الفصل التاسع والعشرون اعترافات السيكوباتي

(٢٩)


"اعترافات السيكوباتي"



وكأن تميم توقع ردة فعله تلك فقال بثبات :
_ نعم قتلته، وضعت له السم في كبسولة صغيرة و وضعتها له في الكعك الذي يحبه، وبعد ساعتين عندما كان مع أمك بمفردهما، مات ..

وبالطبع المتهم الوحيد بسمه هنا هي، أمك، ولأنني أردت أن أستحوذ على كل أمواله الكثيرة والذي استولى عليها من أبي، فهددت أمك ..

إما أن تتركك وتختفي تماما، وإلا سأقتلك وأسلمها للشرطة، وافقت لأنني كنت قد سممتك بالفعل، وكنت تلفظ أنفاسك الأخيرة أمامها وتتلوى من الألم..

وكان بيدي الترياق المضاد للسم، إما ستوافق، أو تتركك تموت ..

ووافقت وابتعدت عنك، وبحثت عنها الشرطة بكل مكان، وأنا لأنني طيب القلب لم أخبرك بأنها هي من قتلت والدك " .

جلست يارا وهي تقول :
_ لقد صدمها أبي بسيارته وأتى بها لبيتنا وداواها، ثم بعد فترة طلب منها الزواج وتزوجا، ومن يومها وهي لم تخرج من البيت سوى خلسة .

انتبهوا لصوت تميم وهو يقول :
_ " أخذت أموالك كوصي عليك، واستمر عملي كشرطي، بل وكنت الأفضل، ولم يتوقف شغفي للدماء ورائحة الموت، حتى كبرت أنت يا يزن ..

تخلصت من بيت والدي واشتريت هذا البيت، وأول شىء فعلته كان بناء مقرا لهذا الوحش الذي بداخلي، وهذا ستجده بغرفة أسفل البيت لا يعرف أحد عنها شيئا " .

اقترب معز من عزيزة وسأله مسرعا :
_ وأين تلك الغرفة يا خالة ؟

حركت كتفيها وقالت بنبرة بطيئة من صدمتها :
_ لا أعرف، ولكنني تذكرت شيئا .

سألها معز بفضول :
_ ماذا تذكرت ؟

_ بكل مرة قتل بها شخص في هذا المكان، كا سيدي تميم يعطيني الكثير من الأموال كي أذهب لزيارة ابنتي .

حه وسام ذقنه وقال بابتسامة نصر :
_ إذا ظني كان في محله يا معز، فكما قلت لك السم وضع في الكعكة .

حرك رأسه بتعجب وقال :
_ و بالطبع لم نجد له أثر على الصحون اوك على المعالق؛ لأنه وضع داخل كبسولة مغلفة، وتلك الكبسولة عندما نزلت إلى المعدة ذابت من فورها .

تابع خالد استنتاجه وقال :
_ وأخذت وقتها حتى تسمم القتيل، ولكن القاتل والآخرون بفعل هذا المصل المضاد الذي وضع في الشاي نجو .

شارك معز أيضا قائلا :
_ ولكن القتيل لأنه لا يشرب الشاي تسمم، إذا فأنت على حق كما قلت لي يا وسام .

تطلع يزن ناحية معزه وقال بحيرة :
_ ماذا تخفي عنا أيضا يا معز .

اقترب معز منه وملس على كتفه بترفق وقال :
_ كنت في ذلك الوقت لن تصدقنا؛ لذلك احتفظنا بظنوننا لأنفسنا حتى نستطيع أنا نواجهك بكل الأدلة التي معنا .

اقترب خالد من يزن وقال :
_ يزن من فضلك هل هناك ممر أو باب اوك شيء بإمكانه أن يخفي وراءه غرفة سرية .

هز يزن رأسه نافيا وقال :
_ لا، البيت بأكمله ليست به غرف سرية .

لف خالد حول نفسه وقال بتفكير :
_ من المؤكد أن هناك شيء ما في هذه الغرفة يأخذنا إلى مكان آخر؛ لأنه عندما كان يوهم الجميع بأنه اختفى كان يدخل إلى الغرفة .

اقترب أحد المجندين من خالد وهو يحمل سلة المخلفات وقال :
_ وجدت تلك الأقراص بها يا سيدي .

التقط وسام أحدهم وطالعه جيدا ثم قال :
_ أعتقد أنها أقراص منومة، سآخذها لأتأكد .

أومأ يزن برأسه و قال :
_ نعم هي كذلك .

ثم التقط العلبة التي بها الأقراص المنومة من على الطاولة المجاورة للفراش وقال :
_ تلك علبة الأقراص المنومة والذي كان يستخدمها .

فتحها وسام وتطلع بداخلها وقال :
_ لا الحبوب التي بها ليست خاصتها، الأقراص المنومة تم إلقاءها في السلة وتخلص منها .

ثم أغلق العلبة وقال :
_ ولكن الأقراص التي بداخل العلبة ليست هي خاصتها .

ضيق يزن عيناه وقال بصدمة :
_ لذلك عندما أخذت منها بالأمس بقيت طوال الليل لم أستطع النوم، حتى أنني قلت أني مصاب بالأرق !

قال له وسام بجدية وهو يحتفظ بكل شئ :
_ أعتقد أنها حبوب منبهة؛ كي لا تستطيع النوم، من المؤكد كان يأخذها ليبقى مستيقظا فترات طويلة .

ابتسم معز بسخرية وقال وهو يغطي الجثة :
_ أو ربما في فترات كان سيغلبه فيها النعاس، وكان يهمكم بأنه يخلد إلى النوم، كي لا يبحث أحد خلفه .

أمنت عزيزة على حديثه وقالت بتأكيد :
_ معك حق يا ابني، لأنه عندما كان يدخل في نوبة النوم، كان يطلب مني حتى عدم الطرق على الباب، وكنت أنصاع لأوامره .

اقترب سعد السائق من يزن وقال بتوتر :
_ سيدي لقد رأيت شيئا أريد أن أخبركم به، ربما يساعدكم .

انتبه الجميع إليه فحسه يزن على التحدث وقال :
_ قل ما عندك يا سعد، ولا تقلق .

اطلع سعد حوله ثم عاد إلى يزن وقال :
_ لقد رأيت اليوم بعد خروجك بفترة، خروج السيد عاطف والد الطفل كريم والذي قتله عمك .

اتسعت أعين الجميع وقال يزن بتعجب :
_ إذا السيد عاطف قد دخل وخرج من البيت اليوم، وما الذي اتى به إلى بيتنا إذ لم أكن أنا موجود ؟!

أسرع معز وقال ببديهية :
_ ربما هو من قتله، ولكن من أين عرف عرف أنه القاتل ؟

حرك سعد كتفيه بعدم معرفة وقال بتلعثم :
_ حقيقة أنا لا أعرف، ولكن ما رأيته قلته، بإمكانكم التحقيق معه ربما كان هنا لشيء ما .

جلست عزيزة وهي تقول بحنق مستندة برأسها على يدها :
_ وهل أصبح البيت بلا رقيب لهذا الحد ؟ لقد كنت في المطبخ كيف دخل هذا الشخص وخرج دون أن أشعر به ؟

ثم رفعت رأسها ناحية يزن وقالت :
_ هل تركت الباب مفتوح خلفك يا يزن بعد خروجك .

أومأ يزن برأسه وقال :
_ نعم لقد تركته مفتوحا، ولكن لاني كنت اعتقد أنني سأخرج وأعود مباشرة، وعندما تأخرت وأنا أبحث عن معز وانتظره بالخارج .

حرك ذراعيه وقال بضيق :
_ حينها قلت إنك سترين الباب وتغلقيه خلفي .

صاح معز بخالد وقال :
_ خالد من فضلك أحضر لي حالا عاطف ولد الطفل كريم، وأيضا أؤمر أحد رجالنا بالذهاب الى بيت يارا وإحضار والدة يزن في الحال .

وقفت يارا وقالت بذعر :
_ لا، ولكن أمي لا تستطيع قتل بعوضة؛ فكيف بإمكانها أن تطلق رصاصة في منتصف الرأس بهذا الشكل الحرفي .

اقتربت من الجثة ونزعت الغطاء عنها وقالت وهي تشير على رأسه :
_ من أطلق تلك الطلقة شخص متمرس وذو خبرة، كي يضربها في منتصف الراس بهذا الشكل الدقيق .

ضيق يزن عينيه وقال :
_ بالفعل من قتله شخص مدرب على ذلك وقناص مهاري .

رفعت يارا هاتفها على اذنها وهاتفت هاتف بيتها، فأجابت هالة وهي تصرخ بحدة :
_ أين أنت ؟ أنا لم أقل لك ألا تتحركي من هنا .

ارتاحت ملامح يارا وقالت بهدوء :
_ أمي، الحمد لله أنك بخير، كيف عدت إلى البيت بتلك السرعة ؟

اتاها صراخ هالة مجددا وهي تقول بحزم :
_ عودي حالا إلى البيت هل تسمعينني ؟ وإلا سأخرج من هنا ولن تري وجهي مرة أخرى .

اسرعت يارا وقال بانصياع :
_ حسنا يا أمي، سأعود إليك لا تقلقي .

تطلعت بيزن الذي يتابعها وتمسكت بكفه وقالت :
_ ولن أعود بمفردي هذه المرة، فيزن سيكون معي .

بكت والدتها وقالت :
_ يزن ! وهل سيسامحني على ما فعلته به وعلى مقابلتي الجافة والصلبة له ؟

اسرعت يارا قائلة :
_ أمي لقد قُتل تميم عمه، و يزن تأكد أنك كنت مجبرة على تركه معه .

هدأ بكاء هالة فتابعت يارا قائلة :
_ لا تقلقي، الأمر لن يأخذ وقتا كبيرا حتى تتقربا من بعضكما .

قالت لها هالة بإخفاق :
_ أنا لا أظن ذلك، عامة أنا في البيت انتظرك لا تتأخري علي .

أغلقت يارا الهاتف وقالت بنفسها :
_ أمي لم تندهش عندما أخبرتها بموت تميم، وكأنها تعرف ذلك جيدا !

تنهد معز وهو يحرك رقبته بإرهاق وقال :
_ اذا يا خالد فلتقبض أيضا على سالم وجميع رجاله المنتشرون في "الكومباوند" .

سأله يزن بتعجب مستمر :
_ وما علاقته بالأمر ؟ ومن هم رجاله هؤلاء الذي تتحدث عنهم ؟

اجابه معز بهدوء :
_ بعدما هدد سالم بأنه سيأخذ حقه بيده كما قلت، أحضر رجالا له وبدأوا في مراقبة المكان بأكمله، وكانوا يراقبونا ونحن نعد الفخ لعمك .

عاد وغطي جثة تميم وقال :
_ من المؤكد أنه قد توصل لحقيقة عمك بأنه القاتل، كما توصلنا نحن .

دون وسام شيئا في مفكرته، ثم عاد إليهما وقال :
_ ولكن كل ما أريد أن أعرفه هو كيف التقطت الكاميرا تميم وهو يقفز من بيت ملك في نفس الوقت الذي كان مقتولا به ؟!

أغلق المفكرة وقال باندهاش :
_ كيف استطاع أن يفعل ذلك ؟

اقترب منه حسام وقال :
_ أنا رايته بأم عيني، والتقطت له الصور أيضا، بإمكانك أن تراجعها وتتاكد بنفسك .

أخذ يزن الصور من يده وبدأ يشاهدها بتدقيق و يبحث بها صورة تلي الأخرى .

ثم توقف قليلا وقال :
_ هذه ملابس عمي، لكنه لم يرتديها اليوم، وهذا الشخص يشبهه بعض الشيء من الخلف، ولكن عمي انحف من هذا الشخص بقليل .

ضرب الصور بكفه وقال :
_ إنه شخص انتحل شخصية عمي وأراد أنا يوهمنا؛ كي لا يشك أحد أنه القاتل .

أخذ معز الصور من يده وبدأ في فحصها ببطء شديد ثم قال له :
_ لا أعتقد أن وجهة نظرك صحيحة ، ولكن وجهة نظري أنه عمك يا يزن .

أشار له يزن وقال :
_ إنه شخص سمين بعض الشيء، وها هو عمي ملقى أمامك أنحف من هذا الشخص بقليل .

ضيق معز عينيه وقال :
_ سنرى هل سيكون والد كريم، أم احد رجال سالم، أم سالم نفسه ؟

ثم تطلع ناحية يارا وقال :
_ والآن لقد خرجت والدتك من دائرة الشك، لأنها لا تستطيع الذهاب إلى بيت ملك والقفز لتدخله وتخرج منه .

تنهدت يارا براحة ليتابع معز قائلا :
_ ولكن ربما تكون شاهدة على شيئا ما رأته خلال قدومها إلى هنا، لأن عودتها إلى البيت جعلتنا نشك بها .

قال وسام وهو يطالع ساعة معصمه :
_ دعونا نتابع ما سيقوله القتيل في الفيديو المصور .

عاد معز وضغط زر تشغيل الفيديو والجميع يتابع بإنصات ما يقوله تميم ..

صمت للحظات ثم عاد وابتسم وقال :
_ لقد اخترت من سأقتلهم بعناية، سيدة تبيع نفسها مقابل المال، وطفل سيكبر ويصبح نسخة مني، ورجل يبيع المخدرات ويسمم أجيال بأكملها ..

وأيضا مقابل المال، وطبيب يسرق أعضاء الناس مقابل المال، و يستغل جهل بعض الفقراء ويسلب أعضائهم دون وعيا منهم ..

عذبت البعض منهم والبعض قتلته قتلا عاديا، والبعض أخذ مني وقتا طويلا كي تصبح موتته شيئا يستحقه ..

هل تعرفون معنى أن أدرب كلب لمدة سنتين بأكملهم، من أجل لحظة واحدة بصوتي قادرة علي اقناع الكلب أنه عندما يقضم قطعة من جسد أي شخص ..

وخاصة منطقة الرقبة، أنه يلهو ومنصر، لقد بذلت مجهودا فوق طاقتي، وذلك لنشر العدل، انا العادل وانتم الظالمون ..

تعتقدون أن اخطائكم اقل بشاعة من أخطائي، تعتقدون أن ذنوبكم البسيطة أقل وزنا في ميزان العدل من ذنوبي ..

كلنا مذنبون وكلنا خطاؤون، ولكني أنا قررت أن أتوب عن خطأي واستغل قدرتي في تنظيف هذا المجتمع، لطالما فعلت ذلك وأنا ضابط شرطة ..

والآن فعلته بعد أن تركت الخدمة، ما الفرق عندما كنا نقبض على مجرم ويحاول الهرب واضربه طلقة في رأسه، وقتها أصبح بطلا ..

ولكن عندما افعل ذلك خارج البذلة العسكرية أصبحت قاتلا، أنتم منافقون ومزدوجي المعايير " .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي