الفصل الثامن والعشرون مفاجأة

(٢٨)


"مفاجأة"




تلفت حسام حوله وقال بخفوت :
_ نعم أعتقد ذلك، وبما إنك رفضتي أنا من سيكون له السبق الصحفي أيتها الفاشلة .

ابتسمت يارا و قالت :
_ لا أريد هذا النجاح الذي سياتي على حساب علاقتي بيزن، حسام أنا أحبه .

سجل لها مقطعا آخر وقال :
_ قلت لك سابقا سأنتظر هذا اليوم الذي ستأتي فيه وتقولين حسام أنا أحبه .

ثم تطلع حوله وسجل لها قائلا :
_ والآن اتركيني، يجب أن أدقق النظر كما قال لي معز، وإلا يفوتني أشياء ويفوتني النجاح أيضا .

أرسلت له قائلة :
_ حسنا ولكن كن على حذر، وطمأنني عليك دائما، وإن حدث شيء ما أخبرني .

أتاها صوت من خلفها يقول :
_ مع من تتحدثين يا يارا ؟ا

التفتت إليها وقالت :
_ حسام، إنهم الآن يعدون مكيدة لهذا القاتل "السيكوباتي"، وسيقع الليلة، من المؤكد أنها ستكون ليلة البلد بأكملها لن تنساها .

اتسعت عيني هالة وقالت بذعر :
_ ماذا ؟ سيوقعون به ! كيف ؟

هزت يارا كتفيها وقالت :
_ أنا لا أعرف، ولكن حسام قد اتفق مع معز وبقية رجال الشرطة على الإيقاع به .

سألتها هالة بتلهف :
_ ويزن !

أسرعت يارا وقالت :
_ لا يزن ليس معهم، لقد تحدثت معه منذ قليل وهو في بيته .

صفعت هالة صدرها و قالت بذعر
_ في بيته ! وسيقبضون على هذا القاتل اليوم .

صرخت بصوت عال :
_ ابني .

وقفت يارا وقالت لها بتعجب :
_ ابنك ! من تقصدين ؟

تحركت هالة ناحية غرفتها وسحبت حجابا لفته حول وجهها وقالت بصراخ :
_ ابتعدي عني ابني في خطر .

اعترضت يارا طريقها وقالت :
_ ابنك ! وهل أنتِ عندك أولاد من الأساس يا أمي ؟

ازاحتها هالة من أمامها و قالت :
_ اسمعيني جيدا، لا تغادري البيت مهما حدث .

تمسكت يارا بذراعها وقالت بإصرار :
_ أنا لا أفهم شيء، ومن هو ابنك هذا ؟!

سحبت هالة ذراعها بكل قوة و قالت :
_ ابني هو يزن، ابتعدي من أمامي سيقتله، وأنا لن أسمح له وسأقتله بيدي أولا .

خرجت مسرعة و خرجت يارا وراءها تركض على الدرج وقالت :
_ أمي انتظري، فقط سأبدل ملابسي وآتي معك، انتظري .

ولكن هالة كانت تركض على الدرج مهرولة بكل سرعتها؛ فعادت يارا إلى البيت وأغلقت باب الشقة ..

دخلت إلى غرفتها مسرعة تبدل ملابسها وهي تهذي بصدمة :
_ يزن ابن أمي هالة ! ولكن كيف ؟!


شعر حسام بالملل وتثاءب بكسل وهو يطالع شاشة الكاميرا التي تصور المقطع الذي لم يتبدل به شيء ..

مرر كفه على وجهه وقال على مضض :
_ ألم يكن بإمكان معز أن يأتي لي بمقعد، لقد بدأت قدماي تؤلمني، ومرت نصف ساعة ولم يظهر أي شخص .

ثم تلفت حوله وقال بذعر :
_ ولكن أين هم ؟ أشعر أنني هنا بمفردي، هل هم حولي أم أنهم تركوني هنا وذهبوا .

لاحظ حركة ما قد ظهرت على الشاشة، ولكن تلك الحركة كانت وكأن شخصا ما قفز ودخل عن طريق النافذة لبيت ملك ..

بدأ جسده في الارتعاش وتهدجت انفاسه، فحمل هاتفه وأرسل مقطع صوتي لمعز يقول به :

_ سيدي لقد رأيت شخصا ما يقفز عن طريق النافذة ويدخل إلى البيت .

أرسل إليه معز قائلا بحزم :
_ لا تتحرك من مكانك، وعندما تجده يخرج فقط أخبرني .

اسرع حسام وقال بخوف :
_ هذا إن بقيت على قيد الحياة، من فضلك هل أنت إلى جواري ؟ أم أنني هنا بمفردي .

عاد معز وأرسل له قائلا ك
_ أخفض من صوتك، نحن حولك في كل مكان، اهدأ و التزم مكانك .

أعاد حسام الهاتف الى جيبه ورفع الكاميرا الخاصة به أمام عينه، وبدأ في متابعة البيت ..

مرت أربع دقائق، حتى وجد شيئا ما وراء تلك النافذة يتحرك مجددا، ضغط زر التقاط الصور في الكاميرا ..

تركها تلتقط أكبر عدد ممكن من الصور المتلاحقة لهذا الشخص الذي قفز، ووقف ثانيتين ثم التف حول البيت وكأنه هواء أو شبح أسود ليس له صوت أو وزن أو خيال حتى ..

بعد أن اختفى الرجل، أسرع حسام وأخرج هاتفه بيد مرتعشة أكثر وأرسل إلى معز وقال :
_ لقد غادر، لقد رأيته لماذا لم تقبضون عليه ؟!

أرسل له معز وقال :
_ الآن فقط تستطيع أن تغادر من هنا وتذهب وتفحص الفيديو والصور التي التقطتها .

ثم شدد على كلماته وقال :
_ وفي خلال نصف ساعة ترسل لي جميع المقاطع المهمة بجميع الصور التي ظهر فيها هذا الرجل .

أومأ حسام برأسه وقال :
_ حسنا سأتحرك فورا .

وبالفعل حمل الكاميرا بالحامل وعلق الكاميرا الأخرى حول رقبته وأسرع مهرولا، وهو يشعر بالرعب و الذعر ..

ولا يعرف أن هناك عيونا أخرى غير معز ورجاله كانوا يراقبوه ويحصوا عدد أنفاسه ..

اقترب خالد من معز وقال له :
_ و الآن و إن صح استنتاجك، وأثبتت الصور صدقك، ماذا ستفعل يا معز ؟!

مرر معز أنامله في شعراته وقال :
_ الخطوة التالية هو أن نحضر الكلب بيلي إلى هنا .

ضيق خالد عينيه وقال بتعجب :
_ ولما ؟ الكلب في حالة نفسية سيئة، وصحيا لا يستطيع حتى الوقوف على قدميه .

التفت معاذ ناحيته وقال :
_ أنا أعرف ذلك جيدا، ولكن يجب أن يكشف هو الأمر قبل وفاته؛ فهذا الكلب ليس امامه الكثير وسيموت .

حرك خالد كتفيه وقال :
_ حسنا سأذهب لإحضاره بنفسي، تعلم ذلك سيأخذ وقت طويل .

أجابه معز قائلا :
_ أعرف وأنتظرك .

ربت خالد على كتفه و قال بإشفاق :
_ معز، أنت لست بمفردك، الدعم حولك في كل مكان .

تنهد معز بأسى وقال :
_ نعم أعرف، ما نحن مقدمون عليه لا أعرف نتيجته، ولكن العمل لا يقبل المواربة أو الالتفات لأية معايير .

تطلع خالد حوله وقال :
_ أنا أفهم مقصدك، وأعرف أنه سيتفهم ما فعلناه؛ فهو لو كان مكاننا لما تردد .

ثم غمز له بعينه على مكان ما، طالعه معز بطرف عينه ثم هز رأسه بيأس وقال :
_ يعتقدون أننا أغبياء .

أجابه خالد قائلا وهو يبتسم بسخرية :
_ إبقى مكانك، وأنا سأحضر الكلب بيلي بأسرع ما يمكن ، ولا تنسى الطبيب الذي أعطيتك عنوانه .

تطلع معز بساعة معصمه وقال :
_ لم أنساه، باقي على حضوره ساعة ونصف، أي سيصل معك تقريبا .

الجميع يقف في الغرفة الواسعة الباردة بشدة، وصوت الهمهمات والبكاء يختلطان بشكل سينمائي ..

سار يزن خطوتين وقال بصدمة :
_ عمي .

جذبه معز من ذراعه وقال :
_ اذكر الله يا يزن، يبدو أنه عرف أننا كشفناه فقرر الانتحار أفضل من المواجهة .

كان تميم جالس على الأرضية ومستند على الحائط و بجوار يده اليمنى مسدس و يبدو أنه أطلق منه على رأسه ..

اقترب وسام من جثة تميم وعاينها بعينيه، ثم تلمس أنامل قدميه وقال :
_ بدأت أنامل قدميه تتيبس، هذا غريب !

سأله معز بفضول :
_ وما الغريب بالأمر ؟

رفع وسام رأسه ناحيته وقال :
_ تيبس أنامله هذا يعني أنه متوفي منذ فترة .

طالعه معز لبرهة ثم قال :
_ وما تقديرك لتلك الفترة ؟

حرك وسام نظارته وقال :
_ ثلاث ساعات تقريبا .

أسرع حسام قائلا :
_ لا لقد صورته وهو يدخل لبيت الضحية ملك ويخرج منه منذ ساعتين، تقديرك خاطئ .

هز وسام رأسه نافيا وقال :
_ لا، تقديري دقيق، السيد تميم مات منذ ثلاث ساعات .

ابتلع حسام ريقه وقال بتوتر :
_ إذا ما رأيته وصورته كان شبحه !

اسرعت عزيزة قائلة وهي تمسح دموعها في كم عباءتها :
_ سيدي تميم لم يغادر غرفته، وأنا لا أصدق أنه القاتل كما تصفونه .

انحنى وسام وطالع المسدس، ثم رفع عينيه ناحية يزن وقال :
_ إنه ذات المسدس الذي خرجت منه الطلقة التي قتلت ملك .

سأله يزن بنبرة خافتة :
_ وهل عثرتم على المظروف ؟

تطلع وسام بمعز وقال :
_ نعم، عثرنا عليه يومها، ولكن معز طلب مني اخفاء الأمر عنك .

ثم عاد وسام للمسدس بعينيه وقال :
_ إصبع يده ليست على الزناد، رغم أنه متيبس .

ثم وقف وقال بكلمات سريعة :
_ السيد تميم لم ينتحر كما يبدو لنا، لقد قتل !

تعالت الشهقات من حولهم، مع دخول يارا التي تقول :
_ أمي أين أنت ؟!

وقف يزن وجذبها إليه بعدما وقفت مصدومة تطالع جثة تميم، وضمها لصدره فقط كي لا يمنعها من رؤيته، بل لأنه يحتاج تلك الضمة كثيرا ..

رفعت عينها ناحيته وقالت :
_ هل قتلته أمي كما قالت ؟

ابعدها يزن عنه وسألها بصدمة :
_ وهل أتت أمي هنا ؟

أومأت يارا برأسها وقالت :
_ عندما أخبرتها أنهم سيوقعون بالقاتل صرخت وقالت ابني بخطر، وأخبرتني أنك ابنها وخرجت مهرولة بملابس البيت وتوعدت بقتله .

مسح معز وجهه بيده وعاد لوسام وسأله بفضول :
_ وكيف عرفت أنه قتل ؟

_ لو انتحر بالمسدس لوضعه مباشرة على جبهته، وكما ترى ليست هناك علامات احتراق حول الجرح .

أومأ معز برأسه وقال :
_ معك حق، فعندما يضرب المسدس يخرج منه هواء حار من الفوهة، وإذا وضعه على رأسه ستظهر علامات احتراق .

عقد وسام ذراعيه أمام صدره وقال :
_ وبما أنها مفقودة، إذا … .

خرج يزن عن صمته وقاطعه قائلا :
_ إذا هناك من ضربه بالمسدس .

اقترب أحد المجندين من معز وناوله قرصا مدمج وقال :
_ لقد عثرنا على هذا القرص .

اخذه منه معز وعاينه مطولا، انه نفس نوع الاقراص الذي كان القاتل يتركها مع ضحاياه، فاقترب من التلفاز ووضع القرص في مشغل الأقراص ..

تطلع الجميع في شاشة التلفاز، وجدوا تميم يضبط وضع الكاميرا وسار على قدميه، وجلس على المقعد الذي قتل عليه الطفل كريم ..

اتسعت عيني يزن وقال :
_ لم يكن مشلولا !

أسرع خالد وقال :
_ هذا سيوضحه لنا طبيبه الخاص .

أوقف معز الفيديو، بينما قال الطبيب :
_ السيد تميم تعافي من اصابته بالشلل منذ سنة ونصف، ولكنه بعدها قطع علاقته بي ولم يأتي لأي استشارة بعدها .

عاد معز وأدار الفيديو، فوجدوا تميم يبتسم وقال :
_ " الآن فقط سأكون قتلت، أعرف جيدا أن الموت يتجول حولي وأشم رائحته، أنا أتلذذ برائحة الموت والدم ..

يزن، أعرف أنك أكثر المصدومين أليس كذلك ؟ أنا لست مجرد قاتل، أنا متفرد ومختلف، منذ طفولتي وأنا كذلك ..

كنت أستمتع بقتل الحيوانات ورؤيتها تتعذب قبل موتها، إحساس الإله المتحكم بكل شىء، بالحياة والموت ..

بقيت على حالتي تلك سنوات، وعندما كبرت وخانتني صديقتي، فكرت بقتلها، ولكنني قررت تعذيبها أولا، فأحضرتها لبيت والدي القديم وعذبتها اسبوع كاملا ثم قتلتها ..

متعة قتل البشر جعلتني أشتهي المزيد، وبعد التحاقي بكلية الشرطة زاد الأمر عندي، وبكل أجازه لي، كنت أستقطب فتيات الليل أعذبهم وقبل انتهاء اجازتي كنت أقتلها وأتخلص من جثتها..

حتى اكتشف والدك الجزء المخفي مني يا يزن، وهنا كانت نقطة فاصلة، إما سأنتهي أنا، أو ينتهي هو " .

صرخ يزن قائلا :
_ قتلت أبي !
الفصل السابق الفهرس الفصل التالي