الفصل السابع لعبة الألغاز

(٧)


"لعبة الألغاز"



العجز وقلة الحيلة ..
هما وجهان لسلاح ذو حدين، إما أن يكون لصالحك، أو يكون سبب جرحك أنت شخصيا بإيهامك أنه لا وجود للأمل..

زفر معز بملل وهو يدور حول نفسه وقال بضيق :
_ هل تعتقد أننا سنجد هذا القرص المدمج ؟

اجابه يزن وهو يتطلع حوله بتدقيق وتركيز :
_ لا أعرف، ولكن تلك المرة الرابعة التي يقع فيها قتيل ضحية لهذا المختل .

ثم سحب نفسا طويلا وتابع قائلا :
_ وبكل مره كان يترك لنا القرص المدمج مع الجثة، اعتقد أنه قد تركه في مكان ما هنا .

اقترب منهم أحد الجنود وقال بعملية :
_ سيدي، لقد وجدنا هذا المظروف الأصفر بجوار الحائط .

التقطه يزن مسرعا ومزقه، وما أن فتحه حتى ابتسمت شفتيه بانتصار شديد ..

ثم طالع معز وقال :
_ ها قد وجزنا القرص المدمج، لنرى ما به هذه المرة .

بحث حوله فوجد حاسوبا نقالا على أحد المكاتب المنزوية؛ فاقترب منه وأداره، ووضع به القرص وانتظر قليلا حتى بدأ يعمل..

وجدوا صورة مهتزة في البداية، ثم وجدوا القتيل وهو يقابل أحد الرجال، والاثنان يتطلعان حولهما بخوف وتبادلا الحقائب الجلدية..

ثم صعد القتيل إلى سيارته وانطلق بها، أوقف يزن المقطع المصور وقال :
_ ماذا يوجد بهذه الحقائب يا ترى ؟!

اسرع معز وأشار إلى رجاله وقال بنبرة آمرة :
_ أريد منكم العثور على حقيبة جلدية سوداء، ذات مقبض ذهبي، من المؤكد أنها موجودة بهذا البيت، حينما تجدونها احضروها لنا على الفور.

عاد معز وأدار المقطع المصور حتى وجد عبارات تكتب فقرأها معز قائلا بتركيز :

_ أعلم جيدا أنكم تتعجبون كيف استطعت الدخول والخروج من البيت ؟ ودون أن تلتقطني الكاميرات، وأيضا استطيع الدخول والخروج إلى مدينتكم دون أن يشعر بي أحد ..

هذا القتيل والتي تعتبرونه أنتم ضحية لي، ما هو إلا شخص حقير .

قاطع معز أحد الجنود وهو يحمل الحقيبة بيده و يقول :
_ سيدي لقد عثرنا على الحقيبة التي اعطيتنا مواصفاتها .

حملها معز بشغف ووضعها على المكتب وفتحها، فوجدوا بداخلها كميه كبيرة من المخدر البودر ..

تطلع معز بيزن وقال بصدمة :
_ لقد كان يتاجر بالمخدرات !

استند يزن بذراعه على المكتب، وضم رأسه وهو يقول ببديهة :
_ بالطبع، إنه عدل السيكوباتي، فلنتابع ماذا سيكتب هذا الرجل .

تابعوا المقطع وعاده معز يقرأ ما يكتب على شاشة الحاسوب وقال :
_ إنه يتاجر في المخدرات، وبسببه مات الكثير من الشباب ..

أعلم جيدا أنه مجرد ذراع لأحد المنظمات، ولكن أنا لا أستطيع أن أنهي المنظمة بالكامل، فسأترك لكم بنهاية المقطع المعلومات التي سترشدكم إليهم ..

وكان بإمكاني فقط أن انهيه هو، ولكن عذرا فأنتم الآن من المؤكد تعتقدون أنه قد تسمم بفعل التدخين ..

ولكن الأمر معقد أكثر مما تتخيلون، بإمكانكم معرفة كيف قتلته، ولكني لن أقول لكم هذه المرة، سأترككم تعبثون ربما تستطيعون معرفته ..

وربما لا، تذكروا دائما أنا هنا لأقيم العدل بمنظوري، تعتقدون أنني مجرم ولكنني عادل أكثر منكم، فاحذروا أن تخطئوا أنتم أيضا ..

لأنكم حينها ستقعون تحت مقصلة عدلي .

ابتسم معز وهو يصفع كفيه ببعضهما وقال بسخرية :
_ المجنون يهددنا، أرأيت إلى أي حال وصلنا يا يزن !

ضيق يزن عينيه وقال :
_ أنا أريد أن أعرف كيف وصل إلى هنا ؟ وكيف أن القتيل لم يقتل بالسم الذي دس في علبة سجائره ؟!

اجابه معز مسرعا :
_ هذا الأمر يتوقف على تقرير وسام .

اقترب أحد المجندين وقال ايضا :
_ سيدي، لقد عثرنا على أموال كثيرة قد خزنها أسفل فراشه .

ابتسم معز بسخرية وهمس بخفوت :
_ أرباح تجارة المخدرات بالطبع، لا يستطيع وضعها بالمصرف زالا كشف أمره.

ثم مال على يزن وساله بفضول :
_ كيف كان يُدخل تلك الكميات إلى البيت دون أن يفكر أحد رجالنا في أن يفتش حتى حقائبه؟!

وخزه في كتفه وأردف بحنق :
_ ألم تضع رجال الأمن في كل مكان هنا لأنك تعرف المكان جيدا ؟!

أجابه يزن وهو يمسد كتفه :
_ وربما أدخلها إلى هنا بفترة سابقة لوضعنا لرجال الأمن، وهذا "السيكوباتي" كان يراقبه منذ فترة .

هز معز رأسه واجابه بهدوء :
_ نعم معك حق، هيا نتحفظ على كل هذه الأشياء ونخبر النائب العام؛ كي يحضر هنا لمباشرة التحقيق .

_ وأنا سأتولى التحقيق مع الخدم .

أشار يزن لرجل كان يقف في الزاوية ويبكي في صمت، سأله بعملية:
_ أخبرني من دخل إلى البيت منذ الصباح؟

أجابه الرجل بتوتر :
_ لم يدخل أي شخص، أنا أعمل في البيت بمفردي، وعي عامل الحديقة، ومقيم في البيت مع سعيد بيه .

_ ألم تطالع شيء غريب قد تبدل أو تحرك، نافذة مفتوحه أو باب مفتوح يسمح بدخول أي شخص من الخارج على غير العادة ؟!

أومأ الرجل برأسه نافيا وأجابه قائلا :
_ لا يا سيدي، الأمور كما هي كل يوم، ولم ألاحظ أي نشاط غير طبيعي، فقط من أتوا للزيارة، الأربع رجال هم من دخلوا البيت فقط اليوم .

ضيق يزن عينيه وسأله بتعجب :
_ دخلوا إلى البيت ! ألم تكن جلستهم في الحديقة فقط ؟!

اسرع الرجل قائلا :
_ لا، بل دخلوا إلى البيت أربعتهم أولا، وعندما جهزت الشاي والكعك، طلب مني سعيد بيه أن أقدمهم في الخارج، وخرجوا جميعا وانا صاحبتهم بالضيافة .

_ عمي هو من أحضر الكعك أليس كذلك ؟

أومأ الرجل برأسه وقال :
_ نعم سيادة اللواء هو من أحضره معه، لأنه يعرف أن سعيد بيه يفضل كعك الجزر .

ثم توق لثانيتين وقال بتوضيح:
_ ولكن لو كان السم بالكعك لتسمموا جميعا .

سأله يزن بأمل :
_ هل ما زلت تحتفظ بالسكين الذي قطعت به الكعك ؟

أجابه قائلا :
_ لا، بل غسلت كل شيء في المغسلة الكهربائية، والتي تغسل الأواني والأطباق بدرجة حرارة عالية.

_ وما معني ذلك ؟

قال له موضحا :
_ هذا كفيل بمسح أي أثر عليهم لأي شىء .

سأله يزن مباغتا :
_ إذا وكيف وصل السم إلى علبة سجائره؟ وتلك الورقة الصفراء.

دقق في وجه الرجل بتركيز والذي قال :
_ لا أعرف، أنا لا استطيع دخول غرفة النوم وهو بها، ولا أدخلها إلا إذا غادرها، وهو لا يغادرها اللي وهو معه سجائره وقداحته .

لمعت عيني يزن وخرج مسرعا إلى الحديقة، وأشار إلى أحد الجنود قائلا:

_ من المؤكد أن القاتل عندما وقع كان بحوزته ما تبقى من سيجارته، والتي كانت سبب في تسممه، يجب أن تعثروا عليها بكل الطرق .

أدى المجند التحية العسكرية وقال :
_ حسنا يا سيدي .

حك يزن ذقنه وهو يفكر كيف يجمع تلك الخيوط ببعضها، لأنه ولأول مره يترك لهم القاتل لغز يجب حله..

ورغم حيرته تلك لم يلهيه ذلك عن متابعتها وهي تطالع الصور بآلة التصوير والهواء يبعثر شعراتها حولها بمشهد جعله يبتسم رغما عنه ..


استيقظت وهي تشعر بثقل شديد على جسدها، أزاحته بملل وقالت:
_ ابتعد أيها السمج .

استيقظ الرجل وقال لها بكسل :
_ ماذا بك يا ملك؟! لماذا تتحدثين بتلك الطريقة الفظة معي .

لملمت شعرتها الصفراء وقالت بتثاؤب :
_ أنا هكذا، ومن الأفضل لك أن ترتدي ملابسك وتنصرف من أمامي حالا، لا أريد رؤيتك .

جلس الرجل عاري الصدر وهو يطلعها بتعجب وقال :
_ ما الذي حدث؟ لقد كنا بالأمس في أسعد وأمتع لحظات حياتنا، ملك ما الذي حدث لك لكي تتحدثي معي هكذا؟!

أزاحت الغطاء عنها بكل جرأة، وهي كانت بدون ملابس، ووقفت وفتحت خزانتها والتقطت قميصا منه ..

التفتت ناحيته وهي تقول بعبوس :
_ قلت لك أنا هكذا، من فضلك ارتدي ملابسك وانصرف، قبل أن تري وجهي الآخر والذي لن يروق لك .

ارتدى سرواله ووقف وهو يقول :
_ هل اغضبتك في شيء ما يا ملك ؟ الذي حدث ؟!

ابتعدت بوجهها عنه وهي تقول بمنتهى البرود متطلعة من خلف النافذة :
_ أنا لا أريد رؤيتك مرة أخرى، حدث ما حدث بيننا وانتهي، انصرف من هنا؛ فرجال الشرطة تملأ المكان.

ثم ابتسمت بمكر وقالت بنبرة لعوب :
_ هل تريد ان تدخل في سين أو جيم وأسأله كثيرة أنت بغنى عنها ؟!

أزاح الرجل ستار الشرفة وتطلع منها؛ فوجد بالفعل المكان ممتلئ برجال الشرطة..

أعاد رأسه إلى الداخل وقال بتعجب :
_ ما الذي حدث هنا ؟!

جلست على الكرسي وأشعلت سيجارتها ونفثت دخانها في الهواء وقالت :

_ هناك سفاح يعيش هنا، وكل فترة يقتل ضحية، فبادر وانصرف قبل أن تكون أنت ضحيته القادمة.

ارتدى الرجل قميصه بسرعة كبيرة وقال :
_ أنا من لا يريد رؤيتك مجددا، الوداع يا قطة .

تابعت انصرافه أمام عينيها التي كان دخان سيجارتها يغطيها، وبعد أن انصرف قالت بيأس :

_ حقير، تشبه الجميع لا فرق بينكم، لنرى ما يحدث بالخارج !

وقفت في غرفتها وهي بقميصها القصير العاري، لا تبالي بمن سيراها أو ما يحدث حولها من استنفار ..

حتى وقعت عينيها على يزن فسحبت نفسا طويلا من السيجارة ونفثته باتجاهه وهي تقول باشتهاء :
_ هذا هو من تدفع المرأة عمرها كله كي تغفو بجواره ليلة واحدة .

ثم ابتسمت بمكر واستندت بظهرها على اطار الشرفة متطلعة للغرفة وبعينيها كل العزم .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي