الفصل الأخير والخاتمة

"الخاتمة"


ضغط يزن رأسه بيده وقال :
_ إذا من القاتل ان لم تكونوا أنتم الثلاثة ؟ من القاتل ؟!

تطلع معز ناحية عزيزة التي وقفت وقالت له بعدما فهمت مغزى نظراته :
_ أنا كنت في المطبخ، وربي لم اتحرك .

ثم أشارت بيدها وقالت :
_ وهناك كاميرا في الخارج مثبته أعلى السور كانت طوال الوقت تراقبني، بإمكانكم التأكد .

لاحظت صمتهم فتابعت قائلة :
_ تلك الكاميرا قد وضعها السيد تميم ناحيتي، ولم يضعها بالناحية الخلفية، ولم أفهم وقتها لماذا ؟ لكنه قال لكي يرى من يمر من الحديقة الأمامية .

ابتسم يزن بسخرية وقال :
_ بالطبع لا يهمه أن تراقب تلك الكاميرا هذا الجزء المخفي، والذي كان مباشرة ناحية الباب الصغير المؤدي إلى البيت الخلفي .

جلست عزيزة وهي تقول :
_ كنت في البداية اتعجب لماذا يراقبني ؟ هل سأسرق الخضار مثلا ؟! ولكنني الآن فهمت، لقد ظلمته .

اقترب وسام منهم عائدا من البيت الخلفي وقال لمعز بهمس :
_ لقد وجدنا أدلة تشير أن سعد السائق كان يعاونه بكل شيء .

اتسعت عينيه وطالعه قائلا :
_ وكيف غفلنا عن تلك النقطة، من المؤكد أنه كان يساعده، فتميم بعمره هذا لا يستطيع فعل كل ذلك بمفرده .

ثم مال على وسام وقال :
_ وماذا وجدتم دليلا عليه .

رفع أمامه ورقه من نفس نوع الورق الذي كان يكتب عليه القاتل مكتوب عليها "سعد قاتلي" !

سأله وسام بفضول :
_ وإن كان قاتله بالفعل، فكيف عرف أنه سيقتله ؟!

توجه معز بهدوء ناحية سعد وقال له :
_ وأنت أين كنت يا سعد وقت وقوع الجريمة ؟

اسرع قائلا بثبات :
_ أنا أخذت السيارة إلى المصلح، وعدت في الساعة السابعة والنصف تركتها وغادرت .

رفع معز هاتفه على أذنه وهاتف رجال البوابة المساعدين له وقال :
_ متى خرج سعد السائق من عندكم ؟

اجابه الرجل قائلا :
_ لقد خرج الساعة السابعة والنصف .

بينما وقفت عزيزة وقالت لسعد بتعجب :
_ لماذا تكذب، لقد رأيتك في الحديقة في حوالي الساعة التاسعة والنصف، فكيف خرجت من هنا 7:30 وأنا رأيتك بعدها ؟!

ارتبك سعد في وقفته وقال :
_ لا لم أكن أنا .

قالت له بإصرار :
_ بلا كنت أنت، نعم بإمكاني أن لا أسمع ما يحدث في البيت من خلفي لأنه كبير .

ثم اقتربت من خطوتين وقالت :
_ ولكن لأن نافذة المطبخ على الحديقة مباشرة، بإمكاني أن أسمع كل شيء، لذلك أنا متأكدة من أنني رأيتك .

ثم رفعت أناملها على ذقنها وقالت :
_ وقلت حينها ربما طلب منك السيد تميم أمرا ما فعدت .

جز على أسنانه وقال بفقدان صبر :
_ ما تقوليه سيدينني .

اقترب معز منه وطو كتفه بسرعة وقال :
_ بالطبع أنت تعرف اتجاه الكاميرات بشكل جيد، وان بحثنا في الكاميرات لن نجد لك أي شيء يدينك .

ثم رفع الورقة أمام عينيه وقال :
_ ولكن بمنتهى البساطة، لقد ترك تميم تلك الورقة في البيت الخلفي، وليس ذلك فقط .

ابتعد عنه سعد وقال بذعر :
_ ماذا هناك أيضا ؟

ابتسم معز وقال وهو يرفع يده :
_ وجد الطبيب وسام تلك القبعة وتشبه القبعة التي على رأسك، والتي لا يرتديها تميم، إذا فأنت دخلت إلى هناك .

ابتعد سعد عنه وقال :
_ أنا لا شأن لي بما تقول، ولم أدخل إلى هناك، ولا أعرف أي شيء .

عاد إليه معز مقتربا وهو يقول :
_ ولكن إذا ساعدته في إخراج الجثث من هنا، بالطبع لن يوقفوكم رجال الأمن أو رجال الشرطة لتفتيشه .

ثم أردف ببديهية :
_ فهو لواء سابق، وابن أخيه شرطي، وأنت كنت السائق، فهل كان ينومك مغناطيسيا عندما يتخلص من الجثث التي يعذبها .

صمت سعد لبرهة ثم قال له بهدوء :
_ نعم أنا من قتلته .

تعالت الشهقات والهمهمات من حولهم ليتابع هو قائلا :
_ من البداية أردت أن اعترف على نفسي، ولكن لا أعرف لماذا راوغتكم، لقد سئمت .

حثه معز علي التحدث بيده فقال :
_ دائما ما رأيت الدماء، دائما ما سمعت صوت التعذيب، دائما ما كنت أساعده في اخفاء كل شيء، ولكن هذا كان رغما عني .

سأله معز بفضول بينما ضبطت يارا هاتفها على وضع التسجيل :
_ الأموال التي كان يعطيها لي أكثر مما كنت أتخيل .

ثم نكس رأسه وقال بحزن :
_ " وأنا ابني مريض، ويحتاج لعلاجي شهري ما لا يقل عن 100 ألف جنيه، من أين كنت سآتي بتلك الأموال ..

هو من ساعدني وهو من أعطاهم لي، ولكن المقابل كان غاليا، المقابل كان أن أغلق فمي، أن أصبح أعمى وأبكم وأصم ..

وأصبحت، وإلا كنت سأخسر إبني للأبد، فقتلته وأرحت الجميع منه، عندما وجدته عازم على قتل يزن؛ كي لا يأخذ تلك الأموال من بعده ".

صرخت هالة وقالت :
_ كنت أعرف أنه سيتخلص منه .

بينما تابع سعد قائلا :
_ بالرغم من أنها حق يزن عن والده، ولكنه أناني طلب مني أن أخرج لأحضر يزن عنده ..

وكان المسدس بيده ينوي قتله ولكنني قلت له "كفى السيد يزن أفضاله عليا ولن أسمح لك بأن تلمسه" .

جلس بتثاقل وهو يقول :
_ " لم أشعر بنفسي إلا وأنا أدفعه إلى الحائط؛ لان حركته كانت ما زالت غير سليمة، وكانت قدميه ويديه ترتعشان ..

لذلك طلب مني أنا أن اقتله؛ لأنه مرني على ذلك، فدفعته إلى الحائط واخذت المسدس، ووجهته ناحية رأسه ..

الامر لم يأخذ مني سوى لحظات، ولم أكن استمع لما يقوله، بل وضعت كاتم الصوت على فوهة المسدس ودون تفكير اطلقت رصاصة الرحمة..

ثم وضعت المسدس بجوار يده، بعدما أزلت بصماتي عنه، وارتديت ملابسه وذهبت لبيت ملك، بعدما سمعت ما قاله يزن له ..

أنا فخور بنفسي، ومستعد لأي عقاب، وأثق بأن السيد يزن لن يترك ابني من بعدي " .

أومأ معز برأسه وقال :
_ سنرى كل هذا في القسم .

أشار معز لخالد برأسه وقال :
_ خذه إلى سيارة الشرطة يا خالد .

جذبه خالد من ذراعه خارجا به، بينما دخل رجال الإسعاف وحملوا جثة تميم وأصبح المكان يشبه السكنة العسكرية ..

بعد انتشار وزيادة أعداد المجندين ورجال الشرطة، بما في ذلك الصحافة والتلفزيون، بعدما تم الإيقاع بأكبر قاتل هز البلاد لأشهر دون أن يستطيع أحد الإيقاع به .


بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر، كان يزن يقف في شرفة بيته الجديد والذي اختاره شقة عادية ..

وسخر أغلب أمواله في مساعدة الفقراء، سواء في تلك الجمعية الخيرية التي تركها تميم، أو الدفع بمصروفات الأطفال الأيتام في دار الايتام..

وبالطبع لم ينس ابن سعد السائق، فسعد باع مستقبله كي يحمي يزن وفداه بنفسه ..

اقتربت هالة منه وملست على كتفه وقالت :
_ لماذا تقف شارد بهذا الشكل ؟

التفت يزن ناحيتها وقال بهدوء :
_ أحاول أن أتخطى كل ما حدث، ولكنني لا استطيع .

جلست على المقعد المجاور له وقالت :
_ أشعر بك، فانا قضيت خمسة وعشرون عاما أحاول أن اتخطى بعدك عني، ولكن هذا كان صعب .

ثم ابتسمت بخفوت وقالت :
_ ومع ذلك كنت أخرج لأراك فقط وأعود إلى البيت، كبرت أمامي بكل مراحلك، حتى عندما انتقلت من بيت جدك إلى البيت الآخر لحقتكم .

رفعت رأسها ناحيته وقالت :
_ وكنت أراقبك أمام قسم الشرطة، كنت أقف أمامه لأراك، وها أنا الآن قد عوضني ربي بأن أصبحت معي .

ثم تطلعت ناحيتها وقالت براحة :
_ وليس ذلك فقط، لقد تزوجت تلك المجنونة واطمأننت عليها معك .

وضعت يارا الأطباق من يدها على الطاولة وقالت :
_ أنا مجنونة يا أمي، شكرا جزيلا لك، فهو لا ينقصه سوى كلماتك ليبدأ حفلة السخرية مني .

سار يزن واتجه ناحيتها وقال :
_ لست بمزاج رائع يسمح لي بأن أسخر منك .

جلست هالة على الطاولة وقالت :
_ لنرى هل تلك الأصناف الغريبة التي طهوتها سيصلح أكلها، أو سنطلب طعاما من الخارج .

سحب يزن المقعد وجلس وهو يقول :
_ أنا لكي أمرر يومي معها سأقول مقدما أنه رائع، والا سأنام على الأريكة .

بينما ابتعدت يارا إلى الخلف خطوة وقالت :
_ أعلم أنه جيد، وأنني اتبعت الوصفة كما هي، ولكن رائحة اللحم نتنة ولا أعلم هل هو فاسد أم أنني أفسدته ؟!

قرب يزن الطبق من أنفه وقال بتعجب :
_ على العكس تماما، غنه الطبق الوحيد الذي استسغت رائحته .

أشارت يارا بيدها وهي تقول :
_ ابعده عني، أنا لا أريد أن اشمه .

بينما وقفت هالة وقالت :
_ وهل تشعرين بذلك منذ فترة ؟ أم أنه أمر طرأ عليك ؟

اجابتها يارا قائلة :
_ بالأمس عندما كنا نتناول الكبدة المشوية كانت رائحتها كريهة، واليوم اللحم، يبدو أنني بدأت أتحسس من اللحوم .

بينما التفت هالة ووقفت بجوارها وقالت :
_ وربما هناك شيئا ما يدفعك لكره تلك الأشياء .

سالت يارا بفضول :
_ وما هو هذا الشيء ؟

وضعت هالة يدها على بطنها وقالت :
_ شيء صغير يعبث بالداخل ويريد أن يقول لك، أمي أنا هنا .

دفع يزن الكرسي إلى الخلف ووقف من فوره وقال :
_ أمي هل تقصدين إنها حامل ؟

قالت يارا بهدوء :
_ ربما في المساء سنذهب إلى الطبيب ونتأكد .

لم يعطيها يزن فرصة ووضع يده تحت ركبتيها، و الأخرى تحت ظهرها ..

حملها وقال بتلهف :
_ وهل تعتقدي أننا سننتظر للمساء، سنذهب الآن هيا بنا .

صرخت به يارا وقالت :
_ أنزلني يا مجنون أنا جائعة وأريد أن اتناول غدائي .

هز رأسه بالنفي وقال بإصرار :
_ ربما يكون ابني بداخلك، لذلك يجب أن نتأكد، أنا لن أستطيع الصبر أكثر .

ضحكت هالة وقالت :
_ وكأن الزمن لم يمر، فتلك كانت ردة فعل والدك عندما شعرت أنني حامل بك .

تنهد يزن وقال :
_ إن صح حملها، سنذهب إليه ونخبره بهذا الخبر، والآن هيا بنا لا أريد أن يحدث شيئا لابني دون أن ندري، هيا .


رن هاتف يزن فأوقفها على قدميها بحذر، ثم أجاب الهاتف وقال:
_ ماذا هناك يا معز؟!

جاءه صوت معز يقول:
_ يزن، لقد قتل عائلة كاملة في بيتهم وتقدم الجيران ببلاغ لنا وعندما ذهبنا للمعاينة.

توقف قليلا والصمت جعل يارا تطالع يزن بترقب، بينما تابع معز:
_ وجدنا بطاقة كتب عليها "عدل السيكوباتي لن ينتهى في زمن يفتقر للعدل".

ابتلع يزن ريقه وقال بتوتر:
_ يبدو أن تلك اللعنة لن تنتهي، وسيبدأ هؤلاء المرضى في الظهور على السطح والجهر بجرائمهم.

تعلقت يارا بذراعه وقالت بتلهف:
_ سيكوباتي جديد؟!

طالعها يزن بطرف عينه وقال:
_ لا تفكري حتى بالأمر.

أخذت الهاتف من يده وقالت وهي تهرول مبتعدة:
_ معز، أخبرني حالا بكل التفاصيل ومكان الحادث أنا سأهاتف حسام وآتي على الفور.


أعزاءي المتابعين هل أنتم مستعدون لجولة جديدة مع السيكوباتي الجديد؟

يجب أن تفتحوا الفصول بالعملات النجمية، ولنتابع الأحداث الجديدة الأكثر حماس وتشويق.
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي