم ناحيته؛ فابتسم بمكر وقال:
_ ها قد حضر المجند.

رفع يزن رأسه وهو يطالع الباب باندهاش، وعندما وجدها تتقدم ناحيته طالعه بلوم وقال:
_ من فضلك دع عقلك هذا يعمل في نطاق عملنا وليس في حياتي.

انتبها الاثنان على طرقات يارا على باب الغرفة المفتوح وهي تقول:
_ السلام عليكم، هل بإمكاني الدخول؟

تطلع معز يزن مخفيا ابتسامته، وهو ينتظر ان يجيبها بينما قال الثاني بحدة:

_ لم نعرف شيئا بعد، انصرفي الآن، أنتِ ترين أن هذا الوقت غير ملائم، وأن مركز الشرطة بأكمله مستنفر، والجميع في حركة سريعة.

ابتسمت بود وقالت:
_ حسنا سأنتظر هنا بالجوار، وعندما تعرف شيئا ارجوك اخبرني به.

رفع يزن عيناه بملل، وعاد اليها قائلا بتريث:
_ من فضلك أنتِ، انصرفي وعندما أعلم شيئا سأهاتفك؛ كي أخبرك إياه.

عبست يارا بجبهتها قليلا وهي تقول:
_ لا لن أنصرف، من هنا قبل أن احصل على المعلومات التي أريدها، وبأي طريقة.

عاد يزن إلى مطالعة الأوراق التي أمامه وقال:
_ على راحتك، أنا نصحتك، والان انصرفي من أمامي.

رفعت حاجبها بتحفز، والتفت إلى الخارج ووقفت مستندة على الحائط وهي تطالع شاشة هاتفها بتركيز..

أسرع معز قائلا ليزن :
_ هل تلك المعلومات كافية؟

أسرع يزن قائلا :
_ لا سننتظر والده عندما يأتي لنأخذ أقواله، ونعرف كيف اختفى هذا الطفل من أمام بيت بمكان كبير كذلك المكان الذي أعيش أنا فيه ولم تلتقطه احدى الكاميرات، وكأنه سراب .

اومأ معز برأسه وقال:
_ حسنا، وبعد ذلك سنذهب إلى المشفى لنأخذ تقرير التشريح من وسام .

أغلق يزن الدفتر بينما تابع معز:
_ لنعرف ما الجديد في هذه القضية، ربما عثر على شيء ما يفيدنا في التعرف على القاتل.

تطلع يزن ناحية يارا المنهمكة في مطالعة شاشتها، ولاحظ شخص ما يقترب منها ببطء، حتى أنه كاد أن يلامسها؛ فوقف يزن منتفضا وتوجه ناحيتها..

صرخ في هذا الرجل قائلا بعيون تقدح نارا:
_ لماذا تقترب منها بهذا الشكل؟

اجابه الرجل بارتباك :
_ لا شيء يا سيدي، الممر مزدحم؛ فوقفت هنا لم اقصد أن أقترب كما قلت انت.

تطلعت يارا بيزن وقالت:
_ الرجل لم يفعل معي اي شيء.

جذبها يزن من ذراعها وهو يقول بحدة :
_ قلت لكِ يجب أن تنصرفي من هنا، المركز اليوم مزدحم، ووجودك هنا فيه خطر عليك.


نفضت يدها من ذراعه وقالت:
_ هذا ليس من شأنك، أنا هنا لأني أؤدي عملي، من فضلك أريد أن أخذ منك المعلومات الجديدة كي نشرها.

قبض يزن كفه ورفعه ناحية وجهها متصنعا أنه سوف يضربها، وقال بغضب:
_ لماذا لا تسمعين الكلام، لماذا تجادلين طوال الوقت؟!

وضعت ذراعيها في خصرها، الذي حدد منحنياتها من قميصها القصير وقالت بضيق:

_ هذا ليس شأنك .

لاحظ يزن التفات الجميع إليها من صوتها، و من جمالها الذي زاد مع حركتها العفوية؛ فجذب ذراعيها من خصرها وهو يقول:

_ حسنا، ادخلي إلى مكتبي فورا، وإلا قسما بربي لا أعرف ماذا سأفعل بك؟

لم تفهم مقصده ولكنها وجدتها فرصة ثمينة، فتوجهت ناحية غرفته ودلفت بها ..

جلست على المقعد المجاور للباب في صمت، تطلع يزن حوله وقال:
_ لماذا تتطلعون ناحيتنا؟ الكل يذهب إلى عمله.

رن هاتفه فأجابه قائلا:
_ مرحبا وسام، كيف حالك؟

اجابه وسام قائلا:
_ أنا بخير، لقد اتممت عملية التشريح للطفل، وقد جمعنا باقي الجثة، هل ستأتي اليوم ؟

أسرع يزن قائلا وهو يتطلع ناحية يارا:
_ نعم سآتي إليك على الفور.

اغلق الهاتف ودخل إلى معز وقال:
_ معز من فضلك، هيا بنا وسام ينتظرنا.

وقفت يارا هي الأخرى وقالت:
_ إلى أين؟

صك يزن أسنانه وأجابها:
_ وما شأنك أنتِ، هيا أمامي اذهبي إلى بيتك.

وقفت أمامه وقالت بقوة:
_ لا لن أذهب إلى أي مكان، أعلم انك ستذهب إلى الطب الشرعي، إما أن تأخذني معك، أو سألحقك إلى هناك.

صرخ بها معز بفقدان صبر وقال:
_ أنتِ، لقد فقدت صبري معك، إما أن تذهبي إلى بيتك وتخرجين من هنا، والا سنتركك ولتتحملي نتيجة بقائك.

مرر يزن كفه على وجهه وقال:
_ اتركها يا معز .

ثم أشار بكفه لتتقدمه وقال بحنق:
_ أمامي يا قدري.

ابتسمت يارا وقالت بطفولة:
_ هل ستأخذني معك؟

أومأ برأسه وهو يضحك ابتسامة ساخرة وقال:
_ نعم سأخذك معي، وهل بيدي شيء آخر؟ تفضلي.

ابتسمت بانتشاء وسارت أمامه، بينما تنهد معز وهو يتطلع إليها بمشيتها الناعمة، وبنطالها الضيق، وشعرها الأسود اللامع..

ثم قال بإعجاب:
_ هذه الفتاة ستصيبنا بالجنون.

اعترض يزن نظراته بجسده وقال بنبرة حازمة:
_ معز، هذا لا يصح .

ابتسم معز وقال بعبث:
_لا تقلق، ليست من النوع المفضل لي، فلتهنئ أنت بها.

توجهوا إلى مكتب الطب الشرعي، دخلوا إلى المبنى حتى سأل يزن عن الطبيب وسام ..

وبالفعل بعد دقائق كانوا يقفون أمامه في مكتبه، طالع وسام يارا بتعجب ثم قال ليزن:
_ ماذا تفعل تلك الصحفية هنا ؟ ومعكما !

اسرعت يارا قائلة وهي تجلس أمامه على المكتب:
_ لا يهم سبب وجودي الآن، أخبرنا هل وجدت شيئا ؟ هل تعرفت على القاتل؟

اسرع يزن قائلا وهو يجذبها من ياقة قميصها القصير ذلك:
_ يارا، من فضلك إلى الخارج، نحن هنا في عمل هام ووجودك اختراق لسرية التحقيقات.

التفتت ناحيته وقالت من تحت ذراعه الذي يرفعها للأعلى:
_ من فضلك، ما سيقوله لك، انت ستقوله لي، أو سأعرفه أنا بطرقي الخاصة.

أزاحت ذراعه عنها وقالت برجاء:
_ فلماذا سنضيع الوقت ؟ من فضلك .

اجابها معز بعملية:
_ لان كل ما سيقال لن ندونه في المحضر الرسمي، هناك أشياء نحتفظ بها لنا نحن في نطاق سرية التحقيق.

أشار بيده لها قائلا:
_ من فضلك إلى الخارج حالا.

تأففت يارا وقالت:
_ حسنا، سأنتظركما .

اطمئن يزن أنها خرجت، وبقيت في مكان آمن، ثم عاد إلى وسام وسأله بترقب:
_ ماذا وجدت هذه المرة؟

ارتدى وسام نظارته الطبية وطالع ملفا ورقيا أمامه وقال:
_ نفس الشيء، جثة الطفل وجدنا بأظافرها بقايا جلد من جثة الضحية السابقة!

سأله معز بتعجب :
_ ماذا يعني هذا ؟

أجابه وسام بتعجب:
_ هذا يعني وكأنه كل قتيل هو الذي يقتل الضحية التي تليه.

هز يزن رأسه وقال بعدم فهم:
_ كيف يحدث هذا ؟ أنا لا أفهم .

هز وسام كتفيه بعدم معرفة وقال:
_ لا أعرف ولكن كيف يحتفظ هذا القاتل بجلد ضحاياه، ويضعه بتلك الدقة في أظافر الجثث الجديدة، وكأنه يسخر منا جميعا.

قال له يزن:
_ لا أعرف، عامة ماذا وجدت أيضا؟ وما هو التقرير النهائي لتشريح جثة هذا الطفل؟!
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي