الفصل الثامن عشر خداع

(١٨)


"خداع"



سأله يزن بفضول :
_ وهل عظمة "اللامي" هذه في الرقبة ؟

اجابه وسام بسرعة :
_ نعم، وكما قلت لك الجاني كان يرتدي خاتما، وهذا القاتل الذي اعتدنا عليه لا يرتدي الخاتم .

ضيق يزن عينيه ليستوعب بينما تابع وسام :
_ ومن المؤكد أنه ليس بهذا الغباء ليرتديه في تلك الحادثة تحديدا .

تنحنح معز وسأله بقلق :
_ أنت قلت أنها أصيبت بكدمات في منطقة ما بين الفخذين، وهذا يدل على المقاومة، فهل تم اغتصابها ؟

هز وسام رأسه نافيا و قال :
_ لا لم يحدث، لأنه لم نجد أي أثر للسائل المنوي، و في تلك الحالة لم يتم اغتصابها، إنها مجرد محاولة ولم تتم من الاساس .

سأله يزن بثبات :
_ هل عندك تصور لما حدث معها بالتفصيل ؟

تنهد وسام مطولا ثم قال :
_" نعم عندي، لقد تم التعدي عليها بالضرب، ثم جذبها من شعرها فترة طويلة، و صفع رأسها بالحائط؛ فسقطت مغشيا عليها ..

قام بوضعها على مقعد وربطها من يديها وساقيها في المقعد وبدأ بتوصيل الكهرباء إليها بسلك كهربي من المؤكد أنه معه ..

وعندما لم يصل لشيء، بدأ في خنقها بعنف، ولكنها بعد كل ذلك لم تمت؛ لذلك انتظر لبعض الوقت، وعندما فشلت كل محاولاته بيده ..

اضطر لاستخدام السلاح؛ كي ينهي حياتها .

أسرع يزن وأشار له ناحية صوره ما على المكتب لجثة ملك وقال :
_ هل ترى تلك الدماء التي على الأرضية بجوار الرأس .

طالعها وسام ليقول يزن :
_ هذا يشير إلى إنها تم تغيير وضعها، و ربما حساباتنا في اتجاه الطلقة كان خاطئ، لابد أن نبحث في المكان بأكمله .

وقفه وسام وقال وهو يغلق حقيبته :
_ هذا دوركم، وعندما تحصلون على هذا المظروف أخبروني فورا، يجب تحديد ما هي سرعة الطلقة .

ثم حمل الحقيبة وقال :
_ كي نعرف من أي سلاح قد خرجت، وبذلك قد يسهل علينا الأمر .

سار ناحية الباب ثم توقف والتفت اليهما وقال :
_ " لا أعرف ماذا أقول ولكن ما تم مع هذه السيدة لا يمد "للسيكوباتي" هذا بصلة ..

لا أعرف ماذا حدث، ولكن هناك أدلة كثيرة تشير على القاتل، وهو لا يترك أدلة خلفه، فكيف فعل هو كل هذا ؟

بل وترك كل تلك الأدلة، وبالنهاية يترك لنا الورقة بأنه القاتل ! هناك حلقة مفقودة أنا لا أعرف ما هي، ولكن عندما أتوصل لشيء سأخبركم به ".

تركهم وخرج بينما جلس معز مكانه وهو يمسح العرق الذي يتكون على وجهه ويتخيل إدانة والده وطريقته الوحشية ..

بينما قال له يزن بضيق :
_ الأمور تزداد تعقيدا .

ابتلع معز ريقه وقال :
_ نعم أعرف، لنتركها على الأيام ونرى إلى أين نحن ذاهبون ؟!

حمل يزن التقرير وخرج مسرعا وذهب إلى غرفة المتحري، سأل عنه أولا فأخبره المجند أنه بالداخل ..

فطرق الباب ودخل وهو يقول بسعادة :
_ سيدي لقد وصل تقرير الطب الشرعي الخاص بتشريح جثة القتيلة ملك .

أشار له أن يجلس فتابع قائلا :
_ والآن سأشرح لك كل شيء، و بعدها ستعطي عمي إخلاء سبيل حالا دون أن تفكر، إنه بريء

استند المتحري بيده على المكتب وقال :
_ حسنا فلتخبرني بكل ما عرفته، وناولني هذا الملف أريد أن اتفحصه بنفسي .

ناوله يزن الملف وبدأ في سرد كل المعلومات التي اخبره عنها وسام، و بعدما انتهى أغلق المتحري الملف ..

ثم طالع يزن وهو يقول :
_ ولكن هذا ليس دليل براءة عام لقتله سعيد بالسم .

أومأ يزن برأسه وقال :
_ من المؤكد أنني لا أتكلم في هذا الموضوع، ولكن حتى تنتهي التحقيقات .

صمت لبرهة وقال بخجل :
_ أريد من سيادتك أ ن تطلق سراحه مقابل مبلغ مادي كفالة، وليبقى تحت أنظاركم حتى تنتهي التحقيقات .


لاحظ لين المتحري فتابع قائلا :
_ وبأي وقت تريده سآتي به إليك، ولكن رجل شرطة سابق بمثل هذا العمر وبهذه الحالة، لا يصح أن يبقى هنا كل هذه الفترة، من باب روح القانون على الأقل .

فكر المتحري قليلا وقال له :
_ حسنا سأعطي أوامري بإخلاء سبيله بضمان ستوقعه أنت، و أريد منك أن يبقى في البيت، وألا يغادره و كأنه هنا، اتفقنا .

ابتسم يزن ابتسامه واسعة وقال :
_ شكرا جزيلا لك يا سيدي، لن أنسى معروفك هذا، سأذهب لأبلغه الخبر .

وصل يزن إلى غرفة زميله خالد، الذي ما أن رآه حتى قال له :
_ كنت سآتي إليك .

_ لماذا هل حدث شيء ؟

أشار خالد على الباب وقال ك
_ إن عمك يرفض أن يأكل أو يشرب أي شيء من الأمس، و يبدو شاحب الوجه، هل هو مريض بالسكر ؟

اتسعت عيني يزن وقال :
_ نعم، لقد نسيت أن اعطيه جرعة الأنسولين .

دلف يزن إلى الغرفة مسرعا فوجده يجلس على مقعده المتحرك، مطأطأ الرأس، ويبدو هزيلا ..

فثى على ركبته أمامه ورفع وجهه وقال :
_ عمي هل أنت بخير ؟

فتح تميم عينيه وقال بخفوت :
_ نعم أنا بخير .

تطلع يزن في عينيه وقال :
_ لا، يجب نقلك إلى المشفى حالا .

ابتسم تميم بسخرية وهو يقول :
_ و كيف ستخرجني من هنا ؟!

وقف يزن والتف حول المقعد وقال له وهو يدفعه إلى الخارج :
_ لقد أمر المتحري بإخلاء سبيلك، لأنه لم تتوفر الأدلة حولك .

ثم ربت على كتفه من الخلف وتابع :
_ ولكنك ستبقى مشتبه به، مثلك مثل البقية وحتى ذلك الحين يجب أن أطمئن عليك .

تنهد تميم تنهيدة طويلة وقال :
_ سأبقى مشتبها به، هذه الكلمة تقتلني، بعدما كنت لواء سابق .

انحنى يزن وقبل رأسه وقال له :
_ أطال الله بعمرك، لا تقل على نفسك هكذا، والآن سنذهب إلى المشفى لأطمئن عليك ومنها اخلى البيت كي ترتاح .

التف تميم برأسه وسأله بفضول :
_ كيف تمت تبرئتي من حادثة جارتنا ملك ؟! ألم يقل التقرير أن ساعة الوفاة عندما كنت في البيت .

أجابه يزن قائلا :
_ لا بعد التشريح اكتشفنا أنه قد تم تعذيبها قبلها بساعة قبل وفاتها، لذلك أنت بريء، فقد رأتك عزيزة في الحديقة في ذلك الوقت .

أومأ تميم برأسه وقال :
_ حسنا، أريد أن أغادر هذا المكان وفقط، ولا أريد أن أعرف شيئا آخر عن تلك القضايا، ولن أتدخل في أي شيء مجددا .



ثم تنهد مطولا وقال بأسى :
_ أنا فقط أردت مساعدتهم في كشف هذا القاتل، وكأنني أرفض فكرة أني ضابط متقاعد .

خرج به يزن ليجدوا سعد السائق بانتظارهم، فاقترب منهم وقال بسعادة :
_ حمدا لله على سلامتك يا سيدي، أنا انتظرتك هنا ولم أتحرك .

فتح يزن باب سيارته وقال بهدوء :
_ عمي سيأتي معي يا سعد، اتبعنا من فضلك .
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي